بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من مسائل واحكام الوكالة كانت اخر مسألة تكلمنا عنها هي مسألة التوكيل في النكاح واشرنا في اخر الحلقة الى التوكيل في الطلاق ووعدنا باستكمال الكلام عن هذه المسألة في هذه الحلقة فنقول وبالله التوفيق كما انه يصح التوكيل في النكاح فيصح التوكيل كذلك في الطلاق فيجوز للزوج ان يوكل من يطلق عنه ولكن ليس للوكيل ان يطلق اكثر من واحدة لان الامر المطلق يتناول اقل ما يقع عليه الاسم وهو هنا طلقة واحدة الا ان يجعل الزوج للوكيل ان يطلق اكثر من واحدة فيصح حينئذ قال الفقهاء ويجوز ان يكون الوكيل في امرأة يجوز ان يوكل الزوج امه او اخته مثلا في تطليق زوجته ذكر الفقهاء انه يجوز للزوج ان يوكل الزوجة في تطليق نفسها تدل لذلك بان النبي صلى الله عليه وسلم طير نساءه بين ان يردن بين ان يردن الله ورسوله والدار الاخرة او يردن الحياة الدنيا هذا مثل الطلاق قال الموفق ابن قدامة رحمه الله ان قال لامرأته طلقي نفسك فلها ذلك الوكيل فان نوى عددا فهو على ما نوى وان اطلق من غير نية لم تملك الا واحدة وكما انه يجوز التوكيل في الطلاق يجوز التوكيل كذلك في الرجعة كأن يطلق رجل زوجته وهو يريد ان يسافر مثلا ويخشى الا يضبط العدة ويوكل من يراجعها عنه فلا بأس بذلك كما قرره اهل العلم ويجوز التوكيل كذلك في الخلع لكن لابد ان يذكر الموكل للوكيل يذكر له العوظ الذي تقع عليه المخالعة ومن احكام الوكالة كذلك انه يجوز التوكيل في المطالبة بالحقوق واثباتها والمحاكمة فيها سواء كان الموكل حاضرا او غائبا ولو بغير رضا خصمه لانه حق تجوز النيابة فيه فكان لصاحبه الاستنابة بغير رضا خصمه لان هذا هو المأثور عن الصحابة رضي الله عنهم قد روي ان علي بن ابي طالب رضي الله عنه وكل اخاه عقيلا عند ابي بكر رضي الله عنه قال ما قضي له فلي وما قضي عليه فعلي في سنن البيهقي عن عبد الله بن جعفر قال كان علي ابن ابي طالب يكره الخصومة فكان اذا كانت له خصومة وكل فيها عقيل ابن ابي طالب فلما كبر عقيل وكلني في رواية ان عليا قال ان للخصومة قحما اي مهالك وان الشيطان يحضرها واني لاكره ان احضرها قال الموفق بن قدامة رحمه الله وهذه قصص اشتهرت لانها في مظنة الشهرة فلم ينقل انكارها ولان الحاجة تدعو الى ذلك فانه قد يكون له حق او يدعى عليه ولا يحسن الخصومة او لا يحب ان يتولاها بنفسه انتهى كلامه رحمه الله وهل يجوز للوكيل ان يوكل غيره فيما وكل فيه بان يوكل رجل اخر في بيع سيارته فهل للوكيل ان يوكل غيره في بيع هذه السيارة نقول لا يخلو الامر من ثلاثة احوال هل الاولى ان ينهى الموكل وكيله عن التوكيل فلا يجوز للوكيل لا يجوز له ان يوكل حينئذ باتفاق العلماء والحال الثانية ان يأذن الموكل للوكيل في التوكيل فيجوز له ان يوكل بالاتفاق كذلك هل الثالثة ان يطلق الموكل الوكالة فلا يأذن له بالتوكيل ولم يصدر منه نهي عن التوكيل نقول ليس للوكيل ان يوكل فيما وكل فيه الا في مسائل معدودة نص عليها الفقهاء وهي المسألة الاولى ان يكون العمل الموكل فيه لا يتولاه مثله اعمالي الدنيئة في حق اشراف الناس المرتفعين عن فعلها في العادة المسألة الثانية ان يعجز عن العمل الذي وكل فيه المسألة الثالثة اذا كان لا يحسن العمل الذي وكل فيه في هذه الاحوال له ان يوكل ولكنه اذا وكل فلا يوكل الا امينا لانه لم يؤذن له في توكيل من ليس بامين ومن احكام الوكالة ان من وكل في بيع او شراء فليس له ان يبيع او يشتري من نفسه لان العرف في التوكيل في البيع والشراء بيع الانسان من غيره وشراؤه من غيره كذلك لا يصح بيعه وشراؤه من والده وولده وزوجته وسائر من لا تقبل شهادته له لانه متهم في حقهم بتهمته في حق نفسه واستثنى بعض الفقهاء من هذا ما اذا كان البيع في المزايدة قالوا فللوكيل او لولده او لسائر من لا تقبل شهادته من لا تقبل شهادته له اي للوكيل لهم ان يزيدوا على مبلغ ثمنه فيما انتهى اليه السعر لانه تنتفي التهمة حينئذ واقول في وقتنا الحاضر ومع تيسر وسائل الاتصالات والمواصلات بامكان هذا الوكيل ان يتصل بالموكل ويستأذنه في البيع والشراء لنفسه او لولده ونحو ذلك فان اذن له الوكيل فان اذن الموكل للوكيل بذلك صح هذا بالاتفاق كان ابعد عن التهمة واطيب لقلب الموكل ومن احكام الوكالة ان الوكيل امين ومعنى قولنا انه امين انه لا يظمن ما تلف بيده اذا لم يتعدى ولم يفرط مثال ذلك وكل رجل اخر في بيع سلعة من السلع ثم ان هذه السلعة تلفت بيد الوكيل من غير تعد منه ولا تفريط فان هذا الوكيل لا يضمن قيمة هذه السلعة اما اذا كان التلف بتعد منه او تفريط فانه يظمن مثال ذلك وكل رجل اخر في بيع سيارته ثم ان هذا الوكيل اوقف هذه السيارة في الطريق لشراء حاجة له او لغير ذلك وترك السيارة مفتوحة وبداخلها المفاتيح فسرقت هذه السيارة ونقول ان هذا الوكيل يظمن لكونه قد فرط في حفظ هذه السيارة ومثال التعدي ما لو اسرع هذا الوكيل بهذه السيارة سرعة كبيرة فوقع لها بسبب هذه السرعة وقع لها حادث اصطدام فان الوكيل يظمن التلف الحاصل بهذه السيارة بسبب تعديه واذا قلنا ان الوكيل لا يظمن الا بتعديه او تفريطه فانه يقبل قوله كذلك فيما وكل فيه من قدر الثمن ونحو ذلك فلو اختلف الموكل والوكيل في قدر الثمن الذي بيعت به السيارة الموكل في بيعها فان كان هناك بينة فالقول قول صاحب البينة وان كان الموكل او الوكيل اما ان لم يكن هناك بينة فالقول قول الوكيل ومن احكام الوكالة انه يجوز اخذ الاجرة عليها لو قال وكلتك في بيع هذه السيارة ولك كذا من المال صح ذلك ولو قال بع هذه السيارة بكذا فما زاد فهو لك صح ايضا وقد روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما روي عنه انه قال لا بأس ان يقول بع ثوبي بعشرة فما زاد فهو لك ومن احكام الوكالة انها تبطل بفسخ احدهما اي الوكيل او الموكل لان الوكالة عقد جائز كما سبق بيان ذلك في الحلقة السابقة ولكل من الوكيل والموكل له ان يفسخها متى ما شاء ولكن ينبغي عند فسخ الوكالة عدم التشهير والاساءة للطرف الاخر لو لاحظوا ان بعض الموكلين عندما يعلنون في الصحف عن فسخ وكالاتهم لبعض موكليهم يكون هذا على وجه يسيء للوكيل وربما لمز الوكيل عند اعلان فسخ الوكالة ببعض العبارات التي يفهم منها تخوينه ونحو ذلك هذا في الحقيقة تعد على حق اخيه المسلم الله عز وجل يقول والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا وتبطل الوكالة كذلك بموت احدهما. اي الموكل او الوكيل وبجنونه المطبق ان الوكالة تعتمد الحياة والعقل فاذا انتفيا انتفت صحتها تبطل كذلك بالحذر على السفيه وكيلا كان او موكلا لزوال اهلية التصرف ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته