بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ايها الاخوة بعدما تكلمنا عن الصلح واحكامه في الحلقات السابقة ننتقل في هذه الحلقة للكلام عن احكام الجوار ويتكلم كثير من الفقهاء عن احكام الجوار بعد كلامهم عن احكام الصلح وذلك لان الجوار مظنة لحصول المنازعات والمشاكل وهذه المنازعات يمكن حلها عن طريق الصلح وقبل ان نتكلم عن شيء من احكام الجوار اذكر باهمية حق الجار قد اوصى ربنا عز وجل بالاحسان اليه قال سبحانه واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وقد ذكر الله تعالى في هذه الاية انواعا من الجيران الاول الجار ذي القربى اي الذي بينك وبينه قرابة هذا له ثلاثة حقوق حق الاسلام وحق الجوار وحق القرابة والثاني الجار الجنب وهو الجار الذي ليس بينك وبينه قرابة ما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره هذا له حقان حق الاسلام وحق الجوار واما لو كان الجار غير مسلم فله حق واحد وهو حق الجوار واما الصاحب بالجنب فقال الامام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره الصواب من القول في معنى قول الله والصاحب بالجنب الصاحب الى جنب كما يقال فلان بجنب فلان والى جنبه وقد يدخل في هذا الرفيق في السفر والمرأة اي الزوجة والمنقطع الى الرجل الذي يلازمه لان كلهم بجنب الذي هو معه وقريب منه قد اوصى الله تعالى بجميعهم لوجوب حق الصاحب على المصحوب انتهى كلامه رحمه الله وقد اوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالجاري في احاديث كثيرة وليس المقام مقام ذكرها ولكن نكتفي بذكر حديث واحد منها فقط لو لم يرد في بيان عظيم حق الجار الا هذا الحديث لكان كافيا هذا الحديث قد اخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه في لفظ حتى ظننت انه يجعل له ميراثا ايها الاخوة المستمعون ونعود بعد ذلك للكلام عن احكام الجوار فنقول من احكام الجوار ان الجار اذا احتاج الى اجراء الماء على ارض جاره وتصالحا على ذلك بعوض جاز هذا الصلح لدعاء الحاجة الى ذلك ثم ان كان هذا العوظ في مقابل الانتفاع مع بقاء ملك صاحب الارض عليه فهذا العقد يعتبر اجارة وان كان مع زوال الملك اعتبر بيعا ولكن ان رفظ صاحب الارظ ان يجري جاره ماءه على ارضه فان لم يكن للجار حاجة ولا ظرورة فليس له ان يجري ماءه على ارض جاره الا باذنه اما اذا كان هناك ظرورة مثل ان يكون له ارض للزراعة ولا طريق للماء اليها الا عن طريق ارض جاره فهل يجوز له ان يمر الماء عن طريق ارض جاره بلا اذنه اختلف الفقهاء في ذلك على قولين والصواب انه يجوز له ذلك ويجبره الحاكم في حالة امتناعه منه وهذا القول هو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ويدل له قصة الخليفة ابن الضحاك لما ساق خليجا لارضه من العريظ وهو واد بالمدينة فاراد ان يمره في ارض محمد ابن مسلمة فابى كلم فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فدعا عمر محمدا قال له لم تمنع اخاك ما ينفعك وهو وهو لك نافع اسق به اولا واخرا وهو لا يضرك قال محمد؟ لا والله فقال عمر والله ليمرن به ولو على بطنك فامر عمران يمر به ففعل اخرجه الامام مالك في الموطأ بسند صحيح ومن احكام الجوار انه اذا امتدت اغصان اشجاره في هواء جاره او في قرار ملكه وجب على مالك الاغصان ازالتها اما بقطعها او ليها الى ناحية اخرى ليخلي ملك الغير فان ابى ما لك الاغصان ان يعمل شيئا من ذلك لجاره الذي هو صاحب الهوى او القرار له ان يزيل ضرره بلي تلك الاغصان ان امكن فان لم يمكن الا بقطعها فله ان يقطعها لانه بمنزلة الصائل فيدفعه باسهل ما يمكن وان تصالح على بقاء الاغصان جاز ذلك سواء كان ذلك بعوض او على ان ثمرتها بينهما ومن احكام الجوار انه لا يجوز للانسان ان يحدث في ملكه ما يضر بجاره لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار ومن صور الاضرار بالجار فتح نوافذ تطل على بيت جاره من ذلك ان يضع في بيته ماشية يصدر منها اصوات وروائح مزعجة لجيرانه ومن ذلك ان يضع في بيته مقها او ملعبا يجتمع فيه الناس وتحصل بسببه الاذية لجاره من ازعاجهم الى غير ذلك من انواع الظرر قاعدة انه لا يجوز للانسان ان يحدث ما يضر جاره ولو كان ذلك في ملكه فان فعل الزمه الحاكم بازالة ما يظر جاره ومن احكام الجوار انه اذا كان بينه وبين جاره جدار مشترك فليس له ان يتصرف فيه الا باذنه ويجوز له وضع الخشب ونحوه على الجدار المشترك او الخاص بالجار عند الضرورة بشرط الا يتضرر الجدار بذلك ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يمنعن جار جاره ان يضع خشبه على جداره ثم يقول ابو هريرة ما لي اراكم عنها معرضين والله لارمين بها بين اكتافكم فدل هذا الحديث على انه ليس للجاري ان يمنع جاره من وضع الخشب ونحوه في جداره ويجبره الحاكم اذا امتنع لانه حق ثابت لجاره بحكم الجوار وقول ابي هريرة في هذا الحديث ما لي اراكم عنها معرضين؟ يحتمل معنيين المعنى الاول ما لي اراكم عن هذه السنة معرضين. والله لارمين بها بين اكتافكم قص الاكتاف بالذكر لانها موضع التحمل المعنى الثاني ما لي اراكم عنها معرظين اي تمنعون من وظع الخشب والله لارمين بها اي بالخشب بين اكتافكم اي لالزمنكم بذلك قال هذا لانه لما قال هذا الكلام كان اميرا على المدينة ومن احكام الجوار ما ذكره الفقهاء من انه اذا كان سطح احدهما اعلى من سطح الاخر فليس لصاحب السطح الاعلى ليس له الصعود على سطحه على وجه يشرف على سطح جاره الا ان يبني سترة تستره كذلك ليس له ان يفتح النوافذ من بيته على وجه يكشف بها جاره ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لو ان رجلا اطلع عليك فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح واذا كان لا يجوز للانسان ان يحدث في ملكه ما يضر بجاره لا يجوز له كذلك ان يحدث في طرقات المسلمين ما يضايق به المارين في تلك الطرقات فليس له ان يلقي في طرق المسلمين النفايات واجزاء البناء والاحجار والحديد والاسمنت ونحو ذلك يقول الله عز وجل والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا. فعلى المسلم ان يحترم حقوق اخوانه المسلمين وان يبتعد عن كل ما يحدث الاذية او الظرر لاخوانه المسلمين. نسأل الله تعالى ان يبصر المسلمين في دينهم وان يوفقهم لتطبيق احكامه والى لقاء في حلقة قادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته