بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة وفي حلقات سابقة عن احكام ومسائل الشركة ونستكمل في هذه الحلقة ما تبقى من احكام الشركة وكنا قد ذكرنا آآ انواع شركة العقود فتكلمنا عن شركة العناني وشركة المضاربة وشركة الوجوه بالتفصيل وتوقفنا عند النوع الرابع من انواع شركة العقود وهو شركة الابدان فنقول شركة الابدان معناها ان يشترك اثنان فاكثر فيما يكتسبان بابدانهما سميت بذلك لان الشركاء بذلوا ابدانهم في الاعمال لتحصيل المكاسب واشتركوا فيما يحصلون عليه من كسب والفرق بينها وبين شركة الوجوه التي تكلمنا عنها في الحلقة السابقة هو ان شركة الوجوه يأخذ الشريكان المال من شخص ثالث ويعملان بأبدانهما اما في شركة الابدان فان الشريكين لا يأخذان من احد مالا وانما يشتركان في العمل بابدانهما ونوضح شركة الابدان بالمثال مثال شركة الابدان ان يشترك اثنان في نجارة كل منهما يعمل نجارا فاتفقا على الاشتراك بينهما فيما فيما يكتسبان من مال على اعمال النجارة ومثل ذلك ايضا ان يشترك اثنان في احتطام او في اصطياد او في التقاط الكمأة مثلا كل ذلك يدخل في مسمى شركة الابدان مثل ذلك ايضا ما يسمى بشركة الدلالين بان يشترك دلالون في الدلالة وما تحصل فهو بينهم هذا كله داخل في شركة الابدان وشركة الابدان جائزة عند جمهور الفقهاء يدل لذلك ما جاء في سنن ابي داود والنسائي وابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال اشتركت انا وسعد وعمار يوم بدر فلم اجي انا وعمار بشيء وجاء سعد باسيرين قال الامام احمد اشرك بينهم النبي صلى الله عليه وسلم ولكن باسناد هذا الحديث مقال فانه قد روي من طريق ابي عبيدة ابن عبد الله ابن مسعود عن ابيه وهو لم يسمع منه فيكون منقطعا ايها الاخوة المستمعون من احكام شركة الابدان انها تصح ولو مع اختلاف صنائع المشتركين بخياط مع حداد مثلا لكل واحد من الشركاء ان يطالب باجرة العمل الذي تقبله هو او تقبله صاحبه ويجوز للمستأجر من احدهم دفع الاجرة الى اي منهم ان كل واحد منهم كالوكيل عن الاخر وما يحصل لهم من العمل او الاجرة فهو بينهم والربح في شركة الابدان على ما اتفق عليه الشركاء. من مساواة او تفاضل فلو اتفق شريكان على ان الربح بينهما مناصفة او ان لواحد منهما الثلثان وللاخر الثلث مثلا صح ذلك لان العمل يستحق به الربح وما قد يتفاضلان في العمل فقد يكون احدهما احذق من الاخر او اكثر منه خبرة او مهارة ونحو ذلك ولذلك جاز تفاضلهما في الربح الحاصل وان مرض احد شركاء الابدان فالكسب الذي تحصل عليه الاخر يكون بينهما وان طالب الصحيح المريض بان يقيم مقامه من يعمل لزمه ذلك انهما دخلا على ان يعملا فاذا تعذر على احدهما العمل بنفسه لزمه ان يقيم مقامه من يعمل بدلا عنه بتوفية العقد حقه فان امتنع العاجز عن العمل من اقامة من يعمل بدله بعد مطالبته بذلك فلشريكه ان يفسخ عقد الشركة وان اشترك اصحاب سيارات على ان يحملوا عليها بالاجرة وما حصلوا فهو بينهم صح ذلك لانه نوع من الاكتساب ويصح ايضا دفع سيارة لمن يعمل عليها وما تحصل من كسب فهو بينهما النوع الاخير النوع الخامس من انواع شركة العقود شركة المفاوضة ومعناها ان يفوض كل من الشركاء الى صاحبه كل تصرف مالي وبدني من انواع الشركة فهي الجمع بين شركة العنان والمضاربة والوجوه والابدان او يشتركون في كل ما يثبت لهم وعليهم ويصح هذا النوع من الشركة لانه يجمع انواعا يصح كل منها منفردا فيصح اذا جمع مع غيره والربح يوزع في هذه الشركة على ما شرطوا ويتحملون من الخسارة على قدر ملك كل واحد منهم من الشركة بالحساب ايها الاخوة المستمعون هكذا شريعة الاسلام وسعت دائرة الاكتساب في حدود المباح فاباحت للانسان ان يكتسب منفردا ومشتركا مع غيره وعاملت الناس على حسب شروطهم ما لم تكن شروطا محرمة ايها الاخوة المستمعون وبعد ان تكلمنا عن احكام ومسائل الشركات على مدار خمس حلقات نختم هذه الحلقة آآ بتقديم نصائح للشركاء فنقول اه ينبغي للشركاء اه المتشاركين في شركة ان يتقوا الله عز وجل عليهم بتقوى الله سبحانه بان الشركة مظنة للبغي والتعدي كما قال الله سبحانه وان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وان كثيرا من الخلطاء اي شركاء فيبغي بعضهم على بعض اي يحصل بغي من بعضهم على بعض وتعد من بعضهم على بعض واستثنى ربنا عز وجل الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم فبالتقوى اه يرتدع الشريك عن البغي وعن الظلم والتعدي على شريكه وايضا ينبغي للشريكين وللشركاء عموما الصدق والبيان لقول النبي صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فان صدقا وبين بورك لهما في بيعهما وان كذب وكتم محقت بركة بيعهما فبين النبي صلى الله عليه وسلم ان الصدق والبيان انه سبب لحلول البركة في البيع والشراء. وهكذا في سائر امور التجارة وهكذا في الشركة الصدق والبيان من الشركين او الشركاء سبب لحلول البركة في تلك الشركة واما الكذب والكتمان فسبب لمحق البركة من تلك الشركة وان كذب وكتم محقت بركة بيعهما وفي الحديث المروي القدسي يقول النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى انا ثالث الشريكين ما لم لم يخن احدهما صاحبه فان خان احدهما صاحبه خرجت من بينهما وهذا الحديث رواه ابو داوود والدارقطني والحاكم والبيهقي وفي سنده ضعف ونوصي كذلك الشركاء الالتزام بالشروط والضوابط الشرعية لان هذه الشروط والضوابط ما جعلت الا لاجل مصلحة الشركاء على سبيل المثال اشتراط ان يكون الربح محددا مشاعا معلوما. هذا في الحقيقة فيه مصلحة للشركاء لان اه قيام الشركة مع عدم تحديد الربح لكل من الشريكين او الشركاء سبب ولوقوع النزاع والخلاف بين الشريكين وبين الشركاء ولذلك اشترط الفقهاء ان يكون الربح محددا ولكن يكون تحديده بنسبة شائعة كالنصف او الثلث او الربع ولا يكون بدراهم معلومة كما سبق ان بينا ذلك بالتفصيل في الحلقات السابقة ونوصي كذلك الشريكين او الشركاء بالابتعاد عن الامور المحرمة فما اباحه الله عز وجل فيه غنية عما حرمه فيجب على الشركاء الابتعاد عن الربا بجميع صوره فان الربا سبب لمحق البركة كما قال ربنا عز وجل ومن اصدق من الله قيلا يمحق الله الربا. فاخبر الله سبحانه بان الربا ان الربا يمحق المال. اما محقا حسيا واما محقا معنويا. يكون المحق حسيا بذهاب المال او ذهاب بعضه. واما ان يكون المحق للمال يكون معنويا وذلك بذهاب بركة ذلك المال. فالربا سبب لمحق البركة من المال. واذا دخل الربا في الشركة انه يكون سببا لمحق البركة منها وعند اشتباه المعاملات على الشريكين او الشركاء فعليهم ان يأخذوا بما اوصى به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ان الحلال بين وان الحرام وبين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام عليهم الابتعاد عن الشبهات في ذلك. نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة. ونسأل الله عز وجل ان يغنينا حلاله عن حرامه وبفظله عمن سواه. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته