ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ويضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اتحدث معكم في هذه الحلقة عن مسائل من احكام الاجارة نقول ان هذا العقد اعني الاجارة يتكرر في حياة الناس بتعاملاتهم اليومية والشهرية والسنوية وهو جدير بالتعرف على احكامه انه ما من تعامل يجري بين الناس الا وهو محكوم بشريعة الاسلام وفق ضوابط شرعية ترعى المصالح وترفع المضار والاجارة مشتقة من الاجر وهو العوظ منه قول الله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام قال لو شئت لاتخذت عليه اجرا ومنه سمي الثواب اجرا ومعنى الاجارة في اصطلاح الفقهاء عقد على منفعة مباحة من عين معينة او موصوفة في الذمة مدة معلومة او على او على عمل معلوم بعوض معلوم وهذا التعريف يشتمل على غالب شروط صحة الاجارة فقولهم في التعريف عقد على منفعة يخرج به العقد على العين فلا يسمى اجارة انما يسمى بيعا قولهم مباحة يخرج به العقد على المنفعة المحرمة قولهم معلومة يخرج به المنفعة المجهولة. فلا يصح العقد عليها قولهم من عين معينة او موصوفة في الذمة او عمل معلوم يؤخذ منه ان الاجارة على نوعين النوع الاول تكون الاجارة على منفعة عين معينة او عين موصوفة في الذمة مثال العين المعينة ان يقول اجرتك هذه الدار ومثال الموصوفة ان يقول اجرتك سيارة صفتها كذا ومن نوع كذا مثلا والنوع الثاني ان تكون الاجارة على اداء عمل معلوم ان يستأجر سيارة اجرة لحمله الى مكان معين وقوله مدة معلومة اي يشترط في النوع الاول وهو الاجارة على المنفعة ان تكون المدة ان تكون هذه الاجارة لمدة محدودة. كيوم او شهر او سنة مثلا فلا بد ان تكون المدة معلومة وقولهم بعوض معلوم اي لابد ان يكون مقدار الاجارة معلوما بهذا يتضح ان مجمل شروط الاجارة بنوعيها ان يكون عقد الاجارة على المنفعة لا على العين وان تكون المنفعة مباحة تكون معلومة واذا كانت الاجارة على عين واذا كانت الاجارة على غير معينة فلا بد ان تكون مما ينظبط بالوصف ان تكون مدة الاجارة معلومة وان يكون العوظ في الاجارة معلوما ايها الاخوة المستمعون والاجارة من العقود اللازمة ومعنى ذلك ان الاجارة اذا انعقدت بالايجاب والقبول او بما يدل عليها عرفا وحصل التفرق من من مكان التأجير اليس للمؤجر ولا للمستأجر الفسخ الا برضا الطرف الاخر ذلك انها بيع منافع في الحقيقة والعقود منها ما هو لازم كالبيع والاجارة فليس لاحدهما الفسخ الا برضا الطرف الاخر منها ما هو جائز كالوكالة فلكل من الوكيل والموكل فسخ الوكالة متى ما شاء ولو بغير رضا الطرف الاخر ومنها ما هو جائز من وجه لازم من وجه اخر كالرهن انه لازم من جهة من عليه الحق وهو الراهن وجائز من جهة من له الحق وهو المرتهن اجارة اذا من العقود اللازمة ولذلك فانه ليس للمؤجر ولا للمستأجر ان يفسخ عقد الاجارة الا برظى الطرف الاخر ايها الاخوة المستمعون ويصح العربون في الاجارة ومعنى العربون هنا دفع جزء من ثمن الاجرة الى المؤجر على انه ان تم عقد الاجارة فهو من الاجرة والا فانه يكون للمؤجر وقد اختلف العلماء في حكمه والصحيح ان شاء الله انه لا بأس به سواء كان ذلك في البيع او كان في الاجارة وهو مروي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال البخاري في صحيحه ترى نافع بن عبد الحارث دارا للسجن بمكة وصفوان ابن امية على انه ان رضي عمر فالبيع بيعه. وان لم يرضى فلصفوان اربعمائة دينار وسئل الامام احمد عن بيع العربون قال اي شيء اقول هذا عمر والعربون يكون في البيع ويكون كذلك في الاجارة ذلك بان يدفع المستأجر مبلغا من المال على انه ان تم عقد الايجار فهو من الاجرة والا فهو من المالك فلا بأس بذلك ولكن يحسن التنبيه هنا الى ان العربون في حالة عدم اتمام عقد الاجارة انه من حق المالك للعين المراد تأجيرها واما الوسيط كالمكتب العقاري مثلا فليس له ان يأخذ العربون الا برضا المالك انما يأخذ مقابل تعبه فقط اما العربون فانه يكون من نصيب المالك في حالة عدم اتمام عقد الاجارة. اما ان تم عقد الاجارة فانه جزءا من الاجرة ايها الاخوة المستمعون ومن احكام الاجارة انه لا يجوز ان تكون في امور محرمة فلا يجوز تأجير الدور والدكاكين والمحلات للمعاصي كبيع المواد المحرمة ونحو ذلك ومن احكامها ايضا انه يجوز للمستأجر ان يؤجر ما استأجره لاخر يقوم مقامه باستيفاء المنفعة ذلك لانها مملوكة له جاز له ان يستوفيها بنفسه وبنائبه ولكن بشرط ان يكون المستأجر الثاني مثل المستأجر الاول في استيفاء المنفعة او دونه لا اكثر منه ظررا كما لو استأجر دارا للسكن فيجوز له ان يؤجرها لغيره ليسكن في تلك الدار ولا يجوز ان يؤجرها لمن يجعل فيها مصنعا او معملا او يجعل فيها ورشة ونحو ذلك ايها الاخوة المستمعون ومما يذكره الفقهاء في هذا الباب اه اخذ الاجرة على اعمال العبادة والقرب فينص كثير من الفقهاء على ان ذلك لا يجوز فلا يجوز اخذ الاجرة على اعمال القرب والعبادات كامامة المسجد وكالاذان ونحو ذلك من الوظائف الدينية لان هذه الاعمال يتقرب بها الى الله عز وجل واخذ الاجرة عليها يخرجها عن ذلك ولكن ذكر اهل العلم انه يجوز اخذ الرزق من بيت المال على الاعمال التي يتعدى نفعها كامامة المساجد والاذان وتعليم القرآن والقضاء والفتيا ونحو ذلك فهذه لا يجوز اخذ اجرة عليها ولكن يجوز وان يؤخذ عليها رزقا من بيت المال. لان ذلك ليس بمعاوظة وانما هو اعانة على الطاعة ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة ولا يخل بالاخلاص قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الفقهاء متفقون على الفرق بين الاستئجار على القرب وبين رزق اهلها رزق المقاتلة فرزق المقاتلة والقضاة والمؤذنين والائمة جائز بلا نزاع واما الاستئجار فلا يجوز عند اكثرهم قال ايضا وما يؤخذ من بيت المال فليس عوضا واجرة بل رزقا للاعانة على الطاعة من عمل منهم لله اثيب وما يأخذه رزق للاعانة على الطاعة ايها الاخوة المستمعون نستكمل الحديث عن بقية احكام ومسائل الاجارة في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى الى ذلك الحين استودعكم الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته