بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن احكام ومسائل الاجارة ولعلنا نخصص هذه الحلقة للكلام عن احكام الاجير فنقول الاجير ينقسم عند الفقهاء الى قسمين اجير خاص واجير مشترك فالاجير الخاص هو من استأجر مدة معلومة يستحق المستأجر نفعه في جميعها ولا يشاركه فيها احد ومن امثلة الاجير الخاص في الوقت الحاضر السائق الذي يتعاقد معه لمدة معينة كسنة او سنتين مثلا ومثل ذلك الخادم والعامل ونحو ذلك وسمي اجيرا خاصا لان المستأجر يختص بنفعه في تلك المدة دون سائر الناس واما الاجير المشترك فهو من قدر نفعه بالعمل ولا يختص به واحد بل يتقبل اعمالا لجماعة في وقت واحد ومن امثلة الاجير المشترك في وقتنا الحاضر الغسال وفني اصلاح السيارة مثلا ونحو ذلك فمن استأجر اجيرا خاصا او مشتركا فهل يلزم ذلك الاجير ان يقوم بالعمل بنفسه او له ان ينيب عنه غيره وهل يضمن ذلك الاجير ما تلف بفعله نقول اما ان اشترط على الاجير العمل بنفسه من اشترط من المستأجر على الاجير ان يعمل بنفسه فقد اتفق الفقهاء على وجوب عمله بنفسه حينئذ فليس له استنابة غيره واما ان كان العقد مطلقا عن الشرط او ما يقوم مقامه فان كان الاجير خاصا فيلزمه ان يعمل بنفسه وليس له ان ينيب عنه غيره الا اذا اذن له المستأجر في ذلك واما الاجير مشترك فله ان يعمل بنفسه وله ان يعمل باجرائه تحت اشرافه ان العقد انما وقع على عمل في ذمته مثلا استأجرت طباخا ليطبخ لك طعام وليمة هذا الطباخ بالنسبة لك يعتبر اجيرا مشتركا لانه يطبخ لك ولغيرك فله ان يطبخ بنفسه او ينيب غيره ليطبخ تحت اشرافه الا اذا شرطت عليه ان يطبخ لك بنفسه فيلزمه ذلك واما بالنسبة للمسألة الثانية وهي ظمان ما تلف بفعله فان كان الاجير خاصا فانه لا يظمن ما تلف بيده الا اذا تعدى او فرط وذلك لان الاجير الخاص امين ونائب عن المالك فلم يظمن الا بالتعدي او التفريط هذا الحكم محل اتفاق بين الفقهاء والتعدي معناه فعل ما لا يجوز تفريط معناه ترك ما يجب ونوضح هذه المسألة بالامثلة المثال الاول هذا سائق يعمل عند رجل بمرتب شهري وحصل خلل بهذه السيارة التي يقودها هذا السائق من غير تعد من السائق ولا تفريط منه فان هذا السائق لا يظمن ما يحصل بسبب ذلك الخلل ولكن لو ان هذا السائق حصل منه تعد بان يكون اسرع بالسيارة سرعة كبيرة وسبب ذلك في حادث مروري مثلا فان هذا السائق يظمن التلف الحاصل في السيارة لاجل تعديه وكذا لو حصل من ذلك السائق تفريط بان يترك السيارة مفتوحة والمفاتيح بداخلها فتسرق تلك السيارة ان هذا تفريط منه ولذلك فانه يظمن قيمة تلك السيارة لكونه قد فرط في حفظها مثال اخر اذا وقع اناء من الخادم في البيت فانكسر فان الخادم لا يظمن قيمة ذلك الاناء الا اذا كان ذلك بتعد منه او تفريط مثال اخر عامل يعمل بمرتب شهري بمصنع او معمل او ورشة فتسبب بطريق الخطأ في كسر الة من الالات او في اتلافها فانه لا يظمن ذلك التلف الا اذا كان بتعد منه او تفريط تعدي كأن يكلف الالة فوق طاقتها فيتسبب في انكسارها فانه يظمن لكونه قد تعدى والتفريط كان يحصل منه اهمال فيما تحتاج اليه الالة من تزييت ونحو ذلك فانه يضمن في هذه الحال بسبب تفريطه هذا بالنسبة للاجير الخاص واما الاجير المشترك فانه يظمن التلف اذا تعدى او فرط مثال ذلك رجل وضع ثوبه عند غسال لغسله ثمان هذا الغسال وضع مادة تغير بسببها لون الثوب او ان هذا الغسالة نسي الثوب تحت الالة التي يقوى بها فتلف بسبب ذلك ان هذا الغسالة يضمن ذلك التلف ولكن هل يضمن الاجير المشترك التلف الحاصل بغير تعد منه ولا تفريط وفي مثالنا السابق لو ان الثوب تلف عند الغسال او تمزق بعضه من غير تعد من ذلك الغسال ولا تفريط منه فهل يضمن تلف الفقهاء في ذلك على قولين القول الاول ان الاجير المشترك يظمن ما تلف بفعله ولو كان ذلك التلف بغير تعد منه ولا تفريط والى هذا القول ذهب الحنفية والمالكية وهو الصحيح من مذهب الحنابلة وقد روي هذا القول عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه قد روي عنه انه كان يضمن الاجراء ويقول لا يصلح الناس الا على هذا والقول الثاني ان الاجير المشترك لا يظمن ما تلف بفعله اذا كان ذلك بغير تعد منه ولا تفريط والى هذا القول ذهب الشافعية وهو رواية عند الحنابلة قال المرداوي في الانصاف والنفس تميل اليه وهذا القول الاخير هو وهو القول بعدم تظمين الاجير المشترك اذا كان التلف حصل بغير تعد منه ولا تفريط قولوا لعل هذا القول هو الاظهر في هذه المسألة والله تعالى اعلم وذلك لانه امين والامين لا يظمن الا بالتعدي او التفريط وبناء على ترجيح هذا القول نقول ان الاجير لا يظمن مطلقا الا بالتعدي او التفريط سواء كان اجيرا خاصا او اجيرا مشتركا قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله الصحيح ان الاجير غير ظامن سواء كان خاصا او مشتركا لانه من الامناء الذين لا يضمنون الا بالتعدي او التفريط قال ويحمل ما ورد عن علي رضي الله عنه في تضمينهم بما اذا كان ثمة تعد او تفريط والا فليسوا غاصبين حتى يرتب عليهم الضمان وايضا فالضمان مرتب على اليد والتصرف اذا كانت اليد يدا عادية رتب عليها الظمان واذا كان التصرف ممنوعا رتب عليه الظمان والاجير يده غير عادية وتصرفه غير ممنوع بل مأمور به من جهة المؤجر انتهى كلامه رحمه الله ايها الاخوة المستمعون تلخص من هذه المسألة ان الاجير ينقسم الى قسمين اجير خاص وهو من قدر نفعه بالزمن واجير مشترك وهو من قدر نفعه بالعمل وان الاجير الخاصة كالسائق مثلا لا يظمن ما تلف بفعله الا اذا كان ذلك بتعد منه او تفريط وان الاجير المشترك كالغسال مثلا اذا تعدى او فرط فانه يظمن. اما اذا لم يتعدى ولم يفرط فقد اختلف العلماء في تظمينه. والقول الراجح انه لا يظمن الا لا اذا حصل منه تعد او تفريط ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة واسأل الله عز وجل ان يرزقنا الفقه في الدين وان يوفقنا لصالح القول والعمل. ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته