بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من احكام ومسائل الشركة ووعدنا باستكمال الحديث عنها في هذه الحلقة فنقول ان الشركة في الاسلام مبنية على اصل وهو اشتراك الشريكين في المغنم والمغرم اي في الربح والخسارة ولذلك يشترط الفقهاء ان يكون الربح فيها مشاعا معلوما كالثلث والربع والنصف ونحو ذلك ويمنع الفقهاء من ان يكون الربح دراهم معلومة لان اشتراط ربح مضمون في الشركة يقلبها من كونها شركة الى قرض بفائدة بهذا يتبين ان ما تفعله بعض الشركات والبنوك دعوتها للناس للمساهمة في مشاريعها والاعمال التي تقوم بها مع ضمان ربح تلك المساهمات ان هذا امر محرم شرعا لانه يمثل في حقيقة الامر قرضا بفائدة ولكن يمكن تصحيح هذه المعاملة بعدم ضمان الربح بل جعل الامر قابلا للربح والخسارة مع تحديد الربح في حالة تحققه بنسبة مشاعة كالثلث او الربع ونحو ذلك وهذا التأصيل الذي اشرت اليه قد قرره مجمع الفقه الاسلامي المنبثق من رابطة العالم الاسلامي بما يلي انقل نص نص قرار المجمع ان مجلس مجمع الفقه الاسلامي برابطة العالم الاسلامي في دورتها الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة قد نظر في هذا الموضوع وقرر انه لا يجوز في المضاربة ان يحدد المضارب لرب المال مقدارا معينا من المال لان هذا يتنافى مع حقيقة المضاربة ولانه يجعلها قرضا بفائدة ولان الربح قد لا يزيد على ما جعل لرب المال فيستأثر به كله قد تخسر المضاربة او يكون الربح اقل مما جعل لرب المال فيغرم المضارب والفرق الجوهري الذي يفصل بين المضاربة والقرض بفائدة الذي تمارسه البنوك الربوية هو ان المال في يد المضارب امانة لا يضمنه الا اذا تعدى او قصر والربح يقسم بنسبة شائعة متفق عليها بين المضارب ورب المال وقد اجمع الائمة الاعلام على ان من شروط صحة المضاربة ان يكون الربح مشاعا بين رب المال والمضارب دون تحديد قدر معين لاحدهما انتهى قرار المجمع الفقهي ايها الاخوة المستمعون الربح يكون بين الشريكين على حسب ما شرطاه ولا يلزم التساوي بينهما في الربح بل يصح التفاوت في الربح يصح ان يشترط احد الشريكين ثلاثة ارباع الربح وللاخر الربع او لاحدهما الثلثان وللاخر الثلث لانه ربما يكون احد الشريكين اكثر حذقا او مهارة من الاخر هذا بالنسبة للربح واما الخسارة في الشركة ويسميها بعض الفقهاء بالوضيعة فانها تكون على قدر رأس المال ان كان مال الشريكين متساويا فالخسارة بينهما نصفان وان كان اثلاثا خسارة تكون اثلاثا وهكذا ولكن ماذا لو اشترط احد الشريكين التفاوت في الخسارة من غير اعتبار لرأس المال ان يشترط احد الشريكين انه لا يتحمل سوى ربع خسارة الشركة ويتحمل شريكه ثلاثة ارباع الخسارة والمال بينهما نصفان مثلا او يشترط احد الشريكين انه لا يتحمل شيئا من الخسارة فيما لو خسرت الشركة ونحو ذلك نقول هذا الشرط لا يصح ولكن هل يفسد عقد الشركة او ان العقد يبقى صحيحا وانما يفسد الشرط فقط اختلف العلماء في هذه المسألة المشهور من مذهب الشافعية ان هذا الشرط يفسد العقد وذهب الحنفية والحنابلة الى ان الشرط يفسد فقط دون العقد ويفسد الشرط عندهم دون عقد الشركة ولعل هذا القول الاخير هو الاظهر والله تعالى اعلم لان الاصل في العقود الصحة ولان تصحيح العقد ما امكن اولى من بطلانه ايها الاخوة المستمعون وبعد هذا التقعيد للربح والخسارة في الشركة نعود للكلام عن انواع شركة العقود على وجه التفصيل وكنا قد اشرنا اليها اجمالا في الحلقة السابقة ونبتدأ بالنوع الاول من انواع شركة العقود وهو شركة العنان والعنان بكسر العين سميت بذلك لتساوي الشريكين في المال والتصرف كالفارسين اذا سويا بين فرسيهما وتساويا في السير فكان عنان فرسيهما سواء ومعناها في اصطلاح الفقهاء نشترك شخصان فاكثر بماليهما ليعملا فيه ببدنيهما وربحه لهما فتبين بذلك ان شركة العناني تجمع بين المال والبدن ونوضح ايها الاخوة نوضح هذا النوع من الشركة بالمثال رجلان ارادا ان يشتركا في فتح محل لبيع الاجهزة او الاثاث او الفواكه والخضار ونحو ذلك ودفع كل منهما مبلغا من المال وعملا في هذا المحل سويا فهما قد اشتركا في المال كل منهما دفع مالا وقد اشتركا كذلك في العمل كل منهما يعمل في هذا المحل هذا النوع من الشركة يسمى شركة العنان وهي جائزة بالاجماع كما قال ابن المنذر رحمه الله تعالى ومن احكام هذه الشركة انه ينفذ تصرف كل من الشريكين في مال الشركة بحكم الملك في نصيبه وبحكم الوكالة في نصيب شريكه لان لفظ الشركة يغني عن الاذن من كل منهما للاخر واتفق العلماء على انه يجوز ان يكون رأس مال الشركة من النقدين المضروبين اختلفوا في كون رأس المال من غير النقدين بان يكون من العروظ قول الصحيح هو جواز ذلك لان مقصود الشركة تصرفهما في المالين جميعا وكون ربح المالين بينهما وهو حاصل في العروض كحصوله في النقود هذا القول هو الذي عليه عمل المسلمين من قديم الزمان ويشترط لصحة شركة العنان ان يشترط اي الشريكان لكل منهما جزءا من الربح مشاعا معلوما النصف او الربع او الثلث ونحو ذلك لان الربح مشترك بينهما لا يتميز نصيب كل منهما الا بالاشتراط والتحديد قد سبق القول بانه لا بد ان يكون الربح مشاعا اي محددا بالنسبة كالنصف او الربع مثلا وانه لا يصح ان يكون الربح محددا بقدر معين من المال لانه قد يتحقق ربح ذلك المعين وقد لا يتحقق ولكن ان اشترك من غير ذكر للربح لم يصح ذلك في قول بعض الفقهاء قال الموفق ابن قدامة رحمه الله اذا لم يذكر الربح فان الربح يكون بينهما على قدر المالين ايها الاخوة المستمعون وشركة المساهمة في الوقت الحاضر تعتبر شركة عنان لان المساهمين قد اشتركوا في المال وفي العمل حتى وان لم يباشروا اعمال الشركة بانفسهم فانهم قد وكلوا مجلس الادارة في القيام عنهم باعمال الشركة ولكن اذا كان مجلس الادارة مساهما ويأخذ مكافأته نسبة من الربح ان الشركة تكون حينئذ شركة عنان ومضاربة لان مجلس الادارة سيتكفل بالعمل في مقابل نصيب من الربح ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونستكمل الحديث عن بقية انواع شركة العقول الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى نلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته