بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من احكام ومسائل الشركة كنا قد بدأنا بالكلام مفصلا عن انواع شركة العقود تكلمنا عن شركة العناني وما يتعلق بها من مسائل واحكام ونستكمل الحديث عن بقية انواع شركة العقود فنقول النوع الثاني من انواع شركة العقود شركة المضاربة سميت بذلك اخذا من الضرب في الارظ وهو السفر للتجارة قال الله تعالى واخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله ان يطلبون رزق الله في المتاجر والمكاسب وتسمى قيراطا اخذا من قرض الشيء اي قطعه لان رب المال قد اقتطع للعامل قطعة من ماله يسمى كذلك شركة المعاملة اخذا من العمل الذي يقصد به هنا الاتجار بالمال لاجل الربح ومعنى المضاربة في اصطلاح الفقهاء دفع مال معلوم لمن يتجر به ببعض ربحه وقد سبق القول في الحلقة السابقة بانه لابد ان يكون هذا الربح جزءا معلوما مشاعا اي معلوما بالنسبة النصف او الثلث او الربع ونحو ذلك انه لا يصح ان يكون الربح دراهم معلومة لا يصح ان يقول مثلا خذ هذا المال مضاربة واستثمره في كذا على ان تعطيني كل شهر الف ريال مثلا هذا لا يجوز لان المضارب قد يربح الالف ريال وقد لا يربح وقد يربح اضعاف اضعافه ثم ان تحديد مبلغ معين من الربح يجعل هذه المعاملة في الحقيقة قرضا بفائدة وليست مضاربة ايها الاخوة المستمعون شركة المضاربة جائزة بالاجماع قد كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم واقرها عليه الصلاة والسلام روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم اجمعين ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة قال العلامة ابن القيم رحمه الله المضارب امين واجير ووكيل وشريك فامين اذا قبض المال ووكيل اذا تصرف فيه واجير فيما يباشره بنفسه من العمل وشريك اذا ظهر فيه الربح انتهى كلامه رحمه الله وتعيين مقدار نصيب العامل اي المضارب من الربح يرجع اليهما اي الى الشريكين لو قال رب المال للعامل اتجر به والربح بيننا صار لكل منهما نصف الربح لانه اضافه اليهما اضافة واحدة لا مرجح لاحدهما على الاخر فيها فاقتضى ذلك التسوية في الاستحقاق ولو قال رب المال للعامل اتجر به ولي ثلاثة ارباع ربحه او ثلثه او قال اتجر به ولك ثلاثة ارباع ربحه صح ذلك لانه متى علم نصيب احدهما اخذه والباقي للاخر هذا بالنسبة للربح اما الخسارة فانها تكون على رب المال في ماله ولا يسأل عنها المضارم قل الخسارة في شركة المضاربة انما تكون على رب المال ولا يسأل عنها المضارب الا اذا تعدى على المال او قصر في حفظه وبناء على ذلك من اعطى غيره مالا مالا ليضارب به فخسر المضارب فان المضارب لا يتحمل شيئا من الخسارة وانما يتحملها رب المال الا اذا حصل من المضارب تعد او تفريط وهذا الحكم قد قرره مجمع الفقه الاسلامي المنبثق من رابطة العالم الاسلامي وانقل فيما يأتي نص قراري المجلس في هذا فمجلس المجمع الفقهي الاسلامي برابطة العالم الاسلامي في دورتها الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة قد نظر في هذا الموضوع واصدر القرار التالي الخسارة في مال المضاربة على رب المال في ماله ولا يسأل عنها المضارب الا اذا تعدى على المال او قصر في حفظه لان مال المضاربة مملوك لصاحبه والمضارب امين عليه ما دام في يده ووكيل في التصرف فيه والوكيل والامين لا يضمنان الا في حالة التعدي والتقصير والمسؤول عما يحدث في البنوك والمؤسسات المالية ذات الشخصية الاعتبارية هو مجلس الادارة لانه هو الوكيل عن المساهمين في ادارة الشركة والممثل للشخصية الاعتبارية والحالات التي يسأل فيها مجلس الادارة عن الخسارة التي تحدث في مال المضاربة هي نفس الحالات التي يسأل فيها المضارب اي الشخص الطبيعي فيكون مجلس الادارة مسئولا امام ارباب الاموال عن كل ما يحدث في مال المضاربة من خسارة بتعد او تقصير من او من موظفي المؤسسة وضمان مجلس الادارة يكون من اموال المساهمين ثم اذا كان التعدي او التقصير من احد الموظفين فعلى مجلس الادارة محاسبته اما اذا كان التعدي او التقصير من مجلس الادارة نفسه فمن حق المساهمين ان يحاسبوه انتهى نص قرار المجمع ايها الاخوة المستمعون ومن احكام المضاربة انه اذا اخذ اه رجل من اخر مضاربة ثم اراد اخذ مضاربة من اخر باذن الاول جاز ذلك كذلك ان لم يأذن ولم يكن عليه ضرر فيجوز ذلك قال صاحب المغني بغير خلاف علمناه اما اذا كان فيه ضرر على الاول ولم يأذن وان يكون المال الثاني كثيرا يستوعب زمانه فيشغله عن التجارة في الاول ويكون المال الاول كثيرا متى اشتغل عنه بغيره انقطع عن بعض تصرفاته لم يجز ذلك في قول بعض الفقهاء هو المشهور من مذهب الحنابلة ولكن لو فعل ذلك اي ضرب العامل باخر مع ظرر الاول بدون اذنه نوضح هذا بالمثال اعطيت رجلا مالا ليضارب به ثم انك تفاجأت بان هذا الشخص قد اخذ مالا من غيرك ليظارب به بغير اذنك ويلحقك الضرر لاجل اشتغال هذا المضارب بالمال الثاني عن مالك اما الحكم في هذه الحال قال بعض الفقهاء وهو مشهور عند الحنابلة ان العامل يرد حصته من ربحه في مضاربته مع الثاني يردها الى شركته مع المضارب الاول في دفع لرب المضاربة الثانية نصيبه من الربح ويؤخذ نصيب العامل اي المضارب ويضم لربح المضاربة الاولى لان ربح هذا المضارب من المال الثاني يضاف لربح المال الاول ذلك لان منفعة العامل اي المضارب المبذولة في المضاربة الثانية قد استحقت في المضاربة الاولى وقال الموفق ابن قدامة رحمه الله والنظر يقتضي الا يستحق رب المضاربة الاولى من ربح المضاربة شيئا انه انما يستحق بمال او عمل. ولم يوجد واحد منهما التعدي المضارب انما هو بترك العمل واشتغاله عن المال الاول وذلك لا يوجب عوضا كما لو اشتغل بالعمل في مال نفسه او اجر نفسه او ترك التجارة للعب او غير ذلك وهذا القول الذي رجحه ابن قدامة هو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى على الجميع ايها الاخوة المستمعون ومن احكام المضاربة ان المضارب امين والقول قوله فيما يدعيه من هلاك او خسران لانه متصرف في مال غيره باذنه القول قوله في نفي ما يدعى عليه من خيانة او تفريط بناء على ذلك لو اعطى رجل مالا لاخر ليضارب له به ثم ان هذا المضارب ادعى الخسارة ادعى هذا المضارب انه تاجر بهذا المال وخسر فيه. من غير تعد منه ولا تفريط فان كان لرب المال بينة تثبت تعدي هذا المضارب او تفريطه فالقول قوله وان لم يكن له عليه بينة فالقول قول المضارب لانه امين وهكذا لو اتهم رب المال هذا المضارب بالخيانة فانه لا يقبل قوله الا ببينة تثبت دعواه والا فالقول قول المضارب لانه امين وهكذا لو اختلف رب المال والمضارب في قدر رأس المال فان لم يوجد بينة فالقول قول المضارب وقد حكاه ابن منذر اجماعا لانه يدعى عليه قبض شيء وهو ينكره. فكان القول قوله ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونستكمل الحديث عن بقية واحكام عن بقية احكام ومسائل شركات في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى. فالى ذلك الحين استودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته