بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه به واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة من هذا البرنامج والذي وصلنا فيه عند بحثنا لمسائل فقه المعاملات وصلنا الى باب الغصب ونتحدث في هذه الحلقة عن جملة من المسائل التي تذكر في هذا الباب فنقول الغصب معناه في اللغة اخذ الشيء ظلما واما معناه في اصطلاح الفقهاء فهو الاستيلاء على حق غيره قهرا بغير حق وهو محرم باجماع المسلمين قال الله عز وجل ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ولا شك ان الغصب من اعظم ما يكون به اكل المال بالباطل وفي الصحيحين عن ابي بكرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان دمائكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام في صحيح مسلم عن ابي امامة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد اوجب الله له النار وحرم عليه الجنة فقال رجل وان كان شيئا يسيرا يا رسول الله قال وان كان قضيبا من اراك ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ان آآ لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيبة نفسه بلفظ الا بطيب نفسه وليس اغتصاب الاموال مقصورا على الاستيلاء عليها بالقوة قسم بل يشمل كذلك الاستيلاء عليها بطريق الخصومة الباطلة والايمان الفاجرة وحكم القاضي لا يبيح للانسان ان يأخذ ما ليس له لان القاضي بشر ويحكم بالبينات وبما يظهر له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انما انا بشر وانكم تختصمون الي ولعل بعضكم ان يكون الحن بحجته من بعض فاقضي له بنحو ما اسمع فمن قضيت له بحق اخيه فانما اقطع له قطعة من نار يأتي بها في عنقه يوم القيامة ايها الاخوة المستمعون يلزم الغاصب ان يرد المغصوب الى صاحبه اذ لا تصح توبته الا بذلك وينبغي له حينئذ ان يطلب منه العفو وان يتحلل منه قد جاء في صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرضه او من شيء فليتحلله منه اليوم قبل الا يكون دينار ولا درهم ان كان له عمل صالح اخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات اخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه وعند رد الغاصب للمغصوب فيلزمه ان يرده بزيادته سواء كانت متصلة او منفصلة لانها نماء المغصوب فهي لمالكه كالاصل بل يلزمه دفع اجرة مثلها لانه منع صاحبها من الانتفاع بها في هذه المدة بغير حق ايها الاخوة المستمعون ومن اعتدي عليه لاخذ ماله فيجوز له الدفاع عن ماله ولو بقتل المعتدي ولكن يدفعه اولا باسهل ما يمكنه دفعه به باسهل ما يمكن دفعه به فان لم يندفع الا بالقتل فله قتله ودم هذا المعتدي هدر انه لا ضمان على القاتل في هذه الحال ولكن لابد من اقامة البينة على ان هذا المقتول قد اعتدي عليه لاخذ ماله وانه لم يندفع الا بالقتل فان عجز عن اقامة البينة فالاصل انه يقتص به منه. اذا توفرت شروط القصاص لانه لو قبل قوله بدون بينة لادعى كل قاتل بان المقتول اراد التعدي عليه. او التعدي على ما له قد جاء في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ارأيت ان جاء رجل يريد اخذ مالي قال النبي صلى الله عليه وسلم فلا تعطه مالك قال ارأيت ان قاتلني؟ قال قاتله قال ارأيت ان قتلني؟ قال فانت شهيد قال ارأيت ان قتلته؟ قال هو في النار وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ما له فهو شهيد ايها الاخوة المستمعون وما قلناه في الاعتداء لاخذ المال يقال ايضا في الاعتداء على النفس وعلى العرض فيدافع الانسان عن نفسه وعن عرضه يدافع باسهل ما يمكن دفع المعتدي به فان لم يندفع الا بالقتل جاز له قتله. ولكن لا بد من اقامة البينة على ذلك. والا فانه يقاد منه به اذا فرض شروط القصاص ولكن هل يلزم الانسان الدفاع عن نفسه وماله وعرضه نقول اما ما له فلا يلزمه الدفاع عنه اما ماله فلا يلزمه الدفاع عنه لانه يجوز له بذله لغيره وهبته له فلم يجب عليه الدفاع عنه واما الدفاع عن نفسه وعن عرضه وعن عرض محارمه فيلزمه ذلك ولكن يدفع المعتدي باسهل ما يكون ان لم يندفع الا بالقتل فينبغي له ان يحرص على اقامة البينة على ذلك حتى لا يقاد به واستثنى بعض الفقهاء من ذلك حال الفتنة فقالوا ان الدفاع عن النفس حال الفتنة جائز لا واجب لحديث ابي موسى الاشعري، رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم. يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا. ويمسي مؤمنا يصبح كافرا القاعد فيها خير من القائم والماشي فيها خير من الساعي فان ادركتك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل في رواية فكن كخير ابني ادم اخرجه ابو داوود وابن حبان والحاكم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله هذا الذي تسميه الفقهاء الصائل وهو الظالم بلا تأويل ولا ولاية فان كان مطلوبه المال جاز دفعه بما يمكن ان لم يندفع الا بالقتال قوتل وان ترك القتال واعطاهم شيئا من المال جاز واما اذا كان مطلوبه اي الصائل اذا كان مطلوبه الحرمة مثل ان يطلب الزنا بمحارم الانسان او يطلب من المرأة او من الصبي الفجور به فانه يجب عليه ان يدفع عن نفسه بما يمكن ولو بالقتال ولا يجوز التمكين منه بحال بخلاف المال فانه يجوز التمكين منه لان بذل المال جائز وبذل الفجور بالنفس او الحرمة غير جائز انتهى كلامه رحمه الله ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونلتقي بكم في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته