بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن احكام الاتلافات ونتحدث معكم في هذه الحلقة عن احكام اتلافات البهائم ما الذي يضمن منها وما الذي لا يضمن وماذا عن حوادث الطرق التي تقع بسبب اعتراض البهائم السائبة فنقول جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال العجماء جرحها جبار وفي رواية عند البخاري العجماء عقلها جبار والعجماء هي البهيمة قوله عقلها ايديتها قوله جبار اي هدر لا شيء فيه قال الترمذي فسر بعض اهل العلم هذا الحديث فقالوا العجماء الدابة المنفلتة من صاحبها وما اصابت من انفلاتها فلا غرم على صاحبها قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كل بهيمة عجماء البقري والشاة وغيرها. فجناية البهائم غير مضمونة اذا فعلت بنفسها كما لو انفلتت ممن هي بيده وافسدت فلا ضمان على احد ما لم تكن عقورا ولا فرط صاحبها في حفظها في الليل او في اسواق المسلمين ومجامعهم وكذا قال غير واحد انه انما يكون جبارا اذا كانت منفلتة ذاهبة على وجهها ليس لها قائد ولا سائق الا الضارية انتهى كلامه رحمه الله فتبين بهذا ان الاصل في جناية البهيمة انه هدر وقد استثنى جمهور الفقهاء من ذلك ما اذا كانت البهيمة في يد انسان كالراكب والسائق ونحو ذلك فانه يضمن ما اتلفته البهيمة في الجملة لانه يمكن حفظها من الجناية حديث العجماء جرحها جبار محمول على من لا يد له عليها وقد دلت السنة على ان ما افسدته المواشي بالنهار فانه غير مضمون وما افسدته بالليل فانه مظمون على اهل تلك المواشي ففي حديث حرام بن سعد بن محيصة ان ناقة للبراء ابن عازب دخلت حائط قوم اي بستانا فافسدت فيه فقضى النبي صلى الله عليه وسلم ان على اهل الحوائط اي اهل البساتين عليهم حفظها بالنهار وان ما افسدت المواشي بالليل ضامن على اهلها هذا الحديث اخرجه الامام مالك في الموطأ كذا اخرجه ابو داوود واحمد قال الحافظ بن عبدالبر هذا الحديث وان كان مرسلا فهو مشهور وحدث به الائمة الثقات انتهى كلامه رحمه الله على ان هذا الحديث قد اخرجه ابو داوود وغيره من طريق الاوزاعي عن الزهري عن حرام ابن محيصة عن البراء بن عازب به قال الامام البغوي رحمه الله ذهب اهل العلم الى ان ما افسدت الماشية المرسلة بالنهار من مال الغير فلا ضمان على ربها ما افسدته بالليل ظمنه مالكها لان في العرف ان اصحاب الحوائط والبساتين يحفظونها بالنهار واصحاب المواشي يحفظونها بالليل فمن خالف هذه العادة كان خارجا عن العرف هذا اذا لم يكن مالك الدابة معها فان كان معها فعليه ضمان ما افسدته انتهى كلامه رحمه الله ايها الاخوة المستمعون وقد ذكر الله تعالى قصة داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام وحكمهما في ذلك قال جل وعلا وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا اتينا حكما وعلما والنفس معناه الرعي ليلا قال ابن مسعود رضي الله عنه هو كرم اي عنب قد انبت عناقيده فافسدته فقضى داود بالغنم قضى داود بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان غير هذا يا نبي الله قال وما ذاك قال تدفع الكرم الى صاحب الغنم يقوم عليه حتى يعود كما كان وتدفع الغنم الى صاحب الكرم يصيب منها حتى اذا كان الكرم كما كان دفعت الكرم الى صاحبه ودفعت الغنم الى صاحبها ذلك قول الله عز وجل وفهمناها سليمان قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله صح بنص القرآن الثناء على سليمان بتفهيم الضمان بالمثل فان النفش رعي الغنم ليلا كان ببستان عنب فحكم داوود بقيمة المتلف فاعتبر الغنم فوجدها بقدر القيمة فدفعها الى اصحاب الحرث وقضى سليمان بالضمان قضى بالضمان على اصحاب الغنم وان يضمنوا ذلك بالمثل بان يعمروا البستان حتى يعود كما كان ولم يضيع عليهم مغله من حين الاتلاف الى حين العود بل اعطى اصحاب البستان ماشية اولئك ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان ويستوفوا من نماء غنمهم نظير ما فاتهم من نماء حرثهم واعتبر الظمانين فوجدهما سواء وهذا هو العلم الذي خصه الله تعالى به واثنى عليه بادراكه انتهى كلامه رحمه الله ايها الاخوة المستمعون وماذا عن المواشي السائبة التي تعترض الطرق العامة ربما تتسبب في حوادث للمارين بالسيارات خاصة الجمال السائبة قولوا قد درس مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية درس هذا الموضوع في دورته الثانية والعشرين واصدر فيها قرارا بعدم ضمان البهائم التي تعترض الطرق المعبدة بالاسفلت اذا تلفت نتيجة اعتراضها الطرق المذكورة وهي هدر وصاحبها اثم بتركها واهمالها بما يترتب على ذلك من اخطار جسيمة تتمثل في اتلاف الانفس والاموال في تكرار الحوادث المفجعة ولما يترتب على حفظها وابعادها عن الطرق العامة من اسباب السلامة وامن الطرق والاخذ بالحيطة في حفظ الاموال والانفس تحقيقا للمقتضى الشرعي وتحريا للمصالح العامة وامتثالا لامر ولي الامر في ذلك فاذا قرار الهيئة في هذا هو ان تلك البهائم التي تعترض هذه الطرق المعبدة انها هدر على صاحبها وانها غير مضمونة بحال سواء كان اعتراضها بالليل او بالنهار ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته