بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد لاله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتحدث معكم في هذه الحلقة عن احكام الشفعة بينوا معناها والمقصود ونبين المقصود منها ثم نذكر جملة من احكامها فنقول الشفعة في اللغة مأخوذة من الشفع وهو الزوج لان الشفيع بالشفعة يضم المبيع الى ملكه الذي كان منفردا وقيل انها مشتقة من الزيادة لان الشفيع يزيد ملكه باخذه العين المشفوعة فيها وقيل انها مأخوذة من الشفاعة لان الرجل في الجاهلية كان اذا اراد ان يبيع داره اتاه جاره وشريكه يشفع اليه فيما باع فيجعله اولى بالمبيع من غيره تكون اذا مأخوذة اما من الشفع واما من الشفاعة واما من الزيادة واما معناها في اصطلاح الفقهاء فهي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت اليه بعوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد ونوضح هذا المعنى بالمثال فنقول رجلان من الناس اسم احدهما محمد والاخر اسمه زيد اشترى اشتريا ارضا بمائة الف ريال لكل واحد منهما نصفها ثمان زيدا باع نصيبه على شخص ثالث اسمه خالد بخمسين الف ريال وبناء على هذا فان خالدا سيصبح شريكا لمحمد ومحمد قد لا يرضى بهذه الشراكة الجديدة قد يلحقه ضرر فاجاز له الاسلام دفعا لهذا الضرر ان ينتزع حصة شريكه وهو في هذا المثال زيد ممن انتقلت اليه وهو في هذا المثال خالد بالثمن نفسه الذي باع به شريكه بالثمن الذي باع به شريكه وهو في مثالنا هذا خمسون الف ريال ففي هذا المثال يذهب محمد لزيد ويعطيه خمسين الف ريال بذلك تكون الارض كلها لمحمد ويبطل حق الطرف الثالث في الشراء وهو خالد في هذا المثال وبهذا يظهر ان المقصود من الشفعة هو ازالة الضرر عن الشريك قال الامام ابن القيم رحمه الله من محاسن الشريعة وعدلها وقيامها بمصالح العباد. اتيانها بالشفعة فان حكمة الشارع اقتضت رفع الضرر عن المكلفين مهما امكن ولما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب رفع هذا الضرر بالقسمة تارة وبالشفعة تارة فاذا اراد بيع نصيبه واخذ عوظه كان شريكه احق به من الاجنبي ويزول عنه ضرر الشركة ولا يتضرر البائع لانه يصل الى حقه من الثمن وكانت بهذا من اعظم العدل واحسن الاحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد انتهى كلامه رحمه الله ايها الاخوة المستمعون الشفعة قد كانت معروفة عند العرب في الجاهلية فاقرها الاسلام وجعل لها قواعد وضوابط يتحقق بها دفع الضرر عن الشريك او الشركاء من غير اضرار بالبائع ففي الصحيحين عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة في رواية لمسلم قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم ربعة او حائط لا يحل له ان يبيع حتى يؤذن شريكه فان شاء اخذ وان شاء ترك فاذا باع ولم يؤذنه فهو احق به بلفظ اخر عند مسلم من كان له شريك في ربعة او نخل فليس له ان يبيع حتى يؤذن شريكه فان رضي اخذ وان كره ترك قال ابن المنذر رحمه الله اجمع اهل العلم على اثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من ارض او دار او حائط والشفعة حق شرعي يجب احترامه ويحرم التحيل لاسقاطه لان الشفعة شرعت لدفع الضرر عن الشريك فاذا تحيل لاسقاطها لحقه الظرر كان ذلك تعديا على حقه المشروع قد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بادنى الحيل ومن صور الحيل لاسقاط الشفعة ان يظهر انه وهب نصيبه لاخر كي لا يشفع عليه شريكه وهو في حقيقة الامر لم يهبه انما باعه عليه ومن ذلك ايضا ان يرفع الثمن في الظاهر فيتفق هذا البائع مع المشتري الذي هو الطرف الثالث على رفع الثمن رفعا فاحشا حتى لا يتمكن الشريك من دفع ذلك الثمن فلا يشفع عليه وهما في حقيقة الامر قد تواطأ واتفقا على ثمن اقل من ذلك اتفقا على ثمن هو في الحقيقة اقل من ذلك الثمن الذي رفعاه في الظاهر وهذه الحيل وامثالها محرمة شرعا وقد نص الفقهاء على ان تلك الحيل لا تسقط بها الشفعة قال الموفق ابن قدامة رحمه الله لا يحل الاحتيال على اسقاط الشفعة فان فعل لم يسقط اي لم يسقط حقه في الشفعة نص عليه احمد لان الشفعة وضعت لدفع الضرر. فلو سقطت بالتحيل للحق الضرر فلم تسقط وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ما وجد من التصرفات لاجل الاحتيال على اسقاط الشفعة فهو باطل ولا تتغير حقائق العقود بتغير العبارة ويشترط بعض الفقهاء لصحة الشفعة ان يطالب الشفيع بها ساعة علمه ان يطالب الشفيع بها ساعة علمه بالبيع فان علم بالبيع ولم يطالب بها سقطت وهذا القول هو مذهب الحنفية قول الشافعي في الجديد هو الصحيح من مذهب الحنابلة واستدلوا لهذا بحديث الشفعة كحل العقال وهذا الحديث اخرجه ابن ماجة في سننه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله اسناده ضعيف جدا وقال ابن حبان لا اصل له وقال البيهقي ليس بثابت وذهب المالكية وهو قول الشافعي في القديم ورواية عند الحنابلة الى ان الشفعة على التراخي الى ان الشفعة تكون على التراخي فلا تسقط ما لم يوجد ما يدل على الرضا من عفو ونحو ذلك قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله الصحيح ان حق الشفعة كغيره من الحقوق لا يسقط الا بما يدل على الرضا باسقاطه لان الشارع اثبته لدفع الظرر عن الشريك في العقار فلا يسقط ما اثبته الشارع الا بما يدل على اسقاطه من قول او فعل دال على الرضا بالاسقاط واي فرق بينه وبين سائر الحقوق واما الاحاديث التي استدل بها اصحابنا رحمهم الله يريد بذلك الحنابلة كالحديث الذي فيه الشفعة كحل العقال والحديث الاخر الشفعة لمن واثبها فلا يثبت بها حكم شرعي لانها لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي الاحتجاج بها خصوصا لهدم حكم اثبته الشارع وقد لا يبادر من له حق الشفعة لينظر في امره وليتروى فمعاجلته في هذه الحال مخالف لما اثبته شارع من الرفق انتهى كلامه رحمه الله بهذا يتبين ايها الاخوة ان القول الاظهر والله اعلم في هذه المسألة هو ان الشفعة على التراخي لا تسقط ما لم يوجد ما يدل على الرضا بالاسقاط وذلك لان ما استدل به العلماء القائلون بانها على الفور آآ ضعيف من جهة الاسناد لا يصح ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. واذا كان ذلك كذلك فانها تكون سائر الحقوق لا تسقط الا بوجود ما يدل على الرضا من صاحب الحق باسقاطها ونستكمل الحديث في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى عن بقية الاحكام المتعلقة بهذا الباب الى ذلك الحين استودعكم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته