بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يتجدد بكم اللقاء في هذه الحلقة وقد سبق ان تكلمنا في الحلقة السابقة عن الشرط الاول من شروط ثبوت الشفعة وهو المطالبة بها على الفور ساعة العلم بالبيع قد اشرنا الى خلاف الفقهاء في هذه المسألة وان القول الاظهر عند كثير من المحققين من اهل العلم هو عدم اشتراط هذا الشرط وان الشفعة حق من الحقوق لا يسقط الا بما يدل على الرضا باسقاطه وان ما استدل به على ثبوت الشفعة على الفور ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وننتقل بعد ذلك للحديث عن الشرط الثاني فنقول الشرط الثاني من شروط ثبوت الشفعة ان يكون انتقال نصيب الشريك بعوض ما لي كالبيع وما كان في معنى البيع اما ان انتقل نصيب الشريك بغير عوض كالارث والهبة والوصية ونحو ذلك فلا شفعة ونوضح هذا بالمثال رجلان مشتركان في ارض لكل منهما نصفها ثم ان احدهما توفي فلا شفعة لشريكه في نصيبه بل ان ورثة هذا المتوفى يحلون محله وهكذا لو ان احدهما قد وهب نصيبه او اوصى به فلا تثبت الشفعة لشريكه فلا تثبت الشفعة لشريكه الا ان يكون ذلك على سبيل الحيلة كأن يظهر بانه قد وهب نصيبه لفلان من الناس وهو في حقيقة الامر قد باعه اياه وانما يظهر انه قد وهب لان لا يشفع عليه شريكه هذه حيلة محرمة ولا تسقط بها الشفعة قد تكلمنا بالتفصيل عن الحيل المحرمة في باب الشفعة في الحلقة السابقة الشرط الثالث ان تكون الشفعة في ارض يمكن قسمتها وما يتبعها من غراس وبناء وبناء على هذا الشرط لا تثبت الشفعة في المنقولات او فيما لا ينقسم الحيوان والسيارة ونحو ذلك هذا هو قول جمهور الفقهاء والقول الثاني في المسألة وثبوت الشفعة في المنقول وفيما لا ينقسم لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم الشفعة فيما لم يقسم ولان الشفعة انما ثبتت لدفع الضرر والضرر فيما لا ينقسم ابلغ منه فيما ينقسم قال الامام ابن القيم رحمه الله واحتج لهذا القول حديث جابر الصحيح قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم وهذا يتناول المنقول والعقار انتهى كلامه رحمه الله واقول لعل هذا القول الاخير اعني ثبوت الشفعة في المنقولات وفيما لا ينقسم لعله الراجح في هذه المسألة الله تعالى اعلم ايها الاخوة وتفريعا على هذا القول نقول اشترك رجلان في محل لبيع بضائع او اقمشة او اجهزة ونحو ذلك وباع احد الشريكين نصيبه فان لشريكه الاخر ان يشفع وان يشتري من شريكه نصيبه في الثمن الذي قد باعه به بذلك فانه يستأثر بالمحل جميعه ولكن ماذا عن شفعة الجوار وهل للجاري ان يشفع في حق جاره ام لا نقول اما اذا لم يكن بين الجارين اشتراك في اي حق من الحقوق بان يكون بيته بجوار بيته وليس بينهما اي اشتراك او تكون مزرعته بجوار مزرعته وليس بينهما اي اشتراك فان الشفعة لا تثبت للجار في هذه الحال وذلك لانتفاء المعنى الذي لاجله شرعت الشفعة وهو الضرر الحاصل للشريك او الجار واما اذا كان بينهما اشتراك في حق من الحقوق كجدار او طريق او بئر ونحو ذلك فقد اختلف الفقهاء في ثبوت الشفعة للجاري في هذه الحال والقول الذي عليه اكثر المحققين من اهل العلم هو القول بثبوت الشفعة في هذه الحال وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية تلميذه ابن القيم رحمة الله تعالى على الجميع ويدل لهذا القول ما جاء في صحيح البخاري عن ابي رافع رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الجار احق بسقبه زاد الترمذي ينتظر بها اذا كان غائبا اذا كان طريقهما واحدا وقوله في هذا الحديث بسقبه بالسين ويقال بصقبه بالصاد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله السقب بالسين المهملة وبالصاد ايضا ويجوز فتح القاف واسكانها القرب والملاصقة ويدل لهذا القول ايضا حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال دار الدار احق بالدار اخرجه ابو داوود والترمذي واحمد قال الترمذي حديث حسن صحيح قال الامام ابن القيم رحمه الله الصواب القول الوسط الجامع بين الادلة وقول البصريين وغيرهم من فقهاء الحديث انه ان كان بين الجارين حق مشترك من حقوق الاملاك من طريق او ماء او نحو ذلك ثبتت الشفعة وان لم يكن بينهما حق مشترك البتة كان كل واحد منهما متميزا ملكه وحقوق ملكه فلا شفعة وهذا الذي نص عليه احمد في رواية ابي طالب قال وهذا القول هو اعدل الاقوال وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية حديث ابي رافع صريح فيه فانه قال الجار احق بسقبه ينتظر بها وان كان غائبا اذا كان طريقهما واحدا فاثبت الشفعة بالجوار مع اتحاد الطريق ونفاها به مع اختلاف الطريق بقوله فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة قال رحمه الله والقياس الصحيح يقتضي هذا القول فان الاشتراك في حقوق الملك شقيق الاشتراك في الملك والضرر الحاصل بالشركة فيها كالضرر الحاصل بالشركة في الملك او اقرب اليه قال ورفعه اي الضرر مصلحة للشريك من غير مضرة على البائع ولا على المشتري هذا المذهب اوسط المذاهب واجمعها للادلة واقربها للعدل ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة ونستكمل الحديث عن بقية احكام الشفعة في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى استودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته