بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج وكنا قد تحدثنا في الحلقة السابقة والتي قبلها عن معنى الشفعة وحقيقتها في الشرع ثم تكلمنا عن شروط ثبوتها ونستكمل في هذه الحلقة الحديثة عما تبقى من تلك الشروط ثم نتكلم عن جملة من المسائل المتعلقة بها قبل ذلك نذكر بما سبق الحديث عنه من شروط الشفعة فنقول الشرط الاول ان يكون انتقال الشريك بعوض مالي كالبيع وما كان في معناه واما ان كان عن طريق الارث او الهبة ونحو ذلك فلا تثبت الشفعة حينئذ والشرط الثاني ان تكون الشفعة في ارض يمكن قسمتها وما يتبعها من غراس وبناء واشرنا عند الكلام عن هذا الشرط الى خلاف الفقهاء في ثبوت الشفعة في المنقولات وفيما لا يقسم وذكرنا ان القول الراجح هو ثبوت الشفعة فيها ثم اشرنا الى خلاف الفقهاء في شفعة الجوار وذكرنا ان القول الراجح الذي عليه المحققون من اهل العلم هو ثبوت الشفعة للجار اذا كان بينه وبين جاره اشتراك في حق من الحقوق كجدار او طريق او بئر ونحو ذلك وننتقل بعد ذلك للحديث عن بقية الشروط ونقول الشرط الثالث من شروط ثبوت الشفعة مطالبة الشفيع بالشفعة ساعة علمه بالبيع فان لم يطالب بعد علمه بالبيع سقط حقه في الشفعة وهذا ايضا قد سبق ان اشرنا اليه واشرنا الى خلاف الفقهاء فيه. وذكرنا ان القول الراجح هو عدم اشتراط هذا الشرط وان الشفعة حق من الحقوق لا يسقط الا بما يدل على الرضا باسقاطه وان من قال من العلماء بان الشفعة على الفور قد استند الى احاديث ضعيفة لا تثبت الشرط الرابع ان يأخذ الشفيع جميع المبيع وذلك لان في اخذه لبعض المبيع في ذلك اضرار بالمشتري بتبعيض الصفقة عليه والضرر لا يزال بالضرر ونوضح هذا الشرط بالمثال رجلان مشتركان في ارض لكل منهما نصفها ثم ان احدهما باع نصيبه منها بمئة الف ريال فاراد شريكه ان يشفع في نصف نصيب شريكه فقط بخمسين الف ريال فنقول ليس لك ذلك اما ان تأخذ نصيب شريكك كاملا بمائة الف ريال واما ان يسقط حقك في الشفعة فان قال اريد ان اخذ نصيب شريكي بمئة الف ريال مؤجلة الى سنة وليست حالة فنقول ليس لك ذلك ايضا لان في التأجيل في هذه الحال اضرارا بالمشتري بل قال الفقهاء حتى وان احضر رهنا او كفيلا لم يلزم المشتري قبوله قال الموفق ابن قدامة رحمه الله لا يأخذ بالشفعة من لا يقدر على على الثمن لان في اخذه بدون دفع الثمن اضرارا بالمشتري ولا يزال الضرر ولا يزال الضرر بالضرر فان احضر رهنا او ضمينا لم يلزم المشتري قبوله لان عليه ضررا في تأخير الثمن. فلم يلزم المشتري ذلك انتهى كلامه رحمه الله ولكن ماذا لو ان هذا الشريك قد باع نصيبه بثمن مؤجل واراد شريكه ان يشفع فكيف تكون الشفعة في هذه الحال قال الفقهاء ان الشفيع في هذه الحال يأخذ المبيع بالثمن المؤجل نفسه. وبالاجل نفسه ولكن بشرط ان يكون الشفيع مليئا اما ان كان الشفيع غير مليء فلا بد من ان يقيمك فيلا مليئا دفعا للضرر عن المشتري الشرط الخامس ان يكون للشفيع ملك سابق لان الشفعة انما ثبتت للشريك لدفع الضرر عنه واذا لم يكن له ملك سابق فلا ضرر عليه فلا تثبت له الشفعة حينئذ بناء على هذا الشرط اذا اشترى اثنان دارا صفقة واحدة ولا شفعة لاحدهما على صاحبه ايها الاخوة المستمعون وبعد ان تكلمنا عن شروط ثبوت الشفعة تكلموا فيما تبقى من وقت هذه الحلقة عن جملة من المسائل المتعلقة بالشفعة ونقول مما ذكره الفقهاء من المسائل في هذا الباب ان الغائب لا يسقط حقه في الشفعة حتى وان طالت غيبته ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم الجار احق بشفعته ينتظر بها وان كان غائبا اذا كان طريقهما واحدا رجه ابو داوود والترمذي والدارمي واحمد قال الترمذي رحمه الله والعمل على هذا الحديث عند اهل العلم ان الرجل احق بشفعته وان كان غائبا فاذا قدم فله الشفعة وان تطاول ذلك انتهى كلامه رحمه الله فان قال قائل ان المشتري ربما يتضرر من شفعة الغائب خاصة مع طول الغيبة فنقول ان بامكان المشتري ان يراسل هذا الغائب وان يسأله عن مدى تمسكه بحقه في الشفعة او اسقاطه له خاصة في زماننا هذا الذي تيسرت فيه وسائل الاتصالات بامكانه ان يرفع عليه سماعة الهاتف مثلا حتى وان كان في اقصى الشرق او الغرب وان يسأله عن ذلك بذلك يزول الضرر عن هذا المشتري ومما ذكره الفقهاء من المسائل في هذا الباب ان الشفعة تثبت للصبي والمجنون تولاها وليه اذا رأى له في ذلك المصلحة والغبطة قال الفقهاء اذا ترك الولي شفعة للصبي فيها حظ له لم تسقط وله الاخذ بها اذا كبر اما اذا تركها لعدم الحظ فيها سقطت ومما ذكره الفقهاء من المسائل في هذا الباب ايضا مسألة ارث ارث حق الشفعة فاذا مات الشفيع قبل الاخذ بالشفعة فهل يسقط حقه فيها ام انه يبقى وينتقل للورثة اختلف العلماء في ذلك المشهور من مذهب الامام احمد ابن حنبل انه اذا مات الشفيع بطلت الشفعة الا ان يموت بعد طلبها فتكون لوارثه قال الامام احمد الموت يبطل به ثلاثة اشياء الشفعة والحد اذا مات المقذوف والخيار اذا مات الذي اشترط الخيار وذهب بعض الفقهاء الى ان حق الشفعة لا يبطل بالموت بل يورث عن الميت كسائر حقوقه هذا هو قول مالك والشافعي وهذا القول هو الاظهر والله تعالى اعلم قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله الصحيح ان خيار الشرط وثبوت الشفعة لا يبطل بالموت سواء طالب به من ثبت له ذلك ام لا وورثته ينوبون عنه في هذا لانه من حقوقه المالية والتركة هي مخلفات الميت من الاعيان والحقوق وهذا من الحقوق التي ثبوتها لمن بعده كثبوتها له فاي شيء يخرجها عن هذا الاصل قال وهذا واضح ولله الحمد ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة. واسأل الله عز وجل ان يرزقنا الفقه في الدين وان يوفقنا والعمل بشريعته. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته