بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد ابتدأنا الحديث في الحلقة السابقة عن احكام اللقطة وذكرنا ان المال اذا ضل عن صاحبه فلا يخلو الامر من ثلاث حالات قالوا الاولى ان يكون من الاشياء اليسيرة التي لا تتبعها همة اوساط الناس فهذا يجوز اخذه من غير تعريف والحالة الثانية ان يكون مما يمتنع من السباع بنفسه كالابل ونحوها فهذا النوع يحرم التقاطه قالوا الثالثة ان يكون من سائر الاموال كالاغنام والامتعة والنقود ونحوها هذا يجوز التقاطه لمن يقصد تعريفه ثم تملكه بعد ذلك ان لم يجيء صاحبه وطرحنا في نهاية الحلقة السابقة تساؤلين الاول هل الافضل التقاط هذا النوع من الاموال؟ او ان الافضل ترك التقاطه والثاني اذا كان الملتقط حيوانا يحتاج الى نفقة كشاة مثلا فان الانفاق عليه باعلافه وسقيه خلال سنة التعريف ربما يفوق قيمة الحيوان نفسه ونبدأ اولا بالاجابة عن التساؤل الاول وهو هل الافضل التقاط هذا النوع من الاموال؟ او ان الافضل ترك التقاطه مثلا رجل وجد كيسا به نقود. هل الافضل في حقه التقاطه؟ او ترك التقاطه نقول اولا اذا لم يأمن على نفسه اذا لم يأمن الملتقط نفسه عليها اي على اللقطة فليس له اخذها اما ان امن نفسه عليها فقد اختلف العلماء في حكم التقاطها مع اتفاقهم على جوازه فمنهم من ذهب الى ان الافضل ترك الالتقاط وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما وهو منصوص عليه من مذهب الحنابلة وهو من مفردات المذهب كما قال صاحب الانصاف ووجه هذا القول ان الاخذ للقطة يعرض نفسه لأكل الحرام ويعرض نفسه لتضييع واجب التعريف واداء الامانة فيها فكان تركها اسلم فكان تركها اسلم وابرأ للذمة وذهب بعض العلماء الى ان الافضل اخذ اللقطة وتعريفها ومذهب الحنفية والشافعية واستدلوا بقول الله عز وجل والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض بقول الله سبحانه انما المؤمنون اخوة ومن مقتضى الولاية والاخوة ان يحفظ المؤمن مال اخيه المؤمن عندما يجده ضالا فيأخذه ويعرفه وذهب بعض اهل العلم الى التفصيل في المسألة فقالوا ان كان هذا الشيء يخشى ضياعه لو لم يلتقط فان الافضل الالتقاط بان يجد شاة في البرية ويخشى عليها ان لم يلتقطها ان تأكلها السباع فان الافضل الالتقاط في هذه الحال بان فيه حفظا لما لاخيه المسلم اما ان كان لا يخشى عليه الضياع لو لم يلتقط فان الافضل ترك الالتقاط لان في الترك حينئذ ابراء للذمة ولعل هذا القول الاخير لعله هو الاقرب في هذه المسألة. والله تعالى اعلم قال المرداوي في الانصاف وعند ابي الخطاب ان وجدها بمضيعة فالافضل اخذها قال الحارثي وهذا اظهر الاقوال قلت والقائل هو صاحب الانصاف وهو الصواب واما التساؤل الثاني وهو ان الملتقط وهو ان الملتقط اذا وجد حيوانا شاة ونحوها مما يحتاج الى نفقة فان الانفاق على هذا الحيوان باعلافه وسقيه ربما يفوق قيمته فهذا صحيح ولذلك لو ان قيمة الشاة لو لو افترضنا انها خمس مئة ريال مثلا وجعل ملتقطها يشتري لها كل يوم علفا بريالين فانه سينفق عليها خلال العام اكثر من قيمتها ومن هنا فقد ذهب كثير من المحققين من اهل العلم الى ان الملتقط في هذه الحال يخير بين ثلاثة امور الامر الاول اكلها في الحال وعليه قيمتها تاني تركها والانفاق عليها من ماله وتعريفها سنة ان جاء صاحبها والا كانت له الثالث بيعها وحفظ ثمنها لصاحبها قال الموفق ابن قدامة رحمه الله وجملة ذلك ان ملتقط الشاة وما كان مثلها مما يباح اكله يتخير ملتقطها بين ثلاثة اشياء احدها اكلها في الحال به قال مالك وابو حنيفة والشافعي وغيرهم قال ابن عبد البر اجمعوا على ان ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له اكلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم هي لك او لاخيك او للذئب جعلها له في الحال وسوى بينه وبين الذئب والذئب لا يؤخر اكلها ولان في اكلها اغناء عن الانفاق عليها وحراسة وحراسة لماليتها على صاحبها اذا جاء فانه يأخذ قيمتها بكمالها لابقائها تضييع للمال بالانفاق عليها والغرامة في علفها كان اكلها اولى واذا اراد اكلها حفظ صفتها فمتى جاء صاحبها غرمها له في قول عامة اهل العلم الثاني تركها والانفاق عليها من ماله ولا يتملكها فان تركها ولم ينفق عليها ظمينها لانه فرط فيها وان انفق عليها متبرعا لم يرجع على صاحبها فان انفق بنية الرجوع على صاحبها واشهد على ذلك رجع عليه بما انفق في احدى الروايتين عن احمد الثالث بيعها وحفظ ثمنها لصاحبها قال رحمه الله ويجب تعريفها في هذه المواضع لانها لقطة لها خطر وانما ترك النبي صلى الله عليه وسلم ذكر تعريفها في قوله خذها فانما هي لك او لاخيك او للذئب لانه ذكرها بعد بيان التعريف فيما سواها فاستغنى بذلك عن ذكره فيها ولا يلزم من جواز التصرف فيها في الحول سقوط تعريفها كالمطعوم واذا اراد بيعها او اكلها لزمه حفظ صفاتها انتهى كلام الموفق رحمه الله وقد اثنى ابن القيم رحمة الله تعالى عليه اثنى على اختيار الموفق بن قدامة لهذا القول وهو التخيير بين هذه الامور الثلاثة فقال لقد احسن الموفق في اختياره التخيير كل الاحسان قال رحمه الله وهذا القول اي التخيير بين هذه الامور الثلاثة افقه واقرب الى مصلحة الملتقط والمالك اذ قد يكون تعريفها سنة مستلزما لتغريم مالكها اضعاف قيمتها. ان قلنا يرجع عليه بنفقتها وان قلنا لا يرجع استلزم تغريم الملتقط ذلك وان قيل يدعها ولا يلتقطها كانت للذئب وتلفت والشارع لا يأمر بضياع المال قال رحمه الله واين في الدليل الشرعي المنع من التصرف في الشاة الملتقطة في المفازة وفي السفر بالبيع والاكل ابو تعريفها والانفاق عليها سنة مع الرجوع بالانفاق او مع عدمه هذا ما لا تأتي به شريعة فظلا عن ان يقوم عليه دليل انتهى كلامه رحمه الله والحاصل ايها الاخوة ان من وجد شاة ونحوها مما يحتاج الى الانفاق عليه فانه يختار الاصلح من بيعها وحفظ ثمنها او اكلها في الحال مع ظمان قيمتها او حفظها لصاحبها مع الانفاق عليها والرجوع على صاحبها بما انفق مع تعريفها لمدة سنة في هذه الاحوال الثلاثة سنتكلم في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى عن كيفية هذا التعريف تودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته