بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن احكام اللقطة كانت اخر مسألة توقفنا عندها في الحلقة السابقة تعريف اللقطة ووعدنا بان نبدأ بها هذه الحلقة فنقول يجب التعريف على كل ملتقط سواء اراد تملكها او اراد حفظها لصاحبها الا في الشيء اليسير الذي لا تتبعه همة اوساط الناس قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن اللقطة عرفها سنة ثم اعرف عفاصها ووكائها فان جاء احد يخبرك بها والا فاستنفقها ولان امساكها من غير تعريف تضييع لها عن صاحبها فلم يجز ولانه لو لم يجب التعريف لما جاز الالتقاط ولان بقاءها في مكانها اذا اقرب الى وصولها الى صاحبها اما بان يطلبها في الموظع الذي ظاعت منه فيه فيجدها واما بان يأخذها من يعرفها فلما جاز الالتقاط لزم التعريف واما مدة التعريف فهي سنة كما جاءت بذلك الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم واما مكان التعريف فيكون في مجامع الناس كالاسواق وابواب المساجد ونحو ذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله قال العلماء محل ذلك المحافل ابواب المساجد والاسواق ونحو ذلك قولوا من ضاعت له نفقة او نحو ذلك من العبارات ولا يذكر شيئا من الصفات انتهى كلامه رحمه الله واقول في الوقت الحاضر يمكن ان يكون التعريف عن طريق الصحف ونحو ذلك من الوسائل الاعلامية لان المقصود من التعريف اخبار اكبر قدر ممكن من الناس بتلك اللقطة لعل صاحبها ان يكون منهم ويصل اليها ووسائل الاخبار والاعلام تؤدي هذا الغرض قال بعض الفقهاء يعرفها اول اسبوع كل يوم ثم يعرفها كل اسبوع لمدة شهر ثم يعرفها بالشهر مرة واحدة ولكن هذا القول ليس عليه دليل ظاهر صواب هو ان ذلك راجع الى العرف اما عده الناس في عرفهم وعادتهم تعريفا حصل التعريف به لان الشارع اطلق التعريف ولم يحده بشيء معين ويرجع في تحديده الى العرف قد صوب هذا القول المرداوي في الانصاف رحمه الله تعالى ويحصل التنبيه هنا الى ان التعريف لا يجوز ان يكون داخل المساجد في صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه ان رجلا نشد في المسجد فقال من دعا الى الجمل الاحمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا وجدت انما بنيت المساجد لما بنيت له وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا رأيتم من يبيع او يبتاع في المسجد فقولوا ما اربح الله تجارتك واذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا ردها الله عليك اخرجه الترمذي وفي هذين الحديثين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء وعن نشدان الضالة داخل المسجد وعلل ذلك بان المساجد انما بنيت لما بنيت له من اقام الصلوات وذكر اسم الله تعالى ولم تبنى المساجد لان يباع وان يشترى فيها وان وان تنشد فيها الضالة وفي معنى نشدان الضالة التعريف من الملتقط عنها هذا يعلم خطأ بعض الناس عندما يفقد شيئا ثم يأتي ويسأل الناس عنه داخل المسجد او عندما يعثر بعض الناس على شيء يأتي لامام المسجد ويطلب منه الاعلان عنه داخل المسجد ان هذا كله في معنى نشدان الضالة الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ان يكون داخل المسجد بل امر بالدعاء على من فعل ذلك بالا يرد الله عليه ضالته والمخرج في مثل هذا ان من فقد شيئا يقف عند باب المسجد من الخارج ويسأل الناس عنه ذلك عندما يعثر على شيء يكتب ورقة تعلق خارج المسجد يعلن فيها عن ذلك الشيء الذي قد عثر عليه واما كيفية التعريف قد قال الموفق رحمه الله في بيانه يذكر اي المعرف جنسها لا غير فيقول من ضاع منه ذهب او فضة او دراهم او دنانير او ثياب ونحو ذلك قول عمر رضي الله عنه لواجد الذهب قل الذهب بطريق الشام الذهب بطريق الشام ولا يصفها لانه لو وصفها لعلم صفتها من يسمعها فلا تبقى صفتها دليلا على ملكها مشاركة من يسمعه للمالك في ذلك ولانه لا يأمن من ان يدعيها من سمع صفتها ويذكر صفتها التي يجب دفعها بها فيأخذها فتفوت على مالكها ومتى جاء طالب اللقطة فوصفها لزم دفعها اليه بلا بينة حتى وان لم يغلب على ظنه صدقه قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد اعرفكائها وعفاصها ثم عرفها سنة فان لم تعرف فاستنفقها فان جاء طالبها يوما من الدهر فادها اليه اي اذا ذكر صفاتها لان ذلك هو المذكور في صدر الحديث ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم البينة ولو كانت شرطا للدفع لذكرها عليه الصلاة والسلام لان تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ولان اقامة البينة على اللقطة يكاد يكون متعذرا لانها انما تسقط حال الغفلة على ان من العلماء من اعتبر وصف مدعي اللقطة اعتبر الوصف وصفا مطابقا للواقع اعتبره بينة في حقيقة الامر لان البينة في الشارع لان البينة في لسان الشارع اسم لكل ما ابان الحق البينة حقيقتها في الشرع انها اسم لكل ما ابان الحق وحينئذ فيكون وصف اللقطة وصفا مطابقا للواقع هو في حقيقة الامر بينة قد اشار الموفق بن قدامة رحمه الله الى هذا المعنى فقال جعل النبي صلى الله عليه وسلم بينة مدعي اللقطة وصفها. فاذا وصفها فقد اقام بينته وبكل حال متى جاء طالب اللقطة ووصفها وصفا مطابقا للواقع وجب دفعها اليه سواء اعتبرنا ذلك الوصف بينة او لم نعتبره وقلنا انها تدفع اليه بموجب ذلك الوصف من غير بينة اما ان عرفها سنة ولم تعرف تملكها ملتقطها ولكن لا يجوز له التصرف فيها حتى يعرف وعائها ووكائها وقدرها وجنسها وصفتها والافضل ان تكون معرفة صفاتها من حين التقاطها ويجب عليه ذلك عندما يريد التصرف فيها بعد التعريف لان عينها تنعدم بالتصرف فلا يبقى له سبيل الى معرفة صفاتها اذا جاء طالبها قال العلماء ويستحب ان يكتب صفاتها ليكون اثبت له مخافة ان ينساها ان اقتصر على حفظها بقلبه قالوا ويستحب له ان يشهد عليها حين يجدها قال الامام احمد رحمه الله لا احب ان يمسها حتى يشهد عليها وفائدة الاشهاد صيانة نفسه من الطمع فيها وحفظها من ورثته ان مات ومن غرمائه ان افلس نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونلتقي بكم في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى على خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته