بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته والى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد تكلمنا في حلقات سابقة عن احكام اللقطة وما يجوز التقاطه وما لا يجوز وان ما يجوز التقاطه يجب تعريفه لمدة سنة فان جاء طالبه والا كان ملكا لواجده فاذا ان نوعا من انواع اللقطة لا يحل التقاطه الا لمن يعرفه ابد الدهر وهو لقطة الحرم قد جاء في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله واثنى عليه. ثم قال ان الله حبس عن مكة الفيل سلط عليها رسوله والمؤمنين وانها لم تحل لاحد كان قبلي وانما احلت لي ساعة من نهار وانها لن تحل لاحد من بعدي فلا ينفر صيدها ولا يختلى شوكها ولا تحل ساقطتها الا لمنشد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله قوله صلى الله عليه وسلم ولا تحل ساقطتها الا لمنشد اي معرف واما الطالب فيقال له الناشد قولوا نشدت الضالة اذا طلبتها وانشدتها اذا عرفتها واصل الانشاد والنشيد رفع الصوت والمعنى لا تحل لقطتها الا لمن يريد ان يعرفها فقط اما من اراد ان يعرفها ثم يتملكها بعد ذلك فلا انتهى كلامه رحمه الله وقال ابن القيم رحمه الله قوله صلى الله عليه وسلم ولا يلتقط ساقطتها الا من عرفها بلفظ ولا تحل ساقطتها الا لمنشد فيه دليل على ان لقطة الحرم لا تملك بحال وانها لا تلتقط الا للتعريف لا للتمليك والا لم يكن لتخصيص مكة بذلك فائدة اصلا قال وقد اختلف في ذلك فقال مالك وابو حنيفة لقطة الحل والحرم سواء هذا احدى الروايتين عن احمد واحد قولي الشافعي. ويروى عن ابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم فقال احمد في الرواية الاخرى والشافعي في القول الاخر لا يجوز التقاطها للتمليك وانما يجوز لحفظها لصاحبها فان التقطها عرفها ابدا حتى يأتي صاحبها وهذا قول عبد الرحمن بن مهدي وابي عبيد قال وهذا هو الصحيح والحديث صريح فيه والمنشد المعرف والناشد الطالب ومنه قول الشاعر اصاخة الناشد للمنشد وقد روى ابو داوود في سننه ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج قال ابن وهب يعني يتركها حتى يجدها صاحبها قال ابن القيم قال شيخنا يريد شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله تعالى على الجميع قال وهذا من خصائص مكة والفرق بينها وبين سائر الافاق في ذلك ان الناس يتفرقون عنها الى الاقطار المختلفة فلا يتمكن صاحب الضالة من طلبها والسؤال عنها بخلاف غيرها من الدواب انتهى كلامه رحمه الله والحاصل ايها الاخوة ان لقطة الحرم لا تحل الا لمن يعرفها ابد الدهر وفي الوقت الحاضر انشأت الدولة وفقها الله مكاتب مختصة بحفظ المفقودات التي يعثر عليها في الحرم حينئذ نقول بامكان من يجد لقطة في الحرم بامكانه ان يسلمها لتلك المكاتب خاصة ان خشي ضياعها لو لم يلتقطها ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما تيسر ذكره من احكام اللقطة ويذكر الفقهاء احكام اللقيط بعد احكام اللقطة وذلك للعلاقة الكبيرة بينهما لان اللقطة تختص بالاموال الضائعة واللقيط هو الانسان الضائع مما يظهر به شمول احكام الاسلام لكل متطلبات الحياة طبقه في كل مجال نافع مفيد فالاسلام اعتنى بامر لقيط قرر له حقوقا ويعرف الفقهاء اللقيط بانه طفل لا يعرف نسبه ولا رقه نبذ او ظل فيجب على من وجده على تلك الحال ان يأخذه يجب ذلك وجوبا كفائيا معنى قولنا وجوبا كفائيا اي انه اذا قام به من يكفي سقط الاثم عن الباقين وان تركه الجميع اثم وما وجد مع اللقيط من المال او وجد حوله فهو له عملا بالظاهر ولان يده عليه اينفق عليه ملتقطه بالمعروف لولايته عليه اما ان لم يوجد مع اللقيط شيء انفق عليه من بيت مال المسلمين قول عمر رضي الله عنه للذي اخذ اللقيط لما وجده اذهب فهو حر لك ولاؤه وعلينا نفقته ومعنى ولاؤه اي ولايته ومعنى وعلينا نفقته اي ان نفقته تكون من بيت مال المسلمين وفي الوقت الحاضر يوجد دور للرعاية الاجتماعية ورعاية اللقطاء وبامكان من وجد لقيطا ان يسلمه لتلك الدور. لتتولى هي بدورها الانفاق عليه ورعايته واما حكم اللقيط من ناحية الدين انه ان وجد في دار الاسلام او في بلد كفار يكثر فيها المسلمون فهو مسلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة اما ان وجد في بلد كفار خالصة او يقل فيها عدد المسلمين فهو كافر تبعا لتلك الدار واما ميراث اللقيط اذا مات وديته اذا جني عليه بما يوجب الدية فيكونان لبيت المال اذا لم يوجد من يرثه من ولده ان كان له زوجة ولم يكن لها ولد فلها الربع والباقى لبيت المال واما ولي اللقيط في القتل العمد العدوان فهو الامام اي حاكم الدولة المسلمة اي خير الامام حينئذ بين القصاص والدية لبيت المال لان الامام يعتبر ولي من لا ولي له وان اقر رجل او اقرت امرأة بان اللقيط ولده او ولدها فانه يلحق به نسبا لان في ذلك مصلحة له باتصال نسبه ولا مضرة على غيره فيه الشريعة الاسلامية تتشوف لحفظ الانساب ايها الاخوة المستمعون واللقيط وان كانت ولايته لواجده كما قال عمر رضي الله عنه الا انه يبقى اجنبيا عنه فاذا بلغ اللقيط مبلغ الرجال وجب على نساء واجده من زوجة وبنات ونحوهن وجب ان يحتجبن عنه بهذا يعلم خطأ ما قد يوجد من التساهل من بعض الناس في هذا الامر واعتبار هذا اللقيط فالابن لهم وعدم احتجاب نساء اهل البيت عنه ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة ونلتقي بكم في الحلقة القادمة على خير ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته