بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج والتي سنتحدث فيها معكم عن احكام الجعالة نذكر منها ما يتسع له وقت هذه الحلقة ونستكمل الحديث عن بقية احكامها في حلقة قادمة ان شاء الله تعالى ونبتدأ اولا بتعريف الجعالة وبيان معناها فنقول الجعالة وتسمى الجعيلة والجعل هي ما يعطاه الانسان على امر يفعله كأن يقول من فعل كذا فله كذا من المال وعرفها بعض الفقهاء بقوله هي ان يجعل جائز التصرف شيئا معلوما لمن يعمل له عملا معلوما او مجهولا لمدة معلومة او مجهولة وبهذا التعريف يتبين انه لا يشترط في الجعالة ان يكون العمل معلوما كما انه لا يشترط ان تكون المدة معلومة بل انها تصح حتى مع كون العوظ مجهولا لكنه في هذه الحال يستحق اجرة المثل وبهذا ايها الاخوة يتضح ان الجعالة اوسع من الاجارة قد اعتبرها بعض الفقهاء نوعا من الاجارة ولكن الصحيح ان الجعالة عقد مستقل بذاته قال ابن رشد الجعالة اصل في ذاتها لا تقاس على الاجارة ولا تقاس الاجارة عليها وان اخذت شبها منها وقبل ان نذكر اوجه اوجه الفرق بين الجعالة والاجارة نذكر امثلة للجعالة فمن امثلتها ان يقول انسان من رد لقطتي فله كذا من المال بان يكون رجل فقد محفظة مثلا وفيها نقود وفيها بطاقاته الشخصية فقال للحاضرين من حوله من عثر على محفظتي فله مئة ريال فيعتبر هذا من قبيل الجعالة ومن امثلتها كذلك ان يقول من رد جمل الشارد فله كذا من المال او يقول من بنى لي هذا الحائط فله كذا ومن امثلتها كذلك الجوائز التي ترصد من الجهات الخيرية على حفظ القرآن بان تعلن جهة خيرية او شخص من الاشخاص بان من حفظ القرآن فله كذا من المال او من حفظ جزءا من القرآن فله كذا من المال او من حفظ كذا من احاديث السنة النبوية فله كذا من المال او ترصد جوائز على مسابقات ثقافية فيقال من اجاب عن اسئلة هذه المسابقة فله كذا من المال من ان يبذل المتسابقون مالا نظير الاشتراك في المسابقة ويعتبر هذا كله من قبيل الجعالة ويظهر الفرق بين الجعالة والاجارة من وجوه الوجه الاول ان الجعالة لا يشترط لصحتها العلم بالعمل المجاعل عليه بخلاف الاجارة انها يشترط فيها ان يكون العمل المؤجر عليه معلوما الوجه الثاني ان الجعالة لا يشترط فيها معرفة مدة العمل بخلاف الاجارة فانها يشترط فيها ان تكون مدة العمل معلومة الوجه الثالث ان العامل في الجعالة لم يلتزم بالعمل بخلاف الاجارة فان العامل فيها قد التزم بالعمل الوجه الرابع ان الجعالة لا يشترط فيها تعيين العامل بخلاف الاجارة فانها يشترط فيها ذلك الوجه الخامس ان الجعالة عقد جائز لكل من الطرفين فسخها بدون اذن الاخر خلاف الاجارة فانها عقد لازم ليس لاحد من الطرفين الفسخ الا برضا الطرف الاخر وبهذا يتبين ان الجعالة تختلف عن الاجارة وانها كما سبق ان قلنا عقد مستقل بذاته والجعالة من العقود الجائزة والاصل في ذلك قول الله عز وجل بسورة يوسف ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم اي ولمن جاء بصواع الملك الذي فقد حمل بعير فكأنه قال من جاء بصواع الملك المفقود فله حمل بعير فهذا نوع من الجعالة ويدل لذلك ايضا ما جاء في صحيح البخاري عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان ناسا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اتوا حيا من احياء العرب فلم يضيفوهم فبين هم كذلك اذ لدغ سيد اولئك القوم فقالوا هل فيكم من راق قال احد الصحابة اني والله لارقي ولكنكم لم تقرونا اي لم تضيفونا فلا افعل حتى تجعلوا لنا جعلا فجعلوا لهم قطيع شياح فجعل يقرأ بام القرآن اي بسورة الفاتحة فبرأ الرجل فاتوهم بالشاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما سألوه عنها وما يدريكم انها رقية خذوها واضربوا لي معكم بسهم فهذا دليل ظاهر على جواز الجعالة ويدل لذلك من جهة المعنى ان الحاجة قد تدعو اليها فان العمل قد يكون مجهولا رد الضالة مثلا العثور على اللقطة مثلا هذا العمل مجهول ولا تنعقد الاجارة عليه لاجل تلك الجهالة وقد لا يوجد من يتبرع بذلك العمل فتكون الحاجة داعية الى بذل العوظ مع جهالة العمل فان قال قائل لماذا يغتفر في الجعالة جهالة العمل ولا يغتفر ذلك في الاجارة فالجواب ان الجعالة عقد جائز وليست عقدا لازما اي كل من الطرفين فسخها متى ما شاء فلا يترتب على تلك الجهالة اي مفسدة وهذا بخلاف الاجارة فانها عقد لازم ليس لاحد من الطرفين فسخها الا برضا الطرف الاخر ولذلك فانه يشترط فيها ان يكون العمل المؤجر عليه معلوما ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته