بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سبق ان تكلمنا في الحلقة السابقة عن احكام عطية الوالد لولده ما يتصل بذلك من مسائل في هذه الحلقة عن احكام اخذ الوالد من مال ولده ونقول يجوز للاب ان يأخذ من مال ولده ما شاء وان كان ذلك الولد ذكرا او انثى تغييرا او كبيرا ويدل لذلك من القرآن ان الله عز وجل جعل الولد موهوبا لابيه قال سبحانه ووهبنا له اسحاق ويعقوب قال ووهبنا له يحيى قال زكريا فهب لي من لدنك وليا قال ابراهيم الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق ما كان موهوبا له كان له الاخذ من ما له قال بعض المفسرين في قول الله عز وجل ولا على انفسكم ان تأكلوا من بيوتكم او بيوت ابائكم ثم ذكر بيوت سائر القرابات الا الاولاد لم يذكرهم لانهم دخلوا في قول الله تعالى من بيوتكم ولما كانت بيوت اولادهم كبيوتهم لم يذكر بيوت اولادهم وقيل المراد بقول الله ولا على انفسكم ان تأكلوا من بيوتكم اي من بيوت اولادكم فجعل بيوت الاولاد بيوتا لوالديهم ان للوالد ان يأخذ من مال ولده ما شاء كأن بيت ولده بيت له والله تعالى اعلم ويدل لذلك من السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم انت ومالك لابيك هذا الحديث قد روي من عدة طرق يصح بمجموعها قد جاء في بعض الروايات ذكر قصة له قد اخرج الطبراني في المعجم الصغير ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله ان ابي قد اخذ مالي قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل اذهب فاتني بابيك فلما جاء ابوه قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما بال ابنك يشكوك اريد ان تأخذ ماله فقال يا رسول الله سله هل انفقه الا على عماته او خالاته او نفسي قال النبي صلى الله عليه وسلم دعنا من هذا واخبرنا عن شيء قلته في نفسك ما سمعته اذنك قال والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقينا لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته اذناي قال قل وانا اسمع قال قلت غذوتك مولودا ومنتك يافعا تعل بما اجني عليك وتنهل اذا ليلة ضافتك بالسقم لم ابت لسقمك الا ساهرا اتململ لاني انا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعيناي تهمل يخاف الردى نفسي عليك وانها اتعلم ان الموت وقت مؤجل فلما بلغت السن والغاية التي اليها مدى ما فيك كنت اؤمل جعلت جزائي غلظة وفظاظة كانك انت المنعم المتفضل فليتك فليتك اذ لم ترعى حق ابوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل نراه معدا للخلاف كانه برد على اهل الصواب موكلوا قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم للابن انت ومالك لابيك شاهدوا وقوله صلى الله عليه وسلم انت ومالك لابيك هذا يدل على ان للاب ان يأخذ من مال ابنه ما شاء ويدل لذلك ايضا حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان اطيب ما اكلتم من كسبكم وان اولادكم من كسبكم اخرجه ابو داوود والنسائي والترمذي هو حديث صحيح ويدل لذلك من جهة المعنى ان الرجل يلي مال ولده من غير تولية كان له التصرف فيه كمال نفسه ولكن اشترط العلماء لجواز اخذ الاب من مال ولده شرطين الشرط الاول الا يجحف بالولد ولا يضر به ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجة الولد لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار ولان حاجة الانسان مقدمة على دينه على ابيه من باب اولى الشرط الثاني الا يأخذ من مال ولده ليعطيه ولدا اخر ان الاب ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه على ان يمنع من تخصيصه بما اخذه من مال ولد اخر من باب اولى قال الموفق ابن قدامة رحمه الله وليس لغير الاب الاخذ من مال غيره بغير اذنه لان الخبر قد ورد في الاب قوله صلى الله عليه وسلم انت ومالك لابيك ولا يصح قياس غيره عليه لان للاب ولاية على ولده وعلى ماله اذا كان صغيرا وله شفقة تامة وحق متأكد ولا يسقط ميراثه بحال والام لا تأخذ لانها لا ولاية لها والجد ايضا لا يلي على مال ولد ابنه شفقته قاصرة عن شفقة الاب ويحجب به في الميراث وفي ولاية النكاح وغيرهما من الاقارب والاجانب ليس لهم الاخذ بطريق التنبيه لانه اذا امتنع الاخذ في حق الام والجد مع مشاركتهما للاب في بعض المعاني غيرهما ممن لا يشارك في ذلك اولى انتهى كلامه رحمه الله ومن فروع هذه المسألة اعني ان للاب ان يأخذ من مال ولده ما شاء بالشرطين السابقين قولوا من فروع هذه المسألة انه ليس للابن ان يطالب اباه بدين له عليه عمومي قول النبي صلى الله عليه وسلم انت ومالك لابيك ولان المال احد نوع الحقوق الم يطلب فلم يملك مطالبة ابيه به كحقوق الابدان وهذا الحكم خاص بالاب. فلا يشمل غيره من الاقارب قال بعض اهل العلم ليس له ان يطالب امه بدين له عليها كذلك حتى وان قلنا انه ليس للام ان تأخذ من مال الولد وذلك لانه اذا كان لا يجوز للولد مطالبة ابيه بالدين فامه من باب اولى لان حق الام اكد من حق الاب قد جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله من احق الناس بحسن صحبتي قال امك قال ثم من؟ قال امك قال ثم من؟ قال امك قال ثم من؟ قال ابوك ثم ان مطالبة الولد لامه بدين الاتيان بها الى القضاء لاجل مطالبتها بذلك يعد نوعا من العقوق وهو امر مستهجن شرعا وكذلك مستهجن عادة وعرفا هذه المسألة ليست مبنية على التملك تملك شيء والمطالبة بالدين شيء اخر بناء على هذا نقول انه ليس للولد ان يطالب اباه او امه بدين له عليهما ايها الاخوة المستمعون هذا هو ما اتسع له وقت هذه الحلقة نلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته