بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لا يزال الحديث موصولا عن احكام الوصية بعدما تكلمنا في الحلقة السابقة عن جملة من احكامها فنقول يستحب للانسان كتابة وصيته لقول النبي صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين الا ووصيته مكتوبة عنده ويستحب الاشهاد عليها قطعا للنزاع ولانه احوط واحفظ قال انس رضي الله عنه كانوا يكتبون في صدور وصاياهم بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اوصى به فلان ابن فلان انه يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان الساعة اتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور واوصى من ترك من اهله ان يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيع الله ورسوله ان كانوا مؤمنين واوصاهم بما اوصى به ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وانتم مسلمون رجه سعيد بن منصور عن انس بسند صحيح ومن احكام الوصية ان الوصية اذا كانت وصية ضرار كانت حراما وكان للورثة ابطالها فاذا قصد الموصي المضارة بالوارث ومضايقته فان ذلك يحرم عليه ويأثم به قول الله عز وجل لما ذكر ميراث الزوجين والاخوة لام قال سبحانه من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضار ولقول الله عز وجل فمن خاف من موس جنفا او اثما فاصلح بينهم فلا اثم عليه. ان الله غفور رحيم قال ابن عباس رضي الله عنهما الاظرار في الوصية من الكبائر وقال ابن القيم رحمه الله اذا كانت الوصية وصية ضرار كانت حراما كان للورثة ابطالها حرم على الموصى له اخذ ذلك بدون رضا الورثة وقد اكد سبحانه وتعالى ذلك بقوله تلك حدود الله فلا تعتدوها قال والظرار نوعان جنف واثم فانه قد يقصد الضرار وهو الاثم وقد يضار من غير قصد وهو الجنف فمن اوصى بزيادة على الثلث فهو مضار قصد او لم يقصد هل الوارث رد هذه الوصية وان اوصى بالثلث فما دون ولم يعلم انه قصد الضرار وجب امضاؤها فان علم الموصى له ان الموصي انما اوصى ضرارا لم يحل له الاخذ ولو اعترف الموصي انه انما اوصى ضرارا لم تجز اعانته على امضاء هذه الوصية قد جوز سبحانه وتعالى ابطال وصية الجنف والاثم وان يصلح الوصي او غيره بين الورثة والموصلة وقال تعالى فمن خاف من موص جنفا او اثما فاصلح بينهم فلا اثم عليه وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره قال ابن عباس وابو العالية ومجاهد والضحاك والربيع بن انس والسد الجنف الخطأ وهذا يشمل انواع الخطأ كلها وذلك بان زاد وارثا بواسطة او وسيلة كما اذا اوصى ببيعه الشيء الفلاني محاباة او اوصى لابن ابنته ليزيدها او نحو ذلك من الوسائل اما مخطئا غير عامد بل بطبعه وقوة شفقته من غير تبصر او متعمدا اثما في ذلك بل الوصي والحالة هذه ان يصلح القضية ويعدل في الوصية على الوجه الشرعي ويعدل عن الذي اوصى به الميت الى ما هو اقرب الى ما هو اقرب الاشياء اليه واشبه الامور به جمعا بين مقصود الموصي والطريق الشرعي وهذا الاصلاح والتوفيق ليس من التبديل في شيء انتهى كلامه رحمه الله وبعد ان تكلمنا في هذه الحلقة وفي الحلقة السابقة عن احكام الوصية حيث الوجوب والاستحباب والجواز والكراهة والتحريم بقي ان نشير الى ان بعض القوانين الوضعية توجب الوصية لاولاد الولد المتوفى في حياة ابيه توجب الوصية لاولاد الولد المتوفى في حياة ابيه تواء اوصى بها الجد او لم يوصي بها هذه الوصية باطلة في الفقه الاسلامي اذ ان اولاد الولد المتوفى محجوبون بوجود اعمامهم. اخوة والدهم المتوفى وحينئذ فلا يرثون شيئا من جدهم نعم لو اوصى لهم جدهم بما لا يزيد عن الثلث فلا بأس بذلك باعتبارهم اقارب غير وارثين لكن ليس ذلك على سبيل الايجاب اما القول بانه تجب الوصية لاولاد الولد المتوفى في حياة ابيه سواء اوصى بها الجد او لم يوصي بها فقول باطل مخالف لاحكام الشريعة الاسلامية ومن احكام الوصية انه يجوز للموصي الرجوع فيها ونقضها او الرجوع في بعضها قول عمر رضي الله عنه يغير ما شاء في وصيته وهذا متفق عليه بين اهل العلم فاذا قال رجعت في وصيتي او ابطلتها ونحو ذلك بطلة الوصية لانها عطية تنجز بالموت اجاز له الرجوع عنها قبل تنجيزها ومن احكام الوصية انها لا تنفذ الا بعد قضاء الديون التي على الميت ويخرج الواجب في تركة الميت من الديون والواجبات الشرعية كالزكاة والحج والنذور والكفارات اولا وان لم يوصى وان لم يوصي هو بذلك قول علي رضي الله عنه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين قبل الوصية رواه الترمذي وغيره فيبدأ بالدين ثم الوصية ثم الارث بالاجماع وانما قدم ذكر الوصية على الدين في الاية الكريمة. في قول الله عز وجل من بعد وصية يوصي بها او دين بالاية الاخرى من بعد وصية يوصى بها او دين وان كان قضاء الدين مقدما على تنفيذ الوصية بالاجماع انما كان ذلك للاهتمام بها والحث على اخراجها فان الوصية لما اشبهت الميراث في كونها بلا عوظ كان في اخراجها مشقة على الوارث فقدمت في الذكر في الاية تنبيها على العناية والاهتمام بها وجيء بكلمة او التي تفيد التسوية لبيان انهما يستويان في الاهتمام وان كان الدين مقدما عليها وهذا يدل على اهمية امر الوصية واهمية تنفيذها من قبل الورثة اللهم ارزقنا الفقه في الدين ووفقنا للعمل بما يرضيك وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته