بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا لنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنا قد ابتدأنا في الحلقة السابقة الحديثة عن احكام الوقف ووعدنا في هذه الحلقة بان نستكمل ما تبقى منها فنقول ان من محاسن الشريعة الاسلام ان شرعت الوقف ورغبت فيه قد كان للاوقاف الاثر العظيم ببناء الحضارة الاسلامية بل انه على مدار قرون مضت من تاريخ الاسلام لم يكن دور الحكومات يتجاوز الاهتمام بالامن الداخلي والخارجي واقامة العدل بين الناس واما الخدمات المدنية من التعليم والصحة وانشاء وصيانة المرافق العامة ودور الرعاية الاجتماعية كانت تطلع به المؤسسات الوقفية ان اغراض الوقف في الاسلام ليست قاصرة على بناء المساجد او مساعدة الفقراء والمساكين بل انها بل ان اغراض الوقف اغراض واسعة وشاملة لكل ما يحتاج اليه المجتمع الاسلامي ولذلك فقد كان للوقف الاثار العظيمة في حياة المجتمعات الاسلامية في شتى المجالات ففي المجالات العلمية على سبيل المثال كان للوقف مدارس وجامعات علمية ومؤسسات نشرت نورها على الارض وحملت رسالة الاسلام الى الناس ومن الوقف وحده نشطت في البلاد الاسلامية الواسعة حركة علمية منقطعة النظير وفرت للمسلمين نتاجا علميا ضخما وتراثا اسلاميا خالدا ونسأل الله عز وجل ان يوفق المسلمين اليوم لاحياء رسالة الوقف لتقوم بدورها الفاعل في المجتمعات الاسلامية ايها الاخوة المستمعون وبعد هذه الوقفة القصيرة مع دور الوقف في بناء الحضارة الاسلامية نعود للكلام عن ابرز احكامه. فنقول الوقف ينعقد باحد امرين الامر الاول القول الدال على الوقف اما بلفظ صريح او بلفظ من الفاظ الكناية مع اقتران نية الوقف معه ومن امثلة اللفظ الصريح ان يقول وقفت هذا العقار او يقول سبلته او حبسته ومن امثلة الفاظ الكناية ان يقول تصدقت بهذا العقار او حرمته او ابدته ونحو ذلك من من ومن الالفاظ التي تحتمل معنى الوقف وغيره فمن اتى بلفظ من الالفاظ الصريحة كان يقول وقفت هذه الدار او سبلتها فان هذا الشيء من دار او غيرها يصير وقفا بمجرد تلفظه بذلك ويخرج عن ملكه مباشرة الى الجهة التي اوقفه عليها وليس له الرجوع في ذلك مطلقا واما الفاظ الكناية فيشترط لها اقتران نية الوقف معها او اقتران احد الالفاظ الدالة على الوقف سواء كانت صريحة او كناية فلو قال تصدقت بهذه الدار ونوى بتلك الصدقة ان تكون موقوفة فانها تكون وقفا بذلك وكذا لو قال تصدقت بهذا الشيء صدقة موقوفة او محبسة او مسبلة او محرمة او مؤبدة فانها تكون وقفا بذلك اذا لو قال تصدقت بهذا الشيء صدقة لا تباع ولا تورث اي انه اقترن بلفظ الصدقة ذكر حكم الوقف انه يكون وقفا بذلك ايها الاخوة المستمعون وينبغي لمن اراد ان يوقف وقفا ان يعين ناظرا لذلك الوقف في حياته هو وبعد وفاته بل ينبغي ان يعين اجرة لذلك الناظر لان هذا مما يعين على حفظ ذلك الوقف وعلى استمراره ولهذا نجد ان الاوقاف التي تضيع او تنقطع يكون السبب الرئيسي لذلك الضياع او الانقطاع عدم وجود القائم او الناظر على على تلك الاوقاف يكون السبب لذلك الظياع او الانقطاع هو عدم وجود القائم او الناظر عليها لذلك فان من اراد ان يوقف وقفا عليه ان يعتني بهذه المسألة هذا له اصل في السنة قال البخاري في صحيحه باب نفقة القيم للوقف مساق بسنده عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقتسم ورثتي دينارا ولا درهما ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة ثم ساق بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما ان عمر اشترط في وقفه ان يأكل من وليه ويؤكل صديقه غير متمول مالا سبق ان ذكرنا في الحلقة السابقة ان عمر رضي الله عنه اوصى بان يكون الناظر على وقفه اهذا من بعده؟ ام المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله تعالى عنها وعن ابيها وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اجمعين ثم اوصى بان يكون الناظر على وقفه بعد حفصة الى الاكابر من ال عمر ونظرا لاهمية مسألة النظارة على الوقف واثرها في حفظ الوقف واستمراره فقد ذكر كثير من اهل العلم ان الواقف اذا لم يعين للناظر اجرة مقابل عمله جاز له ان يأخذ بقدر عمله قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح ارجح قولي العلماء ان الواقف اذا لم يشترط للناظر قدر عمله جاز ان يأخذ بقدر عمله واذا لم يعين الواقف ناظرا للوقف او عين شخصا ومات النظر يكون للموقوف عليه ان كان معينا وان كان الوقف على جهة كالمساجد او على من لا يمكن حصرهم كالمساكين فالنظر على الوقف يكون للحاكم او من ينيبه قال الفقهاء ويجب العمل بالشرط الواقف اذا كان لا يخالف الشرع لحديث المسلمون على شروطهم ولان عمر رضي الله عنه شرط شروطا في وقفه المشهور جعله في الفقراء وذوي القربى والرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليه ان يأكل منه بالمعروف فاذا شرط الواقف مقدارا معينا من الوقف او شرط تقديما لبعض المستحقين على بعض او جمعهم او اشترط اعتبار وصف في المستحق ونحو ذلك من الشروط فانه يلزم العمل بشرطه ما لم يخالف الكتاب ما لم يخالف كتاب الله او سنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله معلقا على قول بعض الفقهاء نص الواقف كنص الشارع قال يعني في الفهم والدلالة لا في وجوب العمل مع ان التحقيق ان لفظ الواقف والموصي والناذر والحالف وكل عاقد يحمل على عادته في خطابه وعلى لغته التي يتكلم بها سواء وافق لغة العرب او لغة الشارع او لا. انتهى كلامه رحمه الله ايها الاخوة المستمعون هذا ما تيسر عرضه من احكام الوقف في هذه الحلقة ونستكمل الحديث عن بقية الاحكام في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته