بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج والتي نستكمل فيها ما تبقى من احكام الوقف ان شاء الله تعالى فنقول ان من احكام الوقف انه لا يجوز ان يخص بعض اولاده بوقف دون الاخرين كأن يجعل الوقف خاصا بالذكور دون الاناث او يجعله خاصا باولاده من زوجة دون اولاده من الزوجة الاخرى فان هذا يعتبر وقف جنف يقول النبي صلى الله عليه وسلم اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله اعلم ان كلام الفقهاء رحمهم الله في مسائل الوقف على الاولاد واحد الورثة من قولهم يقدم كذا او يقدم كذا انما ذلك مطلق راجع الى معاني الفاظ الواقفين ولكنه محمول على المقيد في الشرع وفي كلام الفقهاء من انه لا يحل لاحد ان يوقف وقفا يتضمن المحرم والظلم بان يكون وقفه مشتملا على تخصيص احد الورثة دون الاخرين او على حرمان من لهم الحق هذا القيد يتعين لان الله تعالى امر بالتعاون على البر والتقوى ونهى عن الظلم وامر بالعدل فكل ما خالف هذا فانه مردود على صاحبه غير نافذ التصرف ان العبد ليس له ان يتصرف في ماله بمقتضى شهواته النفسية وهواه بل عليه الا يخالف الشرع ولا يخرج عن العدل وان فعل ذلك كان باطلا بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد انتهى كلامه رحمه الله ايها الاخوة المستمعون واذا كان العدل بين الاولاد واجبا لا يجوز ان يخص بعض اولاده بوقف دون الاخرين فانه يجوز ان يجعل الوقف على المحتاج من الذرية قد نص على هذا الفقهاء ويدل لذلك ما جاء في صحيح البخاري ان الزبير بن العوام رضي الله عنه وقف دوره واشترط ان تسكن المردودة من بناته غير مضرة ولا مضر بها فان استغنت بزوج فليس لها حق ايها الاخوة المستمعون بعض الناس يكون له اولاد كثير من ذكور واناث وصغار وكبار ويخشى انه ان مات وتقاسم الورثة التركة الا يبقى بيت للصغار من اولاده يسكنون فيه او لبناته اللاتي ليس لهن ازواج اما لكونهن مطلقات او ارامل او لم يتزوجن فيوقف بيته على المحتاج من ذريته بالا يباع البيت بعد وفاته وانما يبقى للمحتاج من ذريته نقول هذا لا بأس به بل هو عمل طيب ومحمود شرعا وحينئذ يكون هذا البيت للمحتاج من الذرية سواء كان من الذكور او الاناث يكون بطنا بعد بطن ومن اغناه الله عز وجل لا يشارك المحتاج في السكنة في ذلك البيت ولكن هل يدخل اولاد البنات في الوقف على الذرية اختلف العلماء في هذه المسألة والقول الصحيح الذي عليه المحققون من اهل العلم انهم يدخلون قد اختار هذا القول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ويدل لذلك قول الله سبحانه ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان الى قوله وعيسى ومعلوم ان عيسى عليه الصلاة والسلام هو ابن ابنته قد جعله الله تعالى من ذريته دل ذلك على ان اولاد البنات يدخلون في مسمى الذرية ويدل لذلك ايضا ان الله تعالى لما ذكر قصة عيسى وابراهيم وموسى في سورة مريم قال اولئك الذين انعم الله عليهم من النبيين من ذرية ادم ومعلوم ان عيسى عليه الصلاة والسلام هو ابن بنت وقال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن ابن علي وهو ابن ابنته فاطمة قال ان ابني هذا سيد فجعله ابنا له وبناء على ذلك فمن وقف وقفا على المحتاج من ذريته فيدخل في ذلك المحتاج من بنيه الذكور واولادهم والمحتاج من بناته واولادهن واما اذا كان اولاد الصلب غير محتاجين. واولاد الاولاد محتاجون. وهو قد وقف هذا الوقف على المحتاج من ذريته فان اولاد الاولاد هم الذين يستحقون الانتفاع بهذا الوقف دون الاولاد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يستحق ولد الولد وان لم يستحق ابوه شيئا ومن ظن ان الوقف كالارث فان لم يكن والده اخذ شيئا لم يأخذ هو فلم يقله احد من الائمة ولهذا لو انتفت الشروط في الطبقة الاولى او بعضها لم تحرم الثانية مع وجود الشروط فيهم اجماعا انتهى كلامه رحمه الله ومن احكام الوقف انه اذا فظل شيء من ريعه فانه يصرف فيما هو من جنسه لان ذلك اقرب الى مقصود الواقف قد سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عن الوقف اذا فضل من ريعه شيء واستغني عنه قال يصرف في نظير تلك الجهة كالمسجد اذا فضل عن مصالحه صرف في مسجد اخر لان الواقف غرضه في الجنس والجنس واحد ولو قدر ان المسجد الاول خرب ولم ينتفع به احد صرف ريعه في مسجد اخر فكذلك اذا فضل عن مصلحته شيء فان هذا الفاضل لا سبيل الى صرفه اليه. ولا الى تعطيله صرفه في جنس المقصود اولى وهو اقرب وهو اقرب الطرق الى مقصود الواقف قد روى احمد عن علي رضي الله عنه انه حث الناس على اعطاء مكاتب ففضل شيء عن حاجته فصرفه في المكاتبين ايها الاخوة المستمعون ونختم الكلام عن مسائل الوقف واحكامه بذكر ابرز اوجه الفرق بين الوقف والوصية ذلك ان من الناس من لا يفرق بين الوقف والوصية فنجد انه يقول انني قد سبلت هذا الشيء وهو يريد انه قد اوصى به فنقول الوقف والوصية كل منهما تبرع يراد به التقرب الى الله عز وجل اشتركان كذلك في انه لا يجوز ان يقصد بهما حرمان الورثة او بعضهم من الميراث وان كل منهما يراعى في تنفيذه شرط الموقف والموصي اذا وافق شرطه الشرع ومن ابرز الفروق بينهما ما يأتي. اولا ان الوقف يكون منجزا في الحياة واما الوصية فانها تكون معلقة بالموت ثانيا ان الوقف يجوز في اي مقدار من المال بل يجوز للانسان ان يسبل جميع ماله الا ان يكون ذلك في مرض موته فيكون حكمه حكم الوصية كما سبق بيان ذلك في حلقة سابقة واما الوصية فانها لا يصح ان تكون في اكثر من الثلث ثالثا ان الوقف تحبيس للاصل واما الوصية فانها قد تكون لتمليك الموصى له الاصل رابعا ان الوقف لا يصح الا باصل معلوم واما الوصية فانها تصح بما سيوجد وبالمنافع والاعيان واسقاط الديون خامسا ان الوقف لا يصح تغييره بل انه متى ما وقف انسان وقفا خرجت العين الموقوفة من ملكه في الحال بخلاف الوصية انها كما سبق معلقة بموت الموصي ولذلك فان للموصي ان يغير وان يعدل فيها ما شاء ايها الاخوة المستمعون هذا ما تيسر عرضه من احكام الوقف واسأل الله عز وجل ان يوفقنا جميعا للتزود بالاعمال الصالحات والمسارعة للطاعات وان يهب لنا من لدنه رحمة صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته