بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه اتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله تعالى في هذه الحلقة الجديدة من هذا البرنامج والتي سوف نتحدث فيها معكم عن الشرط الجزائي والذي هو كثير الوقوع في الحياة العملية فما معنى الشرط الجزائي وما الحكم الشرعي له نقول الشرط الجزائي معناه اتفاق بين المتعاقدين على تقدير التعويض الذي يستحقه من شرط له عن الضرر الذي يلحقه اذا لم ينفذ الطرف الاخر ما التزم به او تأخر في تنفيذه مثال ذلك اتفق شخص مع مقاول على ان يبني له عمارة بمبلغ معين واشترط عليه ان ينهي بناءها في سنة مثلا شرط عليه شرطا جزائيا بان يخصم عليه مبلغا معينا من المال عن كل يوم تأخير بعد مضي السنة مثال اخر اتفق رجل مع مكتب استقدام على ان يستقدم له عاملا بمبلغ معين واتفق معه على تحديد مدة معينة للاستقدام وعلى فرض غرامة على المكتب عن كل يوم تأخير وهذا هو المعروف بالشرط الجزائي فما الحكم في ذلك نقول لا بأس بالشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الاصلي فيها دينا في المثال السابقين يجوز لمن اتفق مع مقاول على بناء عمارة ان يشترط عليه شرطا جزائيا نظير تأخره عن التنفيذ خلال المدة المتفق عليها او اخلاله بالعقد وهكذا في المثال الثاني يجوز ان يشترط على مكتب الاستقدام شرط جزائي عند تأخره عن الاستقدام خلال المدة المتفق عليها والشرط الجزائي يعتبر من الشروط الصحيحة التي هي من مصلحة العقد اذا كان الالتزام الاصلي فيها ليس دينا وذلك لان الشرط الجزائي في هذه الحال يعتبر حافزا لاكمال العقد في وقته المحدد له والى اتقانه على حسب ما اتفق عليه قد جاء في صحيح البخاري عن انس رضي الله عنه عن ابن سيرين ان رجلا قال لكريه ادخل ركابك فان لم ارحل معك يوم كذا وكذا الك مئة درهم فلم يخرج قال شريح القاضي من شرط على نفسه طائعا غير مكره فهو عليه فقضى عليه بذلك وقد صدر في هذا قرار لهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية وجاء فيه ان الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الاخذ به ما لم يكن هناك عذر في الاخلال بالالتزام الموجب له معتبر شرعا فيكون العذر مسقطا لوجوبه حتى يزول وبنحو ذلك قرر مجمع الفقه الاسلامي والقول بجواز الشرط الجزائي انما هو في العقود المالية التي لا يكون الالتزام الاصلي فيها دينا كما سبقت الاشارة الى ذلك اما العقود التي يكون الالتزام الاصلي فيها دينا فلا يجوز فيها الشرط جزائي بل ان هذا من الربا الصريح لانه نظير ربا الجاهلية فانهم كانوا اذا حل الدين اتى الدائن المدين فقال له اما ان تقضي واما ان تربي قد سبق ان اشرنا الى هذه المسألة في الحلقة السابقة ومثلنا لها باشتراط دفع غرامة في البيع بالتقسيط عند التأخر في سداد بعض الاقساط فان هذا شرط جزائي محرم وجاء في قرار المجمع الفقهي يجوز ان يشترط الشرط الجزائي بجميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الاصلي فيها دينا فان هذا من الربا الصريح بناء على ذلك يجوز هذا الشرط مثلا في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول وعقد التوريد بالنسبة للمورد وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع اذا لم ينفذ ما التزم به او تأخر في تنفيذه ولا يجوز مثلا في البيع بالتقسيط بسبب تأخر المدين عن سداد الاقساط المتبقية سواء كان بسبب الاعسار او المماطلة ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصنع اذا تأخر في اداء ما عليه ولكن اذا كان الشرط الجزائي كثيرا عرفا حيث يعلم ان المراد به التحديد بان يتفق مع مقاول مثلا على تنفيذ مشروع بنصف مليون ريال ويشترط عليه شرطا جزائيا بانه اذا تأخر عن تنفيذه فانه يدفع مبلغا كبيرا مائتي الف ريال مثلا فانه لا يلزم المقاول حينئذ لا يلزمه دفع جميع ذلك المبلغ في حالة التأخر عن التنفيذ وانما يدفع مقابل الظرر المالي الفعلي الذي لحق بالمتعاقد معه قد جاء في قرار الهيئة اذا كان الشرط جزائي كثيرا عرفا بحيث يراد به التهديد المالي ويكون بعيدا عن مقتضى القواعد الشرعية يجب الرجوع في ذلك الى العدل والانصاف على حسب ما فات من منفعة او لحق من مضرة ويرجع في تقدير ذلك عند الاختلاف الى الحاكم الشرعي عن طريق اهل الخبرة والنظر عملا بقول الله عز وجل واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل قول الله سبحانه ولا يدرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى بقول النبي صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار. وجاء في قرار المجمع الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل المالي الفعلي وما لحق المتضرر من خسارة حقيقية ما فاته من كسب مؤكد ولا يشمل الضرر الادنى او المعنوي. ايها الاخوة المستمعون ولكن ماذا لو كان تأخر من شرط عليه الشرط الجزائي او كان اخلاله بالعقد باسباب خارجة عن ارادته من مرض ونحوه نقول لا يعمل بالشرط الجزائي في هذه الحال قد جاء في قرار المجمع لا يعمل بالشرط الجزائي اذا اثبت من شرط عليه ان اخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن ارادته او اثبت ان من شرط له لم يلحقه اي ضرر من الاخلال بالعقد ايها الاخوة المستمعون ولا يلزم ان يكون الشرط الجزائي مقترنا بالعقد هل يجوز ان يكون في اتفاق لاحق قبل حدوث الظرر كأن يتفق شخص مع مع مقاول على بناء عمارة ثم انه رأى من هذا المقاول تهاونا وبطئا في العمل اتفق معه على اشتراط شرط جزائي من اجل حفز هذا المقاول على سرعة انجاز العمل او على اتقان ذلك العمل على حسب ما اتفق عليه فما فما الحكم في ذلك نقول هذا لا بأس به والله تعالى اعلم قد جاء في قرار المجمع يجوز ان يكون الشرط جزائي مقترنا بالعقد الاصلي كما يجوز ان يكون في اتفاق لاحق قبل حدوث الضرر ايها الاخوة المستمعون نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى فالى ذلك الحين استودعكم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته