بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره اعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ان يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد ان تكلمنا في الحلقات السابقة عن ابرز المسائل التي ذكرها الفقهاء في كتب الفقه مما يتعلق بالمعاملات ننتقل بعد ذلك لدراسة بعض العقود والمسائل المعاصرة المتعلقة بالمعاملات ونسأل الله تعالى التوفيق والاعانة والسداد ايها الاخوة المستمعون نبتدأ هذه الحلقة بالكلام عن بيع التقسيط والذي تكثر التساؤلات عن كثير من احكامه ونقول ان بيع التقسيط له صور ومن ابرز صوره التقسيط المباشر وصورته ان يبيع رجل بضاعة او سلعة من السلع الى اجل او باقساط معلومة ويزيد في قيمة البضاعة مقابل الاجل فهذه هي صورة التقسيط المباشر ونوضحها بالمثال سيارة قيمتها نقدا اربعون الف ريال اراد رجل ان يشتريها بالتقسيط لمدة سنة بخمسين الفا يسدد منها كل شهر قسطا فما حكم هذا البيع الجواب لا بأس به عند اكثر اهل العلم بل انه قد حكي الاجماع على جوازه وما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ومما يدل للجواز قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه لم يشترط الله سبحانه ان تكون المداينة بسعر الوقت الحاضر ويدل لذلك ايضا ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة والناس يسلفون في الثمر السنة والسنتين والثلاث قال من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم ان يكون ذلك بسعر الوقت الحاضر ومما يدل لذلك ايضا ما جاء في الصحيحين في قصة بريرة رضي الله عنها حيث اشترت نفسها من ساداتها بتسع اواق في كل عام اوقية هذا نوع من بيع التقسيط ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بل اقره مما يدل لذلك ايضا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم امره ان يجهز جيشا فنفدت الابل فامره ان يشتري البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة الى ابل الصدقة ويدل لذلك ايضا ما جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاما من يهودي الى اجل فرهنه درعة والادلة في جواز هذه الصورة كثيرة ومن جهة المعنى فان امور التجارة لا تستقيم الا على ذلك فان سعر السلعة اذا بيعت نقدا يختلف عن سعرها اذا بيعت بثمن مؤجل لاباحة زيادة قيمة السلعة مقابل الاجل مصلحة لكل من البائع والمشتري اما البائع فانه ينتفع بالربح واما المشتري فانه ينتفع بالامهال والتيسير ثم انه ليس كل احد يستطيع ان يشتري حوائجه نقدا فلو منعت الزيادة في المداينة فكان في ذلك حرج كبير على كثير من الناس لا سيما وان الاصل في باب المعاملات هو الحل والاباحة شريعة الاسلامية الكاملة قد جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها ايها الاخوة المستمعون هذه هي صورة التقسيط المباشر ظاهر منها انه انها تكون بين طرفين فقط ولكن ما الحكم فيما اذا طلب شخص من اخر او من مؤسسة او من مصرف ان يشتروا له سلعة معينة ثم يشتريها منهم بالتقسيط قولوا هذه المسألة يسميها بعض المعاصرين بيع المرابحة للامر بالشراء قبل ان اتكلم عن حكمها اه اضرب مثلا لتتجلى به صورة المسألة رجل يريد سيارة معينة وليس عنده نقد يشتري به هذه السيارة وذهب الى بنك او مؤسسة طلب منهم ان يشتروا له تلك السيارة ثم يشتريها هو منهم بالتقسيط فما حكم هذا العمل نقول لا يخلو الامر من حالين الحالة الاولى ان يتعاقد ذلك الرجل مع تلك المؤسسة او المصرف على ان يقوم المصرف او المؤسسة بشراء تلك السلعة المعينة وتسليمها له بان يتعاقد معهم على شراء السيارة ويوقع العقد يوقع على العقد قبل ان تمتلك المؤسسة او المصرف تلك السيارة هذا محرم ولا يجوز لان ذلك المصرف او تلك المؤسسة قد باع ما لا يملك قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال لا تبع ما ليس عندك ثم انه حيلة على الاقراض بفائدة كأن هذه المؤسسة او المصرف قد اقرضت هذا الرجل قيمة هذه السلعة مع فائدة معينة قد جعلت هذا البيع الصوري حيلة على ذلك القرض المحرم وقد اشار بعض العلماء المتقدمين الى ذلك قد قال الحافظ بن عبدالبر رحمه الله اذا طلب رجل من اخر سلعة يبيعها منه نسيئة وهو يعلم انها ليست عنده ويقول له اشترها من مالكها هذا بعشرة وهي علي باثني عشر الى اجل كذا هذا لا يجوز لان معناه انه تحيل في بيع دراهم بدراهم اكثر منها الى اجل بينهما سلعة محللة انتهى كلامه رحمه الله واقول ان هذا مع الاسف هو واقع بعض البنوك اليوم حيث يجرون عقود بيع التقسيط على سلع لم يتملكوها بعد والحالة الثانية الا يحصل تعاقد سابق بين ذلك الرجل وبين تلك المؤسسة او المصرف على اتمام عملية الشراء وانما يحصل مجرد وعد من تلك المؤسسة او المصرف بانه اذا اشترى تلك البضاعة سوف يبيعها لذلك الرجل ووعد من ذلك الرجل بانه سوف يشتري تلك البضاعة وهو وعد من الطرفين فهذا يجوز بشرطين الشرط الاول ان يكون الاتفاق المبدئي بينهما مجرد وعد بالبيع ووعد بالشراء هذا الوعد غير ملزم لكل منهما لكل من المؤسسة او المصرف لذلك الرجل الخيار في اتمام ذلك البيع او الاعراض عنه ويترتب على ذلك ايضا ان تلك السلعة او البضاعة لو تلفت قبل تسلم ذلك الرجل لها فهي من ضمان المؤسسة او المصرف اذ انه لم يجري عقد التبايع اصلا ومن المعلوم ان هناك فرق بين العقد وبين الوعد العقد ارتباط منجز. واما الوعد فهو مجرد ابداء الرغبة في الشيء الشرط الثاني الا يقع العقد بينهما الا بعد تملك تلك المؤسسة او المصرف بالسلعة او البضاعة وقبضها واستقرارها في ملكه فاذا تحقق حذان الشرطان فلا مانع من جواز هذه العملية والله تعالى اعلم قولوا يجوز ذلك بشرطين الشوط الاول ان يكون الاتفاق المبدئي بينهما مجرد وعد بالبيع ووعد بالشراء ولا يكون عقدا لانه لو كان عقدا لكان من باب بيع ما لا يملك الشرط الثاني ان يقوم ذلك المصرف او تلك المؤسسة بتملك تلك البضاعة التي اه قد وعد بشرائها ويقوم بتملكها وقبضها واستقرارها في ملكه ثم بيعها على ذلك الذي قد وعدهم بشرائها فاذا تحقق هذان الشرطان فلا مانع من ذلك والله تعالى اعلم. وقد قرر مجمع الفقه الاسلامي الدولي المنبثق بالمنظمة المؤتمر الاسلامي في دورة مؤتمره الخامس قرر ذلك جاء في القرار المواعدة وهي التي تصدر من الطرفين تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما او احدهما فان لم يكن هناك خيار فانها لا تجوز لان المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه حيث يشترط حينئذ ان يكون البائع مالكا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الانسان ما ليس عنده ايها الاخوة المستمعون ونكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة ونلتقي بكم على خير في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته