بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد على اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تجددوا بكم اللقاء في هذا البرنامج الذي نسأل الله عز وجل ان يجعل فيه البركة قد وصل بحثنا لمسائل واحكام فقه المعاملات الى باب الهبة والعطية ابتدأوا في هذه الحلقة بذكر جملة من من المسائل التي يذكرها الفقهاء في هذا الباب ونستكمل الحديث عن بقية المسائل في الحلقات القادمة ان شاء الله ونبتدأ اولا بتعريف الهبة في اللغة فنقول الهبة هي من هبوب الريح اي مروره وهي تمليك في الحياة بغير عوظ قال الموفق بن قدامة رحمه الله الهبة والعطية والهدية والصدقة معانيها متقاربة وهي تمليك في الحياة بغير عوظ واسم الهبة والعطية شامل لجميعها اما الصدقة والهدية فهما متغايران. وان دخلا في مسمى الهبة والعطية فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة قال في اللحم الذي تصدق به على بريرة هو عليها صدقة ولنا هدية الظاهر ان من اعطى شيئا ينوي به التقرب الى الله تعالى للمحتاج فهو صدقة من دفع الى انسان شيئا للتقرب اليه والمحبة له فهو هدية وجميع ذلك مندوب اليه وسئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عن الصدقة والهدية ايهما افضل قال الصدقة ما يعطى لوجه الله تعالى عبادة محضة من غير قصد في شخص معين ولا طلب غرض من جهته لكن يوضع في مواضع الصدقة كاهل الحاجات واما الهدية فيقصد بها اكرام شخص معين اما لمحبة واما لصداقة واما لطلب حاجة ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها. فلا يكون لاحد عليه منة ولا يأكل اوساخ الناس التي يتطهرون بها من ذنوبهم وهي الصدقات ولم يكن يأكل الصدقات لذلك وغيره قال رحمه الله اذا تبين ذلك والصدقة افضل اي من الهدية الا ان يكون في الهدية معنى تكون به افضل من الصدقة مثل الاهداء لقريب يصل به رحمه هذا قد يكون افضل من الصدقة ايها الاخوة المستمعون الهدية مندوب اليها في الجملة وهي من مكارم الاخلاق ومن اسباب جلب المودة والمحبة بين افراد المجتمع المسلم فينبغي للمسلم ان يعود نفسه على ان يهدي لاخوانه المسلمين من اقارب وزملاء واصدقاء ولو بالشيء اليسير قد جاء في صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسنا شاة قال الحافظ رحمه الله قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فيفتح الباري قوله فرسا بكسر الفاء هو عظم قليل اللحم واشير بذلك الى المبالغة في اهداء الشيء اليسير وقبوله لا الى حقيقة الفرسن لانه لم تجري العادة باهداءه اي لا تمنعوا جارة من الهدية لجارتها الموجودة عندها لاستقلاله بل ينبغي ان تجود لها بما تيسر وان كان قليلا فهو خير من العدم وذكر الفرسن على سبيل المبالغة ويحتمل ان يكون النهي انما وقع للمهدى اليها انها لا تحتقر ما يهدى اليها ولو كان قليلا قال وحمله على الاعم من ذلك اولى اي على الاهداء بالقليل وعلى قبول القليل وقد جاء في صحيح البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لو دعيت الى ذراع او كراع لاجبت ولو اهدي الي ذراع او كراع لقبلت قال ابن بطال رحمه الله اشار عليه الصلاة والسلام بالكراع والفلسا الى الحظ على قبول الهدية ولو قلت لئلا يمتنع الباعث من الهدية لاحتقار الشيء عض على ذلك لما فيه من التآلف ويتأكد عدم رد الهدية اذا كانت من الطيب فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رده قد اخرج ابو داوود والنسائي عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من عرض عليه طيب فلا يرده فانه خفيف الحمل طيب الرائحة قد صحح هذا الحديث الحافظ ابن حجر رحمه الله وقال اخرجه مسلم من هذا الوجه لكن قال ريحان بدل طيب قال ورواية الجماعة اثبت ان احمد وسبعة انفس معه رواه عن عبدالله ابن يزيد المقبوري عن سعيد ابن ابي ايوب بلفظ الطيب ووافقه ابن وهب عن سعيد عند ابن عند ابن حبان والعدد الكثير اولى بالحفظ من الواحد انتهى كلامه رحمه الله وقال البخاري في صحيحه باب ما لا يرد من الهدية ثم ساق بسنده عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب اخرج الترمذي في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا ترد الوسائد والدهن واللبن قال الترمذي يعني بالدهن الطيب قال الحافظ ابن حجر ناده حسن ايها الاخوة المستمعون ولئن كان الاهداء وقبول الهدية مندوب اليه بما يترتب عليه من جلب المودة والمحبة بين المسلمين فانه في مواضع يكون محرما بما يترتب عليه من المفسدة ومن ذلك هدية المقترض الى المقرض قبل الوفاء فانها محرمة مطلقا كونها ذريعة الى الربا الا ان ينوي المهدي الا ان ينوي المهدى اليه ان يكافئ المهدي بمثل هديته او احتساب مقدار تلك الهدية من دينه فلا بأس وبهذا يعلم ان ما تهديه البنوك لعملائها انه لا يجوز لانه في حقيقته هدية من مقترض وهو البنك الى المقرض وهو العميل وذلك لا يجوز لان التكييف الفقهي لوضع المال في البنوك انه قرظ وان العميل او الواضع لذلك المال انه مقرض وان البنك مقترظ حينئذ فلا يجوز للمقرض ان يقبل هدية من المقترض قبل الوفاء مطلقا لا يجوز ان يقبل العميل من البنك هدية قبل الوفاء مطلقا اي قبل اي ما دام الحساب في ذلك البنك موجودا فانه لا يجوز للعميل ان يقبل من البنك هدية ولو كانت يسيرة ومن ذلك ايضا هدايا العمال قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ادايا العمال غلول والمراد بالعمال هنا العمال على الصدقة الذين قد كلفوا من قبل الامام بجبايتها فلا يجوز لهم ان يأخذوا من الناس هدايا على ذلك العمل الذي كلفوا به من قبل الامام فهل يدخل في ذلك ما يأخذه الموظف من الناس مقابل وظيفته هل يدخل في ذلك هدايا الموظفين الى مدير مدير المؤسسة او الدائرة الحكومية ونحوها وهل يدخل في ذلك الهدايا من الطلاب الى المدرسين هذا ما سنبحثه ان شاء الله تعالى ونتناوله بالتفصيل في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى فالى ذلك الحين استودعكم الله سلام عليكم ورحمة الله وبركاته