الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين اما بعد حياكم الله في هذه المحاضرة التي تنظمها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ممثلة في ادارة التوجيه والارشاد ضمن الدورة آآ العلمية آآ للمقامة اه وموضوع هذه المحاضرة هو الوسطية والاعتدال منهج حياة والوسطية هذه المادة الواو والسين والطاء هذه المادة في لغة العرب تدور حول معنى العدل والخيار كما قال الله تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا اي عدولا خيارا وقال عز وجل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى اي الفضلى وهي صلاة العصر وقال قال اوسطهم اي اخيرهم واعدلهم وافضلهم فهذه المادة تدور حول معنى العدل والخيار وليس معنى الوسط كما يفهمه بعض العامة انه التنازل عن بعض امور الدين او نحو ذلك لان بعض العامة يفهم هذه الكلمة وسط لانها يعني ان الانسان يكون دون المستوى المطلوب. يقول فلان وسط يعني انه دون المستوى المطلوب فلان ذمته وسط اي ان ذمة دون المستوى المطلوب وهذا الفهم غير صحيح. اما المقصود بالوسطية في اللغة العربية العدول والخيار واما الاعتدال فيعني آآ الاستقامة والاستواء والتوسط بين مجاوزة الحد المطلوب والقصور عنه هذا هو الاعتدال فالوسطية والاعتدال تكون بالتزام الصراط المستقيم الوسطية والاعتدال تكون بالتزام الصراط المستقيم. صراط الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا هذا هو مفهوم ومعنى الوسطية والاعتدال وهذه الوسطية والاعتدال ينبغي ان تكون منهجا في حياة المسلم في جميع اموره في جميع امور دينه ودنياه فان الانسان آآ في طباعه واخلاقه. اذا اذا نظرنا لهذه الاخلاق والطباع نجد ان الاخلاق الكريمة والطباعة انها وسط بين خلقين مذمومين الخلق المحمود وسط بين خلقين مذمومين ونذكر لهذا امثلة الكرم خلق كريم بين البخل والتبذير الكرم خلق محمود وهو وسط بين البخل وهو مذموم والتبذير وهو مذموم التواضع خلق كريم وهو وسط بين الكبر وبين الذل والمهانة الكبير مذموم والذل والمهانة ايضا مذموم والتواضع خلق كريم بينهما الشجاعة خلق كريم بين خلقين مذمومين بين الجبن والتهور الجبن خلق مذموم والتهور خلق مذموم والشجاعة خلق كريم بينهما القناعة خلق كريم وهو وسط بين خلقين مذمومين وسط بين الحرص وبين الخسة والمهانة الحرص مذموم والخسة والمهانة مذمومة. والقناعة خلق كريم مطلوب الاناة خلق كريم وهو من الاخلاق التي يحبها الله ورسوله وهو خلق كريم بين خلقين مذمومين بين العجلة والتهور العجلة خلق مذموم والتهور خلق مذموم والاناة خلق وسط كريم بينهما الرحمة الرحمة خلق كريم بين خلقين مذمومين بين القسوة والضعف القسوة خلق مذموم والظعف خلق مذموم والرحمة خلق وسط بينهما وهكذا فاذا الخلق المحمود اه خلق كريم بين طرفين مذمومين وصاحب الخلق الكريم وهو الخلق الوسط آآ مهيب ومحبوب في الوقت نفسه مهيب ومحبوب وعزيز وهذا هذه هي صفة النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صفته ان كل من رآه هابه وكل من خالطه احبه فاخلاقه عليه الصلاة والسلام كانت اخلاقا كريمة وسطا بين الاخلاق المذمومة وصاحب الخلق الوسط الكريم يكون مهيبا محبوبا في الوقت نفسه. مهيبا لمن رآه ومحبوبا لمن خالطه وآآ آآ آآ عاشرهم اه الوسطية هي صفة من صفات الامة سمة عظيمة من سمات هذه الامة. كما قال الله تعالى وكذلك جعلنا امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس اه جعل الله تعالى هذه الامة وسطا بين الامم كلها. اي كما ذكرنا عدوا خيارا ثم قال لتكونوا اه شهداء على الناس وذلك ان هذه الامة هي اكرم الامم وهي خير الامم كنتم خير امة اخرجت للناس تشهد يوم القيامة تشهد على الامم الاخرى لتكونوا شهداء على الناس قد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم آآ ان الله ينادي نوحا ويقول له هل بلغت؟ فيقول نعم فيقول لامتي هل بلغكم؟ فيقولون لا فيقول الله له من يشهد لك يا نوح؟ فيقول تشهد لي امة محمد فتشهد امة محمد بان نوحا قد بلغ فيقول قوم نوح لامة محمد كيف تشهدون وانتم انما اتيتم بعدنا فتقول امة محمد اخبرنا نبينا بذلك فصدقناه فشهدنا بذلك وهذا معنى قوله عز وجل وكذلك جعلناكم امة وسطا ويظهر الله عز وجل فضائل هذه الامة يوم القيامة حتى انه كما جاء في الحديث ما من احد يوم القيامة الا ويتمنى انه من هذه الامة ايضا اهل السنة والجماعة اه وسط بين الفرق والجماعات وهذه السمة سمة الوسطية تميز بها اهل السنة والجماعة وسار عليها الناس منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك دب الى الامة ما دب الى الامم قبلها فاصبح الناس على ثلاثة اصناف صنف فرط فرط في الدين وتحلل منه على النقيض من ذلك صنف شدد على نفسه وخرج عن الحد وغلا في الدين واما اهل السنة والجماعة فكانوا وسطا بين هذه الفرق وحافظوا على هذه السمة الوسطية. حافظوا عليها الوسطية والاعتدال. فلا افراط ولا تفريط ولا غلو ولا تقصير آآ الطرفان الافراط والتفريط كلاهما مذموم فان التفريط يعني التحلل من امور الدين ومن واجباته والافراط يعني الغلو الغلو في الدين وهو ايضا من اسباب الهلاك ولهذا قال عز وجل فاستقم كما امرت نعم ثم قال ولا تطغوا ولا تطغوا فاستقيموا من فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطغوا فنهى عن الطغيان عن الغلو. قام لما امر الله تعالى بالاستقامة في قوله فاستقم كما امرت ومن تاب معك اه امر بعد ذا قال ولا تطاغوا يعني فيه نهي عن الغلو لان الغلو من اسباب الهلاك كما قال عليه الصلاة والسلام اياكم والغلو في الدين فانما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين وبعض النفوس تشطح الى الغلو والى التشديد على النفس ولهذا وجد شيء من هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم جاء ثلاثة نفر الى بيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألوا عن عبادته فلما اخبره كانهم تقالوها ثم قالوا اين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال احدهم اما انا فاصوم ولا افطر ابدا وقال الاخر اما انا فاقوم الليل ولا انام ابدا وقال الثالث اما انا فلا اتزوج النساء فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال اما اني اخشاكم لله واتقاكم ولكني اصوم وافطر واقوم وارقد واتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني فبين النبي عليه الصلاة والسلام ان التشديد على النفس والغلو انه رغبة عن السنة وانه مخالفة للشرع الافراط والتفريط كلاهما مذموم. الغلو والتقصير كلاهما مذموم ولما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة انها كانت تقوم الليل وتضع حبلا بين ساريتين ربطت نفسها فقال عليه الصلاة والسلام مه عليكم من العمل ما تطيقون. فان الله لا يمل حتى تملوا وامر بان تحل يحل هذا الرباط ووذلك لان هذا التشديد على النفس مآله الى الانقطاع. هذا الغلو والتشديد مآله الى آآ الانقطاع فينبغي ان ان اه نسعى الى تحقيق معنى الوسطية وان نرسخ هذا المفهوم في النفوس بمعناه الصحيح بعيدا عن الغلو وبعيدا عن التفريط والتقصير آآ الامة الاسلامية كما ذكرنا هي وسط بين الامم واهل السنة والجماعة وسط في فرق الامة فعندما ننظر الى اهل السنة والجماعة نجد انهم وسط في باب صفات الله عز وجل بين اهل التعطيل الجهمية وبين اهل التمثيل المشبهة المعطلة عطلوا الله عز وجل عن صفاته واسمائه وهو يقابلهم المشبهة الذين شبهوا الله تعالى بخلقه اما اهل السنة والجماعة فهو وسط اثبتوا لله عز وجل اسمائه وصفاته على الوجه اللائق به اثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل وكذلك ايضا هم وسط في افعال افعال الله عز وجل اهل السنة وسط في افعال الله عز وجل. بين الجهمية وبين الجبرية والقدرية بين جبرية الذين قالوا ان الانسان مجبور على فعله وانه كالريشة في الهواء وبين القدرية الذين يقولون ان الانسان يخلق افعاله اهل السنة وسط بين هؤلاء وهؤلاء وهم ايضا وسط في نصوص الوعد والوعيد بين المرجئة والوعيدية من الخوارج والمعتزلة ونحوها فهم وسط بين المرجئة الذين يقولون لا يظر مع الايمان ذنب وبين الوعيدية من الخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة ويقولون هو في الدنيا الذي يكفر مرتكب الكبيرة والمعتزلة. الذين يكونوا هو في الدنيا في منزلة بين منزلتين. والخوارج والمعتزل يقولون المرتكب الكبيرة في الاخرة انه مخلد في النار. اهل السنة والجماعة وسط في ذلك قالوا ان مرتكب الكبيرة مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته وفي الاخرة تحت مشيئة الله عز وجل. ان شاء عذبه وان شاء عفا عنه لكنه لا يخلد في النار فاهل السنة والجماعة جمعوا بين نصوص الوعد والوعيد فكانوا وسطا بين هذه الطوائف فنجد ايها الاخوة ان الوسط هو الحق. وان الوسط هو الخلق المحمود. وان الوسط هو الخلق الكريم حتى حتى في تعامل الانسان مع الاخرين ينبغي ان يسلك مسلك الوسطية والاعتدال فعندما يريد ان يثني على احد لا يغلو فيه ويبالغ في المدح والثناء وايضا لا يبخسه حقه ولا يثني عليه. وانما يكون معتدلا في ذلك يثني عليه من غير غلو ومن غير اه افراط وهكذا ايضا في الحكم على الاشخاص وعلى الطوائف وعلى آآ الناس ويكون الانسان معتدلا الانسان معتدلا في ذلك وسطا يزن الامور بميزان الشرع اه من غير جنوح الى الافراط او الى اه التفريط. الافراط والتفريط كلاهما تطرف الافراط والغلو تطرف الى الشدة والتفريط ايضا تطرف في الجانب المقابل فكلاهما تطرف والتطرف مذموم بجانبيه. بجانب التحلل والتفريط وبجانب الغلو والتشديد والمطلوب هو الاعتدال والوسطية. فينبغي ترسيخ وتكريس هذا المفهوم في النفوس ان يبين للناس بان دين الاسلام هو دين الوسطية والاعتدال. وان منهج اهل السنة والجماعة هو منهج والاعتدال هذا المنهج باذن الله عز وجل هو هو من اسباب الثبات. وهو الذي يحمي الناس بخاصة الشباب من الوقوع في النزوات ومن الوقوع في اللوثات فينبغي ان ان يعزز هذا المفهوم في اوساط المجتمع وبخاصة في اوساط الشباب المسلم. وان يكونوا على المنهج الوسطي المعتدل فلا افراط ولا تفريط ولا غلو ولا تقصير. اسأل الله تعالى ان جميعا في طاعته وان يوفقنا لما يحب ويرضى من الاقوال والاعمال اسأله جل وعلا السداد في قولي والعمل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته