شهر رمضان الذي فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. بسم الله الرحمن الرحيم. الدرس السابع تفسير اية ذات الصيام الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين. اما بعد فالحديث في هذا الدرس عن تفسير ايات الصيام. وقد ابتدأ الله تعالى بقوله يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام. فنادى الله تعالى عباده مخبرا لهم بان صيام رمضان فرض ومكتوب عليهم. وفرضية الصيام مرت بمراحل. المرحلة الاولى جابوا صيام عاشوراء. وكان هذا بعد الهجرة ثم بعد ذلك نزلت هذه الايات فنسخ وجوب صيام يوم عاشوراء وبقي صومه على الاستحباب. المرحلة الثانية فرضية صيام رمضان مع التخيير بين الصيام والاطعام فان شاء صام وان شاء طعام عن كل يوم مسكينا ولكن الصيام خير من الاطعام. قال تعالى وعلى الذي حين يطيقونه فدية طعام مسكين. فمن تطوع خيرا فهو خير له. المرحلة ثالثة فرض صيام رمضان عينا ونسخ التخيير بينه وبين الاطعام. قال تعالى الشهر فليصمه. والحكمة من ذلك التدرج ان الصيام لما كان شاقا على النفوس وغير مألوف للناس في ذلك الحين كان ايجاب صومه متدرجا. وقوله تعالى كما كتب على الذين من قبلكم. اي على الامم من نوح ومن بعده. وهذا يدل على شرف هذه العبادة وعظيم شأنها. وان الله تعالى قضاها على جميع الامم في جميع الشرائع. والعلم بان الصيام قد فرض على الامم السابقة يهون على النفوس تقبل لان الانسان اذا اشترك معه غيره في الامر يهون عليه. وقوله سبحانه وتعالى اياما معدودات هي ايام شهر رمضان. ووصفها الله تعالى بالايام المعدودات لتخفيف الامر. فكأنه فرض عليكم الصيام ولكن ليس صيام السنة كلها وانما هي ايام معدودات. ثم فيها اشارة بسرعة تصرم ايام الشهر فهي ايام معدودات سرعان ما تنقضي. فعلى المسلم ان يبادر لاغتنامها في الاعمال الصالحة. وقوله تعالى فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر اي من كان مريضا او مسافرا جاز له الفطر ويقضي الايام التي افطرها بعد رمضان وقوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين. معنى يطيقونه عند الجمهور ان قادرين على الصيام يخيرون بين الصيام وبين ان يدفعوا فدية طعام مسكين عن كل يوم. وكان هذا في المرحلة ثانية التي سبقت مرحلة انجاب صيام رمضان عينا على الجميع. وقوله تعالى فمن تطوع خيرا فهو خير له. اي من اراد ان يزيد في الاطعام على اطعام مسكين واحد فجعل الاطعام لمسكينين او اكثر فهذا خير. وان صام فهو افضل من الاطعام. ولهذا قال وان تصوموا خير لكم منكم انتم تعلمون. كيف يجوز الصيام ويجوز الاطعام ولكن الصيام خير من الاطعام. وكان هذا قبل نسخ خيري وايجابي الصيام حتما. ثم قال تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن اختص الله تعالى شهر رمضان بنزول القرآن فيه. وقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه الشهود بمعنى الحضور والمعنى من حضر شهر رمضان ولم يكن مسافرا فيجب عليه ان يصوم. وهذه الاية ونسخت الاية السابقة فالاية السابقة فيها التخيير بين الصيام والاطعام. اما في هذه الاية فقد اوجب الله تعالى الصيام على الناس عينا. وقوله تعالى ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام النخر كرر الله تعالى الرخصة حتى لا يتوهم متوهم ان الرخصة قد نسخت. وقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. اخبر تعالى انه يحب التيسير على عباده ولا يحب التعسير عليهم وقد جعل الله امور هذه الامة مبناها على اليسر وازيل عنها كثير من الاصار والاغلال التي كانت على الامم السابقة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ان خير دينكم ايسره. وقوله تعالى تكمل العدة اي تكمل عدة شهر رمضان وهي ثلاثون يوما او تسعة وعشرون يوما وذلك برؤيته لا لشوال وقوله تعالى ولتكبروا الله على ما هداكم. ومنه التكبير الذي يكون في اخر انا من ليلة العيد اما برؤية هلال شوال او باستكمال عدة رمضان ثلاثون يوما الى صلاة العيد. وهو تكبير مطلق وذكر الله لهذا التكبير في كتابه الكريم يدل على اكديته. ولهذا ذهب بعض العلماء الى ان التكبير وليلة عيد الفطر اكد من التكبير في عشر ذي الحجة وايام التشريق. والتكبير من افضل انواع الذكر. ويقال قالوا ان كلمة الله اكبر ابلغ كلمة عند العرب في تعظيم الله عز وجل. وقوله تعالى ولعلكم تشكرون. اي تشكرون الله تعالى على نعمه عموما وعلى ما من به عليكم من اكمال الشهر وفعل ما تيسر من الاعمال الصالحة. ثم قال تعالى واذا سألك عبادي عني فان اني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان. فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. هذه الاية في الدعاء وقد وقعت بين ايات الصيام ومناسبة كون اية الدعاء بين صيام الاشارة الى ان الدعاء في شهر رمضان حري بالاجابة. وانه ينبغي للمسلم ان يكثر من دعائي في شهر رمضان ثم قال تعالى احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم هن لباس لكم وانتم لباس لهن. علم الله انكم كنتم تختانون انفسكم تاب عليكم وعفا عنكم. فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم. قوله احل لكم فيه اشارة الى النسخ وذلك انه في اول الاسلام كان من غربت عليه الشمس وهو نائم فلا يحل له ان يفطر الا بعد غروب شمس اليوم التالي وقوله الرفث الى نسائكم اي الجماع. هن لباس لكم وانتم لباس تلاهن ان يسترنكم عن الوقوع في المحرمات وانتم ايضا تسترونهن. والتعبير باللباس فيه اشارة الى القرب ملابسة وقوله علم الله انكم كنتم تختانون انفسكم فطاب عليكم وعفا عنكم اشارة الى انه كان يقع من بعض الناس الجماع في اول الامر مع انهم كانوا ممنوعين منه. وقوله الان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم. قيل في تفسير الاية هو طلب الولد لان الانسان يطلب الولد بالجماع. وقوله وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر. المقصود بالخيط الابيض بياض والنهار والخيط الاسود سواد الليل. اي حتى يتبين لكم بياض النهار من سواد الليل. وقوله ثم اتموا الصيام الى الليل. الليل يبدأ بغروب الشمس. وقوله ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد يدل على ان المعتكف ممنوع من الجماع ومقدماته. وقوله تلك حدود الله فلا تقربوا عدود الله هنا محارم الله. وقوله كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم يتقون اي لاجل تحقيق التقوى لله سبحانه. اللهم اجعلنا من عبادك المتقين. ووفقنا لما تحب وترضى من الاقوال والاعمال. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم