شهر رمضان الذي فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. بسم الله الرحمن الرحيم. الدرس السابع عشر بدر الحمدلله القوي المتين. والصلاة والسلام على عبده ورسوله المنصور ببدر بالملائكة وعلى اله واصحابه والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد فشهر رمضان شهر القرآن والفرقان. شهر رمضان الذي فيه القرآن. هدى للناس وبينة من الهدى والفرقان. وفي شهر رمضان فرقان من نوع اخر. فرقان بين الحق والباطل انه فرقان بدر المعركة الكبرى ان كنتم امنتم بالله انا انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان. هذه الغزوة الفاصلة في الاسلام والمسلمين قد تظمنت دروسا وعبرا كثيرة للامة على مر الاجيال. وقد وقعت هذه الغزوة في عشر من شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة. جمع الله تعالى بين المسلمين وبين عدوهم من غير ميعاد وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه خبر العير المقبلة من الشام لقريش. فندب الناس للخروج اليه واستطاع قائد تلك العيرية ابو سفيان النجاة بها ولكن قريش اصرت على الخروج لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرا ورياء الناس وصدا عن سبيل الله. حتى قال ابو جهل والله لا نرجع حتى نبلغ بدرا ونقيم فيه ثلاثا. ننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتسمع بنا العرب. فلا يهابوننا ابدا. واعلم النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه ان الله وعده احدى الطائفتين اما العرا واما قريشا اي اما الغنيمة والحصول على العير من دون قتال واما النصر على قريش تشار النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه وكان كثيرا ما يستشيرهم. امتثالا لامر ربه وشاورهم في الامر مع انه صلى الله عليه وسلم اصوب الناس عقلا واعظمهم بصيرة. ولكنه يريد ان تتأسى به امة في الاستشارة ولما استشار النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه قام المقداد بن عمرو رضي الله عنه فقال يا رسول الله امض لما امرت به فنحن معك. والله لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى فاذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون. فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا الى ابرك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. ثم قال صلى الله عليه وسلم اشيروا علي ايها الناس وانما يريد الانصار ففهمت الانصار انه يعنيهم وذلك لانهم انما بايعوه على ان يمنعوه انصروا في ديارهم فاستشارهم ليعلم ما عندهم. فقام سعد بن معاذ رضي الله عنه وقال والله كانك يا رسول الله تريدنا. قال اجل. فقال سعد اني لاقول عن الانصار الحبل من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من اموالنا ما شئت. وما اخذت منا كان احب الينا من ما تركت وما امرتنا فيه من امر فامرنا فيه تبع لامرك. فامض يا رسول الله لما اردت نحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف من ان واحد وما نكره ان نلقى عدونا غدا انا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء. ولعل الله يريك منا ما تقربه عينك. فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان اذا سر استنار وجهه كانه بدر. وقال سيروا وابشروا فان الله عز وجل قد وعدني احدى الطائفتين والله لك اني انظر الان الى مصارع القوم وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم باصحابه الى واختار المكان الاصلح بعد الاستشارة. فلما طلع المشركون وتراءى الجمعان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم اللهم هذه قريش جاءت بفخرها وخيلائها وخيرها. تحادك يكذب رسولك اللهم نصرك الذي وعدتني. اللهم انجز لي ما وعدتني. اللهم اني انشدك عهدك ووعدك اللهم ان شئت لم تعبد اللهم ان تهلك هذه طابت اليوم لا تعبد. وما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغيث ويتضرع طوال الليل فان الجميع في تلك الليلة ليلة بدر كان نائما الا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يدعو ربه تغيثوا ويتضرع ويلح على الله في الدعاء حتى سقط رداؤه من على منكبه. فاخذ ابو بكر رداءه ووضعه على منكبه وقال يا رسول الله كفاك مناشدتك لربك ان ربك سينجز لك ما وعدك فاغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم اغفاة ثم خرج وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر واخذ كفة من الحصباء فرمى به وجوه الاعداء وقال شاهت الوجوه. فلم تترك رجلا منهم الا ملأ وشغلوا في التراب في اعينهم وشغلوا المسلمون بقتلهم. سيهزم الجمع ويولون الدبر ترى ابليس برايته وجنوده مع المشركين والقى في قلوب المشركين انه لن يغلبكم احد. واني جار لكم فلما التقوا ونظر الشيطان الى امداد الله بالملائكة نكص على عقبيه. وقال اني بريء منكم ان اني ارى ما لا ترون. ووعظ النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه وحثهم على القتال بكلمات معدودات فقال قوموا الى جنة عرضها السماوات والارض. فقام عمير بن حمام رضي الله عنه وكان في يده يأكل منهن وقال يا رسول الله جنة عرضها السماوات والارض انها لحياة طويلة لئن بقيت حتى اكل هذه التمرات. فالقى التمرات التي في يده وقاتل مع المسلمين حتى قتل رضي الله الله عنه ونصر الله اولياءه وهزم المشركون فقتل منهم سبعون واسر منهم سبعون وقتل ابرز صناديدهم ونصر الله عبده واعز جنده وهزم الاحزاب وحده. ولقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة. فاتقوا الله لعلكم تشكرون. ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مؤيدا منصورا قد خافه كل عدو. واسلم بشر كثيرون من اهل المدينة فكانت تلك الغزوة فاتحة خير ونصرا عظيما للاسلام والمسلمين. اللهم انصر الاسلام والمسلمين. واجعلنا ممن انصار دينك. وثبتنا عليه الى ان نلقاك يا رب العالمين امين واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. وصلى الله على نبينا محمد محمد وعلى اله وصحبه وسلم وصحبه وسلم