شهر رمضان الذي فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. بسم الله الرحمن الرحيم. الدرس الثاني والعشرون ليلة القدر الحمدلله الذي من علينا بمواسم الخيرات وما تفضل به من جزيل العطايا والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد افضل البريات. وعلى اله وصحبه ومن دعاهم باحسان ما دامت الارض والسماوات وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ففي هذه في العشر المباركة ليلة القدر التي شرفها الله على غيرها ومن بها على هذه الامة. وخصها بالذكر في كتابه الكريم فقال انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين. فيها يفرق كل امر حكيم. امرا من اهدنا انا كنا مرسلين. رحمة من ربك انه هو السميع العليم. فوصفها بانها مباركة لكثرة خيرها وبركتها وفضلها ومن بركتها ان هذا القرآن المبارك انزل فيها. ووصفها بانه يفرق فيها كل امر حكيم. اي تفصل من اللوح المحفوظ الى الصحف التي بايدي الملائكة الكتبة ما هو كائن من امر الله عز وجل في تلك سنة من الارزاق والاجال والخير والشر وغير ذلك من كل امر حكيم من اوامر الله تعالى المحكمة المتقنة قال التي ليس فيها خلل ولا نقص ولا باطل. وقال تعالى انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من الف شهر تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر. فبين سبحانه ان هذا القرآن نزل في ليلة القدر ونزول القرآن المراد به ابتداء نزوله فقد كان ابتداء نزوله في ليلة القدر. والا فان القرآن نزل منجما على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة. وقيل ان المراد نزوله من اللوح المحفوظ الى بيت العزة في السماء الدنيا. والاول اظهر. والقدر بمعنى الشرف والتعظيم. او بمعنى التقدير والقضاء. لان ليلة القدر ليلة شريفة. يقدر الله تعالى فيها ما يكون في السنة ويقضيه من اموره الحكيمة المحكمة. وقوله سبحانه وما ادراك ما ليلة القدر استفهام للتفخيم والتعظيم هي ليلة عظيمة شريفة مهيبة. وقوله سبحانه ليلة القدر خير من الف شهر. اي في الفضل والشرف وكثرة الثواب والاجر. ولهذا من قامها ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وقوله سبحانه تنزل الملائكة. اي ان الملائكة تنزل الى الارض في تلك الليلة الشريفة بالخير والبركة والرحمة. والروح وهو جبريل عليه السلام خصه بالذكر لشرفه وفضله. تتنزل الملائكة لترى عبادة المؤمنين. سلام هي اي ليلة القدر سلام للمؤمنين من كل مخوف لكثرة من يعتق فيها من النار ويسلم من عذابها حتى مطلع الفجر اي ان ليلة القدر تبتدأ من غروب الشمس وتنتهي بطلوع الفجر لانتهاء عمل الليل ففي هذه السورة فضائل متعددة لليلة القدر. الفضيلة الاولى ان الله تعالى انزل فيه القرآن الذي به بداية البشر وسعادتهم في الدنيا والاخرة. الفضيلة الثانية ما يدل عليه الاستفهام من التفخيم والتعظيم في قوله وما ادراك ما ليلة القدر. الفضيلة الثالثة انها خير من الف شهر طيلة الرابعة ان الملائكة تتنزل فيها وهم لا يتنزلون الا بالخير والبركة والرحمة فضيلة الخامسة انها سلام لكثرة السلامة فيها من العقاب والعذاب. بما يقوم به العبد من طاعة لله عز وجل الفضيلة السادسة ان الله انزل في فضلها سورة كاملة تتلى الى يوم قيامة الساعة ومن فضائل ليلة القدر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قام ليلة القدر ايمانا احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. فقوله ايمانا اي ايمانا بالله وبما اعد من الثواب للقائل فيها وقوله احتساب ني طلبا للاجر والثواب. وليلة القدر في العشر الاواخر من رمضان. وعلى يجتهد في جميع ليالي العشر فانه اذا اجتهد في جميع الليالي ادرك ليلة القدر لا محالة ومن المسائل التي يكثر السؤال عنها هل ليلة القدر ثابتة في ليلة معينة ام انها تتنقل؟ فمن اهل العلم من قال انها تنقل فتكون في سنة ليلة احدى وعشرين. وفي سنة ليلة سبع وعشرين وفي سنة ليلة تسع وعشرين. وذهب اكثر العلماء الى ان ليلة القدر ثابتة في ليلة معينة وانها لا تتنقل. وهذا هو الراجح لان ليلة القدر انما اكتسبت شرفها وفضلها بنزول القرآن فيها. انا انزلناه في ليلة القدر انا انزلناه في ليلة مباركة. والقول بالتنقل ينافي هذا المعنى يوم عاشوراء اكتسب شرفه لانه يوافق اليوم العاشر من شهر محرم. وهو اليوم الذي نجى الله فيه موسى فلا يمكن ان يتنقل. وهكذا بالنسبة ايضا لليلة القدر. اكتسبت شرفها بنزول القرآن فيها فلا لا يمكن ان تتنقل لان القرآن نزل في ليلة واحدة. ومما يدل لهذا القول ان النبي صلى الله عليه عليه وسلم اري هذه الليلة ثم انسيها. ولو كانت تتنقل لكان لما انسيها في ذلك العام اخبر بها في العام الذي بعده وفي الاعوام المقبلة. فهذا دليل على انها لا تتنقل. ايها الاخوة ان العمل الصالح في ليلة القدر خير من العمل في الف شهر. والف شهر تعادل ثلاثا وثمانين سنة واربعة اشهر فمن وفق للعمل في هذه الليلة فقد وفق لخير عظيم. عمل في ليلة هي سويعات خير من العمل في الف شهر. فمن وفق لليلة القدر فكأنما اضاف لعمره عمرا مديدا ايدا وقد ذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم اري اعمار الامم السابقة فوجد انها طويلة. وان انهم يعيشون مئات السنين ونوح لبث في قومه الف سنة الا خمسين عاما. واما اعمار امته بسطوا اعمارهم ما بين الستين الى السبعين. فكأنه تقاصر اعمار امته فاعطي وامته هذه الليلة سويعات يعملون فيها اعمالا صالحة يكون العمل فيها خيرا من العمل في الف شهر اللهم وفقنا لليلة القدر واجعلنا ممن يفوز فيها بجزيل الثواب وعظيم اللهم اجعلنا ممن يقوم ليلة القدر ايمانا واحتسابا. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم وصحبه وسلم