شهر رمضان الذي فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان بسم الله الرحمن الرحيم. الدرس الثالث والعشرون. الدعاء فضله وادابه. الحمد لله سميع الدعاء مجزل الثواب لمن اطاعه والعطاء. والصلاة والسلام على افضل الانبياء نبينا محمد على اله وصحبه الكرام الشرفاء. اما بعد فان الدعاء من اعظم العبادات بل قد ورد في الحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الدعاء هو العبادة. وورد ليس شيء اكرم على الله من الدعاء. وقد اخبر ربنا بانه قريب لمن دعاه فقال واذا سألك عبادي عني فاني قريب. اجيب دعوة الداعي اذا دعان. فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. وقد وقعت هذه الاية بين ايات الصيام ولعل السر في ذلك والله واعلم ان فيه اشارة الى ان الدعاء في هذا الشهر المبارك حري بالاجابة. وهذه الاية نزلت ما اتى اناس وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له يا رسول الله ربنا قريب فنناجيه بعيد فنناديه. فانزل الله عز وجل هذه الاية واذا سألك عبادي عني فان في قريبة. وتأمل قول الله تعالى فاني قريب. ولم يقل فقل لهم اني قريب. مع ان عامة الايات التي فيها السؤال ياتي الجواب بقل اشارة الى قرب الرب جل جلاله من الداعي قوله اجيب دعوة الداع اذا دعان. اي ان الله تعالى يجيب دعاء العبد اذا دعاه وتحققت الشروط وانتفت الموانع كما قال سبحانه وتعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم. ومما يدل على فضل الدعاء قول النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها اثم ولا قطيعة رحم الا اعطاه الله بها احدى ثلاث. اما ان تعجل له دعوته. واما ان يدخرها له في الله واما ان يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا اذا نكثر؟ قال الله اكثر. فقد قال ابن حجر رحمه الله كل داع يستجاب له لكن تتنوع الاجابة. فتارة تقع بعين ما دعا به بوتارة بعوضه. وعلى هذا فاجابة الدعاء اعم من قضاء الحاجات. وللدعاء اداب من ابرز اولا الاخلاص لله سبحانه. قال تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون. فهذا الاخلاص الذي صحب دعوة المضطر كان سببا لاجابة الدعاء مع وجود المانع وهو الشرك. فهؤلاء مشركون ومع ذلك اخلصوا لله في دعائهم بسبب بالاضطرار فاستجاب الله لهم. والمظلوم تستجاب دعوته لانه يدعو الله باخلاص وحرارة وبالظلم الذي وقع عليه كما قال صلى الله عليه وسلم اتق دعوة المظلوم. فانها ليس بينها وبين الله حجاب. ثانيا تقديم الداعي بين يدي دعائه الثناء على الله عز وجل ثم الصلاة على صلى الله عليه وسلم. وقد علمنا وادبنا ربنا سبحانه بهذا الادب في سورة الفاتحة. فان سورة سورة الفاتحة ابتدأت بالثناء على الله سبحانه. ثم بعد ذلك يأتي الدعاء العظيم اهدنا الصراط المستقيم ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو ولم يحمد الله ولم يصلي على رسوله قال عجل هذا ثالثا التضرع. قال تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية. فالله تعالى من عبده حين يدعوه ان يدعوه بتضرع. قال تعالى ان ابراهيم لاواه حليم اي كثير التأوه والتضرع. رابعا اخفاء الصوت بالدعاء. قال تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية فرفع الصوت ينافي التضرع وينافي الخشوع المطلوب وهو نوع من الاعتداء في الدعاء. ولهذا قال سبحانه ان الله لا يحب المعتدين. وقد اثنى الله على زكريا بقوله اذ نادى ربه نداء خفيا. ويلاحظ في دعاء القنوت من بعض ائمة المساجد رفع اصواتهم بالدعاء والذي ينبغي ان يخفض الامام الصوت بقدر ما يسمع من خلفه فقط. ويكون بصوت خاشع خامسا ما ذكره الله تعالى في قوله وادعوه خوفا وطمعا. اي الطمع في الاجابة فاذا الله تعالى ينبغي ان يقوى عندك الرجاء. مع الخوف من الله سبحانه وتعالى وخشيته والخوف الا يقبل من كهذا العمل فيكون هذا الشعور الخوف والطمع مصاحبا للدعاء. وهذا من اسباب الاجابة سادسا الا يستعجل اجابة الدعاء. فان استعجال الاجابة من موانع اجابة الدعاء. يقول النبي صلى الله عليه وسلم يستجاب لاحدكم ما لم يعجل. يقول دعوت فلم يستجب لي. وقد بين عليه الصلاة سلام صفة هذا الاستعجال يقول دعوت فلم يستجب لي. اي يتحسر ويترك الدعاء. هذا من من اعظم موانع اجابة الدعاء. سابعا ان يحرص الداعي على ان يدعو بجوامع الدعاء والدعاء بالمأثور. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار من الدعاء جوامعه ويدع ما سوى ذلك. ثامنا الحرص على طيب فان المكسب الخبيث من موانع اجابة الدعاء. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر واشعث اغبر يمد يديه الى السماء يا رب يا رب. ومطعمه حرام ومشربه حرام البسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ اللهم تقبل منا الصيام ووفقنا لما تحب وترضى من الاقوال والاعمال. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وصحبه اجمعين