شهر رمضان الذي فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. بسم الله الرحمن الرحيم. الدرس التاسع عشر فتح مكة الحمد لله وحده اعز جنده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده والصلاة السلام على افضل رسله نبينا محمد وعلى اله وصحبه. اما بعد. ففي التاسع عشر في مثل هذا الشهر من السنة الثامنة للهجرة كان فتح مكة البلد الامين. الفتح الاعظم الذي اعز الله به دينه ورسوله له وجنده وهو الفتح الذي دخل الناس به في دين الله افواجا. واشرق به وجه الارض ضياء ان وابتهاجا وسبب هذا الفتح انه لما تم الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش في الحديبية في السنة السادسة كان من احب ان يدخل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعل ومن احب ان يدخل في عهد قريش فعل دخلت خزاعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ودخلت بنو بكر في عهد قريش. وكان بين القبيلتين دماء في الجاهلية انتهجت بنو بكر هذه الهدنة فاغارت على خزاعة وهم امنون. واعانت قريش حلفائها بني بكر بالرجال سلاحي سرا على خزاعة. حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم. فقدم جماعة منهم الى النبي صلى الله عليه وسلم اخبروه بما صنعت بنو بكر واعانة قريش لها. اما قريش فسقط في ايديهم ورأوا انهم بفعلهم هذا نقى قضوا عهدهم فارسلوا زعيمهم ابا سفيان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشد العقد ويزيد في المدة. فكلم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فلم يرد عليه. ثم كلم ابا بكر وعمر ليشفع له الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفلح. ثم كلم علي ابن ابي طالب فلم يفلح ايضا. واما النبي صلى الله عليه وسلم فقد امر اصحابه بالتجهز للقتال واخبرهم بما يريد. واستنفر من حوله من القبائل وقال اللهم مأخوذ الاخبار والعيون عن قريش حتى نبغتها في بلادها. ثم خرج من المدينة بنحو عشرة الاف قاتل وامر النبي صلى الله عليه وسلم العباس ان يوقف ابا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى يمر به المسلمون فمرت به القبائل على راياتها ما تمر به قبيلة الا سأل عنها العباس فيخبره. فيقول ما لي ولها حتى اقبلت كتيبة لم يرى مثلها. فقال من هذه؟ قال العباس وهؤلاء الانصار عليهم سعد بن ابن عبادة معه الراية. فلما حاذاه سعد قال ابا سفيان اليوم يوم الملحمة. اليوم تستحل فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بابي سفيان اخبره بما قال سعد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم كذب سعد ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة. ثم ما امر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تؤخذ الراية من سعد وتدفع الى ابنه قيس. ورأى انها لم تخرج عن سعد خروجا كاملا اذ صغرت الى ابنه. ثم مضى صلى الله عليه وسلم وامر ان تركز رايته بالحزن. ثم دخل مكة فاتحا مؤزرا منشورا. قد طأطأ رأسه تواضعا لله عز وجل. حتى ان لا تكاد تمس رحله وهو يقرأ انا فتحنا لك فتحا مبينا. ويرجعها ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد الحرام. وكان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنم فجعل يطعنها بقوس معه وهو يقول وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا. قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعين والاصنام تتساقط على وجوهها. ثم دخل الكعبة فاذا بها صور فامر بها فمحيت ثم صلى فيها فلما فرغ دار فيها وكبر في نواحيها ووحد الله عز وجل. ثم وقف على باب الكعبة وقريش تحته ينتظرون ماذا يفعل؟ فاخذ بعضادتي الباب وقال لا اله الا الله وحده لا شريك شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا اله الا الله وحده صدقة وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده. ثم قال يا معشر قريش ما تظنون اني فاعل بكم قالوا خيرا اخ كريم وابن اخ كريم. قال فاني اقول لكم كما قال يوسف اخوته لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين. اذهبوا فانتم الطلقاء. لم يستغلا لحظة النصر هذه في الانتقام ممن اذاه وشد الاذى سنين طويلة وانما اعلن العفو والصفح عنهم هذه هي اخلاق الانبياء هذه هي اخلاق العظماء فصلوات الله وسلامه عليه. وبهذا الفتح المبين تم نصر الله ودخل الناس في دين الله افواجا واصبحت مكة بلدا اسلاميا حل فيها التوحيد عن الشرك. والايمان عن الكفر. وصارت الدولة واندحر الشرك واهله. اذا جاء نصر الله والفتح. ورأيت الناس يدخلون هنا في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره. انه كان توابا. اللهم عز الاسلام والمسلمين. واذل الشرك والمشركين. واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. الاحياء منهم والميتين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اله وصحبه جماعين