شهر رمضان الذي فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. بسم الله الرحمن الرحيم. الدرس العشرون. فضل عشر الاواخر من رمضان. الحمدلله الذي جعل شهر رمضان موسما للتجارة مع الله بالاعمال الصالحة الصالحات يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات. والصلاة والسلام على رسوله خير من جد وقام وازكى من صلى وصام. وعلى اله وصحبه البررة الكرام. اما بعد فها هو قد مضى من هذا الشهر المبارك الثلثان وما بقي الا الثلث. وما تبقى خير مما مضى ونستقبل موسما عظيما موسيم ليالي العشر الاواخر من رمضان. التي شرفها الله بان جعل فيها ليلة خير من الف شهر. هذه الليالي التي هي افضل ليالي السنة على الاطلاق فالاعمال الصالحة في هذه العشر اجورها مضاعفة وثوابها جزيل. فهي والله غنيمة عظيمة لمن وفقه الله. فالغنائم الغنائم قبل الفوات. والعزائم العزائم قبل الندم الحسرات هذه العشر المباركة قد اطلت علينا تستح همم المتقين. وتستنهض عزم عابدين. هذه العشر المباركة اختصها الله تعالى بالفضائل والاجور الكثيرة. والخيرات الوفيرة ومنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد بالعمل فيها اكثر من غيرها. فعن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر شد مئزره واحيا ليله وايقظ اهله وقول ما شد مئزره المراد بذلك الاجتهاد في العبادات زيادة على عادته صلى الله عليه وسلم قيل هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات. وقالت ايضا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الاواخر ما لا يجتهد في غيره. وعنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فاذا دخلت العشر شمر وشد المأزر. ومن خصائصها ان النبي صلى الله عليه وسلم فكان اذا دخلت العشر اعتكف في مسجده مجتهدا في عبادة ربه متحريا ليلة القدر. اي انه عليه والصلاة والسلام اذا دخلت العشر انقطع عن الدنيا وعن الناس وتفرغ للعبادة تفرغا تاما مع انه عليه الصلاة والسلام قائد دولة الاسلام ومفتي الانام وهو النبي والمرشد والموجه للامة ومع ذلك اذا دخلت هذه العشر المباركة تعتزل الناس واعتكف في المسجد منقطعا لعبادة ربه وانما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في هذه العشر طلبا لليلة عظيمة. وهي ليلة القدر التي فيها خير من العمل في الف شهر. فينبغي لنا ان نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم وان تفرغ للعبادة في هذه العشر المباركة وفي هذا الموسم العظيم. او على الاقل نتخفف من مشاغل دنيا التي لا تنقضي ومن خصائصها ان فيها ليلة القدر التي هي خير من الف شهر رحمكم الله لهذه العشر فضلها ولا تضيعوها. فوقتها ثمين وخيرها ظاهر مبين ومما يدل على فضيلة هذه العشر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ فيها اهله للصلاة والذكر حرصا على اغتنام هذه الليالي المباركة بما هي جديرة به من العبادة. فانها فرصة العمر غنيمة لمن وفقه الله عز وجل. فلا يليق بالعاقل ان يفوتها هذه الفرصة الثمينة على نفسك ها؟ فينبغي للمسلم ان يجتهد في هذه الليالي المباركة حتى يدرك ليلة القدر. وينبغي ان يقوم مع جميع هذه الليالي حتى يكتب له قيام ليلة. واذا كتب له قيام ليلة فيكون قد وافق قيام ليلة القدر. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وان مما يؤسف له غفلة بعض المسلمين عن مثل هذه المواسم الفاضلة وانشغالهم بامور يمكن تأجيلها او قضاؤها في وقت اخر. واذا اردت البرهان لذلك فانظر الى ازدحام اسواق وكثرة الناس فيها في هذه الليالي الفاضلة المباركة. فينبغي للمسلم ان يغتنم هذه الليالي المباركة لعله ان يدرك ليلة القدر. ولعله ان يدرك نفحة من نفحات الرب عز وجل ليكتب الله تعالى له بسببها سعادة الدنيا والاخرة. وافضل الاعمال التي تفعل في هذه الليالي المباركة الصلاة. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحيي هذه الليالي المباركة او اكثرها بالصلاة ومن الاعمال التي ينبغي الحرص عليها في هذه العشر المباركة الاكثار من الدعاء. فان الدعاء حري بالاجابة ولهذا جاءت اية الدعاء واذا سألك عبادي عني فاني قريب. اجيب دعوة دعوة الداع اذا دعت بين ايات الصيام. وفي هذا اشارة الى انه ينبغي للصائم ان يكثر من الدعاء في شهر الصيام ولا سيما في هذه العشر المباركة. ومما يشرع في هذه العشر الاعتكاف فاذا تيسر مسلميا يعتكف هذه العشر المباركة فهذه هي السنة. وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم واذا لم يتيسر له ذلك فلا اقل من ان يعتكف في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر. ايها الاخوة ليال عشر ليال مباركة فهي انس المجتهدين. ورياض المتهجدين وقرة عيون متعبد يشمر فيها للعبادة المتقون. ويتنافس في فضائلها المتنافسون فيها لنفحات الرب الكريم. احيوا هذه الليالي بقلوب خاشعة. واطلبوا سلعة الله الغالية. اللهم بارك لنا في هذه الليالي العشر. ووفقنا فيها لليلة القدر واجعلنا ممن يفوز فيها بجزيل الثواب وعظيم الاجر. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم اله وصحبه وسلم