شهر رمضان الذي فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. بسم الله الرحمن الرحيم. اهمية الصلاة وعظيم منزلتها في الدين الحمد لله الذي جعل الصلاة عمود دين الاسلام ووعد المحافظين عليها بالثواب العظيم والاجر التام والصلاة والسلام على خير الانام وعلى اله وصحبه الكرام. وبعد. فان عمود الاسلام واكد اركانه بعد الشهادتين الصلاة. وهي اول ما يحاسب عليه العبد من اعماله يوم القيامة فان صلحت صلح سائر عمله وان فسدت فسد سائر عمله. وهي احب الاعمال الى الله تعالى في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم اي العمل احب الى الله قال الصلاة على وقتها. وهي الصلة بين العبد وربه. فمن قطع هذه الصلة ولم يركع لله ركعة من جمعة او جماعة فقد خرج عن دائرة الاسلام. يقول الله تعالى فخلف من بعدهم خلف الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا. الا من تاب وامن وعمل الى صالحا. فتأمل قول الله وامن لفيه اشارة الى ان من اضاع الصلاة فليس بمؤمن ويقول النبي صلى الله عليه وسلم العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة. فمن تركها فقد كفر ويقول ان بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. وقد نقل التابعي الجليل عبدالله بن شقيق عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انهم كانوا لا يرون شيئا من الاعمال تركه كفر غير الصلاة. ونقل اسحاق ابن نورا هوايها الاجماع من زمن الصحابة الى زمنه على كفر تارك الصلاة. وان من ينظر الى عناية الشريعة بهذه العبادة لا يعجب حينما يقال ان من ترك الصلاة بالكلية فقد كفر وخرج عن ظاهرة الاسلام ومن كان يصلي احيانا ويترك احيانا فلا يكفر على القول الراجح. لكنه يكون من الساهين الذين توعدهم الله بقوله فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. ومن عناية الشريعة هذه العبادة العظيمة انها اول ما فرضت فرضت في السماء. فاسري بنبينا صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ثم عرج به الى السماء حتى جاوز السبع الطباق. وحتى وصل الى سدرة المنتهى وفرض الله عليه وعلى امته هذه العبادة العظيمة. ولما فرضها الله عليه وعلى امته فرضها خمسين صلاة في اليوم والليلة. ومن رحمة الله تعالى بهذه الامة ان قيض موسى عليه الصلاة والسلام. فسأل نبيا صلى الله عليه وسلم ما فرض ربك على امتك. قال خمسين صلاة في اليوم والليلة. قال فاني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني اسرائيل اشد المعالجة. وان امتك لا تطيق ذلك. فارجع الى ربك فاسأله التخفيف. فكان في هذا رحمة بهذه الامة. وكانت مشورة عظيمة من موسى عليه الصلاة والسلام لنبينا صلى الله عليه وسلم. فرجع نبينا صلى الله عليه وسلم الى الرب جل جلاله فسأله فيفا عن امته احط عنه عشرا ثم ما زال يراجع ربه حتى اصبحت خمس صلوات في اليوم والليلة. وقال موسى ارجع الى ربك فاسأله التخفيف. قال عليه الصلاة والسلام سألت ربي حتى استحييت. ولكني ارضى واسلم فلما جاوزت نادى مناد امضيت فريضتي وخففت عن عبادي واجزي الحسنة عشرا فهي خمس في الفعل خمسون في الميزان. فكان التخفيف انما هو تخفيف في الفعل. واما في الاجر والثواب فانها لم تخفف. فاجر هذه الصلوات الخمس التي نصليها اجر خمسين صلاة. ثم ياتي بعد ذلك تضعف الحسنة بعشر امثالها الى اضعاف كثيرة. فانظروا الى العناية العظيمة بهذه العبادة ويظهر ذلك من وجوه الوجه الاول انها لما فرضت فرضت من الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مباشرة بينما بقية فرائض الاسلام تفرض من الله على نبينا صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل الوجه الثاني انها لما فرضت فرضت خمسين صلاة في اليوم والليلة وخمسون صلاة في اربع وعشرين ساعة تستغرق من الانسان وقتا كبيرا. ولكن هذا يدل على محبة الله عز وجل لهذا النوع من التعبد الوجه الثالث انها فرضت في ذلك المكان الرفيع وهو اعلى مكان وصله البشر. الوجه الرابع انها لما خففت كان التخفيف في الفعل ولم تخفف في الاجر والثواب. وقد كان الصحابة يحرصون على الصلاة غاية حرص لعلمهم بعظيم شأنها ومنزلتها في الاسلام. حتى ان الواحد منهم اذا مرض وهو معذور في تركه لصلاة الجماعة يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. كما قال ابن مسعود رضي الله عنه ولقد رأيتنا الصحابة وما يتخلف عنها الا منافق معلوم النفاق. ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. سبحان الله! رجل مريض لا يستطيع ان يمشي ويأتي للمسجد ومع ذلك يصر على ان يأتي للمسجد ويهادى بين الرجلين ان يعضض له عن يمينه وعن شماله حتى يقام في الصف كي يدرك الصلاة مع الجماعة في المسجد. ولما طعن عمر رضي الله عنه لم يقطع الصحابة الصلاة. وانما اخذ عمر بيد عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه فقدمه واتم بهم صلاة خفيفة. وقال عمر بن الخطاب رضي الله لا حظ في الاسلام لمن ترك الصلاة. وكان رضي الله عنه يكتب الى عماله فيقول ان اهم امركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه. ومن ضيعها فهو لما سواها اضيع والشيطان للانسان بالمرصاد فهو اولا يحرص على ان يهون عليه شأن الصلاة حتى يتركها. فان تركها فقد استراح منه ثم ان لم يتركها فانه يحرص على ان يهون عليه صلاة الجماعة في المسجد تثاقل عنها او عن بعض الصلوات كصلاة الفجر. فان عجز عنه فانه يهون عليه شأن التبكير الى الصلاة حتى تأخر عنها ثم ان عجز عنه فانه يقبل عليه بالوساوس حتى يشوش عليه صلاته فلا يخشع فيه والسبب الرئيسي للتساهل بالصلاة والذي تتفرع عنه بقية الاسباب هو قلة الاهتمام بها. والا لو كانت الصلاة واكبر اهتمامات الانسان فانه سيحافظ عليها. اما عندما تكون الصلاة ليس لها كبير اهمية في حياة الانسان ويجعلها على الهامشين اتسع له الوقت صلى وان لم يصلي او صلاها بعد خروج وقتها فهذا يحافظ عليها بل سيجد ثقلا وتكاسلا عنها. مع ان هذا الانسان ربما تجده في امور دنياه حريصا عليها لا يتأخر عن وظيفته حريصا على الاخذ باسباب الرزق. ولكن عندما تتأمل في واقعه بالنسبة للصلاة تجد ان عنده تقصيرا وتساهلا كبيرا بشأن الصلاة. اللهم اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا. ربنا تقبل دعائنا واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الاحياء منهم والميتين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وصحبه اجمعين