شهر رمضان الذي فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. بسم الله الرحمن الرحيم. الدرس الثامن والعشرون. زكاة الفطر الحمدلله المتفرد بالجلال والبقاء والعظمة والكبرياء. والصلاة والسلام على رسوله محمد اشرف الانبياء وعلى اله وصحبه الكرام النجباء. اما بعد فان شهر كم قد عزم على الرحيل ولم يبقى منه الا القليل فاجتهدوا فيما تبقى من هذا الشهر واهتموا بما يقربكم من الله الجليل. ايها الاخوة قد شرع الله تعالى في اخر هذا الشهر عبادات تقربكم من الله تعالى رحمة منه واحسانا. ومن ذلك زكاة الفطر. وقد فرضها رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم على المسلمين على الصغير والكبير والذكر والانثى والحر والعبد من المسلمين. والحكمة من مشروع ان فيها احسانا للفقراء والمساكين لكي يشاركوا الاغنياء فرحهم بالعيد. فيكون يوم العيد يوم فرح وسرور للجميع. كما ان فيها جبرا لما قد يكون من النقص والخلل من الصايم. فان الصائم في شهر رمضان قد يعتري صومه ما قد تليه من النقص والخلل وكل معصية تقع من الصائم تنقص من اجر صومه. فشرعت زكاة الفطر جبرا لهذا النقص والخل كما ان فيها شكرا لنعمة الله تعالى على الصائم ان بلغه شهر رمضان ووفقه لفعل ما تيسر من الاعمال الصالحة وزكاة الفطر فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما كما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر او صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والانثى والصغير والكبير من المسلمين وكان الطعام عند الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هو التمر والبر والشعير والزبيب والاقط. فكانت هذه الاصناف الخمسة هي الطعام السائد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. قال اهل العلم ان الواجب في اخراجها ان تخرج من طعام الذي يقتاته الناس من غالب قوت اهل البلد. ولذا فلا بأس ان تخرج في وقتنا الحاضر من الارز. لانه قوت يقتاته الناس وطعام طيب ولا يجزئ اخراجها نقودا وانما يجب اخراجها طعاما في قول جمهور الفقهاء. لان النبي صلى الله عليه وسلم انما امر باخراجها طعاما مع وجود النقد في زمنه عليه الصلاة والسلام. وحتى تبرز هذه الشعيرة عن زكاة المال وغيرها فاخراجها طعاما يراها الصغير والكبير وعامة الناس يجعلها شعيرة ظاهرة في المجتمع خلاف ما اذا اخرجت نقودا فلا يصبح فرق بينها وبين زكاة المال. ومقدارها صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ويعادل كيلوين وربعا من الارز تقريبا اذا كانت ستخرج من الارز. ولو احتاط المسلم واراد ان يخرجها ثلاثة كيلو جرامات خروجا من الخلاف في تقديرها فهذا هو الاحوط. وما قد يزيد عن الواجب ينويه صدقة. واما وقت وجوبها فتجب بغروب الشمس ليلة العيد ويترتب على ذلك انه لو مات انسان قبل غروب الشمس ليلة العيد لم يجب اخراج زكاة الفطر عنه. ولو مات بعد غروب شمس ليلة العيد ولو بدقيقة واحدة فيجب اخراج زكاة الفطر عنه. كما انه لو تزوج انسان ودخل بامرأته قبل غروب الشمس ليلة العيد لزمه ان يخرج زكاة الفطر عنها. ولو كان بعد غروب الشمس ليلة العيد لم يلزمه. كما انه لو ولد لانسان قبل غروب الشمس ليلة العيد وجب اخراج زكاة الفطر عنه. ولو ولد له بعد غروب الشمس ليلة العيد لم يجب اخراج زكاة الفطر عنه لكن العلماء استحبوا اخراج زكاة الفطر عن الجنين الذي في البطن اذا كان عمره اربعة اشهر فاكثر. واما وقت يجوز اخراج زكاة الفطر قبل العيد بيوم او يومين. وعلى ذلك فيكون اول وقت لاخراج زكاة الفطر هو غروب شمس اليوم الثامن والعشرين من رمضان ويمتد وقت زكاة الفطر الى صلاة العيد. والافضل ان تخرج يوم العيد قبل الصلاة ما اخراجها بعد صلاة العيد فلا يجزئ. لقول ابن عباس فمن اداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة. ومن اداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. والمستحقون لها هم الفقراء والمساكين. ويجوز اعطاؤها لمن يقبلها ممن لم يظهر عليه غنى وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعطيها من قبلها ويجوز دفع عدد من الفطر لمسكين واحد ويجوز دفع الفطرة الواحدة لاكثر من مسكين. لان النبي صلى الله عليه وسلم قدر المخرج وهو صاع ولم يقدر عدد المساكين وينبغي للمسلم ان يحرص على اخراجها طيبة بها نفسه. وان يختار اطيب الطعام ولا يتبعها بمنة ولا اذى فانها صاع واحد في العام. فينبغي ان يحرص على تطبيق السنة في اخراجها. اللهم اختم لنا شهر رمضان رضوانك واجرنا من عقوبتك ونيرانك. ودد علينا بفضلك ورحمتك وامتنانك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وصحبه اجمعين