شهر رمضان الذي فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. بسم الله الرحمن الرحيم. وزن الاعمال يوم القيامة. الحمد فاطر الارض والسموات. عالم الاسرار والخفيات احاط بكل شيء علما. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما. وصلى الله على رسوله محمد وعلى اله وصحبه به وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فيقول الله تعالى ونضع الموازين القسط ليوم من القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين. يخبرنا ربنا عز وجل في هذه الاية عن الميزان الذي توزن به اعمال العباد يوم القيامة. فيقول ونضع الموازين القسط ليوم القيامة اي ونضع الموازين العدل ليوم القيامة وهو ميزان دقيق جدا يزن كل صغيرة وكبيرة واذا كان الناس اليوم يعرفون انها ادق موازين الدنيا هو ميزان الذهب. فان ميزان يوم القيامة يدق منه ويزن مثقال حبة من الخردل. وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها بنا حاسبين. ويزن مثقال الذرة. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. وقد دلت السنة على ان ميزان الاعمال له كفتان حسية توضع الحسنات في كفة والسيئات في الكفة الاخرى ثم توزن. فان ثقلت كفة الحسنات ولو بحسنة واحدة كان من اهل الجنة. وان رجحت كفة السيئات ولو بسيئة واحدة كان من اهل النار الا ان يعفو الله عنه. كما قال سبحانه فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا انفسهم بما كانوا باياتنا يظلمون. ويقول سبحانه موازينه فهو في عيشة راضية. واما من خفت موازينه فهم هاوية وما ادراك ما هي نار حامية. فيا اخي المسلم استحضر عند اي طاعة انك ترجو ان تكون في كفة ميزان الحسنات. وفي المقابل استحضرن كل ما يقع منك من معصية كونوا في كفة ميزان السيئات. وهذا الاستحضار يشجع المسلم على فعل مزيد من الطاعات. فهو في كل يوم يحرص على ان يضع في كفة ميزان الحسنات مزيدا من الاعمال الصالحة. حتى تثقل. ويجعل المسلم يكف عن المعاصي فهو يحرص على الا يضع في كفة ميزان السيئات ذنوبا وسيئات تثقل كفة ميزان السيئ ومن رجحت كفة حسناته فهو المفلح. ثم درجة هذا الفلاح تكون بحسب اعماله. فيكون في اعلى درجات فيدناها وفيما بينهما. وان رجحت كفة السيئات فهو الخاسر. وهذا الخسران يكون كذلك بحسب باعماله فاما ان يكون في الدرك الاسفل من النار او يكون من اقل اهل النار عذابا او فيما بينهما. والناس وعند الميزان ينقسمون الى اقسام فمنهم اناس ترجح كفة حسناتهم فيكونون في الجنة. ومنهم اناس ترجح عفة سيئاتهم فهم مستحقون عذاب النار. الا ان يعفو الله تعالى على من شاء منهم. ومنهم اناس ثم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فلا تزيد كفة الحسنات ولو بحسنة واحدة. ولا تزيد كفة السيئات بسيئة واحدة هؤلاء هم اهل الاعراف. يكونون في مكان عال مرتفع يرون النار ويرون الجنة يبقون فيها ما شاء الله وفي النهاية يدخلون الجنة برحمة ارحم الراحمين. وهذا من امام عدل الله تعالى انهم لا يتساوون مع اهل الجنة. الذين ثقلت كفة حسناتهم في دخول الجنة. بل يتأخرون عنهم كما ذكر الله تعالى شأنهم في سورة الاعراف. ووزن الاعمال بهذه الدقة المتناهية يدل على عظيم لله تعالى والانسان في الاخرة يرى كل شيء مرتبا على ما عمل في هذه الدنيا. ويرى تمام عدل الله سبحانه كما قال الله عز وجل اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم ان الله سريع الحساب. فالدار الاخرة هي دار الجزاء. وهي دار العدالة المطلقة واما الدنيا فليست بدار عدالة بل فيها ظالم ومظلوم لانها ليست بدار جزاء. والاعمال تتفاوت في تثقيل كفة ميزان الحسنات. ومن اعظم ما يثقل به ميزان العبد يوم القيامة امور. منها توحيد الخالص فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تخلص رجلا من امتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة. فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا سيدي مثل مد البصر. ثم يقول اتنكر من هذا شيئا؟ اظلمك كتبت الحافظون؟ فيقول لا يا رب فيقول افلك عذر؟ فيقول لا يا رب. فيقول بلى ان لك عندنا حسنة. فان انه لا ظلم عليك اليوم فتخرج بطاقة فيها اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله فيقول يا ربي ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال انك لا تظلم. قال فتوضع والسجلات في كفة والبطاقة في كفة. فطاشت السجلات وثقلت البطاقة. فلا يثقل مع لله شيء. فانظروا الى عظيم شأن التوحيد. وانه من اعظم ما يثقل ميزان العبد يوم القيامة ومن ذلك حسن الخلق. فعن ابي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اثقل شيء في الميزان يوم القيامة الخلق الحسن. وانما كان الخلق الحسن من اثقل ما يكون في الميزان. لانه يصحب اعمال صالحة كثيرة من القاء السلام وحسن المعاملة وكف الاذى والقيام بحقوق المسلمين وغير ذلك ومن ذلك الذكر فهو مما يثقل به الميزان خاصة التسبيح والتحميد. فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم كلمتان حبيبتان الى الرحمن خفيفتان على اللسان قيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. وعن ابي مالك الاشعري رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الايمان. والحمدلله تملأ الميزان. وسبحان الله الله والحمدلله تملآن او تملأ ما بين السماوات والارض. اللهم ثقل موازيننا بالاعمال الصالحة وبيض وجوهنا وادخلنا الجنة واعذنا من النار واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. الاحياء منهم والميتين. يا رب وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين