الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين. اما بعد فنقف وقفات مع قول الله عز وجل وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا وشهداء على الناس ويكون الرسول شهيدا عليكم. وكذلك جعلناكم امة وسطا. يعني هذه الامة وهي امة محمد صلى الله عليه وسلم جعلها الله تعالى امة وسطا ومعنى وسطا يعني عدولا خيارا وليس المقصود بالوسط ما يعتقده بعض العامة من ان الوسط التنازل عن بعض امور الدين هذا غير صحيح وانما المقصود عدولا خيارا. فالوسط في اللغة العربية تطلق على المنزلة بين يقال هذا وسط بين كذا وكذا. وتطلق على الخيار العدول. ولذلك فان صلاة العصر هي الصلاة الوسطى لانها افضل الصلوات. والنبي صلى الله عليه وسلم بعث في اوسط قومه. يعني في خير قومه نسبا والعرب اوسطوا قبائل العرب نسبا يعني خيار قبائل العرب. فهذه كلمة تدل حول معنى تأتي كلمة وسطا تدل على معنى الخيار العدول. فهذه الامة هي خير امة اخرجت للناس هي افضل الامم وهي خير الامم. وقد ورد في الحديث انه يوم القيامة ما من احد الا ويتمنى انه من هذه لما يرى من اكرام الله لها وقد جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال يوما اصحابه اترظون ان تكونوا ربع اهل الجنة؟ قالوا فحمدنا الله وكبرنا. ثم قال اترظون ان تكونوا اهل الجنة قالوا فحمدنا الله وكبرنا. ثم قال اترظون ان تكونوا نصف اهل الجنة؟ قال فحمدنا الله وكبرنا قال اني لارجو ان تكونوا نصف اهل الجنة. وما انتم في الامم الا الا كالشعرة كشعرة الثور كالشعرة في جلد الثور الابيظ كالشعرة السوداء في جلد الابيظ او كالشعرة البيظاء جلد الثور الاسود. وجاء عند الامام احمد بسند جيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اهل الجنة مئة وعشرون صفا ثمانون منها من هذه الامة اي ان هذه الامة يكون ثلثي اهل مع ان نسبة هذه الامة للامم الاخرى نسبة قليلة جدا هي نسبة شعرة في جلد ثور ما نسبة شعرة في جلد ثور؟ قليلة جدا. وهذا يدل على كثرة البشر. سبحان الله. يعني هذه الامة منذ ان بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم الى قيام الساعة مع هذه الاعداد الكثيرة من البشر مع ذلك نسبة الى سائر الامم كنسبة شعرة الى جلد ثور. فكم اعداد هؤلاء البشر؟ سبحان الذي خلقهم ورزقهم واحصاهم وعدهم عدا وكلهم اتيه يوم القيامة فردا وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس. كيف تكون هذه الامة شهداء على الناس بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين يؤتى بنوح ويقال له هل بلغت؟ فيقول نعم يا ربي. فيقال لامتي هل بلغكم نوح؟ فيقولون لا فيقال لنوح من يشهد معك؟ فيقول امة محمد فتأتي امة محمد وتشهد بان نوحا قد بلغ امته رسالة فيقول قوم نوح لامة محمد كيف تشهدون بذلك؟ وانتم انما جئتم بعدنا قالوا اخبرنا بذلك نبينا فصدقناه فشهدنا عليه. وجاء هذا عن نوح لكن جاء في الحديث الاخر انه يؤتى النبي ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان والنبي ومعه الرهط. يقال لكل نبي هل بلغت؟ يقول نعم. فيقال لامته هل بلغكم؟ فيقولون لا. فيقال للنبي من يشهد معك فيقول امة محمد فتشهد امة محمد بذلك وتعترض عليهم الامم يقولون كيف تشهدون وانما اتيتم بعدنا فيقولون اخبرنا بذلك نبينا فصدقناهم فشهدنا بذلك. فهذا معنى قول الله تعالى لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. فالرسول عليه الصلاة والسلام يشهد على امته. ونحن نشهد انه قد بلغ وانذر واعذر. ما من خير الا دل امته عليه. وما من شر الا حذرها منه يقول ابو ذر رضي الله عنه ما من طائر يطير الا وذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا منه علما. قال علمنا نبينا كل شيء حتى انه ما من طائر يطير الا وذكر لنا منه علما. وصحابته رضي الله عنهم للامة كل شيء حتى نقلوا اضطراب لحيته في الصلاة. وصفوا ذلك. فنقلوا للامة كل شيء من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قد اكمل الله تعالى به هذا الدين. واتم به النعمة. اليوم واكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. هذه الامة جعلها الله وسطا بين سائر الامم فهناك بعض الامم من تتشدد في دينها وتغلو وبعض الامم متساهلة فمثلا فيما يتعلق بالانبياء. هناك من يقتل الانبياء. وفي المقابل هناك من يغلو في الانبياء ويتخذهم الها من دون الله اما هذه الامة فانها تعظم الانبياء لكنها لا تتخذهم الهة من دون الله. وهكذا فيما يتعلق بسائر الامور في الطهارة مثلا هناك بعض الامم تشدد في الطهارة فاذا وقع الثوب على فاذا وقعت النجاسة على الثوب لم ينفع معه الغسل وانما لا بد من ان يقتطع ذلك الجزء الذي وقعت عليه النجاسة. بينما امم اخرى تتساهل في النجاسة ولا ترى بها بأسا هذه الأمة وسط. فالنجاسة لا تجوز معها الصلاة لكن تزال بالماء تزال هذه النجاسة بالماء او باي مزيل يزيلها. وهكذا في سائر الامور. هذه الامة وسط بين سائر الامم واهل السنة والجماعة وسط بين الفرق المنحرفة. فاهل السنة فيما يتعلق بنصوص الوعد والوعيد وسط بين المرجئة الذين يقولون لا يظر مع الايمان ذنب وبين الوعيدية من الخوارج والمعتزلة الذين الخوارج يكفرون مرتكب الكبيرة ومعتزلة يقولون في منزلة بين منزلتين ويقولون جميعا انه خالد في النار اما اهل السنة فيقولون هو في الدنيا مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته وفي الاخرة تحت مشيئة الله ان شاء عذبه وان شاء عفا عنه لكنه لا يخلد في النار. وهكذا في سائر الامور. اهل السنة والجماعة وسط بين الفرق وتجد ان كثيرا من الامور الغالب فيها ان الحق هو الوسط والاعتدال. في الغالب ان الحق هو في الوسط والاعتدال. وكما قال بعض السلف ما امر الله بامر الا وللشيطان فيه لا يبالي بايهما ظفر اما افراط واما تفريط. اما افراط وغلو في الدين وهذا منهي عنه واما تفريط وتحلل من الدين وهذا منهي عنه. فالافراط هو الغلو والتشدد. الذي اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه من اسباب هلاك الامم. انما اهلك من كان قبلكم غلوهم. اياكم والغلو في الدين. فانما اهلك من كان قبلكم تم غلوهم فالغلو من اسباب الهلاك. ولهذا قال الله عز وجل فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطغوا يعني لا تغلو وفي المقابل ايضا التحلل مذموم التحلل من امور الدين مذموم فالذي يتحلل ولا يأتمر باوامر الله ورسوله ويتجرأ على حرمات الله تعالى هذا ايضا مذموم والمطلوب هو الاعتدال ان يكون المسلم معتدلا وان يكون وسطا كوسطية هذه الامة فلا ولا تفريط ولا غلو ولا تحلل وانما يكون وسطا واذا تأملت حتى في باب الاخلاق تجد ان الوسط هو الصواب فمثلا الشجاعة خلق كريم فاضل وسط بين الجبن والتهور الجبن مذموم وفي المقابل التهور مذموم الشجاعة خلق كريم محمود الكرم خلق كريم ووسط بين خلقين مذمومين بين البخل وبين الاسراف. فالبخل مذموم والاسراف والتبذير مذموم. والكرم خلق ممدوح فاذا تجد ان الطرفين كلاهما مذموم. وان الوسطاء هو الصواب. ولهذا ينبغي ان ان يكون هذا مبدأ للمسلم في حياته ان يكون معتدلا في اموره كلها. وان يلزم الكتاب والسنة. فان من تمسك الكتاب والسنة كان معتدلا بعيدا عن الغلو وبعيدا عن التحلل. وعندما تجد المنحرفين تجد انهم يجنحون اما الى التحلل واما الى الغلو والتشدد. وكلاهما طرفان مذمومان. والمطلوب من المسلم ان يكون معتدلا من غير افراط ولا تفريط ومن غير ومن غير غلو ولا تحلل. اسأل الله تعالى ان يستعملنا جميعا في طاعته وان يعيننا على ذكره وعلى شكره وعلى حسن عبادته. اللهم تقبل منا انك انت السميع العليم. اللهم ربنا اغفر ذنوبنا واسرافنا في امرنا ووفقنا لما تحبه وترظى من الاقوال والاعمال وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين