الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد على اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين. اما بعد فيقول الله تبارك وتعالى الا انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا واثارهم. وكل شيء احصينا في امام مبين. انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا واثارا. فبين الله عز وجل انه يكتب للانسان امران. الامر الاول ما قدمت يداه. والامر الثاني اثار التي تكون بعد مماته. اما الامر الاول وهو ما قدمت يداه اي ما عمل من اعمال صالحة كما قال عز وجل يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا. فينظر انسان ما قدمت يداه من اعمال صالحة او اعمال سيئة. ويحاسب على ذلك. فالله تعالى يكتب للانسان ما قدم فان قدم خيرا جزاه الله تعالى بالخير وبالاجر العظيم والثواب وان قدم سوءا فلا يلومن الا نفسه. ما قدم الانسان في مجال الخير من صلوات وصدقات وزكوات وصيام وغير ذلك. هذه تكتب له يوم القيامة ولكن هناك شيء اخر يكتب للانسان ايضا. وهو الاثار واثاره. فان كانت الاثار اثار سيئة فانه يجري عليه وزرها وذنبها بعد مماته. نسأل الله السلامة والعافية. يكون قد مات لكن تكتب عليه ذنوب وسيئات ما دامت هذه الاثار السيئة موجودة كمن يخلف مثلا اشرطة اغاني مصحوبة بالمعازف. فكل من يستمع اليها فانه يأثم ويلحق الاثم هذا الذي قد خلف هذه الاشهر على سبيل المثال ولو كان بعد مماته فهي تأتي له فهي فهي هذه الاثار تأتي له بسيئات تكتب عليه بعد مماته. وفي المقابل هناك من من الله تعالى عليه وخلفوا اثارا حسنة فهذه الاثار الحسنة تدر على الانسان بعد مماته هو في عداد الاموات لكن اجره وثوابه يجري. وهذا من فضل الله وفضل الله يؤتيه من يشاء فما هي ابرز الاثار التي يجري ثوابها ونفعها للانسان بعد مماته؟ بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث. صدقة جارية او علمي ينتفع به او ولد صالح يدعو له. الامر الاول الصدقة الجارية. ما هي الصدقة الجارية؟ الصدقة جارية هي الوقف. والصدقة يجري للانسان نفعها وثوابها عموما. في حياته وبعد مماته لكنها اعظم ما تكون واجرا اذا كانت جارية. اي اذا كانت وقفا بحيث يسبل الاصل بحيث يحبس الاصل وتسب للمنفعة في وجوه البر وفي وجوه الخير. ولذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما اصاب مالا بخيبر هو انفس مال اصابه في حياته. يقول اتيت النبي صلى الله عليه وسلم استشيره فيه. قلت يا رسول الله اني اصبت مالا هو انفس مال في حياتي. فما تأمرني فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان شئت حبست اصلها وتصدقت بها. اي وقفتها وسبلتها فوقفها عمر رضي الله عنه قال اهل العلم والمستشار مؤتمن فلو كان هناك شيء افضل من الوقف لاشار به النبي صلى الله عليه وسلم على عمر فدل هذا على ان الوقفة في وجوه البر انه من افضل ما تبذل فيه الاموال بل هو افضل ما تبذل فيه الاموال ولهذا يقول جابر رضي الله عنه لم يكن احد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة الا ووقف. وحرص المسلمون على مر العصور الماضية على الوقف. انتشرت الاوقاف انتشارا واسعا. بل ان الحضارة الاسلامية فيما مضى كانت اعتمدوا اعتمادا كبيرا على الاوقاف. وكان دور الدولة الاسلامية في القرون السابقة هو حفظ الامن الداخلي والخارجي وحماية الثغور والتقاظي بين الناس. فقط وبقية الخدمات كانت تعتمد على الاوقاف ولكن السؤال الذي يطرح نفسه مع كثرة اوقاف المسلمين في القرون الماضية وفي الوقت الحاضر. اين هي الاوقاف؟ اين ذهبت هذه الاوقاف كثير من هذه الاوقاف قد ضاع وقد تعدت وقد عدا عليه من عدا واخذ هذه الاوقاف ضاعت كثير من الاوقاف وربما يكون من ابرز اسباب ظياعها عدم احسان النظارة فينبغي لمن اراد ان يوقف ان يحسن ترتيب نظارة الوقف وان يستشير اولا يستشير اهل العلم في وقفه وفي عبارة الوقف. اقتداء بعمر الذي استشار النبي صلى الله عليه وسلم. فانه ربما يشير عليه اهل العلم بشيء انفع مما يريد الوقف عليه وعليه ان يرتب امر النظارة فيقول الناظر بعد وفاته فلان ومن بعده فلان ومن بعده فلان وهكذا. والاحسن ان يجعل اجرة هذا الناظر حتى يتشجع في العناية بالوقف وفي حفظه. فيطول امد هذا الوقف وكلما انتفع بهذا الوقف جرى وثوابه لصاحبه هناك الان اوقاف لها مئات السنين تدر على اصحابها حسنات وهم في قبورهم. وهذا من التوفيق الذي الله تعالى له بعض الناس وناس ماتوا من مئات السنين ومع ذلك لا زالت هذه الاوقاف تدر عليهم حسنات واجورا عظيمة. والموفق من وفقه الله. الامر ثاني علم قال او علم ينتفع به فالعالم الذي يخلف كتبا ينتفع بها يجري له اجرها وثوابها بعد ممات. او يخلف طلبة وتلاميذ ومثل ذلك ايضا من اعان على نشر العلم بطباعة او دعم او نحو ذلك. فهؤلاء ايضا يجري لهم ثواب هذه الاعمال بعد مماتهم الامر الثالث قال او ولد صالح يدعو له فدل هذا على ان الدعاء للميت ينفعه والله تعالى قد امر بالدعاء للوالدين. فقال وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. وهذا يشمل الدعاء لهما في وبعد مماتهما. فالدعاء لهما من اعظم البر ولماذا وصف الولد بالصالح؟ وصفه بالصالح اولا لان الولد الصالح هو الذي يهتم بالدعاء لوالديه بخلاف غير الصالح فانه سرعان ما ينسى والديه. والامر الثاني ان دعاء الولد الصالح ارجى القبول والاجابة فعلينا جميعا ان ندعو لوالدينا احياء وامواتا فان هذا من اعظم البر بهما. هذه ايها الاخوة هي الاعمال التي يجري ثوابها ونفعها للانسان بعد مماته. واطرح يا اخي اطرح على نفسك هذا السؤال. اذا مت فما هي الاثار خلفتها ما هي الاثار الحسنة التي خلفتها؟ وما هي الاعمال التي يجري لي ثوابها بعد مماتي؟ اطرح على نفسك هذا السؤال احرص على ان يكون لك اعمال حسنة واثار يجري نفعها لك بعد مماتك. حتى تدر عليك حسنات وانت في قبرك فتغتبط بهذه الاثار. ونجد ايها الاخوة في الواقع نجد اثرياء. يموتون ولا يخلفون اثارا لا صدقات ولا اوقاف ولا اي شيء وربما ينساهم ورثتهم فلا يجعلون لهم شيئا من هذا. وهذا من قلة التوفيق. ولهذا لا يعتمد الانسان على سيفعله له اولاده او اهله بعد مماته. بل ما دام حيا يحرص على ان يجعل له اثارا حسنة. يجد له اجرها بعد مماته يجعل له صدقة جارية. يجعل له ما ينفعه بعد مماته. من الاثار الحسنة. فينبغي ايها الاخوة ان احرص على هذا على ان نوجد اثارا حسنة تبقى لنا بعد مماتنا. وينبغي المبادرة لذلك فان بعض الناس يرغب في هذه الامور ويرغب في ان تكون له اثار حسنة وان يجعل له صدقة جارية. لكنه يسوف ويسوف يظن ان العمر سيطول ويمتد به فاذا به قد بغته الموت فجأة وحينئذ ندم حين لا ينفع الندم. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وعنده شيء يريد ان يوصي فيه الا وصيته مكتوبة عند رأسه قال ابن عمر ما تركت وصيتي ما تركت كتابة وصيتي منذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فليحرص المسلم اذا على ان يبادر ان يبادر اذا كان يريد ان يوقف وقفا او يوصي وصية او يجعل له الحسنة تبقى له بعد مماته ان يبادر بذلك. والا يسوف والا يتأخر في هذا فانه ربما لو تأخر بغته الموت ولم يستطع حينئذ ان يجعل له اثارا حسنة تبقى له بعد مماته والموفق من وفقه الله عز وجل ونجد ايها الاخوة الفرق بين اثنين رجل ثري لكنه لم يجعل له اثارا حسنة ورجل ليس اثري وعنده اموال ليست كثيرة لكن الله وفقه لكي يجعل له اثارا حسنة. هذا الثري اذا مات انقطعت اعماله كلها. وهذه الثروة كلها ذهبت وذاك الانسان الذي ليس ثريا لكنه وفق لجعل وقف وصدقة جارية نجد ان ثواب هذه الصدقة الجارية وهذا الوقف يدر عليه حسنات وهو في قبره. وهذا من التوفيق الذي يوفق الله تعالى له بعض الناس اسأل الله تعالى ان يستعملني واياكم في طاعته. وان يوفقنا لما يحب ويرضى من الاقوال والاعمال. وان يعيننا على ذكره وعلى شكره وعلى طاعته وعلى حسن عبادته. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين