الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته الى يوم الدين اما بعد وقول الله تعالى والله يحب المحسنين تكررت في القرآن الكريم في عدة مواضع واي انسان يطمح لمحبة الله فان محبة الله عز وجل هي الشرف العظيم الذي لا اعظم منه ان الرب العظيم الخالق لهذا الكون يحب هذا المخلوق الظعيف المسكين فهذه المنزلة الرفيعة ان الله يحب الانسان هذه من المنازل العليا التي يستشرف لها اي عاقل. وهذه الاية تدل على ان من اسباب نيل محبة الله سبحانه الاحسان وان يكثر الاحسان من الانسان حتى يوصف بالمحسن فاذا كان محسنا فان الله عز وجل يحبه فما هو الاحسان الاحسان يكون في عبادة الله ويكون الاحسان في التعامل مع الخلق اما الاحسان في عبادة الله تعالى فلا نجد تعريفا احسن من تعريف النبي صلى الله عليه وسلم له لما سأله جبريل في الحديث الطويل وقد تمثل جبريل بصورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه اثر السفر ولا يعرفه احد من الصحابة وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عدة اسئلة سأله عن الاسلام وعن الايمان وعن الاحسان وعن الساعة وعن اشراطها فكان من اسئلته انه سأل قال ما الاحسان قال النبي صلى الله عليه وسلم الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك هذه هي مرتبة الاحسان في العبودية ان يعبد المسلم ربه عز وجل وكأنه يرى الله سبحانه كانه يرى الله تعالى امامه يستحضر عظمة الله عز وجل وان الله تعالى امامه مطلع عليه لا يخفى عليه منه خافية فيحرص على الاحسان في اداء العبادة والطاعة والخشوع في الصلاة وغيرها من العبادات وينكف عن المعاصي لانه يعبد الله كانه يرى الله عز وجل قال فان لم تكن تراه فانه يراك يعني ان لم تصل لهذه المرتبة مرتبة الطلب والرجاء فتنتقل الى مرتبة الخوف والهرم فكأن الله يراك فتستحضر ان الله عز وجل مطلع عليك ولا تقع في المعاصي وتحرص على اتقان واحسان العبادة هذه هي مرتبة الاحسان في عبادة الله عز وجل وهي من افضل منازل العبودية واما الاحسان الى الخلق فيكون الاحسان اسداء المعروف بما يستطيع الانسان مع جميع الناس وقولوا للناس حسنا لكنه يتأكد في حق الفقراء والمساكين والارامل والايتام ونحوهم فيتأكد الاحسان الى هؤلاء فان الاحسان اليهم فيه اجر عظيم وثواب جزيل واكتفي بذكر قصة وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تبين لنا عظيم منزلة الاحسان جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني امرأة مسكينة تستطعمني ومعها ابنتان جاءت امرأة مسكينة تستطعمني ومعها ابنتان فاعطيتها ثلاث تمرات فاعطت كل واحدة من ابنتيها تمرة ورفعت التمرة الثالثة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فاخذ هذه التمرة وشقتها بين ابنتيها نصفين واعطت كل واحدة من ابنتيها نصف تمرة ولم تأكل شيئا فاعجبني شأنها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام ان الله قد اوجب لها بها الجنة سبحان الله اوجب الله لها بها الجنة لاجل تمرة شقتها بين ابنتيها نصفين واعطت كل واحدة من ابنتيها نصف تمرة هذا يدل على عظيم فضل الاحسان وعظيم منزلته وعظيم فضل مساعدة الفقراء والمساكين والاحسان اليهم فهذه المرأة احسنت الى ابنتيها بتمرة بتمرة واحدة ومع ذلك اوجب الله لها بها الجنة وهذا يدل على ان الانسان لا يدري عن محال محاب الله ومرضاته. قد تعمل عملا صالحا تراه يسيرا. لكنه يقع عند الله تعالى عظيما والا فهل كان يخطر ببال هذه المرأة انها بهذا الفعل اليسير تاخذ تمرة وتقسمها بين ابنتيها ان الله عز وجل اوجب لها بها جنة فهذا يدل على ان المسلم ينبغي ان يحرص على الطاعات ولا يستقل منها شيئا. لا تدري رب عمل يسير تستقله يقع عند الله تعالى موقعا عظيما فاذا كانت هذه المرأة لما احسنت الى ابنتيها اوجب الله لها بها الجنة. فكيف بالاحسان الى غيرهم من الفقراء ومن الارامل ومن مساكين واليتامى وغيرهم. فينبغي ان يحرص المسلم على الاحسان اليهم بكل ما يستطيع. وان يكون باذلا معطاء على الصدقة مكثرا منها فان الصدقة لها شأن عظيم. الصدقة نوع من الاحسان ولها فضل عظيم وثواب جزيل. والصدقة نفقتها مخلوفة كما قال سبحانه وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين فهذا خبر من الله عز وجل بان ما ينفقه المسلم في سبيله فان الله تعالى يخلفه واتى بهذه الجملة الاسمية التي فيها مزيد من التأكيدات. وما انفقتم من شيء فهو يخلفه جل وعلا. فلابد ان يقع الخلف قطعا لا بد ان ان الله يخلف على المتصدق قطعا. لان الله قال وما انفقتم من شيء فهو يخلفه يخلفه هذه الصدقة على المتصدق قد يكون هذا الاخلاف على المتصدق بزيادة ماله قد يكون بالبركة قد يكون بدفع البلاء عنه قد يكون بامور كثيرة اه لا تخطر بالبال فهذا يدل على فضل الصدقة. وكما ذكر الامام ابن القيم رحمه الله يقول ان اثر الصدقة في دفع البلاء امر قد جميع الناس المؤمن والكافر والبر والفاجر يرون اثره عليهم يرون اثر للصدقة في دفع البلاء وهكذا ايضا الاحسان آآ كل ما يستطيع الانسان الاحسان اليه. حتى الاحسان للحيوان حتى سأل الحيوان مأمور به شرعا وقد جاء في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل وزغا في المرة الاولى كان له بها مئة حسنة وفي المرة الثانية دون ذلك وفي المرة الثالثة دون ذلك والوزر هو الذي يسمى البرص او الذاطور ويسمى الوزغ ومن قتله في المرة الاولى كان له مئة حسنة لانه احسن في قتلته فلم يعذبه فان قتله في المرة الثالثة دون ذلك لانه اقل احسانا وفي الثالثة دون ذلك لانه اقل احسانا فاذا كان هذا يكتب له الاجر والثواب عند الاحسان في قتلة هذا الوزغ فكيف بغيره ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ان الله كتب الاحسان على كل شيء. فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة. واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة. وليحد احدكم وشفرته وليرح ذبيحته فهذا الوصف وصف المحسن ينبغي ان يحرص عليه المسلم. وان يحرص على ان تكون نفسه باذلة معطائة. يحرص كل يوم على ان يتصدق بما تجود به نفسه كلما وجد سبيل الصدقة تصدق ولو بمبلغ يسير فكما قال عليه الصلاة والسلام ما من يوم يصبح العباد فيه الا وينزل ملكان من السماء يقول احدهما اللهم اعط منفقا خلفا ويقول الاخر اللهم اعطي ممسكا تلفا فمن هذا الحديث استحب بعض اهل العلم ان يتصدق المسلم كل يوم بصدقة ولو بريال ولو بمبلغ يسير حتى يدخل قل في دعوة الملك بالخلف. اللهم اعطي منفقا خلفا وحتى ايضا يتصف بصفة الاحسان فينبغي ان يكون المسلم لديه هذا النفس نفس البذل والعطاء والاحسان خاصة للمحتاجين والفقراء والمساكين فاذا اكثر من هذا البذل والعطاء اه اتصف بوصف الاحسان والله يحب المحسنين. يكون هذا سببا لنيل محبة لله عز وجل