الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين. اما بعد قد جاء في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما اعطي احد عطاء خيرا ولا اوسع من الصبر تأملوا ايها الاخوة هذا الحديث العظيم ما اعطي احد عطاء خيرا ولا اوسع من الصبر اعظم عطاء يعطاها الانسان الصبر ان يرزق قوة الصبر فهذا من النعم العظيمة والمنح الكبيرة التي يعطاها المسلم لان الانسان في هذه الحياة لابد ان يواجه مصاعب ومتاعب ومصائب فلابد له من الصبر وبدون الصبر فان حياته تتحول الى شيء من البؤس والمتاعب فلا بد من ان يكون لديه الصبر حتى يحقق ما يريد والصبر ينقسم الى ثلاثة اقسام. صبر على طاعة الله. وصبر عن معاصي الله وصبر على اقدار الله المؤلمة اما الصبر على طاعة الله تعالى فمعناه ان المسلم يصبر نفسه على الاتيان بالطاعة ومادة الصبر معناها الحبس فيحبس نفسه عن الجزع وعن ان تصدر منه اقوال وافعال محرمة فيصبر الانسان نفسه ويحملها على ان تقوم بطاعة الله عز وجل فعلى سبيل المثال القيام لصلاة الفجر واداء هذه العبادة مع الجماعة في المسجد من الامور الصعبة على كثير من الناس كما قال الله تعالى وانها لكبيرة الا على الخاشعين فهي تحتاج من المسلم الى صبر. ان يصبر نفسه حتى يقوم ويستيقظ من فراشه ويذهب للمسجد ويصلي مع الجماعة في المسجد وهكذا بالنسبة لسائر الطاعات والقسم الثاني صبر عن معاصي الله فان كثيرا من المعاصي توافق هوى النفوس وقد يجد الانسان لها لذة فهي تحتاج الى ان يصبر نفسه عن هذه المعصية كالنظر المحرم مثلا او الغيبة تحتاج الى ان يصبر الانسان نفسه عنها عن مثل هذه المعاصي ويكف نظره ويكف لسانه ويكف سائر جوارحه عن المعاصي واما القسم الثالث فهو الصبر على اقدار الله المؤلمة فان من حكمة الله عز وجل انه يبتلي عباده يبتليهم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات ويختبر الله تعالى العباد هل يصبروا او لا يصبروا كما قال سبحانه ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون. اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون فمعنى الصبر عند المصيبة ان الانسان يحبس نفسه عن الجزع وعن الاقوال والافعال المحرمة كالاعترظ على القظاء والقدر ونحو ذلك والانسان عندما تصيبه مصيبة له احوال. الحالة الاولى الجزاء فيجزع عندما تأتيه المصيبة يجزع اما وتصدر منه اما اقوال او افعال محرمة. اما اقوال محرمة كان يعترض على قضاء الله وقدره. او يقول ماذا يا ربي فعلت حتى تصيبني بهذه المصيبة او لماذا اصب بهذه المصيبة من بين سائر الناس ونحو ذلك؟ هذه من الاقوال المحرمة والافعال محرمة مثل لطم الخدود وشق الجيوب ونحو ذلك. فهذا الجزاء حكمه محرم ومن كبائر الذنوب. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا من لطم الخدود وشق جيوبا ودعا بدعوى الجاهلية الحال الثانية الصبر ولا يلزم من الصبر الرضا يصبر يحبس نفسه عن الاقوال والافعال المحرمة فهو قابض على نفسه من ان يتكلم بكلام محرم ومن ان يصدر منه فعل محرم فهذا هذه الحال حكمها الوجوه. يجب على المسلم ان يصبر عند المصيبة الحالة الثالثة الرضا ان يرظى بمصيبة وهذه محال كمال لا يوفق لها الا من عظم حظه عند الله الا اولياء الله عز وجل ولهذا فهذه المرتبة حكمها الاستحباب وليست واجبة. لان كثيرا من الناس لا يستطيع ان يصل الى هذه الحال ان يرضى بالمصيبة يعلم بانها من عند الله تعالى وبقضائه وقدره ويرضى بها ويسلم هذا الرضا لا يكون الا من انسان قوي الايمان. صادق مع الله عز وجل هذه المرتبة مرتبة الرضا بالمصيبة لا يوفق لها الا القلة من الناس ولذلك فحكمها الاستحباب وليست واجبة في ارجح اقوال اهل العلم الحالة الرابعة الشكر تقع له المصيبة فيحمد الله ويشكره. لانه يرى ان هذه الدنيا لا تساوي شيئا ويقول انا اذا صبرت على هذه المصيبة عوضني الله تعالى بصلوات ورحمة وهداية واجور وكفارات فيرضى ويحمد الله تعالى ويشكره. وهذه اذا قلنا ان مرتبة الرضا مستحبة فهذه مستحبة من باب اولى فهذه اذا هي حالات الانسان عند وقوع المصيبة. الجزاء حكمها محرمة الصبر. الوجوب الرضا مستحبة الشكر مستحب ينبغي لك اخي المسلم ان تحرص على تقوية جانب الصبر لديك. فان بعض الناس قليل الصبر وتجد انه كثير الجزع وكثير القلق والتشكي والتسخط لا يعجبه العجب ولا يرضيه شيء لاتفه موقف وادنى كلمة. فهذا يتعب نفسه ويتعب غيره كذلك. ولو انه قوى جانب الصبر عنده لارتاح واراح والانسان في هذه الحياة لابد لا بد من ان تأتيه مصائب ومتاعب فطريق الحياة ليس مفروشا بالورود وانما كما اخبر ربنا عز وجل لقد خلقنا الانسان في كبد الانسان يكابد مصاعب هذه الحياة ومتاعبه. فلابد له من ان يوطن نفسه على الصبر وعلى التحمل. على ما قد يقع من المصائب والبلايا ايضا هناك جانب اخر من جوانب الصبر وهو الصبر في معاملة الناس فان الانسان عندما يعامل الناس سيواجه طبقة غير محترمة يحب ايذاء الاخرين وتتسلط عليهم. هذه الطبقة طبقة الجاهلين. الواجب هو الصبر وعدم مقابلة السيئة لمثلها اقول ينبغي الصبر وعدم مقابلة السيئة بمثلها. وان يعرض المسلم عن الجاهلين ولهذا نجد ان ربنا عز وجل امر نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر. في ايات كثيرة اصبر على ما يقولون فامره الله بان يصبر على ما يقول هؤلاء الكفار مع انهم يسخرون به ويستهزئون به ويقذفونه بالكلام السيء البذيء ومع ذلك امره الله تعالى بالصبر فالمطلوب من المسلم ان يصبر نفسه يصبر نفسه على ما قد يلاقيه من هذه الشرائح في المجتمع وربما يلاقي الاذى في قعر بيته. اما من زوجة او والد او والدة او اخ او قريب او ذا رحم فعليه ان يصبر ان يصبر وان يعرض عن الجاهل بل وان يحرص على ان يقابل السيئة بالحسنة فانه بهذا الصبر والاعراض عن الجاهلين يسلم من شرور كثيرة. لكن لو انه لم يتحمل ولم اصبر وعندما يسمع ادنى كلمة سيئة يغضب. ويقابل السيئة بسيئة اعظم منها فانه يبقى في مشاكل ويبقى في قلق ويبقى في كدر الصبر ايها الاخوة يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابي ما لك الاشعري يقول الصبر ضياء. رواه مسلم والصبر ضياء للمسلم يستضيء به في الحياة. هو منهج منهج للمسلم ومدرسة في الحياة. وبدون الصبر لا يمكن ان يعيش الانسان ويحيى الحياة المطمئنة الحياة السعيدة. بدون الصبر لا يمكن ان يسعد الانسان في حياته فعلى المسلم ان يصبر نفسه. وان يقوي هذا الخلق لديه. حتى يتصف به والله تعالى يقول والله يحب الصابرين. فاخبر ربنا سبحانه بانه يحب من اتصف بهذه الصفة اذا قوي عندك الصبر واصبحت توصف بالصابر فان الله تعالى يحب الصابرين وقال واصبروا فان الله مع الصابرين والمقصود بالمعية المعية الخاصة التي تقتضي النصرة والتأييد والاعانة والتوفيق. فالصبر فضائله عظيمة ولهذا قال بعض السلف لا نعلم خلقا من الاخلاق اثنى الله عليه في القرآن وحث عليه مثل الصبر فهو من الاخلاق الكريمة التي ينبغي ان يحرص المسلم على تقويتها لديه فاذا قويت لديه نال بذلك خيرا عظيما. قوي صبره على اداء الطاعات. وقوي صبره عن المحرمات. وقوي صبره عندما تقع له المصائب وقوي صبره عندما يتعامل مع الناس ومع الاخرين. فبذلك يستريح من كثير من العناء ومن كثير من التعب والشقاء في هذه الحياة. بسبب تقوية جانب الصبر عنده. اسأل الله تعالى ان يجعلنا جميعا من الصابرين الذين يحبهم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين