بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين اما بعد نقف مع اول اية من سورة المائدة وهي قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود احلت لكم بهيمة الانعام الا ما يتلى عليكم غير محل الصيد وانتم حرم. ان الله يحكم ما يريد نادى الله عز وجل عباده بوصف الايمان. يا ايها الذين امنوا قال ابن مسعود رضي الله عنه اذا سمعت الله يقول يا ايها الذين امنوا فرعها سمعك فانه خير تؤمر به او شر تنهى عنه يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود والعقود هي العهود وقد حكى ابن الجليل الطبري الاجماع على ذلك العقود اذا هي العبود وتشمل العهد الذي بين الانسان وبين ربه عز وجل والعهد الذي بين الانسان وبين غيره من الناس اما العهد الذي بين الانسان وبين ربه فان الله سبحانه قد اخذ العهد على ابن ادم ان يعبده وان يطيعه والا اشرك به شيئا وان اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين ولهذا فان نقض هذا العهد موجب للعنة والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما امر الله به ان يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار فيجب على المسلم ان يمتثل اوامر الله عز وجل وان يجتنب جميع نواهيه. والا فانه يكون قد اخل بالعقد وبالعهد الذي بينه وبين ربه واما العهود التي بين الانسان وبين الناس فانها تشمل كل تعاقد وتعامل بينك وبين الاخرين فيجب عليك ان تحرص على الوفاء به والحرص على الوفاء به امارة وعلامة على قوة الايمان والخوف من الله عز وجل ولهذا تجد ان بعض الناس اذا اضطر للاستدانة واستدان مالا تجد ان عنده حرصا شديدا على سداد الدين تجد ان هذا الدين يأكل ويشرب معه كما يقال حريص جدا على سداد الدين وهذا يعينه الله عز وجل وييسر له سداد الدين ويفتح له ابوابا من الرزق من حيث لا يحتسب ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة من اخذ اموال الناس يريد اداءها ادى الله عنه ومن اخذ اموال الناس يريد اتلافها اتلفه الله. اخرجه البخاري في صحيحه تأملوا ايها الاخوة هذا الحديث من اخذ اموال الناس يريد ادائها النية لها اثر يريد ان يؤديها في اقرب فرصة ادى الله عنه اعانه الله تعالى ويسر له سداد الدين. ولهذا تأمل في واقع المجتمع تجد ان الحريص جدا على سداد الدين انه لا تتراكم عليه الديون تجد ان الله عز وجل يفتح له ابواب من الرزق ميسر سداد الدين التي في الدين الذي في ذمته بينما انظر الانسان الذي ليس حريصا على سداد الدين. تجد ان الديون تتراكم عليه تتراكم عليه حتى يصبح غارقا في الديون ولهذا اجعل هذا مبدأ لك في الحياة اذا احتجت الى اموال الناس واخذتها فاحرص غاية الحرص على السداد في اقرب فرصة. يؤدي الله عنك ويعينك ويفتح لك وهو من الرزق بل قال بعض اهل العلم ذهب الى ما هو ابعد من هذا. قال لو ان رجلا اخذ اموال الناس يريد ادائها وهو صادق في هذا لكنه عجز عجز عن سدادها وتوفي يقول ان الله عز وجل يؤدي عنه في الاخرة وذلك بان يعوض الدائن خيرا مما يأخذه من هذا المزيد وهذا يعني يبين لنا عظيم اثر النية عند الاستدانة. وان اثرها كبير. وفي المقابل من اخذ اموال الناس يريد نافعا اتلفه الله اخذ اموال الناس بنية المماطلة وعدم السداد وعدم الوفاء او انه لم يكن حريصا على السداد فان الله تعالى يتلفه. اتلفه الله. وهذا الاتلاف له صور. اما ان يكون اتلافا حسيا او ان الله تعالى يسلط عليه انواعا والوانا من الامراض والهموم والغموم والبلايا بسبب هذه النية السيئة او ان الله تعالى يتلف ما له تلفا معنويا بان يحرم من الاستفادة منه. فان بعض الناس يكون عنده المال لكنه محروم من الاستفادة منه. يتعب في جمعه وتحصيله. عليه ولغيره غنم يكون حارس قويا امينا على هذا المال من ورثة من بعده. هذا نوع من الحرمان هذا نوع من الحرمان فاقول ايها الاخوة ان يجعل المسلم مبدأ ليجعل وفاء العهود والعقود وسداد الديون والالتزامات التي في ذمته ليجعلها مبدأ له في الحياة ولنا في هذا اسوة من السابقين ومن آآ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن الصالحين من هذه الامة جاء في الصحيحين حديث ابي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال كان رجل فيمن كان قبلكم اختلفا من اخر الف دينار فقال ايتي الشهيد. قال كفى بالله شهيدا قال ائتي بالكثير قال كفى بالله كفيلا فاعطاه الف دينار ووعده بان وعد هذا المستدين وعد الدائن بان يسدده هذا القرظ في يوم كذا وكذا وطلب منه ان ينتظره في مكان معين عند البحر ثم انه حل الموعد فذهب هذا الى البحر يريد ان يركب مركبا لاجل ان يسدد هذا الدين. فلم يجد مركبا اخذ خشبة ووضع فيها الالف دينار وكتب عليها الصحيفة ان هذا لفلان ابن فلان ثم قال اللهم اني كنت قد اجتهدت في ان اذهب الى فلان واعطيه الالف دينار ولم اجد مرتبا. اللهم فاوصلها اليك القى هذه الخشبة في البحر هذي الخشبة سارت في البحر ذهب صاحبه الدائن ينتظر المدين وقف عند البحر انتظره ثبره ولم يأتي ثم وجد هذه الخشبة تطفو على البحر فاخذها ونخرها لاجل ان يستفيد منها فوجد فيها الالف دينار مع الصحيفة ثمان المدين عرف بان هذا الفعل لا يبرئ ذمته ياخد خشمه ويوقفه الف دينار ويلقيها في البحر قال ان هذا لا يبرئ الذمة انظر الى عظيم الورع فاجتهد في ان يجد مركزا فوجد مركبا في يوم من الايام ثم ذهب الى صاحبه ومعه الف دينار وتجاهل الالف دينار التي وضعها في الخشبة فقال كنت قد اسلفتني الف دينار فخذ هذه اه الف الف دينار التي اسلفتني قال هل كنت قد بعثت الي بشيء قال وما ذاك؟ قال انني قد عثرت على خشبة وفيها كذا الف دينار وفيها صحيفة قال نعم انا ارسلتها لكني رأيت ان ذمتي لا تبرأ. قال فان الله قد ادى عنك انظروا ايها الاخوة لهذا قصة العجيبة التي اخرجها البخاري ومسلم هذا الرجل ايها الاخوة يضرب مثلا رائعا في الحرص على سداد الدين. يعني هذا الرجل معذور لو انه بحث عن مركب ولم يجد فلنقول انه معذور لكن مع ذلك انظر الى الى الحرص الشديد على ان يسدد الدين في وقته الذي قد وعد صاحبه اياه فادى الله عنه ثم انظر الى عظيم ورعه كيف انه رأى ان هذا العمل لا يبرأ ذمته فاجتهد واراد ان يعطيه الف دينار مرة اخرى فقال ان الله قد ادى عنك وجاء ايضا في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا اشترى من اخر ارضا ثم انه حفر فيها فوجد فيها جرة ذهب فذهب الى البائع قال هذا الذهب لك فقال الباء انا بعتك الارض بما فيها وهذا الذهب لك اختصم الله اكبر انظر اختصم كل يقول الذهب لك وانظر الى اختصار الناس اليوم هل نجد مثل هذا مثل هذه النماذج الرائعة؟ اختصم كل يقول الذهب لك. فلما ذهب الى رجل فحكم اليه قال لاحدهما هل عندك ابن؟ قال نعم. قال الاخر هل عندك جارية؟ قال نعم. قال فزوج آآ الابن بهذه الجارية من هذا الذهب فزوج ابنه بجارية صاحبه انظروا ايها الاخوة الى هذه الاخلاق العظيمة الى هذا الحرص الشديد اذا جعل المسلم هذا مبدأ له في الحياة فانه يضرب بذلك اروع الامثلة هذا الزبير بن عوام رضي الله عنه احد العشرة المبشرين بالجنة كان اذا اودعت عنده الوديعة يقول اخشى عليها الضياع. ولكن اسلفنيها يعني اجعلها قرضا ثم انه قد كثرت عليه الديون فلما كان قبل وفاته نادى ابنه عبد الله وقصة في صحيح البخاري فقال يا عبد الله ولم يترك دينارا ولا درهما ولا اي شيء. قال يا عبد الله ان علي من الدين كذا وكذا فان ضاق عليك شيء فاستعن عليه بمولاي قال عبدالله بن الزبير قلت له وما ومن مولاك؟ قال الله عز وجل قال عبدالله فلما توفي فوالله ما وقعت في كربة الا قلت يا مولى الزبير اقض عنه فيقضي الله عنه وخلف دورا واراضي. فبارك الله تعالى فيها فباعها بالاف الدنانير حتى قيل انها لما وزعت تركته بعد ما اخرجت ثلث وكان عنده اربع نسوة اصابت كل امرأة من نسائه الف الف ومائتين دينار يعني مليون ومئتي دينار فبارك الله تعالى له بهذه العقار في هذا العقار الذي خلف ابواب البخاري عليه في صحيحه بقوله باب بركة الغازي حيا وميتا فانظروا ايها الاخوة الى هذا الحرص العظيم على سداد الدين وعلى قضاء الدين واذا نظرنا ايها الاخوة الى واقع مجتمعنا نجد المماطلة تجد الانسان يكون عليه مثلا ايجار محل او ايجار منزل او قرض او دين يكون قادر على السداد ومع ذلك يماطل ربما انه ينتظر حتى يطلب منه الدائن او انه يماطل مرة ومرتين وثلاثا فاقول لماذا؟ لماذا هذه الاخلاق ينبغي ان يجعل المسلم الحرص على على سداد الدين وعلى وفاء العقود هذه الالتزامات التي في ذمته ان يجعلها مبدأ له في الحياة وان يكون حريصا عليها غاية الحرص ينبغي ان نرسخ هذه المعاني في النفوس ايها الاخوة نجد صورا والوانا من التساهل في هذا الامر انظروا الى بعض العمال الذين يعملون عند الناس تجد ان ان بعض السفلاء يماطلونهم حقوقهم يماطلونهم ديونهم ويماطلونهم لا يعطونهم الرواتب التي لهم في مواعيدها. ولو بخس هذا العامل شيئا من عمله لاقام الكفيل الدنيا لو انه تأخر في المجيء للعمل او انه لم ينجز مهمة طلب منه الكفيل ان ينجزها. فانه لا يرضى لكن مع ذلك تجد انه حقه يبخسه حقه ولا يعطيه مرتبه في موعده. وهؤلاء يكادوا ينطبق عليهم قول الله عز وجل ويل كل المطففين الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون. واذا كالوهم او وزنوهم يخسرون. اذا اكتالوا على الناس يعني اذا كان الحق لهم اخذوه كاملا يستوفون. واذا كالوهم او وزنوهم يخسرون يبخسون الناس حقوقهم. الا يظن اولئك انهم مبعوثون ليوم عظيم فتوعدهم الله عز وجل بهذا. وهذا يدل على ان كلما قوي الانسان بالله كلما قوي ايمان الانسان بالله وباليوم الاخر كان حريصا على سداد واداء الالتزامات والديون التي في ذمته الدين ايها الاخوة والحقوق والالتزامات المتعلقة بالعباد امرها عظيم جدا ولهذا عظم النبي صلى الله عليه وسلم شأنها في اعظم مجمع في عهده عليه الصلاة والسلام. فقال ايها الناس ان دمائكم واموالكم واعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا؟ الا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. هل هناك شيء اعظم من حرمة اليوم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام هكذا حرمة دماء الناس واموالهم واعراضهم ولهذا الشهيد الذي باع نفسه لله عز وجل يغفر له كل شيء الا ماذا؟ الا الدين. الا من كان متعلقا بحقوق العباد ولهذا كان عليه الصلاة والسلام اذا اوتي بجنازة يصلي عليها سأله هل عليه دين ام لا؟ ان قالوا ليس عليه دين صلى عليه من قال عليه دين لم يصلى عليه وذلك لان الدين امره عظيم والحقوق المترتبة في الذمة امرها كبير جدا وتبقى لاصحابها تبقى لاصحابها حتى ولو كان هذا قد قتل شهيدا في سبيل الله عز وجل حتى ولو كان قد باع نفسه لله عز وجل الا ان الحقوق التي للعباد تبقى باصحابها يوم القيامة يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود احلت لكم بهيمة الانعام. في هذه السورة ذكر الله تعالى جملة من الاحكام المتعلقة ببهيمة الانعام. فقال احلت لكم الانعام وهي الابل والبقر والغنم. فهي حلال الا ما يتلى عليكم الا ما يتلى عليكم استثناه الله عز وجل وهو مذكور في بعد هذه اية وهي قوله سبحانه حرمت عليكم ميتة والدم ولحم الخنزير ومأهول لغير الله به والمخانقة والموقوتة الى اخر الاية هذا هو تسمع الا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وانتم حرم. كذلك ايضا اذا كان الانسان محرما فلا يجوز له ان يصطاد ان الله يحكم ما يريد وعز وجل له الحكم والحكمة البالغة يفعل ما يشاء ويحكم ما يشاء ويختار ما يشاء جل وعلا اسأل الله عز وجل ان يوفقني واياكم لما يحب ويرضى من الاقوال والاعمال وان ييسرنا اليسر وان يجنبنا العسر وان يعيننا على شكره وذكره وطاعته وحسن عبادته وان يبارك لنا فيما تبقى من شهر رمضان ويوفقنا ويعيننا على صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين