السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمدلله الحمدلله الذي شرح صدور المؤمنين للطاعة واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وفق اولياءه للرضا والقناعة واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله حث على الزهد والقناعة وحذر من الحرص والاضاعة صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه الى قيام الساعة اما بعد فمن اتقى الله وقاه ومن توكل عليه كفاه ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ايها المسلمون من كمال العبودية لله تعالى ومن تمام الايمان بالله والرضا به سبحانه رازقا وقاسما ان يعلم المسلم ان النفع والضر والخير والشر بيد الله جل في علاه وانه لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع وانه لا ينفع صاحب الغنى غناه ولا يبلغ بالعبد مناه الا الله تبارك وتعالى واذا كان في القلب قد استقر هذا الامر حصل فيه القناعة التي هي صفة قلبية حميدة فالمسلم يعلم ان الله عز وجل شاء ان تكون الدنيا دار امتحان واعتبار والاخرة دار جزاء وقرار. ولم يجعل الدنيا دار كرامة. فلا يبحثن احد عن عز سائل ولو كانت الدنيا كذلك لكان اسعد الناس بها الانبياء والاولياء. بل الله سبحانه دار ابتلاء وقنطرة عبور لدار الاخرة. اعلموا انما الحياة لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم. وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته. ثم يهيج فتراه مصفرا. ثم يكون حطاما في الاخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان. وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور. ومن هوان على الله انه ساقها للكفار والفجار وتركهم يتمتعون بها كالبهائم لا يعيشون الا لها وعليها يتقاتلون. وما ذاك الا لحقارتها لديه. ولهوان هؤلاء عليه لابن سعد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانت الدنيا تعدل عند الله تناح بعوضة مسق كافرا منها شربة ماء. رواه الترمذي. وقال صحيح غريب. عباد الله لما كانت الدنيا بهذا الهوان على الله لم يغتر بها الصالحون ولم يجدوا في طلبها القنيع بل قنعوا منها بحد الكفاف واخذوا منها بلغتهم بغير اسراف. وقد عدها النبي صلى الله عليه وسلم كما قيل قائل او سراب زائل واعطى وجهته الله والدار الاخرة. فانا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال اضطجع النبي صلى الله عليه وسلم على حصير فاثر في جلده فقلت بابي امي يا رسول الله لو كنت اذنتنا ففرشنا لك عليه شيئا يقيك منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انا والدنيا انما انا والدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها رواه احمد وابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح. وكان صلى الله عليه وسلم من دعائه انه يقول اللهم اجعل رزق ال محمد قوتا. متفق عليه من حديث ابي هريرة رضي الله عنه. وجعل النبي صلى الله عليه وسلم من اسباب الفلاح ان يرزق العبد القناعة فقد روى مسلم عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد افلح من اسلم ورزق كفاف وقنعه الله بما اتاه. اخوة الاسلام والايمان على نهجه صلى الله عليه وسلم صار اصحابه الكرام والعلماء الناصحون والزهاد والعابدون. اذ رضوا بما قسم الله لهم ولم يركضوا خلف دنيا ركظ البهائم ولم يركضوا خلف الدنيا ركض السباع يتقاتلون على القتيلة. ويتقاتلون على الميتة بل كان همهم الاخرة. ان اقبلت الدنيا عليك بباب حلال فبها ونعمة اجعلها في خير بركة والا فلا تلتفت يمنة ويسرة. روى البخاري عن سعيد المقبوري عن ابي هريرة رضي الله عنه انه من بقوم بين ايديهم شاة مصلية يعني مشوية. فدعوه فأبى ان يأكل. وقال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير. وابو هريرة رضي الله عنه هو الذي روى لنا وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالقناعة فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابا هريرة كن وريعا تكن اعبد الناس وكن قنيعا تكن اشكر الناس واحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا. واحسن جوار من جاورك تكن مسلما واقل الضحك فان كثرة الضحك تميت القلب. رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الالباني وهكذا كان حال الصحابة رضوان الله عليهم زاهدين في الدنيا راغبين في الاخرة راظين بما قسم الله لهم قانعين بما لديهم من قوت وكفاف. فان حصل الدنيا فهي في ايديهم. والقناعة والرضا في قلوبهم يكسبون الدنيا للصدقات والهبات والاوقاف والخيرات. واما الاخرة فهي في قلوبهم. عباد الله نظرة فاحصة لواقعنا المعيش. الذي غلب عليه اهل الدنيا. يجد الانسان الناس الا من عصم الله ورحم يجد من اللهث وراء سراب الدنيا والاستكثار من لذاتها والتنافس في شهواتها والمسارعة الى التباهي بما فيها من اموال وقصور وتكالب على الجاه والمناصب وحب الشورى ظهور فهل هذا الا انغماس في حب الدنيا؟ وغفلة عن الاخرة. وترك لجواهر الحياة وتمسك بالقشور فما لهذا خلقنا ولا بهذا امرنا يضيع الانسان من عمره الساعات يركض لجلب الدينار درهم ويضيع عافيته ولا يدري المسيكين ان الاموال الدنيا لا تساوي العافية بعد ذلك. حتى لا تكاد ترى من يقنع بما اتاه الله من المال او الزوجة او الولد او الجاه او المنصب. بل كثير من النفوس الى المزيد مشرفة ومن العوز والفقر متخوفة فلا تشبع من مراد ولا تتفكر في معاد هي برغائبها تهيم في كل واد. ولا تقنع بقليل ولا تشبع من كثير. فلا اصحاب الملايين بملايينهم ولا الملاك واهل العقارات والثروات اكتفوا بما عندهم فانتم والله ترون تنافس الدناس فيها فاذا لا يمكن لاحد ان يقنع الا اذا رزق الايمان التام. والا فكل يقول قل هل من مزيد؟ متى يشبع ابن ادم؟ يا ايها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود من هو جاز عن والده شيئا؟ ان وعد الله حق. فلا تغرنكم الحياة الدنيا. ولا يغرنكم بالله الغرور. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وبما فيه من الايات والذكر الحكيم. اقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اما بعد. اوصيكم ونفسي بتقوى الله. فان التقوى خير زاد للاخرة. اخوة الايمان علم كل عاقل ان الانسان لا يشبع من الدنيا ولو حيزت له بحذافيرها حتى يموت. وانه ليموت وانه ليموت دون ان يتحقق امانيه وامانه عن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله الله عليه وسلم لو كان لابن ادم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن ادم الا تراب ويتوب الله على من تاب. متفق عليه. ومصداق هذا الحديث عند اصحاب الملايين الذين لهم ارصدة في بنوك وبنوك وبنوك في داخل البلاد وخارجها ولا يشبعن. يا عباد الله اعلموا ان ابليس انما يتلبس بالدنيا ليشغلنا عن امر الاخرة. فعليكم بالدنيا بما يعينكم على اخيرة ففي الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن ان الغنى غنى النفس. ولينظر في امور الدنيا ولينظر في امور الدنيا الى من هو دونه فيها. ليعرفني الله عليه ولا يحتقرها. اياك والتطلع الى من هو فوقك في الدنيا. يقول صلى الله عليه وسلم انظروا الى من اسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم. فهو اجدر الا تزدروا نعمة الله عليكم. رواه مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله رضي الله عنه اما في الدين الذي شغلنا عنه اما في الدين الذي شغلنا عنه فعلينا ان نتنافس فيه هذا هو السباق المحمود الذي فتح الله بابه ودعا اليه وقال وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وقال وسابقوا الى مغفرة من ربكم وقال وسارعوا ولم يقل ذلك في امور الدنيا الا ابليس ينظر العبد الى ما عنده من نعم لا تحصى. وليقارنها بحال كثير من خلق الله يجد فضل الله عليه كبيرا. نعم من فوق ونعم من تحته ونعم من حوله ايمان وامان وامن في الاوطان واموال واولاد والات ودوات الا يدعون ذلك للشكر والقناعة عن عبيد الله بن محصن الخطبي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اصبح منكم امنا في سربه اي في نفسه او قومه وبلده معافا في جسده. معافا في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا. رواه الترمذي. فكم منا من يعيش عيشة الملوك يحيا حياة الامراء وهو لا يدري قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وقد سأله رجل السنا من فقراء المهاجرين؟ قال الك امرأة تأوي اليها قال نعم. قال عليك مسكن تسكنه؟ قال نعم. قال فانت من الاغنياء. قال فان لي خادما. قال فانت من الملوك رواه مسلم اخوة الاسلام والايمان ليعلم العبد ايضا ان الله يحاسبه على ما له من اين والى اين كم كنت تبذل للدين يوما؟ وكم كنت تبذل للدنيا في يومك؟ فحلاله حساب وحرامه عذاب لكن انه لا ينام على قدر الحاجة والكفاية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن ادم انك ان تبذل الفضل خير لك وان تمسكه شر لك ولا تلام على كفاف. رواه مسلم من حديث ابي امامة رضي الله عنه. ومن جعل الدنيا همه اتعب نفسه واظنى غيره واسخط ربه بل يذهب عافيته ليعيش ابناءه ثم نجاهم ليأخذوه الى الاطباء ويعالجوه وهم ربما يشتغلون بالدنيا الذي جمعه لاجلهم عنه فلا يأخذ الى طبيب فيا سبحان الله ما اهون الدنيا. يقول صلى الله عليه وسلم من كانت الاخرة همه جعل الله غناه في في قلبه وجمع له شمله وتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا الا ما قدر له. رواه الترمذي. اللهم زينا بزينة الايمان انه ذات المهتدين رب اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا وقنعنا من الدنيا باليسير وهون علينا كل امر عسير الاسلام والمسلمين واذل الشرك والمشركين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات. الموحدين والموحدات الاحياء منهم والاموات. انك سميع مجيب الدعوات. اللهم وفق اميرنا وولي عهده لهداك وجل عملهما في رضاك. اللهم احفظهما بحفظك والبسهما ثوب الصحة والعافية. اللهم اجعل هذا البلد امنا مطمئنة سخاء رخاء دار عدل وايمان. اللهم من اراد بهذا البلد سوءا فاشغله في نفسه ودير الدائرة عليه يا رب رب العالمين وادم امننا وايماننا والفتنة ومحبتنا يا رب العالمين. اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين الذين يشكرونك قلبا واجعلنا من عبادك القانعين واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين