الحمد لله رب العالمين احمده سبحانه ولي الصالحين المتقين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له المعبود بحق في السماوات والاراضين واشهد ان محمدا عبده ورسوله تجد الاولين والاخرين صلى الله عليه وعلى اله واصحابه الغر الميامين وعلى من تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد فقد روى الامام ابو داود في سننه والترمذي وغيره اه باسانيدهم عن ابي عبدالرحمن الحبودي عن ابي عبدالله الصنابيحي عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال لما اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يرسلني الى اليمن اخذ بيدي وقال يا معاذ والله اني لاحبك ثم قال لي النبي صلى الله عليه وسلم لا تدعن دبر كل صلاة ان تقول اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك هذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن اقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمحبة وهو امام العلماء احد الدعاة الذين ارسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته داعيا الى الله هذا معاذ بن جبل يوصيه النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الوصية التي ربما نرددها ولكن هل نتمعن في معانيها لما النبي صلى الله عليه وسلم يوصي امام العلماء ويوصي داعية من الدعاة الى الله تبارك وتعالى بهذه الوصية على وجه الخصوص هذه الوصية التي وصى بها معاذ تلميذه الصنابيحي ووصى السنابحي بهذه الوصية تلميذه الحبلي فاذا هي وصية غالية جاءت من طبيب القلوب صلى الله عليه وسلم الرسول صلى الله عليه وسلم وصاياه متنوعة باختلاف تنوع الموصى له في اختلاف احوالهم فيوصي هذا بشيء ويوصي هذا بشيء وهنا يجعلنا نتأمل ما وجه وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بهذه الوصية التي لا تتعدى ثلاث جمل الجملة الاولى اللهم اعني على ذكرك وشكرك اللهم اعني على ذكرك والجملة الثانية وشكرك وهي معطوفة على ما سبق اي اللهم اعني على شكرك والجملة الثالثة وحسن عبادتك اي اللهم اعني على حسن عبادتك هذه الوصية العظيمة خص بها النبي صلى الله عليه وسلم امام العلماء معاذ بن جبل الذي كان يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم اعلم الناس بالحلال والحرام معاذ ابن جبل مع انه كان صغير السن لم يتجاوز الثلاثين لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام ولما مات معاذ ابن جبل في الشام في طاعون عمواس كان ممن يبكيه عمر رضي الله تعالى عنه وجاء في بعظ الاثار ان العلماء يحشرون يوم القيامة يقدمهم معاذ ابن جبل برتوة او رمية حجر وهذا دليل على ان له خاصية عند النبي صلى الله عليه وسلم اورد حديثه الامام البخاري في موضعين من صحيحه فقال في اخر الموضعين في كتاب التوحيد من صحيحه قال يا معاذ انك تأتي قوما اهل كتاب فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله واني رسول الله فانهم اقروا لك بذلك فاعلموا ان الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة الحديث لما نتأمل في هذه الوصية العظيمة الغالية نجد انها جمعت بين ثلاثة امور ظاهرة بين ثلاثة امور ظاهرة الامر الاول متعلق باللسان وهو الذكر الامر الثاني متعلق بالعمل وهو الشكر الامر الثالث متعلق باحسان العبادة وهو ايضا امر ظاهر ان الانسان اذا اعين فانه معان واذا اهين فهو المهان ولهذا ايها الاحبة في الله لابد للانسان ان يتبرأ من حوله وقوته ويعلم انه لا حول له في طاعة لا في عبادة الا في التخلص من شر ما لم يعن من الله عز وجل يغتر العباد والعلماء بعبادتهم وعلمهم اقامتهم ودينهم وهذا لا يليق ولذلك كانت هذه الوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبيبه معاذ ابن جبل لا تدعن دبر كل صلاة ان تقول اللهم اعني ينبغي على العابد وعلى العالم وعلى المنتسب الى الدين يتبرأ من حوله وقوته ويتذكر قوله تعالى وما بكم من نعمة فمن الله ليس هذا بعقلنا ولا بكدنا ولا بجهدنا صلينا الفجر مثلا ولله الحمد والمنة ذكرنا الله انما ذلكم كله بفظل الله يمنون عليك ان يسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ذلك الانسان يقول اللهم اعني ونحن في كل ركعة من ركعات صلاتنا نقرأ الفاتحة وفي وسط الفاتحة اياك نعبد واياك نستعين اياك نعبد واياك نستعين اي نطلب العون منك يا ربنا. على اي شيء نطلب العون من الله على اي شيء على كل شيء على كل شيء ولذلك لو تأملنا اية الفاتحة اياك نعبد واياك نستعين العبادة محذوفة نعبدك باي شيء غير مذكورة واياك نستعين في اي شيء ايضا غير مذكور فعلمنا ان المراد اياك نعبد بما يقربنا اليك بالشرع المنزل واياك نستعين باي شيء من امور ديننا ودنيانا وهذا هو معنى قول المسلمين لا حول ولا قوة الا بالله اي لا تحول من حال الى حال لا تحول من سوء الى خير لتحول من شر الى حسن لا تحول من حال حسن الى احسن الا بحول من الله عز وجل وقوة وامداد منه سبحانه وتعالى فلما يقول المسلم العابد العالم المستقيم اللهم اعني فانه اول ما يتذكر يتذكر تبرؤه من حوله وقوته لا يقل بحول فيقل من عند فان ذلك شعار الهالكين الا ترون ان فرعون قال هذه الانهار تجري من تحتي وقارون قال اوتيته على علم عندي فلما كانت الانانية شعارهم والعندية ميزانهم كانت النتيجة ان الله جل وعلا اهلكهم بما ادعوا فيه بما ادعوا فيه العندية او بما ادعوا فيه الانانية انما الانسان يكون قويا بالله عز وجل اللهم اعني على ذكرك الذكر ايها الاخوة له معنى مطلق وله معنى خاص المطلق ذكر الله عز وجل على الاطلاق وهو الذكر الذي لا يتقيد لا بزمان ولا بمكان ولا بسبب وهذا الذكر يسمى الذكر المطلق وهذا النوع من الذكر اعني الذكر المطلق هو الشيء الوحيد الوحيد الذي امرنا الله ان نكثر منه في القرآن ما طلب الله منا ان نكثر من شيء الا من العلم ومن الذكر فقال الله عن الذكر والذاكرين الله كثيرا. ما قال والمصلين كثيرا لانه ليس المطلوب كثرة الصلاة. المطلوب محافظة على الصلاة اداء الصلاة. لكن الذكر المطلوب منه كثير والعلم قال وقل رب زدني علما. فيطلب الانسان الزيادة من هذين الزيادة من العلم لا يمل مع المحبرة الى المقبرة والزيادة في الذكر لا يكل. قال صلى الله عليه وسلم رجل يا رسول الله اسألك مرافقتك في الجنة والله يا اخوان همم عظيمة ما احد منهم جا قال له ها اريد كذا وكذا اسألك مرافقتك في الجنة فقال صلى الله عليه واله وسلم لا يزال لسانك رطبا بذكر الله ماذا نستفيد من هذا الكلام؟ معناه ان الذي يريد مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال لسانه رطبا من ذكر الله عز وجل ولما يقول الانسان اللهم اعني على ذكرك يعني قائما وقاعدا ونائما وجالسا هذا معنى الاعانة على الذكر يذكرنا الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض حال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من اعظم الاحوال في الذكر اذ لا حال احسنه من حاله البتة لابد الانسان ان يستيقن بهذه المسألة بتهمل حاله عليه الصلاة والسلام. واحد يجي يقول يا اخي والله انا مشغول طافتني اذكار الصباح اذكار المساء اذكار النوم. والله الذي لا اله الا هو لن احد اكثر انشغالا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. اليس هو صلى الله عليه وسلم رسول العالمين يبلغ الانس والجن مشغول بقيادة الامة مشغول بتربية الامة بتعليم الامة بالقضاء في الامة هو كل شيء في الامة صلوات ربي وسلامه عليه هو الامام هو القائد هو وزير الدفاع هو الموجه والمربي هو المصلح ومع ذلك ما كان يشغله شيء لما تقرأ فقط في حصن المسلم تزداد يقينا من نبوته صلى الله عليه وسلم. كيف لسانه لا يفتر عن ذكر ربه؟ سبحانه وتعالى ولذلك ذكر بعض اهل العلم ان من معاني ذكر الله عز وجل ان يكون لسانك لا يفتر من ذكره فحين اذ تدخل في قوله عز وجل والذاكرين ان الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما والذكر قد يطلق ويراد به الصلاة يطلق ويراد به القرآن وانزلنا اليك الذكر يعني القرآن واقم الصلاة لذكري يعني الصلاة الصلوات الخمس والذكر بالمعنى المطلق فالانسان يذكر الله هذا اللسان والله ما ما يحتاج لا سيما من العابد وطالب العلم ما يحتاج الى كثير انها تشغله بذكر الله. لا يليق لا يليق بالعباد ولا بالزهاد ولا منتسبين الى العلم ان يكون ديدن لسانهم الكلام في الدنيا. الكلام في الزوائل انما يكون لسانه شاغلا بالدائم الباقي سبحانه وتعالى هذا حال من يريد الرقي بالعبودية ويريد الارتقاء في درجات وفي مقامات العابدين لله تبارك وتعالى والمنتسب الى العلم انما هو مع انشغاله بالعلم قد ينسى الذكر لذلك جاءت وصية رسول الله لمعاذ لا تدعن دبر كل صلاة تقول اللهم اعني على ذكرك الوصية الثانية الدعاء الثاني وشكرك ومعنى شكر العمل لان الله عز وجل قال في القرآن اعملوا ال داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور الحمد قد يكون باللسان فقط ولكن الشكر يكون باللسان ويكون بالعمل وهو المطلوب ومعنى الشكر ان الانسان بقلبه لا ينسب النعم الا الى الله كم من الناس اليوم اذا مرض يقول لولا الطبيب تشان رحنا تشفي طبيب ايش يقدر يسوي لك؟ الطبيب ما يقدر يمنع الموت من نفسه المسكين والله لا يستطيع ان ينفع نفسه كيف ينفعك انت قل لولا فضل من الله ان اتى بهذا الطبيب الماهر الي هو فضل من الله كم من الناس يعمل نفس العملية؟ عند طبيب غير ماهر لان الله لم يسقه الى ذاك الماء فيموت هو من الله جل في علاه فالانسان ينسب النعم في قلبه الى الله جل وعلا وفي لسانه يشكر الله عز وجل وفي عمله يتحدث بنعم الله تبارك وتعالى واما بنعمة ربك فحدث يعني لفظا وعملا لفظا وعملا اعطاك الله عز وجل من خيرات الدنيا فلم تمنع فظلك غيرك ما الذي يجعلك؟ اتريد ان هذا يبقى وتسأل عنه في قبرك؟ هذا من من الغرائب اعملوا الان وقت عمل فالانسان يشكر الله بالعمل يشكر الله بالعمل ثم جاءت الجملة الثالثة وحسن عبادتك لان ليس المطلوب في العبادة اداؤها. المطلوب في العبادة احسانها ولهذا قال صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد ولهذا ينبغي للانسان اذا عمل العمل ان يسأل نفسه هذا السؤال هل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فعل هكذا قد ينشغل الانسان بالعلم ينشغل الانسان بالتبليغ بامور الخير بالاحسان الى الناس عن حسن العبادة فجاءت وصية رسول الله بان ندعو الله حتى نحسن عباداتنا والاحسان في العبادة يجمعه ثلاثة امور ظبطها وفق هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم اداؤها على الوجه الذي يريده الله ويريده الرسول صلى الله عليه وسلم العبادة ايها الاخوة اذا كانت موافقة للقلب اذا كانت موافقة للقلب فهي عبادة. وفيها وفي حظ القلب وحظ النفس منها شيء لكن ينبغي للانسان ان يرغم نفسه على فرائض الله تبارك وتعالى ارغاما هذه هي العبودية العبودية ما هو معناه ان تتخير من الدين ما تهواه هذه ليست عبودية هذه اختيارات نفسية العبودية ان الانسان حيثما يريده الله ان يراه يراه العبودية ان الانسان ينظر الى مراد الله في العبادة وينظر الى هدي رسول الله في العبادة لا ينظر الى مراد نفسه وموافقة نفسي اي نعم اذا ادى الانسان الفرائض فله ان يختار من المستحبات ما تميل اليه نفسه مما يرى وفيها التربية والتزكية لنفسه هذا امر محمود لكن مع المحافظة على الفرائض فهذه وصية جامعة امر النبي صلى الله عليه وسلم معاذا ان يدعو بها دبر كل صلاة ودبر كل شيء بحسبه فان كان فان كان المراد من الدبر بمعنى الاخر او الدبر بمعنى عقب الشيء فان كان المراد به عقب يعني بعده واذا كان المراد من الدبر اخر الشيء فيكون المعنى في اخره قبل الانتهاء منه ولذلك قال العلماء ان من علامات كون المراد بدبر الشيء اخره او عقبه ان ينظر الانسان الى هذا المذكور فان كان من جنس ما سبق فهو فيه وان كان من غير جنسه فهو عاقبه فمعلوم ان الدعاء اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. هذا دعاء والصلاة كلها دعاء. ولذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال انما يناجي احدكم ربه وهو عنده. يعني في الصلاة ويؤيد هذا المعنى ما جاء عن ابن عمر قال ثم ليصلي على رسوله وعلى اه ويسلم ثم تخير ما شاء من الدعاء. انت الان جالس في التشهد الباب مفتوح لك ويؤكد ان المراد بهذا الدعاء في الصلاة قبل السلام ما جاء ما اورده الامام ابو عمر ابن عبدالبر رحمه الله في شرحه على لهذا الحديث انه جاء في رواية صريحة قال لا تدعن ان تقول في صلاتك ان تقول في صلاتك. اذا هذه تفسر معنى دبر الصلاة. ان يقول الانسان اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن فمن اعانه الله فانه مكرم اذا اعين على هذه الامور الثلاثة ذكر فلا يغفل شكرا فلا يكفر وحسن عبادة فلا يبتدع ولا يكون في عبادته ما يكون مردودا هو الذي به يدرك الانسان مراتب العبودية لله عز وجل. وهو حقيقة تحقيق معاني كلمة لا اله الا الله رسول الله ان الانسان يذكر الله كيفما اراد الله عز وجل بعض الناس اليوم ربما يذكر الله الله الله الله هذي ما هو ذكر هذا هذا والنفس ذكر الله ان تقول سبحان الله جملة مفيدة الحمد لله الله اكبر لا اله الا الله لا حول ولا قوة الا بالله او تقول يا الله اعني يا حي يا قيوم عاوني هذا هذا هو الذكر اما ان الانسان يأتي بالفاظ من عند نفسه فهذا هوى النفس ولذلك ينبغي للانسان ان يتأمل هذا الحديث الذي رواه البخاري رحمه الله قال كل امتي يدخلون الجنة الا من ابى ومن يابى يا رسول الله قال من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد ابى اذا علمنا اهمية ان الانسان يدعو الله بحسن العبادة وفي الحديث ملفت عظيم وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم احب معاذا حتى حلف له ويا عبد الله لا تنشغل بحبك لله ورسوله وانشغل بتحصيل حب الله ورسوله فان الشأن ليس ان تحب الله ورسوله هذا امر فطري الانسان بفطرته اذا رأى احسان شيء فانه يحبه. فكيف واحدنا غارق في نعم الله؟ فكيف لا نحبه؟ لكن تبحث عما يجعل الله يحبك عما يكون سببا في محبة الله ورسوله لك هذا هو الشأن ان الانسان يبحث عن شيء يكون هذا الشيء سببا في محبة الله له. واعظم وسيلة الى محبة الله بعد التوحيد والايمان المحافظة على الصلوات والمحافظة على الفرائض. يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل في حديث ابي هريرة في البخاري وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه. ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل نوافل حتى احبه. فالله اسأل ان يرزقني واياكم ذكره وشكره وحسن عبادته. حتى ننال محبته ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين