بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فان خير ما صرفت فيه الاوقات وامظيت فيه الانفاس ذكر الله عز وجل الذي هو حياة القلوب وعزها وفلاحها وسعادتها في الدنيا والاخرة وهو طمأنينة القلوب كما قال الله عز وجل الا بذكر الله تطمئن القلوب وللذكر منافع عديدة لا تحصى وثمار كثيرة لا تستقصى ويترتب عليه من الاثار الحميدة والعوائد الطيبة على عباد الله المؤمنين ما يكون سببا لسعادتهم وفلاحهم في دنياهم واخراهم والواجب على عبد الله المسلم ان يحظى ذكر الله جل وعلا لاهتمامه وعنايته ورعايته وان يقتدي في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يذكر الله تبارك وتعالى في كل احايينه كما ثبت في ذلك الحديث عنه صلوات الله وسلامه عليه كان صلى الله عليه وسلم يذكر الله راكبا وماشيا وجالسا ومضجعا وفي كل احواله صلوات الله وسلامه عليه وهذا شأن اتباعه صلى الله عليه وسلم الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ولاهمية موضوع الذكر ولمكانته العظمى كتب فيه العلماء قديما وحديثا كتابات نافعة ومؤلفات مفيدة منها ما كتبه الامام النسائي رحمه الله في مؤلف مفرد اسماه عمل اليوم والليلة كذلك تلميذه ابن السني رحمه الله والامام البيهقي في كتابه الدعاء الكبير ثم بعدهم النووي رحمه الله في كتابه الاذكار ومن بعده شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الكلم الطيب وتلميذه ابن القيم رحمه الله في كتابه الوابل الصيب ثم من بعدهم الشوكاني رحمه الله في كتابه تحفة الذاكرين الى غير ذلك من المؤلفات المفيدة في هذا الباب ومن احسن ما الف في هذا الباب في عصرنا كتاب تحفة الاخيار للامام عبدالعزيز ابن باز رحمه الله وغفر له الشاهد ان فهذا الموضوع حظي باهتمام العلماء وعنايتهم ومن جملة هذه الكتب النافعة والمؤلفات المفيدة في باب الذكر والدعاء وعمل المسلم في اليوم والليلة مؤلف قيم وكتاب نافع لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله سماه الكلمة الطيب وهذا الكتاب من انفع الكتب التي الفت في هذا الباب وحوى جملة من الاحاديث العظيمة وكذلك جملة من التبويبات النافعة فيما يتعلق بالذكر والدعاء وعمل المسلم في يومه وليلته سيكون باذن الله تبارك وتعالى دراسة ومذاكرة لهذا الكتاب كتاب الكلم الطيب لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كل يوم من هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك شهر الذكر والدعاء شهر تلاوة القرآن واطعام الطعام شهر الصلاة والصيام والقيام والذكر لله تبارك وتعالى ولعل من المناسب مما يناسب التنبيه عليه بين يدي دراستنا لهذا الكتاب في هذا الموسم الفضيل والشهر المبارك ان نعلم معاشر الاخوة ان تفاضل الناس في صيامهم اجرا وثوابا ومكانة عند الله تبارك وتعالى انما يكون بحسب ذكرهم لله تبارك وتعالى فيه ولهذا يتفاوت الصائمون في صيامهم تفاوتا عظيما بحسب ما يكون منهم في مدة الصيام ووقته من عناية ورعاية بذكر الله تبارك وتعالى فمن كان ذكره لله اعظم في صيامه كان ثوابه اعظم ومن كان ذكره لله تبارك وتعالى في صيامه اقل فان ثوابه اقل ومن شغل صيامه بقول الزور والاثم والجهل ونحو ذلك فهذا حرم نفسه من الخير كما قال عليه الصلاة والسلام من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة بان يدع طعامه وشرابه وجاء في حديث اخر عنه صلوات الله وسلامه عليه انه قال رب صائم ليس له من صيامه الا العطش ورب قائم ليس له من قيامه الا التعب والنصب ولهذا فالصائم مطالب بحفظ صيامه وخير ما يحفظ للمرء صيامه ذكر الله جل وعلا والعناية بذكر الله تبارك وتعالى وقت الصيام تلاوة للقرآن وحمدا وتهليلا وتسبيحا وذكرا لله تبارك وتعالى وشغلا للوقت بالعلم النافع ومسائله المفيدة فان الاشتغال بالعلم هو من الاشتغال بذكر الله جل وعلا وهذه المسألة التي اشير اليها نبه عليها العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه الوابل الصيب وهو كتاب عظيم النفع كبير الفائدة في هذا الباب وقد عدد فيه رحمه الله فوائد الذكر والدعاء وقال وقال فيه ان للذكر مئة فائدة وذكر منها ما يزيد على السبعين فائدة في هذا الكتاب القيم نبه مؤلفه رحمه الله العلامة ابن القيم على هذه المسألة وهي ان حظ الصائمين من صيامهم بقدر ذكرهم لله تبارك وتعالى فيه واورد حديثا ثابتا عن النبي عليه الصلاة والسلام بشواهده الا وهو انه صلى الله عليه وسلم سئل قيل له اي الصائمين اعظم اجرا قيل له اي الصائمين اعظم اجرا قال اكثرهم لله ذكرا قيل اي الحجاج اعظم اجرا قال اكثرهم لله ذكرا قيل اي المصلين اعظم اجرا؟ قال اكثرهم لله ذكرا فلا يذكر عمل من الاعمال الا ويبين عليه الصلاة والسلام ان اعظم الناس اجرا فيه اكثرهم لله ذكرا فيه وبناء على هذا الحديث الثابت بشواهده قعد ابن القيم رحمه الله قاعدة مفيدة في هذا الباب الا وهي ان اعظم الناس اجرا في كل طاعة اكثرهم لله ذكرا فيها اعظم الناس اجرا في كل طاعة اكثرهم لله ذكرا فيها فالناس يتفاوتون في طاعاتهم وعباداتهم من صلاة وصيام وحج واعتمار وغير ذلك بحسب حظهم من ذكر الله تبارك وتعالى في تلك الطاعات ولهذا كان من المفيد للمسلم في كل طاعة يقوم بها وكل عبادة يأتي بها ان يعني فيها بذكر الله عز وجل فذكر الله وهو روح الطاعات ولبها واساسها ولاجلها ولاجله اقيمت وشرعت انما شرعت الطاعات لاقامة ذكر الله عز وجل قال الله عز وجل في الصلاة واقم الصلاة لذكري وفي الحج قال صلى الله عليه وسلم انما شرع رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لاقامة ذكر الله تبارك وتعالى وهكذا قل في الصيام والصدقة وكل طاعة يتقرب بها الى الله عز وجل انما شرعت لاقامة ذكر الله جل وعلا فذكر الله هو روح الطاعات واساس العبادات والعبادات انما قيامها يكون على ذكر الله تبارك وتعالى ولاجل هذا تفاوت الناس تفاوتا عظيما وتباينوا تباينا كبيرا في حظوظهم من الاجور ونصيبهم من الثواب بحسب ملازمتهم للذكر وعنايتهم به ولو تأملنا في الصيام لوجدنا ان المسلمين كلهم يشتركون في الامساك عن الطعام والشراب والشهوة من طلوع الفجر الى غروب الشمس يشتركون في ذلك ولكن يتفاوتون في اجر الصيام وثوابه ومنزلته ومكانته عند الله عز وجل بحسب ذكرهم لله تبارك وتعالى فيه من الصائمين من يمضي جل وقت صيامه بالنوم والكسل والفتور وظعف الهمة ومن الصائمين من يمضي صيامه باعمال محرمة وامور تسخط الله تبارك وتعالى يصوم عن الطعام والشراب والشهوة ولا يصوم عن امور حرمها الله تبارك وتعالى ونهى عباده عنها كالغيبة والنميمة والسخرية الى غير ذلك من اعمال المنكرة والاعمال المحرمة فكل ذلك من الامور التي تؤثر على الصيام تأثيرا بالغا من الامور التي تؤثر على الصيام تأثيرا بالغا ومن الصائمين من يمن الله تبارك وتعالى عليه ويوفقه في صيامه فيكتب له في صيامه عناية بالقرآن ورعاية لذكر الله تبارك وتعالى ومحافظة على عبادة الله جل وعلا فيمضي منه الصيام على اتم حال واكمل حال وارفع منزلة ولهذا كان متأكدا على المسلم الصائم ان يحفظ صيامه وان يرعى صيامه بالعناية بهذا الامر العظيم ذكر الله جل وعلا الذي هو خير ما صرفت فيه الاوقات وامضى فيه المسلم اوقاته ولعل من التوفيق لنا جميعا في هذا الشهر الفظيل ان نقرأ هذا الكتاب القيم والمؤلف النافع لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله رجاء ان يكون عونا لنا بتوفيق من الله عز وجل ومن ومعونة على المحافظة على ذكر الله عز وجل والعناية به على الوجه الذي يرظيه عنا سبحانه وتعالى ونسأل الله عز وجل باسمائه وصفاته ان يجعلنا له ذاكرين له شاكرين اليه مخبتين منيبين وبه ومنه تبارك وتعالى نستمد العون والتوفيق وبسم الله نبدأ بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف خلقه محمد محمد بن عبدالله وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد يقول شيخ الاسلام احمد ابن تيمية رحمه الله اللهم صلي وسلم على اشرف خلقك محمد ولله الحمد وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله بدأ بدأ المصنف رحمه الله فهذا الكتاب بدأ المصنف رحمه الله هذا الكتاب كتاب الكلمة الطيب بالبسملة بسم الله الرحمن الرحيم وهو بهذا مقتديا بكتاب الله عز وجل ومقتديا بسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم ويستحب للمسلم ان يبدأ بالبسملة كل امر ديبال فيكون في دخوله وخروجه وقراءته وكتابته وسائر اموره مبتدأ ببسم الله ببسم الله عز وجل مبتدئا بالبسملة طالبا بذلك عون الله عز وجل وتوفيقه وتسديده فيما شرع وفيما فيما شرع وما قصد اليه من الاعمال الصالحة والامور النافعة الدينية والدنيوية ولهذا بدأ المصنف رحمه الله بالبسملة قال بسم الله الرحمن الرحيم والباء في بسم الله باء الاستعانة والمعنى اي ابدأ مستعينا بالله تبارك وتعالى ابدأ كتابي هذا مستعينا بالله فالجار والمجرور في قوله بسم الله متعلق بمحذوف تقديره اكتب باسم الله اكتب لانه كتب هذا الكتاب مبتدأ له بالبسملة مستعينا بالله تبارك وتعالى لجمع هذا المؤلف وتصنيف هذا الكتاب فالباء في بسم الله للاستعانة وقوله الله الرحمن الرحيم هذه اسماء حسن لله تبارك وتعالى اما اسمه تبارك وتعالى الله فهو دال على الالوهية والعبودية كما قال ابن مسعود رضي الله عنه قال الله ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين الله اي المألوف المعبود الذي يخضع له ويذل ويقصد بانواع الطاعة وصنوف العبادة ولا يصرف شيء منها لاحد سواه وابن مسعود رضي الله عنه فسر فهذا الاسم المبارك بامرين قال ذو الالوهية والعبودية اما الالوهية فهي صفة الله عز وجل وهي كماله سبحانه في اسمائه وصفاته الذي استحق به ان يؤله وان يقصد وان تصرف له انواع العبادة واما العبودية فهي فعل العبد التي يقتضيها اسم الله تبارك وتعالى الله فهو يقتضي ان يعبد وان يعبد وحده والا يصرف شيء من العبادة لاحد سواه والرحمن الرحيم هذان اسمان لله جل وعلا دالان على ثبوت صفة الرحمة لله جل وعلا اما الرحمن فيدل على قيامها به سبحانه واما الرحيم فهو دال على تعلقها بالمرحوم او بالمرحومين كما قال وكان بالمؤمنين رحيما قال بسم الله الرحمن الرحيم بدأ المصنف بالبسملة مستعينا بالله تبارك وتعالى ثم قال اللهم صلي على اشرف خلقك محمد صلى الله عليه وسلم فبدأ بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الدعاء له صلوات الله وسلامه عليه فالصلاة من المؤمنين الدعاء ومن الله تبارك وتعالى الثناء على عبده في الملأ الاعلى قال اللهم صلي على اشرف خلقك محمد وفي هذا ان محمدا صلوات الله وسلامه عليه واشرف خلق الله وارفعهم مقاما واعلاهم منزلة وهو صلى الله عليه وسلم سيد ولد ادم كما اخبر بذلك عن نفسه صلوات الله وسلامه عليه فهو اشرف العباد واكملهم طاعة وعبودية وذلا لله تبارك وتعالى وهو عبد الله ورسوله وخليله ومصطفاه صلوات الله وسلامه عليه وهو خاتم رسل الله به ختم الله عز وجل الرسالات ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين صلوات الله وسلامه عليه قال ولله الحمد وكفى ولله الحمد اي لله عز وجل الثناء الحسن والثناء العظيم على اسمائه تبارك وتعالى الحسنى وصفاته العلى وله تبارك وتعالى الثناء الحسن على نعمه والاءه التي لا تعد ولا تحصى فهو تبارك وتعالى يحمد على اسمائه وصفاته ويحمد جل وعلا على نعمه ومننه والائه ولله الحمد اي لله عز وجل الثناء مع الحب والتعظيم لان الحمد حقيقته الثناء مع الحب اما اذا كان ثناء عاريا من الحب فيسمى مدحا ولا يسمى حمدا الحمد ثناء مع الحب ولهذا في حمدك لله عز وجل حب الله عز وجل حبك لله عز وجل والحمد ناشئ عن الحب والتعظيم لله عز وجل على اسمائه وصفاته وعلى نعمه ومننه والائه قال الحمد لله قال ولله الحمد وكفى اي كفى بالحمد في هذا المقام العظيم كفى به شرفا ونبلا ومنزلة ان يحقق او ان يأتي العبد بالحمد لله عز وجل وان يكون مثنيا على الله عز وجل معترفا بالائه ونعمه ومننه معترفا بفظله معترفا بعظمته وجلاله وكماله ولهذا يحمد الله عز وجل وخير منازل العبد وارفعها ان يكون من اهل الثناء على الله من اهل الحمد والثناء والتعظيم لله تبارك وتعالى قال ولله الحمد وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام على عباده الذين اصطفى قيل المراد بعباد الله اي المؤمنين امة محمد عليه الصلاة والسلام الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في قوله ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات وقيل المراد بعباده الذين اصطفى اي الانبياء والمرسلين قال الله تعالى الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس قال وسلام على عباده الذين اصطفى عباده المراد بالعباد هنا من قاموا بعبادة الله تبارك وتعالى لا من هم من هم عبيد له فرق بين المعبد والعابد فرق بين عبودية الربوبية وعبودية الالوهية فالمراد بالعباد هنا من عبدوا الله عباد الرحمن وليس المراد بالعباد المعبد المذلل كما في قوله ان كل من في السماوات والارض الا ات الرحمن عبدا الناس والخلق كلهم عبيد لله باعتبار انه ربهم وخالقهم ورازقهم وموجدهم والمتصرف فيهم فكلهم عبيده بهذا الاعتبار والمؤمنون عباد لله اي مطيعون له قائمون بعبادته ممتثلون لامره سبحانه وتعالى فالمراد بقوله عباده هنا اي اهل الطاعة واهل الايمان والاقبال على الله تبارك وتعالى سواء كان المراد بهم خاصة الانبياء والمرسلين او المراد بهم عموم عباد الله تبارك وتعالى المطيعين وقوله الذين اصطفى اي الذين اصطفاهم الله تبارك وتعالى اصطفاهم اي اختارهم واجتباهم سبحانه وتعالى واذا كان المراد بالعباد هنا الرسل فيكون المعنى اي الذين اصطفاهم بالرسالة كما قال الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس وان كان المراد بالعباد عموم العباد اهل الطاعة والايمان فيكون المعنى اصطفاهم بالتوفيق للعبادة والتوفيق للطاعة كما قال عز وجل ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا اصطفيناهم بان وفقهم تبارك وتعالى القيام بطاعته ولزوم عبادته والبعد عما نهى عنه وحرم تبارك وتعالى قال واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وهذا فيه الشهادة لله تبارك وتعالى بالوحدانية ولابد في الشهادة من ان تكون عن علم بالمشهود به كما قال عز وجل الا من شهد بالحق وهم يعلمون وكما قال تبارك وتعالى وما شهدنا الا بما علمنا فالشهادة لابد فيها من علم بالمشهود به حتى تكون شهادة صحيحة معتبرة اشهد ان لا اله الا الله اي اشهد ان الله تبارك وتعالى هو المعبود بحق ولا معبود بحق سواه وقوله لا اله الا الله هذه كلمة التوحيد الذي لا قيام للدين الا عليها وهي مشتملة على ركنين اثنين النفي والاثبات النفي العام في اولها والاثبات الخاص في اخرها نفي العبودية عن كل من سوى الله عز وجل واثبات العبودية بكل معانيها لله وحده خضوعا وتذللا رغبا ورهبا طاعة وتعبدا كل ذلك لله عز وجل وليس لاحد سواه فيه شركة وهذا هو معنى لا اله الا الله نفي واثبات لا اله الا الله ولا يقبل من العبد التوحيد الا بهذين الركنين النفي والاثبات تنفي العبودية عن كل من سوى الله وتثبتها بكل معانيها لله تبارك وتعالى وحده ولهذا قال عقبها وحده لا شريك له وقوله وحده لا شريك له فيه تأكيد للتوحيد الذي دلت عليه كلمة التوحيد لا اله الا الله وقد عرفنا ان لا اله الا الله قامت على ركنين هما النفي والاثبات ولما كان هذا المقام اشرف مقام اكده بقوله وحده لا شريك له فان في قوله وحده تأكيد للاثبات وقوله لا شريك له تأكيد للنفي وعليه ما قامت كلمة التوحيد لا اله الا الله ومعنى هذه الكلمة ان نخلص العبادة لله تبارك وتعالى ان نعبد الله عز وجل وحده وان لا نعبد احدا سواه ان نخلص الدين لله تبارك وتعالى هذا هو معناها كما نقول يوميا عقب كل صلاة ودبر كل صلاة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة الا بالله لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون فالمسلم كل يوم عقب كل صلاة يهلل ان يذكروا كلمة التوحيد لا اله الا الله مضموما اليها ما يبين معناها ويوضح دلالتها فلا اله الا الله معناها الا نعبد الا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين كما نقول ذلك في تهليلنا دبر كل صلاة معنى لا اله الا الله الا نعبد الا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين ثم قال رحمه الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه فهذا فيه الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالعبودية والرسالة اما العبودية فهو اكمل خلق الله عبادة لله اكمل خلق الله عبادة لله فانه صلوات الله وسلامه عليه كمل مقام العبودية وتمم مقام الطاعة فكان اكمل الناس عبادة ولهذا صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ان اعلمكم بالله واتقاكم لله انا. فهو اتقى الناس لله واعلم الناس بالله تبارك وتعالى واكمل الناس قيامة قياما بطاعة الله عز وجل ولهذا كان صلى الله عليه وسلم اسوة وقدوة لعباد الله المتقين لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا قال عليه الصلاة والسلام اسوة لانه كمل مقام العبادة وتمم مقام الطاعة فلا يشاء المسلم بابا من ابواب البر وسبيلا من سبل الطاعة الا ويجد في النبي صلى الله عليه وسلم الاسوة والامامة في ذلك كله لانه كمل مقام العبادة لله وليس في عباد الله من هو اعبد لله منه صلوات الله وسلامه عليه فهو عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهذا فيه الشهادة له بالرسالة انه مرسل من عند الله ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ومن المعلوم ان مهمة الرسول ابلاغ كلام مرسله وما على الرسول الا البلاغ فنحن نشهد انه صلى الله عليه وسلم رسول الله بلغ البلاغ المبين ادى ما امره الله تبارك وتعالى بابلاغه على التمام والكمال وما ترك خيرا الا دل الامة عليه ولا شرا الا حذرها منه وقد قال الله تعالى في القرآن وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله وهذه الاية تدل على ان على ان الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة تقتضي طاعته فيما امر وتصديقه فيما اخبر والانتهاء عما نهى عنه وزجر والا يعبد الله الا بما شرع وهذا هو معنى شهادة ان محمدا رسول الله ان نطيعه صلى الله عليه وسلم في اوامره وان ننتهي عن نواهيه وان نصدقه صلى الله عليه وسلم في اخباره لانه صلوات الله وسلامه عليه جاء بامور ثلاثة جاء باوامر وجاء بنواهي وجاء باخبار فاذا قال المسلم اشهد ان محمدا رسول الله فانه يجب عليه ان يطيعه فيما امر وان ينتهي عما نهى عنه وزجر وان يصدقه صلى الله عليه وسلم فيما اخبر وفي قولنا اشهد ان محمدا عبده ورسوله توسط واعتدال بين اهل الغلو والجفاء والى هذا التوسط ارشد صلى الله عليه وسلم بقوله لا تطروني كما اطرت النصارى عيسى ابن مريم فانما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله فانما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله فارشد عليه الصلاة والسلام الى التوسط والاعتدال التوسط بين الغلاة والجفاة بين اهل التفريط والافراط بين اهل الزيادة والنقصان والله تعالى يقول عن امة محمد عليه الصلاة والسلام وكذلك جعلناكم امة وسطا اي شهودا عدولا لا غلو ولا جفاء لا افراط ولا تفريط ومن يشهد ان محمدا عبد الله ورسوله محققا معنى هذه الشهادة فانه بذلك يكون على الوسطية والاعتدال فالشهادة بانه محمد بانه عبد الله ورسوله فيها التوسط والاعتدال بين اهل الغلو واهل الجفاء فمن شهد انه عبد الله فالعبد لا يعبد ولا يعطى شيئا من خصائص الرب سبحانه وتعالى من شهد انه عبد لله تبارك وتعالى لا يعطيه شيئا من خصائص الله خصائص الله لله جل وعلا لا تعطى لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل فهو عبد لله عز وجل قال الله تعالى قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فهو عليه الصلاة والسلام بشر ليس فيه من خصائص الاله اي شيء خصائص الله لله عز وجل خصائص الله في ربوبيته خصائص الله في الوهيته خصائص الله في اسمائه وصفاته هذه كلها له سبحانه وتعالى ولهذا انكر عليه الصلاة والسلام من اعطاه شيئا من خصائص الله جاء عنه صلى الله عليه وسلم الانكار على امرأة سمعها تقول وفينا رسول الله يعلم ما في غد فغضب عليه الصلاة والسلام وقال لا يعلم ما في غد الا الله ولما سمع رجلا يقول ما شاء الله وشئت مخاطبا النبي عليه الصلاة والسلام غضب وقال اجعلتني لله عدلا وفي رواية اجعلتني لله ندا؟ قل ما شاء الله وحده وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ما احب ان تنزلوني فوق منزلتي التي انزلني الله اياها ولما قال احد الاسرى الذين جيء بهم اليه عليه الصلاة والسلام قال اني اتوب الى الله ولا اتوب الى محمد قال الاسير اني اتوب الى الله ولا اتوب الى محمد قال عليه الصلاة والسلام عرف الحق لاهله صلى الله عليه وسلم قال عرف الحق لاهله فهو عليه الصلاة والسلام عبد لا يعبد العبادة لله جل وعلا فاذا في قولنا عبد الله خروج من الغلو في قولنا عبد الله خروج من الغلو في حقه صلوات الله وسلامه عليه الغلو باطل نهى عليه الصلاة والسلام عن الغلو في الدين واخبر انه اهلك من كان قبلنا قال اياكم والغلو فانما اهلك من كان قبلكم الغلو في الدين فقولنا عبد الله هذا فيه خروج من الغلو والعبد لا يعبد وقولنا رسول الله خروج من الجفاء فرسول مرسل من من الله عز وجل يجب ان نعرف مكانته وان نعرف منزلته وان نعرف فضله وان نعرف شرفه صلوات الله وسلامه عليه وان نجعله قدوة لنا لا تسي به ونقتدي به ونمتثل اوامره عليه الصلاة والسلام وان ننتهي عن نواهيه ففي قولنا رسول الله خروج من الجفاء قال واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم شرع بعد ذلك بذكر الايات من كتاب الله عز وجل المبينة لمكانة الذكر وعظيم منزلته. نعم قال رحمه الله قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا قال قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم بدأ المصنف رحمه الله بهذه الاية العظيمة التي فيها امر اهل الايمان بالقول السديد بعد امرهم بتقوى الله عز وجل قال يا ايها الذين امنوا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا خاطبهم بوصف الايمان الذي يقتضي طاعة الله عز وجل وامتثال اوامره والانتهاء عن نواهيه يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا فالايمان يتطلب من المؤمن ان يكون متقيا لله عاملا بطاعة الله محافظا على اقواله واعماله فيما يقربه من الله تبارك وتعالى. اتقوا الله والتقوى الامر بها امر بالدين كله لان تقوى الله عز وجل هي ان تجعل بينك وبين ما ما تخشاه من سخط الله وعقابه وقاية تقيك وذلك بفعل المأمور وترك المحظور ولهذا فان من احسن ما عرفت به التقوى قول طلق ابن حبيب رحمه الله تقوى الله العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وترك معصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله فتقوى الله عز وجل عمل بالطاعة وترك للمعصية على نور من الله اي على علم وبينة ودراية بدين الله ولهذا المتقي هو من يعلم المأمور فيعمل به ويعلم المنهي المنهي عنه فيجتنبه هذا هو حقيقة التقوى علم بالمأمورات مع مع فعلها والعناية بها وعلم بالمنهيات مع اجتنابها والحذر من الوقوع فيها وهو فيه وهو في كل ذلك راجع راهب راغب الراهب يرجو ويخاف يرجو رحمة الله تبارك وتعالى ويخاف عذابه قال اتقوا الله وقولوا قولا سديدا وقولوا قولا سديدا قيل المراد بالقول السديد كلمة التوحيد لا اله الا الله وهذا تفسير فهذه الكلمة باشرف واعظم ما يدخل فيها فان اشرف القول اشرف القول السديد واعظمه لا اله الا الله لان لا اله الا الله هي اعظم الكلمات واجلها على الاطلاق كما قال عليه الصلاة والسلام وخير ما قلته انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فلا اله الا الله هي افضل القول افضل القول السديد واعظمه ولهذا بعض المفسرين فسر القول السديد هنا بلا اله الا الله تفسيرا لهذه اللفظة بذكر اشرف ما يدخل تحتها وكلمة التوحيد لا اله الا الله وقيل المراد بالقول السديد عموم الذكر لله تبارك وتعالى فيشمل التهليل والتسبيح الحمد وغير ذلك من الاذكار المأمور بها وقيل القول السديد الدعاء والعناية به وكل ذلك من القول السديد المأمور به فلا اله الا الله هي اشرف القول السديد واعظمه وذكر الله تبارك وتعالى هو خير ما تشغل به الاوقات وتمظى فيه الانفاس والدعاء منزلته ومكانته عند الله عظيمة وهذا كله من القول السديد وليس القول السديد محصور في هذا شغل الاوقات بمدارسة العلم ومذاكرة مسائله هذا من القول السديد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا من القول السديد يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم لاحظ ملاحظة مهمة هنا ان صلاح العمل وزكاءه مترتب على صلاح القول مترتب على صلاح القول فاذا فاذا صلح قول الانسان صلح صلح عمله ولهذا جاء في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا اصبح ابن ادم فان الاعضاء كلها تكفر اللسان فان الاعضاء كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فينا فانما نحن بك وتأمل جيدا قوله عليه الصلاة والسلام فانما نحن بك اي باللسان فانما نحن بك فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا فالاعمال صلاحها من بني على صلاح الاقوال فاذا صلحت الاقوال صلحت الاعمال ولهذا رتب صلاح العمل على سداد القول يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم يصلح لكم اعمالكم وكثير من الناس لا يبالي بمنطقة لا يبالي بكلامه بل لا لا يعدك كلامه من عمله الذي سيحاسبه الله تبارك وتعالى عليه يوم القيامة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ وهل يكب الناس على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم فاللسان شأنه خطير اللسان شأنه خطير وكان بعض الصحابة يمسك بلسان نفسه ويقول والله ليس هناك شيء احوج الى طول سجن من اللسان فالانسان يحتاج الى رعاية وصيانة وان يحفظ الانسان لسانه بالقول السديد والكلام المفيد الذي يكتب له ولا يكتب عليه فاذا صان لسانه وصلح لسانه صلحت اعماله اعماله باذن الله تبارك وتعالى قال يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما لعلنا نكتفي بهذا القدر سائلين الله تبارك وتعالى التوفيق والسداد والهداية والرشاد والاعانتك على كل خير وان يعيننا على قيام هذا الشهر وصيامه وان يستعملنا فيه بطاعته وما يقرب اليه اللهم اصلح لنا ديننا الذي وعصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر