بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فلا يزال الكلام عند المصنف رحمه الله في الدعاء المتعلق بالركوع والقيام منه والسجود والجلسة بين السجدتين قد مر معنا بالامس جملة من الادعية المتعلقة بهذا الفصل وبقي منها بقية بسم الله. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. قال المصنف رحمه الله وخرج ايضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا واني نهيت ان اقرأ القرآن راكعا او ساجدا فاما الركوع فعظموا فيه الرب. واما السجود فاجتهدوا في الدعاء. فقمنوا ان يستجاب لكم قوله رحمه الله وخرج ايضا اي مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاواني نهيت ان اقرأ القرآن راكعا او ساجدا هذا الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم هنا هو من اواخر كلام النبوة الذي سمع منه صلى الله عليه وسلم في ايامه الاخيرة ايام مرضه صلوات الله وسلامه عليه وقد جاء في اول هذا الحديث عند مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم كشف ستار حجرته ونظر الى الناس في المسجد وكان يؤمهم ابو بكر الصديق رضي الله عنه وقال عليه الصلاة والسلام ان ما بقي من النبوة المبشرات وهي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن او ترى له. ثم قال الاواني نهيت ان اقرأ القرآن راكعا او ساجدا الى اخر الحديث فهذا الحديث من اواخر ما سمع من نبينا صلوات الله وسلامه عليه وقد جاء ببعض الاحاديث انه عليه الصلاة والسلام لما كشف ستر الحجرة ايام مرضه وفي لحظاته الاخيرة ورأى الصحابة رضي الله عنهم وهم صفوف خلف خيرهم وافضلهم ابي بكر الصديق رضي الله عنه وارضاه وهو الذي اختاره النبي عليه الصلاة والسلام ليصلي بالناس قال مروا ابا بكر فليصلي بالناس فلما رآهم عليه الصلاة والسلام تهلل وجهه تهلل وجهه صلوات الله وسلامه عليه فرحا وسرورا بهذا المنظر البهيج المفرح اجتماع المسلمين في المسجد في بيوت الله عز وجل لاداء هذه الفريضة العظيمة والطاعة الجليلة التي هي اعظم فرائض الاسلام بعد الشهادتين وهنا ايها الاخوة الفت الى امر كلنا نحتاج الى التنبيه عليه لنسلم مما يقع فيه كثير منا رغبة منه في اظهار محبته للنبي عليه الصلاة والسلام بممارسة احتفالات محدثة او اجتماعات مخترعة مع اضاعة لهذا الاجتماع العظيم والجمع المبارك في بيوت الله عز وجل لاداء هذه الفريضة. النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى الصحابة في المسجد مجتمعين يؤدون الفريضة تهلل وجهه فرحا بذلك تهلل فرحه تهلل وجهه فرحا بذلك ثم اننا نجد اقواما يضيعون هذه الصلاة ولا يلقون لها بالا ولكنهم لا يفوتون تلك الاحتفالات المحدثة التي هي ليست من دين الله عز وجل ولا مما شرعه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ومن ضمن هذه الاحتفالات الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج يحتفلون بليلة الاسراء والمعراج مع ان الاحتفال لم يشرع لهم ولا يحافظون على الصلاة التي عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم لاجلها ونزل بها صلوات الله وسلامه عليه مفروضة عليه وعلى امته فلا يحافظون على الصلوات ويحافظون على الاحتفالات فحقيقة المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم الاتباع لما جاء به والاقتداء بهديه والتمسك بسنته صلوات الله وسلامه عليه قال صلى الله عليه وسلم الا اني نهيت ان اقرأ القرآن راكعا او ساجدا الا اني نهيت ان اقرأ القرآن راكعا او ساجدا اي ان اقرأ القرآن وانا على حالة الركوع او حالة السجود فان هاتين الحالتين ليس ليستا موضعا لقراءة القرآن الكريم ليستا موضعا لقراءة القرآن الكريم وانما الركوع موضع لتعظيم الرب جل وعز والسجود موضع للدعاء والاقبال على الله تبارك وتعالى بالطلب والسؤال قال فاما الركوع فعظموا فيه الرب قال فاما الركوع فعظموا فيه الرب ولهذا مر معنا ان نبينا صلوات الله وسلامه عليه كان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم يعظم الله تبارك وتعالى في في ركوعه. وعرفنا فيما سبق ان هذا التعظيم لله تبارك وتعالى حال الركوع مناسب غاية المناسبة لهذه الهيئة وهذه الحالة التي يتطامن العبد وينخفظ وينحني تذللا لله تبارك وتعالى وانكسارا بين يديه فناسب في هذه الحالة التي هي حالة خضوع وذل وانكسار من العبد بين يدي الله ان يذكر عظمة الله ان يذكر عظمة الله قائلا سبحان ربي العظيم والعظيم اسم من اسماء الله تبارك وتعالى دال على ثبوت العظمة له جل وعلا العظمة في اسمائه والعظمة في صفاته سبحانه وتعالى والعظمة في ذاته والعظمة في احكامه واوامره وشرعه فالله عز وجل عظيم وصفاته عظيمة وافعاله عظيمة جل وعز تناسب حال تطامن العبد وانخفاضه بهذه الهيئة المتذللة بين يدي الله تبارك وتعالى ان يذكر عظمة الله عز وجل ولهذا قال هنا فاما الركوع فعظموا فيه الرب فاما الركوع فعظموا فيه الرب قال واما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء قد جاء في حديث اخر خرجه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا الدعاء اي في سجودكم فحالة السجود حالة قرب من الله سبحانه وتعالى حالة قرب من الله عز وجل. كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وهي هيئة ذل بل هي اكمل هيئات الذل والخضوع حيث يهوي العبد الى الارظ بيديه ثم يضع جبهته ووجهه على الارض منخفضا جاعلا رأسه نازلا بهذه الصفة وجسمه من اعلى مرتفعا واضعا يديه بطمأنينة على الارض وركبتيه على الارض واطراف قدميه على الارض ساجدا على هذه الاعضاء لله تبارك وتعالى. فهي حالة كمال في الذل والخضوع والانكسار بين يدي الله جل وعلا فهي حالة عظيمة في القرب من الله ولهذا قال نبينا صلوات الله وسلامه عليه اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ولهذا ندب في هذه الحال الى الاكثار من الدعاء وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انواعا من الادعية كان عليه الصلاة والسلام يدعو بها في سجوده سيأتي بعضها عند المصنف رحمه الله تعالى قال هنا واما السجود فاجتهدوا فيه فاجتهدوا في الدعاء فانه او فخمن ان يستجاب لكم قمن اي حري وجدير ان يستجاب لكم على هذه الحال وهذا فيه ان لاجابة الدعاء اسباب لاجابة الدعاء اسباب تارة يكون السبب فضل المكان وتارة يكون السبب فضل الزمان ومن الليالي الفاظلة لاجابة الدعاء هذه الليالي الشريفة الطيبة المباركة التي منها ليلة القدر التي هي خير من الف شهر وتارة يكون السبب الاجابة شرف الحال وقد تجتمع للعبد فهذه كلها في بعض الاوقات وشرف الحال من من ذلكم خرور العبد ساجدا لله تبارك وتعالى ومن ذلكم عند فطره فان للصائم عند فطره دعوة مستجابة وهذا شرف الحال فقال هنا فقمن اي حري وجدير ان يستجاب لكم اي لشرف الحالة التي عليها العبد وهي حال وهي حال الخضوع التام والذل الكامل بين يدي الله عز وجل بهذه الحالة الشريفة حالة السجود قال فقمن ان يستجاب لكم قال رحمه الله تعالى وقال عوف بن مالك قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة لا يمر باية رحمة الا وقف وسأل ولا يمر باية عذاب الا وقف وتعوذ. قال ثم ركع بقدر قيامه قولوا في ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة. ثم قال في سجوده مثل ذلك. خرجه ابو داوود والنسائي ثم اورد رحمه الله حديث عوف ابن مالك في قيامه مع الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة. ايها النبي عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة الليل يقول فقام اي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة البقرة يعني قرأها كاملة قرأ سورة البقرة كاملة قال لا يمر باية رحمة الا وقف وسأل ولا يمر باية عذاب الا وقف وتعوذ وهذا فيه ان السنة التي مضى عليها هديه عليه الصلاة والسلام في صلاة الليل ان يقف مع ايات النعيم سائلا وايات العذاب متعوذا وايات التعظيم لله تبارك وتعالى مسبحا وهذا من تمام التدبر لكلام الله تبارك وتعالى في قيام العبد ليلا بكتاب الله عز وجل في جمع بين التلاوة والتدبر لكلام الله تبارك وتعالى وسؤال الله تبارك وتعالى من فظله والتعوذ به سبحانه وتعالى من عذابه فكان من هديه عليه الصلاة والسلام اذا مر باية نعيم ذكر الجنة ذكر الثواب ذكر انعام الله تبارك وتعالى على عباده يسأل الله اللهم اني اسألك من فضلك واذا مر باية فيها ذكر النار او ذكر العذاب او ذكر سخط الله تبارك وتعالى وعقوبته يتعوذ بالله يقول اعوذ بالله من عذابه او نعوذ بالله من عذابه يتعوذ بالله تبارك وتعالى وهذا يفعل في صلاة النفل دون الفرض الفريظة يقتصر فيها على التلاوة والسماع التلاوة من الامام والسماع من المصلي اما في صلاة النفل فان هذا يشرع اذا مرت بك اية فيها نعيم تسأل الله من فظله واذا مرت بك اية فيها عذاب تتعوذ بالله تبارك وتعالى واذا مر بك تمجيد وتعظيم وثناء على الله تبارك وتعالى تسبح الله جل وعز قال لا يمر باية باية رحمة الا وقف وسأل ولا يمر باية عذاب الا وقف وتعوذ. ومثل هذا جاء في حديث حذيفة المتقدم وقد ذكره المصنف رحمه الله مختصرا وفيه نحو من هذا يقول صليت مع رسول الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند تمام المئة يقول فواصل عليه الصلاة والسلام فقلت يركع عند تمامها فافتتح النساء حتى اتمها ثم افتتح ال عمران حتى اتمها وكان في صلاته تلك لا يمر باية فيها رحمة الا سأل ولا اية فيها عذاب الا تعوذ ولا اية فيها ثناء على الله عز وجل وتمجيد الله الا سبح الله سبحانه وتعالى قال ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ثم قال في سجوده مثل ذلك وهذا فيه ان هديه عليه الصلاة والسلام في صلاته تعديل الاركان تعديل الاركان وان يكون ركوعه وقيامه وسجوده والقيام منه مقاربا لقيامه بالقراءة صلوات الله وسلامه عليه واذا كان قد قام في صلاته هذه في ركعة بسورة البقرة كاملة فان ركوعه قريبا من هذا وسجوده قريبا من هذا وقيامه منه وقيامه من السجود قريبا من هذا صلوات الله وسلامه عليه قال يقول في ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة قوله سبحانه التسبيح مر معنا معناه وانه تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به وتنزيهه تبارك وتعالى عن مماثلة المخلوقات فالله منزه عن النقائص والعيوب ومنزه عن مماثلة المخلوقات ان يشبهه احد من خلقه او ان يشبه هو احدا من خلقه تنزه وتقدس تبارك وتعالى عن ذلك فقال سبحانه ذي الجبروت ذي بمعنى صاحب والجبروت على وزن فعلوت وهي من صيغ المبالغة ومنه قول الله تبارك وتعالى سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء فهذه الصيغة مبالغة فذي الجبروت والملكوت اي الجبار المالك الجبار الذي بيده الجبر سبحانه وتعالى المالك الذي بيده الملك وقيل في معنى الجبار اي القاهر قاسم ظهور الجبابرة والظلمة والبغاة وقيل في معنى الجبار اي المتفضل والمنعم على اهل الطاعة بجبر القلوب جاء بجبر قلوب منكسرة قلوبهم المتذللون بين يدي ربهم الخاضعون له سبحانه وتعالى ولهذا سيأتي من الدعا بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني واهدني قال فيه واجبرني فهذا على المعنى الثاني واجبرني على المعنى الثاني وهو معنى الانعام والاحسان والتفضل على عبادة وهو من المعاني المستفادة من اسمه تبارك وتعالى الجبار والجبار اسم من اسماء الله عز وجل كما جاء في خواتيم سورة الحشر الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار فهو اسم من اسماء الله تبارك وتعالى الحسنى وهو يدل على اه المعنيين السابقين والملكوت اي الذي له الملك الذي بيده الملك الذي له الملك كله فذي الجبروت والملكوت اي الذي له وبيده الجبر والملك فهو بيد الله عز وجل وليس لاحد فيه شيء بل هو له وحده سبحانه قال سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة اي وذي الكبرياء والعظمة والكبرياء والعظمة وصفان مختصان به تبارك وتعالى لايقان بجلاله وكماله وقد جاء في الصحيح في الحديث القدسي ان الله تبارك وتعالى يقول الكبرياء العظمة يقول سبحانه وتعالى العظمة ازاري والكبرياء ردائي العظمة ازاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار وقوله العظمة ازار والكبرياء ردائي اي بمنزلة وبمثابة الازار والرداء وهذا فيه دلالة على الاختصاص وانهما وصفان خاصان بالله تبارك وتعالى لايقان بجلاله وكماله فمن نازع الله تبارك وتعالى في احد هذين الوصفين الكبرياء والعظمة قذفه الله يوم القيامة في النار ويحشر المتكبرون يوم القيامة على هيئة وظيعة جزاء وفاقا ويلقون في نار جهنم فيقذفون في النار يوم القيامة. هذا جزاء المتكبرين فالعظمة صفة لله والكبرياء صفة لله العظمة صفة دل عليها اسمه تبارك وتعالى العظيم والكبرياء صفة دل عليها اسمه المتكبر العزيز الجبار المتكبر فالمتكبر اسم لله والصفة التي دل عليها هذا الاسم الكبرياء والعظيم اسم لله تبارك وتعالى والصفة التي دل عليها هذا الاسم العظمة ولهذا قال والكبرياء والعظمة وقوله هنا والكبرياء والعظمة فيهما دلالة لقاعدة سبق الاشارة اليها غير مرة تتعلق بفقه اسماء الله الحسنى وهي ان اسماء الله تبارك وتعالى اعلام واوصاف ليست اعلاما محضة لا تدل على معاني بل هي اعلام واوصاف اعلام اي تدل على ذات الله تبارك وتعالى واوصاف اي تدل على صفات قائمة بالله فالعظيم يدل على العظمة والمتكبر يدل على الكبرياء وهكذا قل في جميع اسماء الله تبارك وتعالى قال ثم قال في سجوده مثل ذلك اي ان هذا التسبيح يشرع في الركوع والسجود يقال في في الركوع ويقال في السجود نعم قال رحمه الله وقال ابو هريرة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد. وفي لفظ صحيح ربنا لك الحمد والمتفق عليه في لفظ الصحيحين ربنا ولك الحمد اللهم ربنا لك الحمد ثم اورد حديث ابي هريرة رضي الله عنه فيما كان يقوله عليه الصلاة والسلام اذا رفع من الركوع قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع اي حين ينهض من ركوعه ليعتدل قائما كما كان قبل الركوع فكان حين يرفع من ركوعه عليه الصلاة والسلام يقول سمع الله لمن حمده سمع الله لمن حمده وقد عرفنا قريبا ان المعنى المراد بالسمع هنا سمع الاجابة لا مطلق السمع وهو نظير قوله تبارك وتعالى ان ربي لسميع الدعاء اي مجيب الدعاء يسمع سمع اجابة فليس المراد هنا مطلق السمع وانما المراد وانما المراد سمع اه الاجابة قال سمع الله لمن حمده اي استجاب لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد وقوله ثم يقول اي الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا فيه دلالة على ان الامام ان الامام نفسه يشرع له ان يقول ذلك يعني ليس قول ربنا ولك الحمد مختصا المأموم. بل هو مشروع في حق الامام والمأموم على حد سواء. الامام وحده يقول سمع الله لمن حمده ثم يشترك هو والمأموم في قول ربنا ولك الحمد فليست هذه مختصة بالمأموم بل هي مشروعة في حق الامام كما هي مشروعة في حق المأموم والحديث واضح الدلالة على ذلك خلافا لمن قال انها مختصة المأموم قال ثم يقول قائما ربنا ولك الحمد وفي لفظ صحيح ربنا لك الحمد قال والمتفق عليه في لفظ الصحيحين اي البخاري ومسلم ربنا ولك الحمد و اللهم ربنا لك الحمد وتحصل لنا من مجموع هذه الروايات التي ذكرها المصنف ثلاثة الفاظ اللفظ الاول اللهم ربنا ولك الحمد اللفظ الثاني ربنا ولك الحمد اللفظ الثالث ربنا لك الحمد بحذف الواو فهذه ثلاثة الفاظ وردت وايا منها جاء به المصلي يجزئ واما عن الاكمل في هذه الصيغ فقد مر معنا قريبا تأكيد ابن القيم رحمه الله على الواو وتنبيهه على اهميتها وانها لفظة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها تمام المعنى وفيها تمام المعنى وكماله فيها تمام المعنى وكماله لانه بهذا بهذه الواو يصبح الكلام بتقدير جملتين كل جملة منهما دالة على معنى مستقل بخلاف ما اذا حذفت الواو. اذا حذفت الواو كان الكلام جملة واحدة ربنا لك الحمد اي الحمد لك او الحمد لربنا سبحانه وتعالى طيب اه بهذه الحال تكون بمثابة جملة واحدة. اما اذا اثبتت الواو كان الكلام بتقدير جملتين وكل جملة منهما دالة على معنى مستقل ربنا ولك الحمد ربنا يكون تقدير الكلام في هذه الجملة الاولى اي انت ربنا الذي بيدك التصرف والملك والتدبير والتسخير الى غير ذلك معاني الربوبية ولك الحمد هذه جملة ثانية فيها اثبات الحمد لله تبارك وتعالى فيكون في قولك ربنا ولك الحمد يكون في ذلك معنى قولك له الملك وله الحمد التي تأتي عقب التهليل كثيرا في الاحاديث ومرت معنا لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد فاثبت الملك واثبت الحمد اقر بالملك واقر بالحمد فاثبت امرين وهنا كذلك اذا قلت ربنا ولك الحمد يكون الكلام بتقدير جملتين الجملة الاولى في اثبات الربوبية والجملة الثانية في اثبات الحمد لله تبارك وتعالى وهو الثناء على الله ويمكن ان نقول ان هذه الصيغ الثلاث اكملها ان تقول اللهم ربنا ولك الحمد لان زيادة المبنى فيه زيادة المعنى يليها ان تقول ربنا ولك الحمد يليها ان تقول ربنا لك الحمد بحذف الواو فهي صيغ ثلاث كلها ثابتة اكملها ان تقول اللهم ربنا ولك الحمد ثم يلي ذلك ان تقول ربنا ولك الحمد ثم يلي ذلك ان تقول ربنا لك الحمد بحذف الواو قال رحمه الله وعن ابي سعيد الخضري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد اهل الثناء والمجد احق ما قال العبد السناء بالسين ولا بالثاء؟ اهل الثناء والمجد احق ما قال العبد وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. اخرجه مسلم ثم اورد رحمه الله حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه وهو كذلك فيما يقال في الرفع من الركوع اذا اذا رفع رأسه من اه الركوع قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفع رأسه من الركوع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد الى هنا سبق من مر معنا في حديث علي المتقدم الى هنا سبق مر معنا في حديث علي رظي الله عنه المتقدم الذي وصف فيه اذكار النبي عليه الصلاة والسلام في الركوع والسجود والقيام منه وعرفنا ان قوله ملء السماوات اي هذا وصف الحمد وقدره انه يملأ السماوات ويملأ الارظ ويملأ ما بين السماء والارض ويملأ كذلك ما شاء الله تبارك وتعالى من شيء بعد فيكون وصف هذا الحمد وقدره انه يملأ الاشياء الموجودة ويملأ التي الاشياء التي لم توجد وما يوجده الله تبارك وتعالى من الاشياء بعد كما قال هنا وملئ ما شئت اي يا الله من شيء بعد وملئ ما شئت من شيء بعد وهذا وهذا فيه كذلك اثبات المشيئة النافذة لله تبارك وتعالى في وانما نفذت وانما نفذت فيه مشيئته كان لانها مشيئة نافذة فما نفذت فيه مشيئة الله كان ووقع كما شاء سبحانه وتعالى لا راد لحكمه ولا معقب لقضائك ما سيأتي معنا قال اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت لان مشيئته نافذة لان مشيئته نافذة سبحانه وتعالى قال اهل الثناء والمجد اي انت يا الله اهل الثناء والمجد اي اهل للثناء واهل للمجد والثناء هو المدح مع التعظيم والمحبة لله تبارك وتعالى ومهما اثنى العبد على الله تبارك وتعالى بانواع الثناء فانه لا يحصي ثناء على الله كما سيأتي معنا في كلام اعظم المثنين على الله سبحانه وتعالى واعلم عباده به صلوات الله وسلامه عليه في سجوده حيث قال لا احصي ثناء عليك لا احصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك قال اهل الثناء والمجد والمجد معناه في اللغة السعة معناه في اللغة السعة. ومن اسمائه تبارك وتعالى المجيد والصفة التي يدل عليها اسمها المجيد المجد والمجد هو السعة واسمه تبارك وتعالى المجيد هو من الاسماء التي لا تدل على وصف مفرد وانما هو اسم دال على معان عديدة كالعظيم والسيد والرب والحميد فهذه اسماء لله تبارك وتعالى دالة على جملة معاني وليست على معنى واحد والمجد يدل على كثرة الصفات المجد يدل على كثرة الصفات وكثرة نعوت العظمة والجلال والكمال فقول اهل الثناء اي اهل المدح والتعظيم والاجلال والمجد اي اهل الصفات الكاملة والنعوت العظيمة والجلال والكبرياء والعظمة. فالمجد يدل على سعة الصفات وكثرتها قال اهل الثناء والمجد اهل الثناء والمجد احق ما قال العبد قوله احق خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا اي هذا الثناء هذا الثناء احق ما قال العبد اي احق شيء احق شيء قاله العبد وهذا فيه فضل الذكر وانه افظل ما تصرف فيه الاوقات وتمضى فيه الساعات والايام احق شيء قاله العبد وشغل فيه اوقاته وامضى فيه ايام حياته ذكر الله احق ما قال العبد وجاء هذا اللفظ في بعظ كتب الفقه احق ما قال العبد اهل الثناء والمجد حق ما قال العبد وهذا خطأ وهذا خطأ وهو غير مستقيم من حيث المعنى بل لا يدل على معنى خاطئ. والعبد قد يقول اه حقا وقد يقول خلافه وقد مر معنا في الثناء على الله سبحانه وتعالى في الاستفتاح لقيام الليل وقولك حق ولقاؤك حق وقولك حق فقول قول الله حق وفي القرآن والله يقول الحق اللفظ يعني الذي جاء في بعض كتب الفقه حق ما قال العبد لفظ خاطئ والصواب كما جاء في في الحديث احق ما قال العبد وحق افعل تفضيل اي اولى وافضل واكمل واحسن ما قاله العبد ذكر الله وهذا كما قدمت فيه دلالة واظحة على فظيلة الذكر وعظيم مكانته وانه افضل شيء شغل فيه العبد اوقاته وامضى فيه ايام حياته قال احق ما قال العبد وكلنا لك عبد وكلنا لك عبد العبودية عبودية الناس لله تبارك وتعالى نوعان عبودية عامة يدخل فيها كل او تشمل كل المخلوقات فالخلق كلهم عبيد لله؟ قال تعالى ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا فالكل عبيد لله اي عبيد لربوبيته فهو ربهم هو خالقهم وهو رازقهم وهو مدبر شؤونهم المتصرف فيهم. عز وجل كيف شاء والنوع الثاني عبودية لالوهيته ومنها قوله تعالى وعباد الرحمن وعباد الرحمن فهنا عباد الرحمن العبودية لالوهيته. والمراد الذين اطاعوا الرحمن وامتثلوا امره وانقادوا لشرعه وقوله هنا في هذا الحديث وكلنا لك عبد اي كلنا لك عبيد كلنا لك عبيد اي تحت تصرفك تحت تصرفك وتحت تدبيرك وتحت قهرك مشيئتك فينا نافذة وامرك فينا ماض لا معقب لحكمك ولا راد لقضائك فالعبودية هنا عبودية لربوبية الله. كلنا لك عبد اي كلنا عبيد لك وعبد على ما سبق تارة يراد بها المعبد وتارة يراد بها العابد والمراد هنا المعبد المذلل المربوب المدبر المسخر هذا المراد قال وكلنا لك عبد. وكلنا لك عبد. يعني كلنا تحت تدبيرك. كلنا عباد لك تحت تدبيرك وتحت تسخيرك تصرفك وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت اي ما كتبته لاي واحد منا من عطاء نعمة ومن وفظل وغير ذلك فلا مانع له يعني لا يستطيع احدا منعه او دفعه او رده لان مشيئة الله سبحانه وتعالى نافذة وكذلك قال ولا معطي لما منعت يعني ما منعته من العبد وحرمت العبد منه وشئت الا يكون للعبد فان لا احدا من الناس يملك اعطاءه اياه قال الله تعالى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ان يردن ان يردني الرحمن بغر هل هن ممسكات ان يردن الرحمن بضر؟ هل هن كاشفات ضره فاذا اراد الله سبحانه وتعالى عبده بظر لا يملك احدا كشفه واذا اراد عبده برحمة لا يملك احدا منعها او ردها قال اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت وفي هذا ان الله هو المانع المعطي القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل فالامر كله بيده وطوع تدبيره وتسخيره سبحانه وتعالى ولا ينفع ذا الجد منك الجد ذا الجد اي صاحب الحظ صاحب الحظ من مال من رئاسة من جاه ايا كان الحظ والنصيب الذي عنده فلا ينفعه جده اي حظه ونصيبه منك الجد ايلا يحول حظه وونصيبه بين العقوبة ان كانت نازلة او حالتا به فلا ينفعه جده رئاسته لا تنفعه ان كان جده اي نصيبه رئاسة ماله لا ينفعه جاهه لا ينفعه فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون هذا من المعنى المستفاد من قوله ولا ينفع ذا الجد منك الجد اي لا ينفع اه اه لا ينفع ذوي الجدود اي الحظوظ و والنصيب من الناس حظوظهم ونصيبهم. اذا ما الذي ينفعهم؟ الذي ينفعهم تقربهم اليك وحسن تعبدهم لك وكمال تذللهم بين يديك هذا الذي ينفع المال والجاه والرئاسة ما تقدم ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه. هذا من معنى قوله ولا ينفع ذا الجد منك الجد. لم يسرع به نسبه. النسب جد يعني نصيب حظ للانسان حظنه نصيب الله ان يكون نسبه نسب شريف وفاضل او كذلك يكون صاحب مال او يكون ايظا صاحب منصب ورئاسة فكل هذه لا تنفع من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه فهذا كله من معنى قوله ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ولا ينفع ذا الجد منك الجد يعني اصحاب الحظوظ واصحاب الجدود اصحاب اه الرئاسات اصحاب الاموال اصحاب جاهل غير ذلك كل هذه ما تنفعهم ما تنفعهم عند الله قال عز وجل ان اكرمكم عند الله اتقاكم فاذا المعنى في قوله ولا ينفع ذا الجد منك الجد اي لا ينفع صاحب النصيب نصيبا وصاحب الحظ حظه من مال او رئاسة او جاه او غير ذلك وانما ينفعه حسن تقربه اليك وحسن طواعيته وامتثاله لامرك نعم قال رحمه الله وقال رفاعة بن رافع رضي الله عنه كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله لمن حمده فقال رجل وراءه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. فلما انصرف قال من المتكلم؟ قال انا. قال بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها. ايهم يكتب يكتبها اول. خرجه البخاري. ثم اورد المصنف رحمه الله حديث رفاعة ابن رافع رضي الله عنه قال كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال سمع الله الله لمن حمده سمع الله لمن حمده فقال رجل وراءه ربنا ولك الحمد ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. هذه صيغة الحمد التي حمد بها هنا مع ما سبق حمدا يملأ السماوات الى اخره يستفيد فائدة ان موضع الرفع من الركوع موضع للحمد بالكثرة موضع للحمد حمد الله عز وجل بالكثرة ولهذا جاءت السنة بذكرى الصيغة المشتملة على حمد الله تبارك وتعالى بالكثرة. قال حمدا اللهم اللهم ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. وهذا الصحابي الذي سمع النبي صلى الله عليه وسلم حمده ايضا ذكر هذا الحمد الذي فيه الكثرة حمدا كثيرا. حمدا كثيرا قال ربنا ولك الحمد حمدا قوله حمدا هذا مفعول مطلق. وتقدير الجملة احمده حمدا. احمده حمدا وقوله طيبا مباركا هذه الصفات للحمد. هذه صفات للحمد. فذكر الحمد ثلاث صفات. الكثرة طيب والبركة ذكر ثلاث صفات للحمد الكثرة والطيب والبركة. قال حمدا كثيرا طيبا مباركا وكثيرا معناها معروف وطيبا اي حمدا متصفا بالطيب ومباركا اي حمدا متصفا بالبركة والبركة تعني او ثبات الشيء ونماءة تعني الثبات والنماء هذا معنى البركة ثبات الشيء الموجود ونماءه فهو يحمد الله بهذا الحمد الكثير الذي هو متصف بالطيب النقاء والسلامة والصفاء والحسن والبهاء وفي الوقت نفسه متزايدا كما يدل عليه قولا مباركا لان البركة تعني ثبات الشيء وتزايده ونماءه قام قال حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. فلما انصرف اي النبي عليه الصلاة والسلام من صلاته قال اي مخاطبا هذا من المتكلم والمراد بقوله من المتكلم اي من الذي قال عقب الرفع من الركوع هذه اه هذا الحمد ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فقال احد الصحابة انا قال رجل يعني قال القائل وهو الرجل الذي لم يسم قال انا فقال النبي عليه الصلاة والسلام رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها يبتدرونها ان يتسابقون اليها رأى النبي عليه الصلاة والسلام والمراد بالرؤيا هنا الرؤية الحقيقية بعينه عليه الصلاة والسلام