بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين نعم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم قال الامام الاواب شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له وللشارح والسامعين في كتابه اصول الايمان قال باب التجوز في القول وترك التكلف والتنطع وعن ابي امامة رضي الله عنه مرفوعا الحياء والعي شعبتان من الايمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق رواه الترمذي قال المؤلف رحمه الله تعالى باب التجوز في القول وترك التكلف والتنطع التجوز في القول هو الاختصار وترك التنطع والتكلف فيه هو البعد في القول بان يتوسع الانسان في الكلام ويتقعر في الحديث ويطيل الكلام فيما لا حاجة اليه ولا داعي اليه والمصنف رحمه الله تعالى عقد هذه الترجمة وجعلها في خاتمة كتابه اصول الايمان منبها بذلك الدعاة الى اصول الايمان واسس الدين وقواعد الاسلام ان يكون اهم الواحد منهم ابلاغ دين الله تبارك وتعالى وايصاله للناس بالكلمات المختصرة والالفاظ القليلة وجوامع القول لا ان يكون اهم الانسان كثرة الحديث والتوسع في القول والتقعر في الكلام بل الكلام القليل المفيد خير من الكلام الكثير الذي ليس من ورائه طائل وخير الكلام ما قل ودل تكون الفاظه قليلة ومعانيه دالة على المقصود بابين ما يكون وقد اوتي نبينا صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم وكان يتجوز في الكلام يختصر في الكلام ولو شاء من سمع كلامه ان يعد حديثه لعده صلوات الله وسلامه عليه فهذه الترجمة جاءت في خاتمة كتاب اصول الايمان منبها بها المصنف منبها بها منبها بها المصنف رحمه الله تعالى على اهمية مراعاة التجوز والاختصار في القول وان يكون مقصود الداعي الى الله تبارك وتعالى والمبلغ لدين الله تبارك وتعالى ان يعرف الناس الحق لا ان يعرف هو بكثرة الكلام والتوسع فيه فان هذا من الاغراظ المنافية للاخلاص لله تبارك وتعالى في العلم وتعليمه واورد رحمه الله في هذه الترجمة جملة من النصوص الدالة على هذا المقصود وبدأها بحديث ابي امامة الباهلي رضي الله عنه مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الحياء والعي شعبتان من الايمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق قوله الحياء الحياء معروف وهو شعبة من شعب الايمان وهو خلق جميل يكون في العبد يحجزه عن الامور الرذيلة والاعمال السيئة والعي في الاصل المراد به عدم القدرة على البيان وعدم القدرة على القول وعدم القدرة على الافصاح عن الامور وبيانها وليس وليس هذا هو المراد هنا ليس هذا هو المراد هنا وانما المراد بالعي ان يكون فحال الانسان بقلة كلامه وقلة حديثه وتجاوزه في القول واختصاره فيه وخوفه من الخطأ اذا قال او تكلم او تحدث فتكون حاله كحال من به عي اي عدم قدرة على الكلام وهو قادر على الكلام وقادر على البيان ولكنه يختصر الكلام اختصارا ويقلل من الحديث حتى كأنه به عي اي عدم قدرة على البيان والافصاح في القول وليس به عيب حقيقة وانما الذي به خوف الله عز وجل ومراقبة الله جل وعلا فيتكلم الكلام وهو خائف ويعد كلامه من عمله الذي سيحاسبه الله تبارك وتعالى عليه يوم القيامة فيختصر الكلام ويتجاوز في الحديث وهو يراقب الله سبحانه وتعالى في كلامه كما يراقب الله سبحانه وتعالى في اعماله الاخرى قال الحياء والعي من الايمان اي خصلتان من من خصال الايمان وشعبتان من شعبه والمراد بذلك ان ان الانسان يحفظ كلامه ويحفظ قوله ولا يكون من اهل الثرثرة والاكثار من القول والاكثار من الكلام ومن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه النار اولى به كما جاء بذلك الاثر عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال والبذاء والبيان شعبتان من النفاق البذاء اي في القول بان يكون قول الانسان وكلامه بذيئا والفاظه بذيئة اي نابية وسيئة وقبيحة ولا يراعي تهذيب القول واختيار اللفظ الطيب السليم قال والبذاء والبيان البيان المراد به الافصاح عن القول الافصاح عن القول وحسن ايضاح الامر وساقه هنا مساق الدم قال من النفاق وليس المراد ان البيان من القول اي البيان الذي يحصل به الدلالة على المقصود وايصال الحق والخير للناس بالالفاظ البينة والكلمات المتينة السديدة ليس هذا هو المراد وانما المراد بالبيان اي التفاصح في الكلام والتوسع في القول والتقعر في الكلام والتظاهر بالفصاحة في المنطق والحديث وحسن الايضاح والبيان فهذا من النفاق اذا كان غرض المتكلم بكلامه وحديثه ان يظهر للناس انه فصيحا وانه حسن البيان وانه جميل القول وان كلامه احسن الكلام وافصحه ابينه فمن كان حديثه كذلك فهذا من النفاق فهذا من النفاق يطيل الكلام ويتوسع في الحديث ويتخير انواع الالفاظ لا لشيء الا ليمدح بفصاحته وحسن الفاظه وجمال اقواله ونحو ذلك قال والبذاء والبيان شعبتان من النفاق نعم قال وعن ابي ثعلبة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان احبكم الي واقربكم مني يوم القيامة احاسنكم اخلاقا وان ابغضكم الي وابعدكم مني مساوئكم اخلاقا. الثرثارون المتشذقون رواه البيهقي في شعب الايمان ثم اورد رحمه الله تعالى حديث ابي ثعلبة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان احبكم الي واقربكم مني يوم القيامة احاسنكم اخلاقا وهذا فيه بيان حسن الخلق واهميته في حياة المسلم وان احاسن الناس اخلاقا هم الارفع درجات يوم القيامة والاقرب منزلة الى النبي صلى الله عليه وسلم وان العبد كلما حسن خلقه ارتفعت درجته وعلت منزلته كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام ان احبكم الي واقربكم مني اي منزلة يوم القيامة فهذا يدل على ان حسن الخلق فيه رفعة الدرجات وعلو المنازل يوم القيامة وان العبد بحسن خلقه يقرب من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة بحسب ما يكون عليه من تحقيق وتكميل وتتميم لحسن الخلق قال وان ابغضكم الي وابعدكم مني مساوئكم اخلاقا. اي اهل الاخلاق السيئة وهذا فيه ان الخلق ينقسم الى قسمين خلق حسن وخلق سيء وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام في دعائه انه قال اللهم اهدني لاحسن الاخلاق لا يهدي لاحسنها الا انت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها الا انت قال هنا وان ابغضكم الي وابعدكم مني مساوئكم اخلاقا اي اهل الاخلاق السيئة والاخلاق الذميمة فهؤلاء ابعد الناس منزلة ومكانة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم ابغض الناس الى النبي صلوات الله وسلامه عليه ثم ذكر شيئا من صفات اهل الاخلاق السيئة وبعض صفات اهل الاخلاق السيئة فقال عليه الصلاة والسلام الثرثارون المتصدقون المتفيهقون وهذا هو المقصود من ايراد المصنف رحمه الله تعالى لهذا الحديث في هذه الترجمة قال الثرثارون المتصدقون المتفيهقون والمراد بهذه الكلمات التأكيد على معنى واحد وهو التوسع والتقعر في الكلام والحديث في غير ما حاجة فالثرثرة في كثرة الكلام والتوسع في القول يقال فلان ثرثار اي كثير الكلام قال الثرثارون والمتصدقون اي الذي يحرك صدقه كثيرا بالكلام والحديث فيما لا طائل فيه والمتفيهقون اي يفتح فمه ويفقر فاه في الكلام والحديث فهذه الكلمات الثلاث كلها تدور حول كثرة الكلام وكثرة الحديث وكثرة القول والولع بذلك فيما لا فائدة فيه ولا طائل من ورائه فمن كان كذلك فهو من اهل الخصال والخلال الذميمة والاخلاق السيئة فالمؤمن يحسب لكلامه حسابا ويعد كلامه من عمله الذي يحاسبه الله تبارك وتعالى عليه ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت ويبلغ الكلام مبلغه الخطير عندما يكون كلاما في دين الله جل وعلا وخوضا في شرع الله تبارك وتعالى واطالة للقول والحديث في ذلك عن غير علم وبصيرة في دين الله تبارك وتعالى مما يترتب على كثرة القول في ذلك كثرة القول على الله سبحانه وتعالى بلا علم وهذا من اعظم المحرمات واكبر الاثام. نعم قال وللترمذي نحوه من عن جابر رضي الله عنه قال وللترمذي نحوه عن جابر رضي الله عنه اي نحو حديث ابي ثعلبة وحديث ابي ثعلبة فيه بسند شيء من الانقطاع او في سنده انقطاع واورد او اشار المصنف انه قد جاء عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما حديثا نحو حديث ابي ثعلبة مشيرا بذلك الى انه شاهدا لهذا الحديث يتقوى الحديث به. والحديث له شواهد منها حديث جابر الذي اشار اليه المصنف واحاديث اخرى يتقوى بها الحديث ويرتقي الى درجة الاحتجاج به. نعم قال وعن سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بالسنتهم كما تأكل البقر بالسنتها. رواه احمد ابو داوود والترمذي ثم اورد رحمه الله تعالى حديث سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بالسنتهم كما تأكل البقر بالسنتها يأكلون بالسنتهم ان يجعلون الكلام الذي يقولونه بالسنتهم والعلم الذي يبينونه بالسنتهم غربا للاكل وغرظا للطعام فيكون غرضه بكلامه وبيانه الاكل والطعام فيتكلم ليأكل يتكلم ليأكل يبين العلم وغرضه من هذا البيان ان يأكل به ان يأكل به وان يكون وسيلة اكل له هذا غرضه به ليس غرظه في العلم نشر الدين وبيانه للناس وتعليم الناس ما يجهلون من امر دينهم ليس هذا غرظه وانما غرظه بالعلم ان يأكل به فهذا الصنف من الناس اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الساعة لا تقوم حتى يوجد في الناس من هو كذلك قال لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بالسنتهم كما تأكل البقر بالسنتها وهذا فيه ذم لمن كان غرظه في طلبه للعلم الدنيا والاكل ونحو ذلك ومن صفة هؤلاء التفاصح في الكلام وكثرة القول واظهار النفس اه عند الناس بالكلام البليغ وبالكلام الفصيح وبالقول الجميل ويكون غرضه من ذلك كله ان يأكل بلسانه. نعم قال وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا ان الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها رواه الترمذي وابو داود. ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله يبغض البليغ من الرجال ان الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها هنا ليس الذم للبلاغة مطلقا من حيث هي لان الكلام البليغ الحسن الطيب الذي يوضح به المقصود وتبين به المعاني العظيمة بحيث يفهم الناس ويعرف الحق ويهتد الى الصواب هذا امر يحمد ولا يذم عليه الانسان لكن اذا كان الغرض والمقصد هو البلاغة نفسها والظهور بها ان تكون هي المقصودة لا تكون وسيلة لبيان الحق وايظاحه وانما تكون البلاغة هي المقصودة وهي الغاية المطلوبة بحيث يتكلم الانسان وغرضه ان يعرف بالبلاغة وان كلامه كلام بليغ وقوله قول فصيح فيتكلم يأتي بالكلام البليغ الجميل الحسن وغرضه من ذلك ان يظهر في الناس ببلاغة كلامه وجمال الفاظه فهذا الذي يذم قال ان ابغض الناس او ان الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها ولاحظ هنا وجه شبه عجيب بين هذا وبين البقرة عندما تتخلل بلسانها فالبقرة تحرك لسانها حركة كثيرة وتكثر من حركة اللسان لكن هذه الحركة التي تكثر على لسان البقرة ليس من ورائها جدوى وليس من ورائها ثمرة ولا ينتفع بها بل هو لوكن للسان وتحريك له فيما لا ثمرة من ورائه وهذا مثل للبليغ الذي هدفه وغرضه في كلامه ظهور بلاغته وظهور فصاحته فمثل هذا ليس اهلا لان يكون ممن ينتفع بكلامه ويستفاد من قوله ويستفاد من حديثه لانه ليس غرظه هو بيان العلم وايضاحه للناس وانما غرظه في الكلام اطالة الحديث واكثار القول بما لا فائدة فيه ولا ثمرة ولهذا احيانا يقال عن بعظ عن بعظ الحديث ويقول ذلك بعض الناس يقولون كلام جميل جدا لكن ما استفدنا منه شيئا كن كلام جميل الفاظ تشد السامع من حيث بلاغتها من حيث فصاحتها من حيث جمال الفاظها لكن السامع لا يحصل فائدة ولا يحصل ثمرة ولهذا قال من قال من اهل العلم قال كلام السلف كثير كلام السلف قليل كثير البركة وكلام الخلف كثير قليل البركة وكان السلف الذي اجتمعت همتهم على بيان الحق وايصاله للناس باقرب طريق يختارون من من الكلمات اجمعها وليس لهم غرظ في الكلام نفسه ليس لهم غرظ في الكلام نفسه. وانما غرضهم ان يعرف المقصود فاذا عرف المقصود بكلمتين فقط اكتفوا بها ولم يزيدوا ثالثة وان احتيج الى كلمة ثالثة زادوها ليس لهم غرظ في الكلام من حيث هو وانما غرظهم ان يفهم المقصود وان يعرف المراد نعم قال وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرجال او الناس لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا رواه ابو داوود ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث وهو مبين وموضح للحديث الذي الذي قبله البليغ من الرجال الذي ورد ذمه في الحديث السابق وانه ابغض الناس الى الله تبارك وتعالى هو الذي يتعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الناس او قلوب الرجال يتعلم صرف الكلام اي يتعلم بلاغة الحديث وجمال الالفاظ وحسن العبارات وغرضه من ذلك ان يسبي قلوب الرجال بحيث يلتفتون اليه ويشار اليه بالبنان. يقال فلان بليغ هذا هو مراده فلان فصيح فلان الفاظه جميلة او نحو ذلك من اه الكلمات التي هي مقصده في كلامه وحديثه يتعلم صرف الكلام ان يفني وقتا من حياة في تعلم البلاغة والفصاحة ونحو ذلك من اجل ماذا قال ليسبي به اي بكلامه وقوله قلوب الرجال ليسبي به قلوب الرجال ومعنى يسبي القلوب اي يسلبها ويجذبها اليه بحيث تنشد القلوب اليه وتعجب به يشتهر في الناس بذلك ويعرف بذلك فلان بليغ فصيح مفوه ونحو ذلك من الكلمات التي جعلها غرضا له في تعلمه للبلاغة والفصاحة وتصريف الكلام قال من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرجال او الناس لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا وهذا فيه وعيد شديد لمن كان لمن كانت حاله كذلك وقيل في معنى صرفا ولا عدلا اقوال منها اي لم يقبل منه فريضة ولا نفل نعم قال وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلا يفهمه كل من يسمعه وقالت كان يحدثنا حديثا لو عده العاد لاحصاه وقالت انه لم يكن يسرد الحديث انه لم يكن يسرد الحديث كسردكم. روى ابو داوود بعضه ثم اورد رحمه الله تعالى حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلا يفهمه كل من يسمعه يقال قول فصل وكلام فصل اي كلام واضح بين محقق للمقصود بحيث تفصل فيه الامور ويكون فصلا فيها قول فصل وكلام فصل اي كلام بين واضح فاصل في الامر محقق المقصود والمراد فوصفت رضي الله عنها كلام النبي صلى الله عليه وسلم بانه كلام منفصل يفهمه كل من يسمعه يفهمه كل من يسمعه اي كلام يفهمه عموم الناس على كافة طبقاتهم الصغير يفهمه والكبير يفهمه وقليل العلم يفهمه والذكر يفهمه والانثى تفهمه كل من من سمعه يفهمه وهذا من كمال نصفه عليه الصلاة والسلام لان هدفه في الكلام نصح الجميع النصيحة لعموم الناس قد بعث عليه الصلاة والسلام رحمة للعالمين فكان صلوات الله وسلامه عليه يقول الكلام الذي يفهمه السامع يفهمه الجميع وهذا امر ينبغي ان يراعى في بيان الحق والهدى للناس عندما يبين من اراد دعوة الناس الى الحق والهدى معاني الدين وامور الاسلام لا يختار الالفاظ التي يحتاج من يسمعها الى ان يراجع قواميس اللغة حتى يعرف مراد هذا المتكلم وانما يختار لهم الكلمات التي يفهمون بها المقصود ويتضح بها المراد وقد كان شيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله في بعض رسائله يكتبها بلهجة العوام يبين لهم اصول الايمان باللهجة العامية ويكتبها لهم باللهجة العامية وكان العوام اذا سألوه عن بعض المسائل اجابهم باللهجة العامية لان الغرض ان يفهم الانسان الدين ليس الغرض ان نختار الفاظا اقوالا بليغة فصيحة بقطع النظر عن ان يكون من امامي فهم الكلام او لم يفهموا ليس هذا هو المقصود المقصود ان يفهم الناس دينهم وان يعرفوا الغاية التي خلقوا لاجلها واوجدوا لتحقيقها وتعجب غاية العجب عندما يشرح بعض المتكلفين للناس معنى لا اله الا الله فيغرب في الحديث والالفاظ فيفهم من عنده امورا عديدة الا التوحيد الذي فهذه الكلمة دالة عليه فيفهمون امورا وجوانب كثيرة لكن لا يفهمون التوحيد التي هي مدلوله ودالة عليه فالشاهد ان ان المتكلم والمبين للناس ينبغي ان ان يكون غرضه في الكلام ان يعرف الناس الحق وان يعرفوا الهدى الدين القويم في الالفاظ الواظحة والكلمات البينة ولا لا ان يكون غرظه التفاصح واظهار بلاغته واظهار اه معرفته باللغة ونحو ذلك من المقاصد قالت رضي الله عنها كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلا يفهمه كل من يسمعه وقالت كان يحدثنا حديثا لو عده العاد لاحصاه وهذا فيه تنبيه منها رضي الله عنها الى قلة الفاظه وكلماته عليه الصلاة والسلام فكانت كلماته قليلة والفاظه قليلة وقد اوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم فكان يتجوز في القول ويختصر في الكلام حتى لو شاء العاد ان يعد كلامه لعده صلوات الله وسلامه عليه وقالت انه لم يكن يسرد الحديث كسردكم لم يكن يسرد الحديث كسردكم اي انه يأتي بالكلام سريعا سردا لم يكن كذلك لم يكن يسرد الحديث كسردكم اي انه كان صلى الله عليه وسلم يترسل في الحديث ويتأنى في الكلمات وتخرج الكلمات منه كلمات مترسلة الفاظ ثم تتلوها الالفاظ الاخرى بترسل وتؤدة بحيث يفهم من عنده ويظبط من عنده كلامه واذا احتاج الامر ان يعيد الكلمة مرة او مرتين اعادها صلوات الله وسلامه عليه ولهذا جاء في احاديث كثيرة عنه صلى الله عليه وسلم يقول الصحابة قال ذلك ثلاثا قال ذلك ثلاثا مثل قوله الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة كررها ثلاثا صلوات الله وسلامه عليه وجاء عنه مثل هذا نظائر كثيرة جدا يكرر الكلمة الواحدة بالفاظها مرات ثلاث من اجل ان ان تحفظ وتظبط وكان يترسل في الكلام اي لا يسرد الكلام سردا بحيث لا يتمكن الانسان من ضبطه وهذا امر ولاحظ قول عائشة كسردكم هذا امر يرجع الى طبائع الناس ويمكن للانسان ايضا ان ان يعالجه بالتدرب على ذلك والا كثير من الناس من طبيعته وعادته في الكلام ان كلامه سردا ان كلامه سربا لا يترسل في الكلام بينما نبينا عليه الصلاة والسلام لم يكن كلامه سردا بل كان يترسل ويتأنى في الكلام صلوات الله وسلامه عليه من اه من اجل ان يضبط الكلام نعم وقال المصنف رحمه الله تعالى روى ابو داوود بعضه ابو داوود روى الجزء الاول لان الحديث يتكون من ثلاثة اجزاء كل جزء مبدوء بقوله قالت فالجزء الاول رواه ابو داوود والجزء الثاني رواه مسلم والجزء الثالث متفق عليه. نعم قال وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا رأيتم العبد يعطى زهدا في الدنيا وقلة منطق فاقتربوا منه فانه يلقى الحكمة رواه رواه البيهقي في شعب الايمان. ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث وهو حديث في سنده كلام قال آآ قال ابو هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا رأيتم العبد يعطى زهدا في الدنيا وقلة منطق فاقتربوا منه فانه يلقى الحكمة اذا اعطي زهدا في الدنيا اي كان زاهدا في الدنيا وليس همه الدنيا وليست غرظه الدنيا وايضا كلامه قليل ليس من اهل الثرثرة وكثرة الكلام فجمع بين زهد في الدنيا وقلة في المنطق فمن كان كذلك يؤتى الحكمة من كان كذلك يؤتى الحكمة قد جاء في بعض الاثار ان لقمان الحكيم سئل عن آآ الحكمة التي اوتيها باي شيء اعطيها فذكر نحوا من هذا الكلام او قريبا منه فمن كان زاهدا في الدنيا قليل المنطق فهذا حري ان يؤتى الحكمة بخلاف الذي همه الدنيا وكثير الكلام فهذا بعيد عن الحكمة كل البعد. نعم قال وعن بريدة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان من البيان سحرا وان من العلم جهلا وان من الشعر حكما وان من القول عيالا ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث وفي سنده ايضا مقال لكن لبعضه شواهد صحيحة قال ان من البيان سحرا ان من البيان سحرا مر معنا قريبا قول النبي صلى الله عليه وسلم والبذاءة والبيان من النفاق والمراد بالبيان الذي يذم هو ذلكم البيان الذي يكون غرض المتكلم هو البيان نفسه والبلاغة نفسها غرض المتكلم به البيان نفسه والبلاغة نفسها وان يعرف بالبيان والبلاغة وهنا قال عليه الصلاة والسلام ان من البيان سحرا ان من البيان سحرا اي ما يسحر القلوب والعقول ويجذبها الى المتكلم وهذا قد يكون خرج مخرج الذنب وقد يكون خرج مخرج المدح بمعنى ان الانسان اذا كان غرظه هو البيان نفسه والبلاغة نفسها وان يسبي قلوب الرجال وعقول الرجال وليس غرضه الحق فهذا امر يذم عليه الانسان فهذا امر يذم عليه الانسان اما اذا كان البيان ان يأتي آآ ببيان الحق بالالفاظ البينة والقول الفصل والكلام الواضح الذي يجذب الناس الى الحق ويرغبهم فيه فهذا لا يذم عليه الانسان بل يحمد قال ان من البيان سحرا وان من العلم جهلا وان من العلم جهلا وهذه نظير ما جاء في هذا الحديث قول ابو يوسف تلميذ ابي حنيفة رحمهما الله قال العلم بالكلام جهل والجهل بالكلام علم العلم بالكلام جهل والجهل بالكلام علم قال هنا ان من العلم جهلا اي من امور العلم التي يحرص بعض الناس على تعلمها وشغل الاوقات في معرفتها هي من الجهل ليست من العلم مثل ما قال ابو يوسف رحمه الله قال ان قال العلم بالكلام جهل والجهل بالكلام علم فهناك امور تصرف الاوقات في معرفتها وتعلمها وهي نوع من الجهل وازدياد من الجهل قال ان من العلم جهلا وان من الشعر حكما ان من الشعر حكما الشعر كلام والكلام فيه حق وباطل والشعر كلام لكنه منظوم ولهذا يأتي في الشعر امورا كثيرة لا فائدة فيها بل امورا سيئة وقبيحة ويأتي في الشعر حكما بليغة وعظات مؤثرة فاثنى النبي عليه الصلاة والسلام على ما كان من الشعر كذلك قال ان من الشعر حكما ان من الشعر حكما اي بعض الشعر فيه حكمة وما كان من الشعر كذلك يستفيد منه الانسان وينتفع به لان من الشعر ما ما هو حكم اي كلام بليغ وكلام نافع ومفيد وفيه عظة وعبرة للناس وما كان كذلك من الشعر يستفاد منه وينتفع منه قال ان من الشعر حكما قال وان من القول عيالا. وان من القول عيالا ان من القول عيالا اي القول الذي يا يقدم الى من لا ينتفع به الى من لا ينتفع به ولا يستفيد منه فمن القول ما هو عيال اي من حيث من القي عليه القول وافيد بالقول وهو ليس من اهله ولا ولا ولا من اهل الانتفاع به فهذا معنى قوله ان من القول عيالا اي على بعض الناس الذين يسمعون القول ولكنهم لا ينتفعون به وهذا فيه آآ التنبيه على وضع القول في في غير موضعه ووضع الحديث في غير محله. نعم قال وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه انه قال يوما وقام رجل فاكثر فاكثر القول. فقال عمر رضي الله عنه لو قصد في قوله لكان خيرا لكان خيرا له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لقد رأيت او امرت ان اتجوز في القول فان الجواز هو خير. رواهما ابو داوود اخره والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا ثم ختم رحمه الله تعالى هذه الترجمة بهذا الحديث عن عمرو ابن العاص رضي الله عنه انه قال يوما وقام رجل فاكثر القول اي سمع رجل سمع رجلا يتكلم واكثر الكلام اكثر القول فقال عمرو رظي الله عنه لو قصد في قوله لكان خيرا له لو قصد في قوله لكان خيرا له قصد اي توسط لان القصد هو التوسط بين آآ آآ الزيادة والنقصان التوسط بين الزيادة والنقصان والتوسط بين الافراط والتفريط ومنه قوله تعالى واقصد في مشيك اي ليكن مشيك قصدا لا بالسريع الذي هو نوع من الجري والعدو ولا ايظا البطيء المتماوت بل يكن مشي الانسان وسطا بين السرعة والتماوت هذا هو القصد قال لو قصد بقوله لكان خيرا له فاذا لو توسط لو توسط وكان كلامه قصدا اي متوسطا معتدلا لكان خيرا له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رأيت او لقد رأيت او امرت ان اتجوز في القول فان الجواز هو خير. اتجوز اي اختصر في القول وان يكون فقولي وكلامي مختصرا قليلا فان الجواز هو خير اي الاختصار في القول خير لانه انفع وابقى للناس وادوم للفائدة وكثرة الكلام ينسي اخره اوله كما جاء هذا المعنى عن عثمان ابن عفان رضي الله عنه خطب الناس واوجز في الكلام واختصر ثم ختم ذلك بقوله كثرة الكلام ينسي اخره اوله معتذرا لهم عن عدم الاطالة بالكلام بذلك لان كثرة الكلام اه ينسي اخر اخر الكلام اول الكلام بينما التجوز في الكلام والاختصار في الكلام انفع وابقى لي الفائدة وادوم للخير ولهذا امر نبينا عليه الصلاة والسلام ان يتجوز في الكلام اي ان يختصر فيه وعنوان الترجمة كما عرفنا التجوز في القول اي الاختصار في القول ومن يطالع مصنفات هذا الامام اعني شيخ الاسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله يجد انه في مصنفاته مضى على هذا الهدي القويم والسنن المبارك فكان يتجوز في الكلام ويختصر في القول وكتبه ليست كتبا مطولة وموسعة بل كتب مختصرة وبارك الله سبحانه وتعالى فيها بركة عظيمة نفع بها العباد وصلحت بها العقائد وفهم بها التوحيد وعرفت بها السنة وايضا حذر فيها من البدع والخرافات والاباطيل التي ما انزل الله تبارك وتعالى بها من سلطان بعبارات مختصرة وكلام اه مختصر وتجوزا في القول واختصارا فيه فنفع الله سبحانه وتعالى بكلامه وقد كان مقتديا في ذلك برسول الله صلوات الله وسلامه عليه. ثم ختم هذه الرسالة بحمد الله قال اخره اي اخر هذا الكتاب والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا ونحمد الله عز وجل الذي من علينا اجمعين بقراءة هذا الكتاب والاستفادة مما فيه ونسأله تبارك وتعالى ان يجعل ذلك حجة لنا لا علينا وان يجعل ذلك في موازين حسناتنا اجمعين وان يصلح احوالنا اجمعين وان يصلح لنا جميعا ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها ميعادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين احسن الله اليكم وبارك فيكم ونفعنا الله بما قلتم وفقكم الله للحق وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا هذا السائل يقول ما هو حكم السجع في الكلام وخاصة اذا كان في بيان الحق او في خطبة جمعة نرجو التوضيح السجع في الكلام اذا جاء على السجية بدون تكلف لا حرج فيه واحيانا يأتي في بعض احاديث النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك ليس مقصودا ولا مرادا فاذا جاء على السجية دون تكلف لا حرج فيه اما اذا كان بتكلف وطلب للسجع فهذا قد يذم ولا سيما اذا كان الغرض من الكلام السجع نفسه واظهار جمال الكلام وجمال القول فهذا يذم عليه الانسان كما يدل على ذلك الاحاديث التي اه مرت معنا قريبا واما اذا كان السجع المراد به اه ابطال الحق و وتقرير الباطل فهذا آآ يكون اشد ذما وفي مثل ذلك قال عليه الصلاة والسلام اسجع كشجع الكهان نعم والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين وغدا نقرأ ان شاء الله في كتاب القواعد الاربعة لشيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله