الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم قال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي رحمه الله تعالى وغفر له وللشارع والسامعين في كتابه اصول العقائد الدينية قال ولا يتم توحيد العبادة حتى يخلص العبد لله تعالى حتى يخلص العبد لله تعالى في ارادته واقواله وافعاله وحتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد كل كل المنافاة وهو ان يصرف وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى وكمال ذلك ايدها الشرك الاصغر وهو كل وسيلة قريبة يتوسل بها الى الشرك الاكبر كالحلف بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد قال المؤلف رحمه الله تعالى ولا يتم توحيد العبادة حتى يخلص العبد لله تعالى في ارادته واقواله وافعاله هذه الامور الثلاثة مجتمعة لابد من ان يخلص العبد فيها لله جل وعلا ليتم له توحيد العبادة الارادة ومكانها القلب والاقوال وهي باللسان والاعمال وهي بالجوارح فهذه الثلاثة ما يصدر منها يبتغى به القرب من الله سبحانه وتعالى ويعبد جل وعلا به لابد ان يقع خالصا والخالص الصافي النقي الذي لم يرد به الا وجه الله جل وعلا فاذا خالط الارادة او خالط الاقوال او خالط الافعال نية ليست خالصة جعل مع الله سبحانه وتعالى شريكا فان العمل لا يقبل لان الله سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل الا ما كان خالصا لوجهه كما قال جل وعلا وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين كما قال جل وعلا الا لله الدين الخالص والخالص الصافي النقي هذا معنى الخالص الذي لم يرد به الا الله سبحانه وتعالى ولهذا قال رحمه الله حتى يخلص العبد لله تعالى في ارادته واقواله وافعاله اي ان هذه الثلاث الارادات والاقوال والافعال تصدر منه لا يبتغي بها الا الله جل وعلا لا يريد بالارادة غيره ولا بالقول والعمل غيره جل وعلا بل يريد بذلك كله وجه الله. بهذا يكون من المخلصين لان اعماله صدرت صافية نقية لا يراد بها الا الله جل وعلا قال وحتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد كل المنافاة حتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد كل المنافاة لا يمكن ان يكون مخلصا لله تبارك وتعالى في ارادته وقوله وفعله الا بترك الشرك الاكبر الا بترك الشرك الاكبر والشرك الاكبر كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى مناف للتوحيد كل المنافاة بمعنى ان الشرك الاكبر ان وجد من الانسان انتفى التوحيد وبطل العمل وحبطت الطاعات والعبادات ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله فالشرك الاكبر محبط للاعمال مبطل لها ينافي التوحيد كل المنافاة ومعنى ينافي التوحيد كل المنافاة اي ان الشرك الاكبر اذا وجد انت في التوحيد تماما ولا يكون الانسان في عداد الموحدين بل يكون في عداد المشركين والعياذ بالله قال المنافي للتوحيد كل المنافاة وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله هذا تعريف الشرك الاكبر بباب العبادة في توحيد العبادة الشرك الاكبر في توحيد العبادة هو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله اما تعريف الشرك الاكبر عموما فهو تسوية غير الله بالله في شيء من خصائصه او حقوقه بشيء من خصائصه من الربوبية والخلق والرزق والاسماء والصفات وحقوقه اي العبادة التي خلق الخلق لاجلها واوجدهم تبارك وتعالى لتحقيقها وتعريف المؤلف هنا لتوحيد تعريف المؤلف هنا للتوحيد هو تعريف لتوحيد العبادة وتوحيد العبادة يتضمن نوعي التوحيد الاخرين يتضمن توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات لان من عبد الله جل وعلا مخلصا له الدين فهذا مبني على معرفته بالله ومعرفته باسمائه جل وعلا وصفاته بينما من وجد منه توحيد الربوبية بمعنى انه عرف ان الخالق الرازق المنعم هو الله جل وعلا فانه قد يعبد الله وقد لا يعبده لموانع كثيرة وجدت في كثير من الناس عرفوا ان ربهم هو الله وان خالقهم هو الله وان رازقهم هو الله لكنهم عبدوا غيره هذا موجود كثير يعرف ان الرب هو الله وان الخالق هو الله وان الرازق هو الله لكن يعبد غيره وربما ايضا كثير من هؤلاء اذا سئل يقول ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى يعني هذه المعبودات نتخذها مع علمنا بان خالقنا هو الله ورازقنا هو الله لكننا نعبدها لكي تقربنا الى الله وهذا هو معنى قول الله تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون وما يؤمن اكثرهم بالله اي ربا قالقا رازقا مالكا متصرفا مدبرا الا وهم مشركون اي مشركون به غيره في العبادة باتخاذ الانداد ولهذا ايضا قال جل وعلا فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون اي لا تجعلوا لله شركاء في العبادة وانتم تعلمون انه لا خالق لكم غير الله سبحانه وتعالى قال وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله من انواع العبادة الصلاة والحج والذبح والنذر والدعاء والرجاء والخوف والتوكل والاستغاثة والانابة وغير ذلك فالعبادات كلها بانواعها وافرادها هي حق لله جل وعلا وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احد العبادة حق لله قال يا معاذ اتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله قلت الله ورسوله اعلم قال حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشرك به شيئا وحق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا فالعبادة حق لله كما ان ربنا سبحانه وتعالى تفرد وحده بالخلق والرزق والملك والتصرف والتدبير لا شريك له فالواجب ان يفرد وحده تبارك وتعالى بالعبادة فلا يتخذ معه الانداد ولا يجعل الشركاء بل يخلص له وحده جل وعلا الدين ويفرد وحده سبحانه وتعالى بالعبادة قال وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر كمال التوحيد الواجب لان الكمال كمالان كمال واجب وكمال مستحب فكمال التوحيد الواجب ان يدع الشرك الاصغر وذلك لان الشرك الاصغر لا ينافي التوحيد كل المنافاة الشرك الاصغر لا ينافي التوحيد كل المنافاة لانه يختلف عن الشرك الاكبر في حده وفي حكمه يختلفان في حده ويختلفان في الحكم اما اختلافهما في الحد اي التعريف فالشيخ رحمه الله عرف كلا من الشركين بتعريفين مختلفين قال في الشرك الاكبر كما تقدم هو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى وقال في حد الشرك الاصغر كما سيأتي قال كل وسيلة قريبة يتوسل بها الى الشرك الاكبر وعرفه بعض اهل العلم كل امر اطلق عليه في النصوص بانه شرك ولم يبلغ حد الشرك الاكبر كل امر اطلق عليه في النصوص بانه شرك ولم يبلغ حد الشرك الاكبر الذي هو صرف شيء من العبادة لغير الله تبارك وتعالى صرف شيء من العبادة لغير الله فاذا الشرك الاكبر والاصغر اختلفا في الحد حدهما او تعريف كل منهما مختلف عن الاخر ويختلفان كذلك في الحكم لان المشرك شركا اكبر كافر بالله كفرا اكبر ناقل من الملة وحكم يوم القيامة الخلود في نار جهنم ابد الاباد والشرك الاصغر لا يكون صاحبه خارجا من الملة الشرك الاصغر لا يكون صاحبه خارجا من الملة ولا يكون يوم القيامة مخلدا في النار اذا دخلها فالشرك الاكبر والاصغر مختلفان في الحد في حد كل منهما وفي حكم كل منهما قال وكمال ذلك وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر وكمال ذلك اي كمال التوحيد وكمال ذلك اي كمال التوحيد وعرفنا ان المراد بالكمال الكمال الواجب لانه يجب على كل مسلم ان يجتنب الشرك الاصغر وان يحذر منه وهو من كبائر الذنوب ومن اعظم الكبائر قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لان احلف بالله صادقا لا نحلف بالله كاذبا احب الي من ان احلف بغيره صادقا لان الحلف بالله كاذبا كبيرا والحلف بغيره صادقا ماذا شرك والشرك اعظم من الكبائر فتوحيد العبد لا يتم الا باجتناب الاصغر الاجتناب الشرك الاصغر لا يتم توحيده الا باجتناب اه الشرك الاصغر اي لا يحصل له الكمال الواجب الا باجتناب الشرك الاصغر فاذا وجد من الانسان الشرك الاصغر لا ينتقل بذلك من الملة بل ينقص كمال ايمانه الواجب بحسب ما وقع فيه من الشرك هاي الاصغر ثم ذكر رحمه الله تعريف الشرك الاصغر قال وهو كل وسيلة قريبة يتوسل بها الى الشرك الاكبر كل وسيلة قريبة يتوسل بها الى الشرك الاكبر يعني الذرائع ذرائع الشرك الاكبر ووسائله المفضية اليه فهذه كلها تعد شركا اصغر لانها ذريعة لانها بريئة الى الشرك الاكبر ومفظية اليه وبعض اهل العلم قال في في حده هو كل امر اطلق عليه الشارع بانه شرك وهو ذريعة او وسيلة الى الشرك الاكبر هو ذريعة او وسيلة الى الشرك الاكبر فهذا يعد اه شركا اصغر ظرب لذلك بعظ الامثلة ظرب رحمه الله بعظ الامثلة للشرك الاصغر قال كحلف كالحلف بغير الله كالحلف بغير الله هذا من الشرك الاصغر وهو من الكبائر قال عليه الصلاة والسلام من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك من حلف بغير الله فقد كفر او اشرك قال عليه الصلاة والسلام لا تحلفوا بابائكم ولا بامهاتكم من كان حالفا فليحلف بالله قال عليه الصلاة والسلام من حلف بالامانة فليس منا والاحاديث عنه عليه الصلاة والسلام في هذا الباب كثيرة تنحلف بغير الله يعد شركا اصغر لكن ان قام في قلب الحالف بغير الله تبارك وتعالى من التعظيم والاجلال ما لا يكون الا لله سبحانه وتعالى ومن المهابة والخوف ما لا يكون الا لله سبحانه وتعالى فانه ينتقل بذلك الى الشرك الاكبر مثل ما يحصل ممن من بعض من يعظمون بعض القبور او المقبورين فيحلفون بهم معظمين لهم خائفين منهم معظمين لهم خائفين منهم معتقدين انهم يعلمون بهم وباحوالهم فهذا ولا ريب من الشرك الاكبر الناقل من ملة الاسلام ولهذا يذكرون عن بعض هؤلاء انه حلفه صاحبه حلفه صاحبه بالله فحلف فحلفه بغير الله باحد الاولياء فحلف فغضب صاحبه غضبا شديدا وقال تحلف بالولي وهو يعلم انك تعلم انك كاذب هذه الكلمة ما قالها لما حلف صاحبه بالله لكن لما حلف بالولي غضب وقالوا انت تعلم انه يعلم انك كاذب فمثل هذا لا يعد في الشرك الاصغر لا يعد في الشرك الاصغر. الحلف الذي يعد بالشرك الاصغر هو ما يجري على اللسان ما يجري على لسان الانسان دون ان يقوم في قلبه التعظيم والخوف ونحو ذلك للمحلوف به اذا حلف مخلوق وجرى ذلك على لسانه فهذا من شرك الالفاظ وهو من وهو من الشرك الاصغر وهو من الشرك الاصغر كذلك يقول المصنف رحمه الله تعالى ويسير الرياء ويسير الرياء يسير الرياء هذا من الشرك الاصغر اما الرياء الخالص فهذا من الشرك الاكبر والرياء الخالص هو الذي ذكره الله جل وعلا عن المنافقين بقوله يراؤون الناس يراؤون الناس اي ليس لهم مقصد بالعمل اصلا الا المراة ليس في قلبهم توحيد ولا اخلاص اذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون فالرياء الخالص في عداد الشرك الاكبر الناقل من الملة والله جل وعلا قال عن هؤلاء ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار اما يسير الرياء وقليلة فهذا معدود في الشرك الاصغر ومن ذلكم ان يصلي الرجل لا يريد بصلاته الا وجه الله ولا يبتغي بها الا وجه الله لكنه مر عليه شخص او اقترب منه شخص له مكانة عنده فحسن صلاته عندما رآه ينظر اليه حسنها وزينها وجملها لاجله فهذا فهذا يسمى يسير الرياء هذا يسمى يسير الرياء وقد خافه النبي عليه الصلاة والسلام على امته خوفا شديدا لقي مرة عليه الصلاة والسلام الصحابة وهم يتذاكرون فتنة الدجال وفتنة الدجال فتنة من اعظم الفتن واشدها واخطرها فمر بهم وهم يتذاكرون فتنة المسيح الدجال فقال عليه الصلاة والسلام الا اخبركم بما هو اخوف عليكم عندي من فتنة المسيح الدجال الا اخبركم بامر اخاف عليكم منه اكثر من خوف عليكم من فتنة المسيح الدجال قالوا بلى يا رسول الله قال الشرك الخفي الشرك الخفي يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل يعني عندما يرى رجلا ينظر اليه فيحسن صلاته ويزين فيها من اجله فهذا شرك اصغر وبهذا يعلم ان الرياء نوعان رياء خالص وهو مبطل للاعمال كلها محبط للعمل كله ورياء اصغر ليس رياء خالصا وهذا مبطل للعمل الذي قار فيه وهذا مبطل للعمل الذي قارفه لان الله سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل الا العمل الخالص ومر معنا الحديث القدسي الذي يقول الله سبحانه وتعالى فيه انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه نعم قال والناس في التوحيد على درجات متفاوتة بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله والائه ومعانيها الثابتة في الكتاب والسنة وفهمها فهما صحيحا فامتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه وانجذاب وانجذاب جميع دواعي قلبه الى الله تعالى متوجها اليه وحده لا شريك له ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان والاخلاص التام الذي لا يشوبه شيء من الاغراض الفاسدة فاطمئن الى الله تعالى معرفة وانابة وفعلا وتركا. وتكميلا لنفسه وتكميلا لغيره بالدعوة الى هذا الاصل العظيم فنسأل الله من فضله وكرمه ان يتفضل علينا بذلك قال رحمه الله تعالى والناس في التوحيد على درجات متفاوتة والناس في التوحيد على درجات متفاوتة اي ليسوا على درجة واحدة بل بينهم تفاوت ومن قواعد اهل السنة واصولهم ان الايمان يزيد وينقص ويقوى ويضعف وان اهله ليسوا فيه سواء بل هم متفاوتون منهم من ايمانه ودينه في قوة وازدياد ومنهم من ايمانه في ضعف ونقصان سئل الامام احمد رحمه الله ايزيد الايمان وينقص؟ قال يزيد حتى يكون امثال الجبال وينقص حتى لا يبقى منه شيء فالايمان الايمان بما يشمل من اعمال في القلوب او اقوال او اعمال بالجوارح يزيد وينقص ويقوى ويضعف واهله فيه متفاوتون زيادة ونقصا قوة وظعفا ليسوا فيه على رتبة واحدة ولا على درجة واحدة قال الله تبارك وتعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا قوله من عبادنا هذا فيه دليل على انهم جميعا من اهل التوحيد الذين سيذكرون في الاية من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات اذا هم ليسوا على رتبة واحدة كلهم عباد لله وكل من اهل التوحيد لكنهم ليسوا على رتبة واحدة فمنهم ظالم لنفسه اي بالمعاصي التي دون الشرك الذي يقع في الشرك هذا ليس من عباد الله من عباد الشيطان الذي يقع في الشرك هذا من عباد الشيطان ليس من عباد الله لان الله سبحانه وتعالى يأمر بالتوحيد والشيطان يأمر بالشرك يا ابتي لا تعبد الشيطان لان كل مشرك عبد للشيطان لان الشيطان هو الذي يأمر بالشرك والتنديد واتخاذ الانداد والشركاء فقوله اصطفينا من عبادنا فهذا دليل على ان جميع المذكورين في الاية من اهل التوحيد بما فيهم الظالم لنفسه وان المراد بظلم النفس في الاية فيما دون الشرك فيما دون الشرك اي بالمعاصي والذنوب فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات والايات في القرآن الكريم وكذلك الاحاديث في السنة النبوية في الدلالة على تفاوت الناس في الايمان والتوحيد وانهم ليسوا فيه على درجة واحدة كثيرة جاء في الصحيحين عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال ان اهل الجنة ليتراءون اهل الغرف اي ينظرون اهل الغرف في منازلهم العالية الرفيعة في الجنة ان اهل الجنة ليتراءون اهل الغرف كما ترأون الكوكب الدري في السماء يعني مثل ما تنظرون انتم في الدنيا الى الكوكب الرفيع العالي في السماء اهل الجنة ينظرون الى اهل المنازل الرفيعة في الجنة مثل ما تنظرون انتم في الدنيا الى الكوكب الرفيع العالي في السماء قال لتفاضل ما بينهم. هكذا قال عليه الصلاة والسلام لتفاضل ما بينهم كلهم في الجنة كلهم في الجنة لكنهم متفاضلون فيها ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم اجورهم وهم لا يظلمون كلهم في الجنة لكن الدرجات متفاوتة للتفاوت الذي بينهم فالايمان والتوحيد كلهم اهل ايمان لا يدخل الجنة الا الا نفس مؤمنة وكل من اهل التوحيد لكنهم متفاوتون في الايمان والتوحيد ولهذا تفاوتت رتبهم في الجنة قال ليتفاضل ما بينهم الصحابة حريصون على على كل خير قالوا يا رسول الله تلك منازل الانبياء لا يبلغها غيرهم لهذه المنازل العلية الرفيعة خاصة بالانبياء غير الانبياء ما يصلون الى هذه المراتب قال عليه الصلاة والسلام بل هي لرجال امنوا بالله وصدقوا المرسلين يعني هذه المنازل العلية الرفيعة لرجال امنوا بالله وصدقوا المرسلين وحتى يتضح لنا الحديث اكثر هل يمكن ان يدخل الجنة من لا يؤمن بالله ولا يصدق المرسلين ايمكن ان يدخل احد الجنة وهو لا يؤمن بالله ولا يصدق المرسلين النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحج لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة وارسل رسل ينادون في الناس في الحج بحيث تنتشر هذه الكلمة وتدوي في الحجيج وارسل الرسل ينادون بهذه الكلمة يا ايها الناس لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة. والله يقول والذين كفروا لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة فالجنة لا يدخلها الا نفس مؤمنة فاذا ما معنى قوله بل لرجال امنوا بالله وصدقوا المرسلين هذا فيه اشارة وتنبيه الى تفاوت ايمان من يؤمنون بالله ويصدقون المرسلين ولهذا في سورة الحديد قال الله سبحانه وتعالى والذين امنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون الصديقية هذي اعلى درجة اعلى درجة والله يقول والذين امنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون لكن ليس ايمان كايمان ولا تصديق كتصديق الايمان والتصديق يتفاوت واهله ليسوا فيه سواء فيكون المراد بقوله والذين امنوا بالله ورسله وقوله في الحديث رجال امنوا بالله وصدقوا المرسلين المراد بذلك من تمموا هذا المقام وكملوه وبلغوا به الدرجة العالية والمرتبة الرفيعة امنوا بالله وصدقوا المرسلين اي الايمان والتصديق التام الكامل ويأتي عند الشيخ رحمه الله تعالى وصف دقيق ونافع جدا الرتب العلية والمنازل الرفيعة في تحقيق هذا المقام فاذا شواهد الكتاب والسنة على تفاوت اهل الايمان في الايمان كثيرة وان الايمان يعتريه ما يعتريه فينقص ويضعف قال عليه الصلاة والسلام ان الايمان ليخلق في جوف احدكم كما يخلق الثوب الثوب يأتي عند صاحبه جديد ابيظ ناصع ومع الزمان والمدة يخلق الثوب ويصبح قديم بالي متهالك قال ان الايمان ليخلق في جوف احدكم كما يخلق الثوب كما يخلق الثوب ما معنى يخلق ان يتقادم ويضعف وينقص كما يخلق الثوب فاسألوا الله ان يجدد الايمان في قلوبكم ما احوج اهل الايمان الى تجديد الايمان والسعي في تتميم الايمان والحذر من منقصات الايمان ومظعفات الايمان والسعي في زيادة الايمان وتقوية الايمان ما احوجهم لذلك لان الايمان تعتريه امور كثيرة تنقصه من فتن الدنيا ووساوس الشيطان وقرناء السوء وخلطاء الفساد والنفس الامارة بالسوء وغير ذلك من الامور والامور التي يترتب عليها ضعف ايمان الانسان ونقص دينه فيحتاج العبد الى اه ان يسعى جاهدا في تقوية ايمانه وتتميم دينه وتقوية صلته بالله جل وعلا. قال فاسألوا الله ان يجدد الايمان في قلوبكم قال والناس في التوحيد على درجات متفاوتة بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته اي ان التفاوت يرجع الى هذين الامرين الى معرفة الله اي باسمائه وصفاته وافعاله جل وعلا ومن كان بالله اعرف كان منه اخوف ولعبادته اطلب وعن معصيته ابعد كما قال الله سبحانه وتعالى انما يخشى الله من عباده العلماء انما يخشى الله من عباده العلماء فالعبد اذا عرف الله معرفة صحيحة عرف اسماءه وعرف صفاته وعرف عظمته وعرف جلاله وعرف قدرته جل وعلا على كل شيء واحاطة علمه بكل شيء وانه لا تخفى عليه خافية في الارض ولا في السماء وان بطشه شديد وان عقابه اليم اذا عرف الله جل وعلا معرفة صحيحة زاد ايمانه وصلحت حاله ولهذا قال رحمه الله بحسب ما قاموا به من معرفة الله هذا الامر الاول والقيام بعبوديته بمجاهدة النفس على فعل الطاعات والعلماء رحمهم الله يقولون الايمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية اذا فعل العبد الطاعات زاد ايمانه واذا فعل المعاصي نقص ايمانه. الطاعة تزيد في الايمان والمعصية تنقص الايمان وتظعفه قال بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته ثم اخذ يصف رحمه الله تعالى حال اكمل الناس ايمانا قال فاكملهم في هذا الباب اكملهم في هذا الباب وسيصف اكمل الناس ايمانا وصفا دقيقا نافعا عظيما مفيدا حقيقة بالتدبر والتأمل والتمعن قال فاكملوا فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله والائه ومعانيها الثابتة في الكتاب والسنة وفهمها فهما صحيحا فامتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه وانجذاب جميع دواعي قلبه الى الله تعالى متوجها اليه وحده لا شريك له هنا الشيخ رحمه الله يفصل الجملتين الماضيتين وهي قوله معرفة الله والقيام بالعبودية ففي جانب المعرفة ذكر هذا المعنى قال اكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله واسماء الله سبحانه وتعالى في القرآن والسنة كثيرة وهي اسماء واوصاف دالة على عظمة الله وكماله وجلاله وانه سبحانه وتعالى المستحق وحده للعبادة والتعظيم والاجلال قال صفاته وافعاله والائه صفاته مثل السمع والبصر والعلم والقدرة والارادة والمشيئة وافعاله جل وعلا مثل الخلق والرزق والانعام والاحياء والاماتة والتسخير والتدبير والتصرف في هذا الكون والاءه اي نعمه وما بكم من نعمة فمن الله وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها قال من عرف من تفاصيل اسمائه وصفاته وافعاله والاءه ومعانيها الثابتة في الكتاب والسنة. اي عرف المعاني معاني الاسماء الثابتة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم عرفنا قبل قليل ان اسماء الله اعلام واوصاف فلا يكفي معرفة الاسم بل لا بد من معرفة معناه معرفة صحيحة بعيدا عن تحريف المحرفين وتأويل المؤولين بل تعرف معرفة صحيحة في ضوء الكتاب والسنة وهدي سلف الامة رضي الله عنهم ورحمهم قال وفهمها فهما صحيحا ذكر هنا في هذا الباب شرطين الاول ان تكون هذه المعرفة في ضوء الكتاب والسنة والشرط الثاني ان يكون الفهم في ضوء فهم السلف الصالح الصحابة ومن اتبعهم باحسان والله سبحانه وتعالى يقول ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين. نوله ما تولى فاذا لا بد من في هذا الباب من ان تكون المعرفة في ضوء الكتاب والسنة لا بالعقول المجردة او الاهواء او الاراء او غير ذلك وان يكون الفهم في ضوء فهم السلف الصالح رضي الله عنهم وارضاهم قال فامتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه ان يمتلئ القلب بهذه المعارف والعلوم معرفة الله ومعرفة اسمائه ويكون القلب ممتلئا بذلك ممتلئا بذلك. يقول النبي عليه الصلاة والسلام ان عمار بن ياسر امتلأ ايمانا حتى مساسه يعني حتى اطراف قدميه امتلأ ايمانا فمطلوب من العبد ان يجاهد نفسه ليملأ قلبه بالايمان ليس الدين اعمال ظاهرة فقط بل القلب في الداخل يملأ يملأ بالايمان يملأ بالمعرفة معرفة الله وتعظيمه لا ان يكون القلب ممتلئ بالدنيا الفانية وماذا يفيدك اذا ملأت قلبك بالدنيا ثم تأتي عليك ساعة وتفارقها وتلقى الله وليس في قلبك شيء يسرك ان تلقى الله به من معرفته وتعظيمه واجلاله جل وعلا ولهذا ينبغي على العبد ان ان يجتهد في هذا الباب العظيم المبارك ان يجتهد في ملء قلبه بمعرفة الله ومعرفة اسمائه وصفاته وافعاله والائه حتى يصل الى هذه الدرجة التي وصفها المصنف بقوله فامتلأ قلبه فامتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه. اي الرجوع والاوبة اليه قال وانجذاب جميع دواعي قلبه الى الله يعني القلب يميل بكليته في محبة الله ونيل رضاه هو غاية مقصوده ونهاية مطلوبه متوجها اليه وحده لا شريك له فاذا صلح القلب اذا صلح القلب هذا الصلاح واستقام هذه الاستقامة تبعته الجوارح الا ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب ولهذا تأتي النتيجة قال ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان والاخلاص التام متوجها اليه وحده لا شريك له ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان والاخلاص التام تصبح الايرادات والاعمال والنيات والحركات والسكنات كلها تقع على الاخلاص التام وابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى وطلب ثوابه ورضاه الذي لا يشوبه شيء من الاغراض الفاسدة لانه بلغ مبلغا عظيما فلا يخالطه الرياء ولا تخالطه السمعة ولا تخالطه ارادة الدنيا بالعمل ولا اي شيء من الاغراض الفاسدة بل ليس فيه الا طلبوا رضوان الله والسعي في نيل محابه ومراضيه جل وعلا قال فاطمئن الى الله تعالى اطمئن الى الله يعني حصل لقلبه طمأنينة في هذا الباب الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب الذين امنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب فحصلت له الطمأنينة والطمأنينة رتبة عالية في الدين طمأنينة القلب معرفة بالله وانابة اليه وتوكلا عليه قال رحمه الله فاطمئن الى الله معرفة اطمأن الى الله معرفة اي معرفة بالله واسمائه وصفاته وافعاله والائه وانابة اي رجوعا دائما الى الله سبحانه وتعالى منيبين اليه وانيبوا الى الله اي كونوا دوما في رجوع الى الله واقبالا عليه وبعد ومحاذرة للذنوب والمعاصي وفعلا وتركا وفعلا وتركه اي اطمأن الى الله سبحانه وتعالى في افعاله وتركه يفعل ما يأمره الله ويترك ما ينهاه الله عنه مجاهدا نفسه على فعل الاوامر وترك النواهي وهذه حقيقة التقوى تقوى الله جل وعلا العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وترك معصية الله على نور من الله خيفة عذاب الله قال وتكميلا لنفسه اي بالسنن والمستحبات والرغائب وابواب البر الكثيرة العديدة يكمل نفسه بمثل هذه الاعمال قال وتكميلا لغيره بالدعوة الى هذا الاصل العظيم تكبيرا لغيره بالدعوة الى هذا الاصل العظيم اي بعد ان اكرمه الله بصلاحه في نفسه سعى اه نصحا ودعوة للاخرين سعيا في صلاحهم وهذا المعنى الذي قرره الشيخ رحمه الله هنا جاء مجتمعا في سورة العصر السورة الوجيزة البليغة كما وصفها بذلك عمرو بن العاص رضي الله عنه والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر اي بعد ان كملوا انفسهم صلاحا بالايمان والعمل الصالح سعوا في تكميل الاخرين قال وتواصوا بالحق اي اوصى بعضهم بعضا بالحق ودعوا الى الله سبحانه وتعالى وصبروا على ذلك وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ثم ختم رحمه الله بالدعاء قال فنسأل الله من فظله وكرمه ان يتفضل علينا بذلك والدعاء كما يقول اهل العلم مفتاح كل خير لان الخير كله بيد الله يقول بعض السلف تأملت في الخير فاذا ابوابه كثيرة الصلاة والصيام والبر وغير ذلك ووجدت ان ذلك كله بيد الله وجدت ان ذلك كله بيد الله فايقنت ان الدعاء مفتاح كل خير ولهذا ينبغي على العبد ان يسأل ربه دائما وابدا ان يهديه وان يصلح له شأنه وان يصرف عنه الفتن ما ظهر منها وما بطن وان يثبته على الحق والهدى وان يعيذه من الشيطان الرجيم وان يعيذه من شر نفسه وان يعيذه من شر كل ذي شر وان يهديه اليه صراطا مستقيما يلح على الله ويتحرى ايضا اوقات الاجابة اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وثلث الاخير من الليل وقت اجابة للدعاء وفي الجمعة ساعة لا يرد فيها الدعاء ويوم عرفة ارجى ايام الدعاء فيتحرى الدعاء في اوقات الاجابة وفي الاوقات عموما يسأل الله الثبات يسأل الله عز وجل العزيمة على الرشد والثبات على الامر يسأل الله موجبات رحمته وعزائم مغفرته يسأل الله جل وعلا شكر نعمته وحسن عبادته يسأل الله جل وعلا قلبا سليما ولسانا صادقا يسأل الله جل وعلا الثبات على الهدى والاعاذة من الضلال يلح على الله جل وعلا بالسؤال ونبينا عليه الصلاة والسلام كان كثير الدعاء ومن الادعية التي كانت تأتي على لسانه وتسمع منه كثيرا ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار والله اعلم وصلى الله وسلم على رسول الله