بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين نعم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال شيخ الاسلام الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وغفر له في كتابه القواعد الاربعة بسم الله الرحمن الرحيم اسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يتولاك في الدنيا والاخرة. وان يجعلك مباركا اينما كنت وان يجعلك ممن اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر واذا اذنب استغفر فان هؤلاء الثلاث عنوان السعادة الامام شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى كان ناصحا اعظم نصيحة بالناس في بيان التوحيد الذي خلقوا لاجله واوجدوا لتحقيقه والتحذير من الشرك بالله عز وجل الذي هو اعظم الاثام واكبر المحرمات وتنوعت رحمه الله تعالى مصنفاته في بيان التوحيد وتقريره والتحذير من الشرك وابطاله وبيان فساده وبطلان شبه اهله تألف في ذلك مؤلفات كثيرة نصحا للامة وبيانا للناس واعذارا وانذارا فكان رحمه الله ناصحا معلما مربيا موجها متمسكا بكتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه وكان رحمه الله في بياناته وتقريراته للتوحيد والسنة ينطلق في ذلك كله من كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سائرا في ذلك على سنن الصحابة الكرام وتابعيهم باحسان وهو ماض على الطريق وعلى الاثر في الاقتفاء والاتباع لكتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا كانت كتبه كلها قائمة على الدليل قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم لا يأتي بشيء من قبل نفسه او ينشئ امرا تكلفا من عنده حاشاه وحاشا ائمة المسلمين وعلماء السنة ان يكونوا كذلك بل كان رحمه الله في تقريراته وتأصيلاته وتقعيداته منطلقا في ذلك كله من كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد تنوعت مصنفاته رحمه الله تعالى في بيان التوحيد وتقريره والتأصيل له وجمع الشواهد والدلائل عليه من كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وكان من عنايته رحمه الله تعالى بهذا الباب العظيم هذه الرسالة الصغيرة الحجم الكبيرة الفائدة التي لا يستغني عنها كل مسلم فهي بحق رسالة عظيمة وكتيب كتيب قيم في باب هو اعظم الابواب وقد جمع في هذه الرسالة قواعد اربعة جمعها رحمه الله وذكر ادلتها من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فكان من ضبط هذه القواعد وفهمها لا يلتبس عليه الامر ولا تشتبه عليه الامور ولا تنطلي عليه اضاليل اهل الضلال واباطيل اهل الباطل فهي قواعد اربعة كبار عظيمة لا غنى لاي مسلم عنها في باب معرفة التوحيد والشرك في باب معرفة التوحيد والشرك والتمييز بين الحق الذي هو التوحيد والباطن الذي هو الشرك واصبح معرفة التمييز بين التوحيد والشرك ضرورة ملحة ولا سيما في مثل هذه الازمنة المتأخرة التي لبس على كثير من الناس في مفهوم التوحيد وادخلت عليهم صورا من الشرك وابوابا منه على انها ليست مضادة للتوحيد ولا منافية له فمن اعظم الضرورات واشد الحاجات التي ينبغي على كل مسلم ومسلمة ان يعنى بها ان يعرف هذه القواعد العظيمة الاربعة الكبار التي قررها رحمه الله تعالى ليميز بها المسلم بين الشرك والتوحيد وحتى يكون المسلم على بصيرة في دينه وعلى بينة من امره وعلى نور من كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه وقد بدأ هذه الرسالة كعادته رحمه الله تعالى في كتبه عموما ورسائله بالدعاء لمن يطلع على كتابه ويقرأ رسالته ويدعو رحمه الله بدعوات عظيمة دعوات جامعة تجمع للمسلم خيري الدنيا والاخرة وهذا كذلك من نصحه رحمه الله تعالى ومن شفقته على الناس عموما ليتبصروا في دينهم وليعرفوا الحق الذي خلقوا لاجله واوجدوا لتحقيقه وليكونوا على حذر من الضلال والباطل بدأ هذه الرسالة القواعد الاربعة بقوله بسم الله الرحمن الرحيم وهذه كلمة يبدأ بها في الدروس والمقالات والكتب وهي مفتاح يبدأ به طلبا لعون الله تبارك وتعالى وتوفيقه وتسديده فقولك بسم الله الرحمن الرحيم هذه كلمة استعانة تبدأ كلامك او كتابك او دخولك او خروجك او غير ذلك مما بسملة لاجله تبدأه بالبسملة طالبا بذلك عون الله جل وعلا ولهذا قال العلماء رحمهم الله الباء في بسم الله باء الاستعانة اي ابدأ مستعينا بالله طالبا عونه تبارك وتعالى متيمنا وطالبا البركة بذكر اسمه جل وعلا وقولك بسم الله الجار والمجرور هنا متعلق بمحذوف محذوف مقدر يقدر له فعل بحسب حال الفاعل ان كان خروجا فيقدر اخرج باسم الله وان كان دخولا ادخل باسم الله وان كان كتابة اكتب باسم الله وان كان قراءة اقرأ باسم الله البسملة الجار والمجرور في بسم الله متعلق بمحذوف مقدر يقدر بحسب حال الفاعل قال بسم الله الرحمن الرحيم وفي بسم الله الرحمن الرحيم اجتمعت ثلاث اسماء حسنى لله تبارك وتعالى اولها اسمه تبارك وتعالى الله. ومعناه كما قال ابن عباس رضي الله عنهما اي ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين فاسمه تبارك وتعالى الله يدل على اوصاف الكمال ونعوت الجلال واوصاف العظمة التي استحق بها تبارك وتعالى ان يؤله وان يعبد وان يخضع له ويذل جل وعلا ودال ايضا على العبودية التي هي وصف العبد وان الواجب على العبد ان يكون عبدا للاله دليلا له خاضعا لجنابه منكسرا بين يديه قائما بطاعته وامره جل وعلا محققا العبودية التي خلق لاجلها واوجد لتحقيقها والرحمن الرحيم اسمعني دالان على ثبوت الرحمة صفة لله تبارك وتعالى واسمه جل وعلا الرحمن يدل على صفة الرحمة القائمة به سبحانه واسمه الرحيم دال على تعلقها بالمرحومين كما قال جل وعلا وكان بالمؤمنين رحيما فهذه اسماء ثلاثة عظيمة جاءت في البسملة وبدأ بها رحمه الله تعالى مؤلفة تأسيا بكتاب الله جل وعلا وتأسيا بنبينا عليه الصلاة والسلام في مكاتباته و مراسلاته صلوات الله وسلامه عليه وتأسيا ائمة المسلمين وعلماء الاسلام في اول الزمان واخره قال قال اسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يتولاك في الدنيا والاخرة اسأل الله الكريم ان يطلب منه جل وعلا الكريم اسم من اسماء الله جل وعلا وهو دال على صفة الكرم. والكرم هذه الصفة تعني اجتماع صفات الخير وكوامل الصفات وجوامع النعوت ولهذا فان هذا الاسم من الاسماء التي تدل على اوصاف عظيمة لا على معنى مفرد من الاسماء الدالة على اوصاف عظيمة ونعوت جليلة كثيرة ثابتة للرب الكريم سبحانه وتعالى قال اسأل الله الكريم رب العرش العظيم رب العرش العظيم ذكر هنا ربوبية الله سبحانه وتعالى والربوبية هي الملك والخلق والتصرف والتدبير في هذه الكائنات وخص بالذكر هنا العرش ربوبية الله سبحانه وتعالى للعرش لانه اعظم المخلوقات واكبرها والله سبحانه وتعالى وصف عرشه بالعظمة في القرآن الكريم وصفه بالكرم ووصفه بالمجد وجاء ايضا اوصاف كثيرة له في سنة النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه فذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا ربوبية الله عز وجل للعرش خصه بالذكر لانه اكبر المخلوقات واعظم المخلوقات ويأتي في بعض الاذكار والدعوات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ربوبية الله للعرش ويخصه عليه الصلاة والسلام بالذكر كما في الذكر الذي يقال عند الكرب لا اله الا الله العظيم لا اله الا الله رب العرش الكريم وكما ايضا في الدعاء الذي يقال عند النوم اللهم رب السماوات السبع ورب الارض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء ومليكه فالق الحب والنوى منزل التوراة والقرآن والانجيل الى اخر الدعاء. فيأتي مثل ذلك في دعوات النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه والعرش مخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى العظيمة وهو اكبر المخلوقات واعظم المخلوقات ولهذا لما اراد عليه الصلاة والسلام في تسبيحه لله ان يذكر اثقل الاوزان ذكر العرش قال سبحانه سبحان الله وبحمده عدد خلقه وزنة عرشه ذكر عليه الصلاة والسلام زنة العرش لان العرش اثقل المخلوقات واكبر المخلوقات واعظم المخلوقات العرش مخلوق لله جل وعلا خلقه سبحانه اوجده من العدم وشاء جل وعلا ان يستوي عليه ان يعلو ويرتفع عليه علوا وارتفاعا يليق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه كما اخبر بذلك عن نفسه في كتابه في مواضع من القرآن في قوله جل وعلا ثم استوى على العرش وقوله جل وعلا الرحمن على العرش استوى وكم هو جميل بالمؤمن في دعائه لله جل وعلا ومناجاته له ان يذكر عظمة ربه جل وعلا وكماله وكبريائه وعندما تناجي الله عز وجل وتدعوه متذكرا ربوبيته ولا سيما ربوبيته جل وعلا للعرش العظيم وتذكر عظمة هذا المخلوق وكبره وضآلة المخلوقات الاخرى بالنسبة اليه مما يعينك على ذكر عظمة الله جل وعلا وكبريائه وان هذا الكون الذي تحت العرش ودون العرش كله مسخر ومدبر لله جل وعلا يصرفه كيف يشاء ويقضي فيه بما يريد لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه. وهو سبحانه وتعالى فوق عرشه المجيد. علي عليه يقضي بما يشاء ويحكم بما يريد لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه كل يوم هو في شأن يحيي ويميت ويعز ويذل ويقني ويغني ويقني ويضحك ويبكي ويصح ويمرض الى غير ذلك من الامور التي هي تصريفه وتدبيره لمملكته جل وعلا. لا شريك له في التدبير ولا شريك له في التسفير والقضاء الامر امره والقضاء قضاؤه والحكم حكمه جل وعلا فيذكر العبد عظمة الله وجلاله وكماله وربوبيته ويجعل ذلك وسيلة له الى الله جل وعلا بين يدي دعائه في مناجاته لله ومناداته له جل وعلا ولهذا قال رحمه الله اسأل الله الكريم رب العرش العظيم رب العرش العظيم يحتمل قوله العظيم ان المراد بالعظيم صفة لله تبارك وتعالى ويحتمل ان يكون صفة للعرش وكل منهما احق. فالله سبحانه وتعالى العظيم ومن اسمائه الحسنى تبارك وتعالى العظيم وقد ختمت اه اعظم اية في القرآن الكريم وهي اية الكرسي بهذا الاسم وهو العلي العظيم فالعظيم اسم من اسماء الله والعظيم ايظا صفة من صفات العرش فيحتمل هذا ويحتمل ذاك اسأل الله الكريم رب العرش العظيم يكون العظيم صفة لله جل وعلا واسأل الله الكريم رب العرش العظيم يكون العظيم بهذا صفة للعرش قال ان يتولاك في الدنيا والاخرة هذا هو المطلوب وما قبله وسيلة بين يديه المطلوب قال ان يتولاك في الدنيا والاخرة اي ان يكون وليا لك في دنياك واخراك قال الله تعالى الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور يتولاك في الدنيا اي بحفظه وتوفيقه وتسديده وعونه لك على طاعته واخراجه لك من الظلمات الى النور وتبصيرك في دينك والحق الذي خلقت لاجله واوجدت لتحقيقه وان يثبتك على هذا الحق وان يعيذك من الضلال وسبل الغواية. كل ذلك يتناوله قوله اسألك ان يتولاك في الدنيا فتولي الله تبارك وتعالى لعبده في الدنيا بحفظه في هذه الدنيا من مظلات الفتن وتثبيته لعبده على الاستقامة والحق والهدى وعلى صراط الله المستقيم الى ان يتوفاه تبارك وتعالى وهو عنه راض قال وفي الاخرة ان يتولاك في الدنيا والاخرة وتولي العبد وتولي الله تبارك وتعالى لعبده في الاخرة يكون بحفظه من اهوالها وشدائدها اه يكون انقاذه وانجاءه من النار ودخولها وتوفيقه له بدخول الجنة والفوز بنعيمها وان يكرمه تبارك وتعالى باعظم نعمة واجل منة وهي ان يرى الله تبارك وتعالى وهي اكبر النعم واعظم المنن فكل ذلك داخل في قوله رحمه الله تعالى وفي الاخرة او الاخرة اي ان يتولاك تبارك وتعالى في الاخرة بان كن وليا لك بالحفظ والتوفيق والتسديد والعون الى غير ذلك قال وان يجعلك مباركا اينما كنت. وهذه دعوة من اعظم الدعوات واجلها وافخمها واكبرها قد قال الله تعالى بذكر نبيه عيسى قال وجعلني مباركا اينما كنت ولا يكون الانسان مباركا اينما كان الا اذا كان في مجالسه كلها صالحا مصلحا الا اذا كان في مجالسه كلها صالحا في نفسه ليس منه شر ولا اذى ولا افساد ولا نحو ذلك وان يكون مصلحا بحيث انه في كل مجلس من مجالسه يسمع منه الخير تسمع منه الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والتنبيه النافع ونحو ذلك ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله في بعض كتبه واظن واظنه ذكر ذلك في كتابه الرسالة التبوكية قال لا يكون العبد مباركا اينما كان الا اذا كان في كل مجلس يجلسه يكون فيه نفع للناس في كل مجلس يجلسه يكون فيه نفع للناس وبهذا يكون مباركا اينما كان اي في اي مكان حل وفي اي موضع نزل فهو اينما كان ينتفع به. مثله كمثل الغيث اينما حل نزل مثله كمثل الغيث اينما حل نزل قال وجعلني مباركا اينما كنت وهذا يتناول ان يكون العبد مباركا ايضا في نفسه بماله ورزقه وعمله وبيته واحاله وشؤونه قال وان ان يجعلك مباركا اين اينما كنت وان يجعلك ممن ممن اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر واذا اذنب استغفر دعا بهذه الامور الثلاثة العظيمة التي جمعت الخير كله والسعادة برمتها ولهذا قال رحمه الله في خاتمة هذه الدعوة مبينا مكانتها وعظم شأنها قال فان هؤلاء الثلاث عنوان السعادة اي ان السعادة اجتمعت في هذه الثلاث فاذا وجدت هذه الامور الثلاثة في العبد فان السعادة اجتمعت فيه وتحققت فيه ونالها باعلى صورها وابهى حللها والسعادة من اعظم المطالب التي يسعى الناس لتحقيقها تعقد المؤتمرات والندوات والمجالس وتكتب المؤلفات لطلب السعادة وليس احد من الناس الا ويريد لنفسه سعادة حتى الذين يباشرون الفساد ويتعاطون امور الانحراف يظنون انها تجلب لهم سعادة وان السعادة تتحقق لهم بتلك المسالك التي هي في الحقيقة مهالك لهم. ومضار عليهم في دنياهم واخراهم السعادة لا تنال الا بتحقيق هذه الاوصاف الثلاث التي ذكرها رحمه الله تعالى في هذه الدعوة المباركة العظيمة لا تنال الا بهذه الاوصاف الثلاث الشكر والصبر والاستغفار فهذه الامور الثلاثة اذا اجتمعت في العبد اجتمعت فيه السعادة وتحققت له قال اسأل الله ان يجعلك ممن اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر واذا اذنب استغفر ولو تأملت تجد ان احوال العبد بهذه الحياة الدنيا لا تخرج عن هذه الامور الثلاثة اما ان يكون مبتلى بمصيبة او ان يكون ممتن عليه بنعمة ومنة او ان يكون واقعا في ذنب لا تخرج احوال العبد في حياته عن هذه الامور الثلاثة اما مبتلى بمصيبة او منعم عليه بنعمة ومما يدخل في النعمة نعمة الدين هي اعظم النعم بان يوفق للصلاة والصيام وطلب العلم و بر الوالدين وصلة الارحام هذه هذه اعظم النعم او ان يكون قد وقع في ذنب فالعبد لا يخرج في في حياته عن هذه الامور الثلاثة اما مبتلى بمصاب او منعم عليه بنعمة او واقع في ذنب لا يخرج عن هذه الامور الثلاثة والواجب على العبد ان يجاهد نفسه مجاهدة تامة على ان يكون عند البلاء من الصابرين وعند النعم من الشاكرين للمنعم سبحانه وتعالى وعند وقوعه في الذنوب من المستغفرين فاذا كان كذلك جمع لنفسه الخير كله قد قال عليه الصلاة والسلام عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ظراء صبر فكان خيرا له. ولا يكون ذلك الا للمؤمن. هكذا قال عليه الصلاة والسلام بدأ اول الحديث بقوله عجبا لامر المؤمن وختم الحديث بقوله وذلك لا يكون الا للمؤمن فالمؤمن عند المصيبة صابر وعند النعمة شاكر في المصائب يفوز بثواب الصابرين وفي النعم يفوز بثواب الشاكرين فهو فائز في كلا الحالين في مصائبه فائز وفي نعمه فائز بنعمه فائز بثواب الصابرين في في مصائبه فائز بثواب الصابرين وفي نعمه فائز بثواب الشاكرين لله تبارك وتعالى والامر الثالث قال اذا اذنب استغفر اي اذا وقع في الذنب بادر الى الاستغفار اذا وقع في الذنب بادر الى الاستغفار الى الله جل وعلا هو يعلم ان الله عز وجل يغفر الذنوب ويعفو عن السيئات ولا يتعاظمه تبارك وتعالى ذنب ان يغفر ولهذا لا يقنط من رحمة الله ولا ييأس من روح الله مهما كان ذنبه ومهما عظم جرمه فانه يبادر بالاوبة والرجوع الى الله جل وعلا وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام قصة العبد الذي اذنب ذنبا ثم قال استغفر الله قال الله تعالى اذنب عبدي وعلم ان له ربا يغفر الذنب غفرت له ثم عاد العبد للذنب ثانية واستغفر قال اذنب عبدي وعلم ان له ربا يغفر الذنب غفرت له وتكررت من العبد ثم قال في تمام الحديث ماذا اعمل ما شئت فقد غفرت لك اي ما دمت على هذه الحال انتبهوا اعمل ما شئت فقد غفرت لك اي ما دمت على هذه الحال ملازما للاستغفار مجاهدا نفسك على الا تقع في المعصية والا تقع في الخطيئة واذا بدر منك زلل او وقعت في خطأ بادرت الى الاستغفار ما دمت في هذه الحال على هذه الحال فانت مغفور لك وقد قال صلى الله عليه وسلم كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون. ابن ادم ليس معصوما ابن ادم ليس معصوما ابن ادم خطاء لكن له رب يغفر سبحانه وتعالى ويتجاوز ويصفح عز وجل ولهذا اذا وقع العبد في ذنب جرته اليه نفسه الظعيفة ودعاه اليه الشيطان او جره اليه قرناء السوء وخلطاء الفساد او اغوته نفسه للوقوع فيه عليه ان يعلم فورا ان له رب يغفر الذنب ويتجاوز قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم فلا يزال العبد بخير ما دام يعلم ان له ربا يغفر ويتجاوز ويصفح سبحانه وتعالى واما ابن ادم فظعيف وكثير الخطأ والزلل ودواعي الخطأ كثيرة جدا ليس العجب ممن نجا كيف نجا ليس العجب ممن هلك كيف هلك ولكن العجب ممن نجا كيف نجا الامور التي تجر الانسان الى الخطأ كثيرة جدا لكن لا يزال العبد بخير ما دام يعلم ان له ربا يغفر ولهذا لا يزال العبد يجاهد نفسه يجاهد نفسه على البعد عن الذنوب وعدم الوقوع فيها واذا انفلتت نفسه ووقع في زلة او وقع في خطيئة بادر الى الاستغفار ومن عظيم حب الله جل وعلا للاستغفار والمستغفرين قال عز وجل في الحديث القدسي لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون الله جل وعلا فيغفر لهم ولهذا ربما كان بعض الذنوب على على الانسان خير له ربما كانت بعض الذنوب على الانسان خير له. لانها تفتح عليه باب ندم عظيم وباب استغفار كثير ربما بدون هذا الذنب يقل استغفاره لكنه يقع في ذنب وزل ثم يقع في قلبه حياء عظيم من الله عز وجل ومراقبة لله والم وندم على ما وقع فيه من ذنب وخطيئة فيكثر على لسانه الاستغفار كثرة ربما لا تكثر على لسانه لولا انه وقع في هذا الذنب الذي ابتلي به ولهذا لا يزال العبد بخير ما دام انه اذا اذنب استغفر اذا اذنب استغفر ولهذا لاحظ الدعوة قال ان يجعلك ممن اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر واذا اذنب استغفر والذنب لا بد منه الذنب في ابن ادم لابد منه. لابد ان يقع في الذنب وذنوب الانسان كثيرة لكن ينبغي ان يكون العبد كثير الاستغفار ينبغي ان يكون العبد كثير الاستغفار وقد كان سيد ولد ادم اكثر الناس استغفارا وليس في عباد الله اكثر استغفارا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لكنه مع ذلك كله كان اكثر الناس استغفارا حتى قال ابو هريرة رضي الله عنه ما رأيت احدا اكثر من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول استغفر الله واتوب اليه وقد رأى ابو هريرة عباد الصحابة وخيار الامة واكثر الناس استغفارا. وما رأى في ذلك الجيل اكثر من النبي عليه الصلاة والسلام ملازمة الاستغفار فكان عليه الصلاة والسلام ملازما للاستغفار في حياته كلها حتى انه ختم حياته كلها بالاستغفار كما جاء في حديث ام المؤمنين عائشة قالت مات صلى الله عليه وسلم بين صدر ونحري وهو يقول اللهم اغفر لي والحقني بالرفيق الاعلى. كانت هذه من اخر كلماته التي فارق عليه الصلاة والسلام بها الدنيا اللهم اغفر لي والحقني بالرفيق الاعلى الشاهد ان العبد تتحقق له السعادة اذا اجتمعت فيه هذه الخصال الثلاث العظيمة الا وهي الصبر والشكر والاستغفار ولعل في هذه الدعوة العظيمة المباركة التي دعا بها المصنف رحمه الله لك ان تكون فاتحة باب لك ان تعتني بهذه الامور الثلاث ان تعتني بهذه الامور الثلاث التي هي عنوان السعادة الصبر والشكر والاستغفار بحيث تكون مجاهدا لنفسك على تحقيق هذه الامور الثلاثة. اذا كان صبرك ضعيفا فاجتهد في تنميته واسأل الله جل وعلا المعونة على ذلك واذا كان شكرك قليلا فاجتهد ايضا في تكفيره وتقويته واسأل الله عز وجل المعونة على ذلك قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك قال ربي اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي لا تكون شاكرا لله تبارك وتعالى الا اذا اعانك الله. ويسر لك وان تعتني بالاستغفار وان تكثر من الاستغفار وان يكون استغفارك في في مجالسك وفي تنقلاتك وفي حركاتك استغفارا كثيرا فهذه كما انها دعوة فهي لفتة من المصنف رحمه الله الى العناية بهذه الامور الثلاثة التي هي ابواب السعادة وتكون عنايتك بها من جهتين الجهة الاولى ان تدعو لنفسك بهذا الدعاء. ان تدعو لنفسك بهذا الدعاء ان ييسر لك الله عز وجل هذه الامور الثلاثة التي هي عنوان السعادة والامر الثاني ان تتبع الدعاء بفعل الاسباب وذلك بان تجاهد نفسك على ان تكون من الذين اذا ابتلوا صبروا واذا انعم عليهم شكروا واذا اذنبوا استغفروا نعم قال رحمه الله اعلم مرشدك الله لطاعته ان الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين. كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فاذا عرفت ان الله خلقك لعبادته فاعلم ان العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد كما ان الصلاة لا تسمى صلاة الا مع الطهارة. فاذا عرفت ان الشرك اذا خالط العبادة افسدها واحبط امل وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت ان اهم ما عليك معرفة ذلك لعل الله ان خلصك من هذه الشبكة ان يخلصها ان يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله. الذي قال الله تعالى فيه ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وذلك بمعرفة اربع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه قال رحمه الله تعالى اعلم ارشدك الله لطاعته اعلم هذه الكلمة يؤتى بها بين يدي الامور العظيمة والامور الكبار وقد تكرر مجيئها في كتاب الله عز وجل التنبيه على الامور العظام ومن ذلكم قوله سبحانه وتعالى فاعلم انه لا اله الا الله. فهذه يؤتى بها لشد الانتباه نفت الانتباه واستدعاء القلوب للاصغاء ووعي هذه الامور العظيمة الكبيرة قال اعلم ارشدك الله لطاعته. وهنا دعا بهذه الدعوة العظيمة بعد ان دعا الى الانتباه لما سيقال وما سيبينه رحمه الله تعالى دعا بهذه الدعوة العظيمة ارشدك الله لطاعته ارشدك اي جعلك من اهل الرشاد والرشاد ظد الغواية قد قال الله سبحانه وتعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم ما ضل صاحبكم وما غوى الضلال ضده الهداية والغواية ضدها الرشاد وقوله ما ظل صاحبكم وما غوى اي انه سالم من الضلال والغواية وذلك بانه اجتمع له عليه الصلاة والسلام كمال العلم النافع والعمل الصالح وقد قال نبينا عليه الصلاة والسلام في ذكر الخلفاء الراشدين قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين جمع لهم بين هاتين الخصلتين وهما اه تعنيان صلاح علم الانسان وصلاح عمله الهداية وصلاح العلم والرشاد وصلاح العمل قال ارشدك الله لطاعته اي جعلك الله من اهل الرشاد الذين هم عالمون بالطاعة عاملون بها محافظون عليها ان الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين هذا الامر الذي دعا رحمه الله اه الانتباه الى ظبطه والعلم به ومعرفته ان الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين. هذه هي الحنيفية التي هي ملة ابينا ابراهيم خليل الرحمن عليه صلوات الله وسلامه وقد قال الله تبارك وتعالى ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين فملة ابراهيم التي امرنا باتباعها هي الحنيفية وتأمل الاية قال ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا فالدين الذي امرنا باتباعه ولزومه هو الحنيفية ملة ابراهيم ولهذا كان متأكدا على كل مسلم ان يعرف الحنيفية ما هي ان يعرف الحنيفية ما هي لان امرنا باتباعها ولزومها والتمسك بها والمحافظة عليها وان نكون من اهلها قال اعلم ان الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين. هذه هي الحنيفية الحنيفية التي هي ملة ابراهيم هي ان تعبد الله مخلصا له الدين ولهذا لا يكون الانسان حنيفا الا اذا كان مخلصا لا يكون حنيفا الا اذا كان مخلصا وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء لا يكون من الحنفاء والحنفاء هو جمع حنيف لا يكون كذلك الا اذا كان مخلصا دينه لله تبارك وتعالى لا يكون كذلك الا اذا كان مخلصا دينه لله تبارك وتعالى بدون ذلك لا يكون حنيفا والحنف اصله في اللغة الميل والمراد هنا الميل عن الباطل والعدول عن الباطل الى الحق والهدى والتوحيد والاستقامة مائلا عن الشرك الى التوحيد وعن الضلال الى الهدى وعن عن الباطل الى الحق وعن الغواية الى الرشاد هذا هو الحنيف قال الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين وقوله ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين هذا هو التوحيد الذي خلقنا لاجله واوجدنا لتحقيقه ولهذا قال المصنف رحمه الله كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فالتوحيد الذي خلق الخلق لاجله ووجدوا لتحقيقه هو ان يعبدوا الله تبارك وتعالى مخلصين له الدين وهذا يتطلب منك ان تعرف اولا العبادة ما هي ما حقيقتها؟ ما افرادها ويتطلب منك ثانيا ان تجعلها كلها لله لا تجعل لاحد منها شيئا يتطلب منك ان تعرف العبادة التي خلقت لاجلها ووجدت لتحقيقها ويتطلب منك ان تجعل العبادة كلها لله سبحانه وتعالى لا تجعل لاحد ايا كان ومهما كان لا تجعل له منها حظا ولا نصيبا لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل ولا لغيرهما فالعبادة حق لله تبارك وتعالى قال ان تعبد الله مخلصا ومعنى مخلصا اي تكون اي ان تكون عبادتك لله خالصة ومعنى خالصة اي صافية نقية ليس فيها شائبة شرك ولا رياء ولا نحو ذلك بل هي صافية لله تبارك وتعالى واذا اردت ان تعرف معنى الاخلاص في لغة العرب فاقرأ قول الله تعالى في سورة النحل سورة النعم اقرأ قوله جل وعلا وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين خالصا اي صافيا نقيا هذا معنى الخالص الخالص في اللغة الصافي النقي وقد وصف ربنا جل وعلا اللبن الذي يخرج من بهيمة الانعام بانه خالص اي صافي نقي وذكر تبارك وتعالى انه اخرجه من بين فرث ودم ذكر جل وعلا انه اخرج هذا اللبن من بين فرث ودم خرج اللبن من بين الفرث والدم لكنه خرج ماذا خالصا اي صافيا نقيا لا ترى فيه نقطة دم ولا قطعة فرث مع انه خرج من بين فرث ودم فيخرج خالصا اي صافيا نقيا ويخرج ايضا سائغا للشاربين مع انهم علموا مخرجا علموا مخرجا علموا من اين خرج لكنه سائغ لهم ان يشربونه بتلذذ وهناءة وتطعم له وحب الله مع انهم يعلمون من اين خرج. فهذه الاية تبين لك معنى الخالص تبين لك معنى الخالص في لغة العرب وقوله وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. وقوله الا لله الدين الخالص اي الصافي النقي ولهذا العبادة لا تكون مقبولة من العبد الا اذا كانت لله خالصة العبادة لا تكون مقبولة من العبد الا اذا كانت لله خالصة ومعنى خالصة اي صافية نقية لم يرد بها الا الله جل وعلا ولهذا اذا خالط العبادة نية اخرى فانها تخرج عن الاخلاص واذا خرجت عن الاخلاص لم تقبل اذا خرجت عن الاخلاص لم تقبل ولهذا قال ربنا عز وجل في الحديث القدسي انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه اي انه سبحانه وتعالى لا يقبل العمل الا اذا كان صافيا نقيا خالصا لم يرد به الا الله تبارك وتعالى قال كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وما خلقت الخلق فعله سبحانه وتعالى قال وما خلقت الجن والانس اي لم اوجد الثقلين من العدم الا لغاية بينها سبحانه وتعالى بقوله الا ليعبدون الا ليعبدون قد جاء عن ابن عباس رضي الله عنه وغيره ان كل امر بالعبادة في القرآن امر بالتوحيد فمعنى قوله الا ليعبدون اي الا ليوحدون في العبادة ليخصوني بالعبادة لا يعبدوا معي غيري ليفردوني في العبادة قال وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وقوله الا ليعبدون العبادة فعل العبد والله سبحانه وتعالى جعل في العبد مشيئة وهداه النجدين طريق الحق وطريق الضلال قال تعالى فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فقوله الا ليعبدون اي الا ليقوموا بعبادتي الا ليقوموا بعبادتي. هذا الذي خلقهم لاجله لكن هل كل من فعل ذلك الذي خلق له؟ الجواب لا ولهذا قال في اية اخرى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة قال فاذا عرفت ان الله خلقك لعبادته فاعلم ان العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد فاعلم ان العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد وهذا اصل لا بد ان يعرفه كل مسلم العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد ولهذا نقلت لكم عن ابن عباس انه قال كل امر بالعبادة امر بالتوحيد كل امر بالعبادة امر بالتوحيد لان العبادة لا تكون عبادة الا بالتوحيد العبادة اذا دخلها ارادة غير الله واشراك غير الله تبارك وتعالى معه في في العبادة ماذا تكون هل هي العبادة التي خلق الله الخلق لاجلها قال وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون هذه العبادة التي خلق الله عز وجل الخلق لاجلها هل هي تلك الاعمال التي يمارسها كثير من الناس يسألون الله ويسألون الاحجار ويعبدون الله ويعبدون القباب والاحجار والاشجار وغيرها؟ هل هذا الذي خلقوا لاجله هل هذا المعني بقوله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون؟ حاشى وكلا هذا ليس عبادة وانما هو شرك ولهذا العبادة لا تكون عبادة الا مع التوحيد نظر لذلك رحمه الله بمثال يوضح ذلك قال اعلم ان العبادة لا تسمى عبادة الا مع التوحيد كما ان الصلاة لا تسمى صلاة الا مع الطهارة لو ان انسان صلى ركع وسجد واتى باعمال الصلاة من اولها الى اخرها لكنه على غير طهارة هل يقال له صليت؟ او يقال له لم تصلي ارجع فصلي فانك لم تصلي اي لم تصلي الصلاة التي امرت بها وطلبت منك قال ارجع فصلي فانك لم تصلي فالذي يصلي بغير طهارة كأنه ما صلى صلاته وجودها وعدمها سواء لان الصلاة لا تكون صلاة الا مع الطهارة والعبادة لا تكون عبادة الا مع التوحيد فاذا كانت العبادة قائمة على التوحيد كانت عبادة صحيحة مقبولة واذا كانت العبادة ولو كانت كثيرة امضى فيها الانسان حياته ودهره اذا لم تكن قائمة على التوحيد فانها كلها تذهب سدى وتظيع هذا وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا فهذا اصل عظيم يجب على كل مسلم ان يضبطه. العبادة لا تكون عبادة الا مع التوحيد كما ان الصلاة لا تكونوا صلاة الا بالطهارة فمن عبد الله بغير التوحيد فهو مشرك بالله لا يقبل الله سبحانه وتعالى منه عبادته ومن عبد الله عز وجل بالصلاة من غير طهارة لم يقبل الله منه صلاته وجود صلاته وعدمها سواء فهذا اصل عظيم يجب على كل مسلم ان ان يضبطه وان يعتني به. العبادة لا تكون عبادة الا مع التوحيد وهذا يعني ان تعرف العبادة ما هي والامر الثاني ذكرناه قبل قليل وان تجعلها كلها لله ان تعرف العبادة ما هي وان تجعلها كلها لله. لماذا؟ لان الانسان لو جعل لغير الله تبارك وتعالى شيئا من العبادة ولو شيئا قليلا ابطل دينه كله لماذا لماذا يبطل دينه كله؟ لان العبادة لا تكون عبادة الا مع التوحيد فاذا جعل مع الله سبحانه وتعالى شريك في العبادة ولو في شيء قليل منها ابطل العبادة كلها ابطل العبادة كلها الشرك في العبادة مثل السم في الطعام اذا وظع السم في في بعض الطعام افسد الطعام كله واتلفه اجمعه. ومن الذي يقبل طعاما وضع في بعضه سم السم يسري في في الطعام كله ويفسده كله العبادة لا تكون عبادة الا مع التوحيد بان يكون العبد موحدا لله جل وعلا مخلصا في عبادته كلها وهذا يعني ان تكون صلاتك لله حجك لله ذبحك لله نذرك لله دعاؤك تتوجه به الى الله توكلك على الله رجاؤك من الله خوفك من الله كل العبادات لا تصرفوا شيئا منها الا لله سبحانه وتعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين الا لله الدين الخالص وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا والايات في هذا المعنى كثيرة جدا قال فاذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث اذا دخل في الطهارة الشرك اذا دخل في العبادة فسدت كالحدث اذا دخل في الطهارة الانسان اذا كان على طهارة توضأ واصبح طاهرا ثم احدث هل تبقى طهارته على ما هي عليه وقد احدث؟ الجواب لا والشرك اذا دخل في العبادة افسدها مثل الحدث اذا دخل على الطاهر فانه يفسد طهارته ويحتاج ان ان يتطهر من جديد وهذا الشبه بين الطهارة من الحدث والطهارة من الشرك جاء الاشارة اليه في قوله تبارك وتعالى وثيابك فطهر قيل في معناها طهر نفسك من من الشرك ومما ينقض الدين ويفسد الايمان وقيل في معناها طهر ثيابك من النجاسة الحسية طهر ثيابك يتناول الطهارة المعنوية والطهارة الحسية وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر اي الاصنام وعبادة غير الله تبارك وتعالى قال فاذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث اذا دخل في الطهارة كالحدث اذا دخل في الطهارة المثال الذي ذكره المصنف مثال يجلي هذا الامر تجلية واضحة من الذي يعرفوا مكانة الطهارة في الصلاة ثم يقدم على ان يصلي وعليه حدث اسأل عامة المصلين اسأل من يصلي وقد عرف ان صلاته لا تقبل الا بماذا؟ بالطهارة هل من عرف ذلك اذا توجه للمسجد ثم احدث وهو في الطريق هل يستمر في سير المسجد او يبحث عن مكان يتطهر ثم يدخل يصلي طاهرا هذا امر معروف الامر تماما في باب العبادة العبادة لا تكون عبادة مقبولة الا اذا خلصت ونقيت وسلمت من الشرك فاذا دخل الشرك في العبادة افسد العبادة واتلفها قال فاذا عرفت ان الشرك اذا خالط العبادة افسدها واحبط العمل وصار صاحبه من المخلدين في النار عرفت ان اهم ما عليك معرفة ذلك عرفت ان اهم ما عليك معرفة ذلك اي معرفة الشرك لماذا تعرفه الشرك عرفنا انه اذا دخل في العبادة افسدها جعلها حابطة باطلة غير مقبولة اذا يجب علينا ان نعرف الشرك او لا يجب يجب علينا ان نعرف الشرك من اجل ماذا من اجل ان ننقي عبادتنا لله تبارك وتعالى منه ونصفيها منه ونجعلها خالصة ليس فيها شيء من الشرك فاذا يجب على كل مسلم ان يعرف الشرك من اجل ان يحذره عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه فان من لم يعرف الشر من الناس يقع فيه اذا لم يعرف الانسان الشرك وحقيقته ربما دخل الشرك في جوانب من عبادته فافسدها وهو في قرارة نفسه لا يزال يظن انه من اهل التوحيد ومن اهل لا اله الا الله بينما قد ادخل على نفسه اعمالا من الشرك تفسد ماذا تفسد عمله وعبادته وتحبط دينه ولهذا كان واجبا على كل مسلم ان يعرف الشرك من اجل ان يحذر الشرك ان يكون خائفا على نفسه من الوقوع في الشرك وتأمل دعوة امام الحنفاء ابراهيم الخليل عليه السلام قال واجنبني وبني ان نعبد الاصنام ربي انهن اظللن كثيرا من الناس ربي انهن اظللن كثيرا من الناس فاذا يجب على المسلم ان يعرف الشرك من اجل ان يحذره كما انه يجب عليه ان يعرف التوحيد من اجل ان يحققه ويكون من اهله قال اذا عرفت ان الشرك اذا خالط العبادة افسدها واحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار قوله احبط العمل يدل عليه قول الله في القرآن ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد اي وحده وكن من من الشاكرين العبادة فالشرك اذا دخل العبادة افسدها واحبط العمل وصار صاحبه من المخلدين في النار لقوله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء عرفت ان اهم ما عليك معرفة ذلك اي معرفة الشرك لتوقيه ومعرفة التوحيد لتحقيقه قال لعل الله ان يخلصك من هذه الشبكة لعل الله ان يخلصك من هذه الشبكة. وانظر هذا الوصف العجيب للشرك قال لعل الله ان يخلصك من هذه الشبكة الشرك شبكة شبكة وانتم تعرفون ان الشبكة لها ماذا الشبكة لها خيوط لها خيوط كثيرة ممتدة الاطراف هنا وهناك واذا لامس الانسان شيئا من خيوط هذه الشبكة ابتلي بها وامسكته وصار من اهلها ولهذا الشرك شبكة له خيوط له فروع كثيرة له انواع كثيرة له ابواب عديدة فاذا عرفت ان الشرك اخطر شيء وانه اذا دخل العبادة افسدها وابطلها وجب عليك ان تكون على معرفة بالشرك حتى تكون منه على حذر وتوق وبعد عنه وايضا هنا يفيدك هذا التعبير من مصنف بقوله هذه الشبكة ان الشرك له مجالات كثيرة وجوانب عديدة من خلالها يصطاد الناس ويخرجون عن الاخلاص والصفاء في العبادة لله تبارك وتعالى الى الوقوع في شبكة الشرك والعياذ بالله قال ان يخلصك من هذه الشبكة قوله رحمه الله لعل الله ان يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله يتطلب منك كما قدمت واعيد ذلك لاهميته ان تعرف الشرك وان تكون منه على حذر وان تسأل الله عز وجل ان يعيذك منه قد جاء في دعاء عظيم علمه النبي عليه الصلاة والسلام اصحابه عندما قال لهم لا الشرك فيكم اخفى من دبيب النمل ثم قال الا اخبركم بشيء اذا قلتموه اذهب الله عنكم قليل الشرك وكثيره؟ قالوا بلى قال تقولون اللهم انا نعوذ بك ان نشرك بك ونحن نعلم ونستغفرك لما لا نعلم فيدعو الانسان ربه جل وعلا ان يخلصه من الشرك ويعرف الشرك ويكون منه على حذر قال وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وهذه وردت في موضعين من سورة النساء قد توعد تبارك وتعالى المشرك الذي يموت على الشرك ويلقى الله سبحانه وتعالى مشركا بانه لا يغفر له بل يعذبه في النار ويخلده فيها ابد الاباد ولا مطمع له في رحمة الله ابدا. اذا مات على الشرك بالله جل وعلا ولهذا قال الله تعالى والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموت ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور. فالكافر يدخل الكافر المشرك يدخل يوم القيامة ويخلد فيها ابد الاباد ولا يخفف عنه من عذابها لا يخفف العذاب بل انه يزيد ولهذا قال جل وعلا في سورة النبأ فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا ولهذا قال بعظ المفسرين ان اشد اية على اهل النار هي قول الله تعالى فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا لانهم عندما يدخلون النار لا يزالون عندهم بعظ الامال من الامال ان ان ان يعادوا الى الدنيا مرة ثانية. ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل من الامال ان يقضى عليهم فيموتوا ويسلم من من هذا العذاب ومن هذه الشدائد هذه من الامال ومن الامال ان يخفف عنهم العذاب ولو قليلا ثم يأتيهم هذا الامر الذي يقطع عليهم كل الامال فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابه اي لن تنالوا في النار الا زيادة العذاب لا ينقطع ولا يخفف ولا يقضى على اهله فيموت بل لا يزال لا يزالون في العذاب ابد الاباد مخلدين في نار جهنم اجارنا الله واجاركم ووقانا ووقاكم فاذا يجب على العبد ان يكون على غاية الحذر من هذا الشرك الذي هو اخطر امر واعظم امر نهى الله سبحانه وتعالى عباده عنه ولهذا اول امر يصادفك في القرآن هو الامر بالعبادة واول نهي يصادفك في القرآن النهي عن الشرك فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون هذا اول شيء نهى الله عنه في القرآن الكريم ثم قال رحمه الله وذلك بمعرفة اربع قواعد ذكرها الله في كتابه وانتبه لقوله رحمه الله ذكرها الله في كتابه لتعلم من خلال ذلك ان الرجل رحمة الله عليه لا يأتي بشيء من نفسه لا يتكلف شيء من نفسه وانما يجمع للناس ما جاء في القرآن وما جاء في سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام قال وذلك بمعرفة اربع قواعد ذكرها الله في كتابه ثم ذكرها قاعدة قاعدة وذاكرا مع كل قاعدة دليلها وشاهدها من كتاب الله عز وجل وهي قواعد عظيمة جليلة كبيرة ينبغي على كل مسلم ومسلمة ان يحفظها ولعل اعظم هدية يقدمها منهج لاخوانه وجيرانه واهله ورفقائه ان يعرف هذه القواعد معرفة جيدة وان يقدمها هدية هي اثمن هدية يقدمها للجار وللقريب وللصديق وللحبيب وللرفيق اعظم ما يقدم له هذه القواعد العظام الكبار التي دل عليها كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والحديث له صلة ان شاء الله ونسأل الله عز وجل ان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يفقهنا في ديننا وان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمته امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر وان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات انه تبارك وتعالى غفور رحيم والله اعلم وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم والهمكم الله الصواب ووفقكم للحق غفر الله لنا ولكم وللمسلمين