بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله وصلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذه لقاءات في التعليق على التائية شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في موضوع الايمان بالقدر واصلها جواب على ايراد في ابيات شعرية من احد اهل الضلال يزعمها اشكالات بموضوع الايمان بالقدر وقد بنى ايراداته على توهمه ان معتقد اهل السنة والجماعة في الايمان بالقدر هو معتقد الجبرية الذين يقولون ان الانسان ليس له مشيئة ولا اختيار وانه مجبور على فعل نفسه فنظم هذا الظال ابياتا يورد فيها اشكالا على ما ظنه عقيدة لاهل السنة والجماعة فاجاب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بهذه الابيات التي جاءت على وزني وقافية ابيات المستشكل وكانت اجابة وافية شافية قاطعة دابر هذا الظال وغيره من اهل الضلال ولما كانت هذه الابيات اعني ابيات شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله جوابا على استشكالات اثارها هذا الرجل فانه من الحسن بين يدي دراسة هذه المنظومة وهذه الابيات المفيدة لطالب العلم من الحسن ان نبدأ بمقدمة لا تطول كثيرا تشتمل على جملة من الامور التمهيدية بين يدي دراسة هذا النظم النافع لشيخ الاسلام ابن تيمية وهذه المقدمة التي نبدأ بها ستكون في امور تأصيلية في باب الايمان بالقدر وبعض الاسس التي لا بد منها في هذا الموضوع العظيم الذي هو اصل من اصول الايمان واولى هذه المقدمات ان الايمان بالقدر ركن من اركان الايمان واصله من اصول الدين ودعامة من دعائمه العظام قال الله تبارك وتعالى ان كل شيء خلقناه بقدر وقال تعالى ثم جئت على قدر يا موسى قال تعالى وكان امر الله قدرا مقدورا وقال تعالى لمن شاء منكم ان يستقيم وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين قال تعالى ان الله على كل شيء قدير وقال تعالى الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن تتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما قال تعالى سبح اسم ربك الاعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والايات في هذا المعنى كثيرة جدا كذلك الاحاديث في سنة النبي عليه الصلاة والسلام كحديث جبريل المشهور عندما قال للنبي عليه الصلاة والسلام اخبرني عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وان تؤمن بالقدر خيره وشره وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال كل شيء بقدر حتى العجز والكيس قال صلى الله عليه وسلم ان الله كتب مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة قال صلى الله عليه وسلم اول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما اكتب؟ قال اكتب ما هو كائن الى يوم القيامة والاحاديث في هذا المعنى كثيرة وقد اجمع اهل العلم على ذلك وان الامور كلها بقدر الله عز وجل وانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وان العباد اشخاصهم واعمالهم كل ذلك مخلوق لله عز وجل فالله خالق كل شيء وهو تبارك وتعالى رب العالمين المدبر لهذا الكون المتصرف فيه كيف شاء بما شاء سبحانه وتعالى الامر الثاني او المقدمة الثانية ان سبيل معرفة هذا الاصل والعلم به هو التوقيف فليس للانسان ان يخوض في هذا الباب العظيم والامر الخطير بفكره المجرد وعقله القاصر او نحو ذلك من الطرائق بل الواجب عليه ان يمسك عن الخوض في هذا الباب الا في ضوء الدليل وما جاء في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ومن عدل عن التوقيف وعن الاعتماد على الكتاب والسنة لم يصل في هذا الامر الا الى الحيرة والاضطراب والوقوع في الظلال والباطل والسلامة للانسان في هذا الباب والعصمة وفي غيره من الابواب بالاعتماد على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم اعتصموا بحبل الله جميعا فاذا كان معتصما بكتاب الله عز وجل متمسكا بسنة نبيه عليه الصلاة والسلام امن العثار ووقي الزلل وحفظ من الخطأ والباطل ومن اعتمد على المصادر الاخرى والمنابع الاخرى لم يصل الا الى الباطل فالحق لا يهتدى اليه ولا يتوصل اليه الا من منبعه ومن معينه العذب كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه الامر ان هذا الموضوع العظيم الجليل الكبير الذي هو اصل من اصول الايمان كان موضع اهتمام اهل العلم في قديم الزمان وحديثه كيف لا وهو اصل من اصول الايمان واساس من اسسه العظام وكان حديث اهل العلم عنه وبيانهم له بظوء كتاب الله عز وجل في ذكر الاية وبيان معناها وذكر الحديث وبيان مقصوده ومراده وذكر مأثور عن السلف الصالح ويضاف الى ذلك عندهم رد شبهة باطلة او قول فاسد او تخرصات وظنون من اهل الباطل في هذا الباب فكلام اهل العلم من اهل السنة في موضوع الايمان بالقدر وفي موضوعات الدين الاخرى لا يتجاوز هذا فهم على الطريق لانهم على الاثر وهم في سفينة النجاة لتمسكهم بكتاب بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلوات الله وسلامه عليه كما قال الامام مالك رحمه الله السنة سفينة نوح فمن ركبها نجا ومن ومن تركها غرق وكان شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كثيرا ما يقول من ظل من فارق الدليل ظل السبيل ولا دليل الا بما جاء به الرسول ويقول ابن ابي العز رحمه الله في مقدمة شرحه لمتن الطحاوية قال كيف يرام الوصول الى علم الاصول بغير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم اي ان هذا غير متأت الامر الرابع ان انه يجب ان يعلم ان القدر سر الله تبارك وتعالى في خلقه كما يروى عن علي ابن ابي طالب رظي الله عنه انه قال القدر سر الله فلا تكشفني اي لا يحاول الانسان ان يخوض باب القدر بتعمق يتجاوز فيه حدا الدليل ما دل عليه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهذا جانب لا يمكن ان يصل اليه الانسان والخوض فيه خوض فيما لا يعني فيما لا يعني الانسان وما لا يجوز له الخوظ فيه فوجب على كل من اراد لنفسه الخير ان يلزم نفسه الدليل وبما جاء في كتاب الله عز وجل والا يخوض في هذا الباب فوضا بالفكر والعقل المجرد والبعد عن كلام الله وكلام رسوله صلوات الله وسلامه عليه يقول الطحاوي رحمه الله في متن الطحاوية المشهور واصل القدر سر الله تعالى في خلقه واصل القدر سر الله تعالى في خلقه لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل والتعمق والنظر لذلك ذريعة الخذلان وسلم الحرمان ودرجة الطغيان فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة فان الله تعالى طوى علم القدر عن انامه ونهاهم عن مرامه كما قال الله تعالى في كتابه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فمن سأل لم فعل فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين ولهذا ليس للانسان ان يخوض في هذا الباب بالتعمق والبحث عن سر القدر والكشف عنه بل ليس له الا ان يقتصر على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولا ينتظم للعبد ايمانه ودينه الا اذا امن بالقدر في ضوء ما دل عليه الدليل ولهذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما كلمة عظيمة تدل على مكانة الايمان بالقدر الذي امر الله سبحانه وتعالى عباده بالايمان به قال قال رحمه الله ورضي عنه القدر نظام التوحيد فمن وحد الله وكذب بالقدر نقض تكذيبه توحيده اي ان التوحيد لا ينتظم الا بالايمان بالقدر ومن وحد الله عز وجل ادعى انه موحد لله ومكذب بالقدر فان تكذيبه بالقدر نقض لتوحيده بالله الذي يدعيه ويزعمه وهدم لتوحيده فلا ايمان ولا توحيد الا بالايمان بقدر الله عز وجل وان الامور كلها بقدر الله ولهذا قال ابن ابي حاتم ولهذا قال ابن ابي داود في حائيته وبالقدر المقدور ايقن فانه دعامة عقد الدين والدين افيح فهو دعامة لعقد اي نظم الدين لا ينتظم الدين الا بهذه الدعامة وبهذا الاصل العظيم الذي لا بد ان يبنى ويقام على كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه جاء في الحديث وهذه مقدمة اخرى جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا ذكر القدر فامسكوا هو حديث صحيح ثابت عنه عليه الصلاة والسلام اذا ذكر القدر فامسكوا فما المراد بالامساك عن الكلام عند ذكر القدر هل المراد بذلك الامساك عن هذا الامر مطلقا ام ان المراد بالامساك عن الخوظ في هذا الباب في مجالات يحرم على الانسان ان يخوض فيها وهذه الجملة من من الحديث اذا ذكر القدر فامسكوا جاءت ضمن جمل عديدة كلها يطلب فيها الامساك عند ذكر امر من الامور وهي امور ثلاثة قال اذا ذكر القدر فامسكوا واذا ذكرت النجوم فامسكوا واذا ذكر اصحابي فامسكوا روى هذا الحديث الطبراني في معجمه الكبير وابو نعيم في الحلية وغيرهما من اهل العلم وقال الحافظ بن حجر رحمه الله فيفتح الباري سنده جيد وايضا جود اسناده الحافظ العراقي في كتابه المغني الذي خرج فيه احاديث الاحياء وايضا صححه الشيخ الالباني رحمه الله بالسلسلة الصحيحة والحديث ذكر فيه جمل ثلاث. كلها يطلب فيها الامساك قال اذا ذكر اصحابي فامسكوا ما المراد بالامساك عند ذكر الصحابة لا شك ان المراد بالامساك عن الخوض فيهم بالباطل او بالوقيعة فيهم او الذم لهم او الانتقاص من شأنهم وقدرهم او الخوض فيما شجر بينهم او نحو ذلك من الخوض اما ذكر الصحابة بذكر فضائلهم ومناقبهم ومآثرهم العظيمة فهذا لا لا يطلب الامساك عنه بل يطلب الخوض فيه ولهذا اعتنى العلماء رحمهم الله بتأليف مؤلفات كثيرة وواسعة في بيان فضائل الصحابة ومناقب الصحابة وسيرهم واخلاقهم ومآثرهم وكرروا هذا الموضوع تكرارا واسعا واعتنوا به عناية فائقة لما له من الاثار العظيمة والثمار الجليلة في حق من اطلع على سير هؤلاء ومناقبهم وكما قيل كرر علي حديثهم يا حادي فحديثهم يجلو الفؤاد الصاد وكذلك قوله اذا ذكرت النجوم فامسكوا المراد بالامساك عند ذكر النجوم اذا كان الخوض فيها خوضا باطلا الذي يسمى علم التأثير والتعلق بالنجوم ومحاولة معرفة الامور المغيبة او معرفة الامور المفقودة من خلال النظر في النجوم ومن اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر. زاد ما زاد اما اذا كان الكلام في النجوم من زاوية او ناحية تشرع كما قال الله عز وجل وعلامات وبالنجم هم يهتدون فهذا لا يمنع منه ولا ينهى عنه ومعرفة النجوم وجهاتها وامكنتها بتحديد القبلة ومعرفة الطريق فهذا لا ينهى عنه ولا يمنع منه مثل هذا تماما الجملة التي تتعلق بموضوعنا وهي قوله اذا ذكر القدر فامسكوا ليس المراد ان نمسك عن الكلام في القدر بضوء الادلة وبتلاوة الايات والاحاديث والمأثور عن السلف في ذلك بل الايات تتلى ويفهم معناها والاحاديث تقرأ ويفهم ايظا معناها ومدلولها يعرف المطلوب من المسلم في هذا الباب وما ينبني عليه الامام بالقدر وما يتطلبه من العبد المؤمن فكل ذلك يعتني به العبد واعتناؤه به اعتناء باصل من اصول الايمان ودعامة من دعائمه فنعود الى السؤال السابق وهو ما المراد بالامساك وما هي الامور التي يطلب من العبد ان يمسك عن الخوظ فيها في هذا الباب يمكن تلخيص ما يطلب الامساك عنه في هذا الباب في نقاط الاولى ان يكون الحديث فيه والكلام في مسائله بالاعتماد على العقل المجرد والفكر القاصر والاقيسة الباطلة فاذا كان الخوض في القدر بهذه الطريقة فانه خوض محرم والكلام فيه بهذه الطريقة كلام باطل يجب ان يمسك الانسان عن الخوظ في مسائل القدر بعقله المجرد او بما سماه الطحاوي رحمه الله وسوسة قال والحذر كل الحذر عن ذلك نظرا وفكرا ووسوسة اذا كان بالفكرة المجرد ووساوس الصدور فهذا لا يصل فيه الانسان الا الى الباطن ويجب عليه الا يسترسل مع الوساوس التي تكون في صدره والتساؤلات المحرمة لما فعل الله كذا ولم لم يفعل كذا ولم قدر كذا قال تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ولهذا جاء في في بعض الاثار ويقال انه جاء في بعض الكتب السابقة لا تقل لم خلق الله ولكن قل بما امر الله لا تقل لم خلق الله كذا ولكن قل بما امر الله لان قولك لم خوض فيما لا يعنيك ومن حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه والله عز وجل حكيم وافعاله كلها عن حكمة ولا يسأل تبارك وتعالى عما يفعل ولكن قل بما امر الله وسؤالك هذا بما امر الله؟ سؤال ينفعك لانك تعرف من خلاله ما يعنيك وهو ما امرك الله به وما دعاك الى القيام به بما امر الله فيتعرف على يتعرف العبد على الامور التي تعنيه وهي اوامر الله عز وجل وشرائعه واحكامه وما دعا العباد الى القيام به وفعله فهذا سؤال يعني العبد النقطة الثانية مما ينهى عنه البحث فيه على وجه عدم التسليم لاقدار الله جل وعلا وملاقاتها بالاعتراض بان يعترض الانسان على الله عز وجل او ان يكذب باقدار الله عز وجل وان يعترض على شيء منها او يتلقى شيئا منها بغير التسليم فالخوض اذا كان من هذا القبيل فهو خوظ باطل. يجب على العبد الا يخوض فيه الامر الثالث ان يكون على وجه التنازع والخصومة وهذا ايضا امر ينهى عنه وقد جاء في الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج على اصحابه يوما وهم يتنازعون في القدر فغضب عليه الصلاة والسلام غضبا شديدا حتى احمر وجهه عليه الصلاة والسلام كأنما فقئ في وجهه او في وجنتيه حب الرمان فقال عليه الصلاة والسلام بهذا امرتم ام بهذا ارسلت اليكم انما اهلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الامر عزمت عليكم الا تنازعوا فيه هو حديث حسن الاسناد رواه الامام الترمذي رحمه الله في جامعه ورواه غيره من اهل العلم التنازع بالقدر امر نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام فلا يكون فيه تنازع وانما يقتصر الانسان على الدليل والوقوف عنده والتسليم له وان يكون آآ حده في ذلك هو الدليل ولهذا جرت عادة اهل العلم في التصنيف في هذا الباب ذكر الامر وتقريره مقرونا بدليله او دلائله من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ايضا مما يدخل في ما يجب الامساك عنه بباب القدر الاسئلة الاعتراظية الاسئلة الاعتراظية على اقدار الله سبحانه وتعالى بان يتكلم في هذا الباب بطرح اسئلة يعترض فيها على الخالق العظيم والرب الجليل سبحانه وتعالى في تدابيره في خلقه وتصريفه لشؤون عبادة وقد مر معنا قول الله تبارك وتعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ايظا يدخل في هذا ما تقدمت الاشارة اليه وهو المحاولة عن كشف سر الله تبارك وتعالى في القدر ومر معنا ما يروى عن علي رضي الله عنه انه قال القدر سر الله فلا تكشفه ولهذا قال العلماء العلم علمان علم في الخلق موجود وعلم في الخلق مفقود فانكار العلم فانكار العلم الموجود كفر وادعاء العلم المفقود كفر العلم علمان علم في الخلق موجود وعلم في الخلق مفقود فانكار العلم الموجود كفر وادعاء العلم المفقود كفر ولا يثبت الايمان الا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود العلم الموجود بين العباد يؤمن به الانسان ويجتهد في معرفته وتعلمه والعلم المفقود يترك بحثه وطلبه لانه مفقود ولا سبيل له الى الحصول عليه ومن العلم المفقود علم القدر الذي هو سر الله جانب القدر الذي هو سر الله تبارك وتعالى الذي طوى جل وعلا علمه عن انامه ونهاهم عن مرامه كما تقدم معنا في كلام ابن ابي العز اي كل امر يتعلق بالجانب الغيبي ويتعلق بالامور المغيبة عن العباد وما لم يأتي بيانه في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام كل ما كان من هذا القبيل فهو من العلم المفقود الذي ادعائه كفر واما العلم الموجود فهو علم الشريعة في اصول الدين وفروعه فهذا يطلب ويسعى في تحصيله ومعرفته ونيله وان يعتني العبد بالدليل وبكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه الحديث الذي مر معنا فيه الجمل الثلاثة وقفت على اثر عظيم عن ابن عباس رضي الله عنه انتظم هذه الجمل الثلاثة وفي كلامه بيان للمراد بحديث النبي عليه الصلاة والسلام فعن ميمون ابن مهران قال قال لي ابن عباس رضي الله عنهما احفظ عني ثلاثا اياك والنظر في النجوم فانه يدعو الى الكهانة واياك والقدر وان فانه يدعو الى الزندقة واياك وشتم احد من اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيكبك الله في النار على وجهك فجمع رضي الله عنه الامور الثلاثة التي اجتمعت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم المتقدم ثم الى مقدمة اخرى من المقدمات التي هي بين يدي دراستنا لهذه المنظومة ما هو الايمان بالقدر وما هي حقيقة الايمان بالقدر بين يدي عدة نقول عن اهل العلم كلها من الكلام الجميل الحسن الذي قيل في بيان حقيقة الايمان بالقدر قال شيخ الاسلام ابن تيمية قال شيخ الاسلام ابن القيم رحمه الله في كتابه الشفاء العليم القدر عند اهل السنة قدرة الله تعالى وعلمه ومشيئته وخلقه فلا تتحرك ذرة فما فوقها الا بمشيئته وعلمه وقدرته وقال السفاريني رحمه الله في لوامع الانوار القدر عند السلف ما سبق به العلم وجرى به القلم مما هو كائن الى الابد وانه عز وجل قدر مقادير الخلائق وما يكون من الاشياء قبل ان تكون في الازل وعلم سبحانه وتعالى انها ستقع في اوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة فهي تقع حسب ما قدرها وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري المراد ان الله تعالى علم مقادير الاشياء وازمانها قبل ايجادها ثم اوجد ما سبق في علمه انه يوجد فكل محدث صادر عن علمه وقدرته وارادته وهذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطعية وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بعض رسائله القدر ايجاد الله تعالى الكائنات واحداثه لها حسب ما سبق به علمه واقتضته حكمته ينبغي ان تلاحظ في تعريف القدر ان يكون التعريف ليكون جامعا ان يكون شاملا لمراتب الايمان بالقدر التي لا ايمان بالقدر الا بالايمان بها وهي اربعة مراتب دل على كل واحد منها عشرات الادلة في كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه ويا العلم والكتابة والمشيئة والايجاد علم كتابة مولانا مشيئته وخلقه وهو ايجاد وتكوين فهذه مراتب اربعة للايمان بالقدر لا ايمان بالقدر الا بالايمان بها. ولهذا فان من المقدمات التي آآ الحديث جار عنها الان معرفة مراتب القدر الاربعة التي لا ايمان بالقدر الا بالايمان بها وايضا كما قدمت ينبغي ان يلاحظ في التعريف ليكون جامعا ان يجمع هذه المراتب كما نلاحظ ذلك في تعريف ابن القيم عندما قال القدر عند اهل السنة قدرة الله تعالى وعلمه ومشيئته وخلقه فهذا هو الايمان بالقدر ان نؤمن ان علم الله عز وجل محيط بكل شيء وان الله عز وجل كتب ما هو كائن في اللوح المحفوظ وان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وانه تبارك وتعالى الخالق لكل شيء جل وعز وانه تبارك وتعالى الخالق لكل شيء فالايمان بالقدر لا يصح من العبد الا اذا امن بهذه المراتب الاربعة التي لا ينتظم ايمان العبد بقدر الله عز وجل الا بايمانه بها ونقف مع كل مرتبة من هذه المراتب وقفة مختصرة الاولى العلم ان تؤمن بان الله عز وجل احاط بكل شيء علما واحصى كل شيء عددا وانه عز وجل علم ما كان وعلم ما سيكون وعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون وان علمه عز وجل محيط بكل شيء لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض ولا اصغر من ذلك ولا اكبر احاط بكل شيء علما الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير والدلائل على تقرير هذا الاصل كثيرة في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه قال تعالى هو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش يعلم ما ينزف الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم اينما كنتم. والله ما تعملون بصير قال تعالى ان الله بكل شيء عليم وقال تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كان ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ان الله بكل شيء عليم فعلم الله سبحانه وتعالى والادلة عليه وانه سبحانه وتعالى احاط بكل شيء علما واحصى كل شيء عددا كثيرا بكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام والمرتبة الثانية الايمان بالكتابة ان الله عز وجل كتب كل ما هو كائن الى يوم القيامة في اللوح المحفوظ وكل شيء فعلوه في الزبر وكل صغير وكبير مستقر ان ذلك في كتاب ان ذلك على الله يسير يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب جاء في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال ان الله كتب مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وجاء في الحديث انه عليه الصلاة والسلام قال اول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما اكتب؟ قال اكتب ما هو كائن الى يوم القيامة فمن الايمان بالقدر الايمان بالكتابة وان الله عز وجل كتب في اللوح المحفوظ كل ما هو كائن الى يوم القيامة كتب في اللوح المحفوظ آآ الاعيان والافعال الذوات والاعمال كل ذلك مقدر ومكتوب في اللوح المحفوظ ولا يقع حركة او فعل او عمل من العباد الا وهو مكتوب في اللوح المحفوظ وفي ضوء ما كتب في اللوح المحفوظ يجري الفتى والمسن كما قال الامام الشافعي رحمه الله في ابياته في القدر قال ما شئت كان وان لم اشأ وما شئت ان لم تشأ لم يكن خلقت العباد على ما علمت وفي العلم يجري الفتى والمسن على ذا مننت وهذا خذلت وهذا اعنت وذا لم تعن فمنهم شقي ومنهم سعيد ومنهم قبيح ومنهم حسن والمرتبة الثالثة الايمان بمشيئة الله عز وجل النافذة وقدرته الشاملة سبحانه وتعالى وان كل ما يقع في هذا الكون يقع بمشيئته سبحانه وانه جل وعلا قدير على كل شيء ولمعرفة الفرق بين المشيئة النافذة والقدرة الشاملة فهما يجتمعان فيما كان وفيما سيكون ما كان وما سيكون آآ الله عز وجل قدير عليه وعلى كل شيء ومشيئته نفذت فيما كان وتنفذ فيما سيكون ولهذا يقع وفق مشيئة الله سبحانه وتعالى النافذة ويفترقان فيما لم يكن ولا يكون بان الله قدير عليه ان الله على كل شيء قدير ولم تنفذ فيه المشيئة لانه لو نفذت المشيئة لوجد ولكان وفق مشيئة الله سبحانه وتعالى الامر الرابع الايمان بان الله عز وجل الخالق لكل شيء كما ان الامور بمشيئته وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين قول سبحانه وتعالى الخالق لكل شيء كما قال تعالى والله خلقكم وما تعملون وكما قال تعالى الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل وكما قال تعالى الحمد لله رب العالمين فالايمان الا القدر منه الايمان بان الله عز وجل الخالق لكل شيء فاذا هذه مراتب الايمان بالقدر الاربعة التي لا ايمان بالقدر الا بالايمان بها. العلم والكتابة والمشيئة والايجاز وكل ما يكون في هذا الكون من حركة او سكون او قيام او قعود او هداية او ظلال او كفر او ايمان او صحة او مرض اب او غير ذلك كل ذلك بقدر الله عز وجل علمه سبحانه وكتبه وشاءه واوجده سبحانه وتعالى كما شاء هذا الاجتماع الذي اجتمعنا له ويسر الله عز وجل هذا الجلوس لاجله في في مدارسة هذا الموظوع المهم امر علمه الله تبارك وتعالى في الازل وكتبه تبارك وتعالى في اللوح المحفوظ وشاءه تبارك وتعالى واوجده فله الحمد تبارك وتعالى اولا واخرا وظاهرا وباطنا ونسأله تبارك وتعالى ان يجعل كل قضاء قضاه لنا خيرا وان يهدينا اليه صراطا مستقيما وان يعيذنا من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا وان لا يكلنا الا اليه وان يهدينا اليه صراطا مستقيما وان يعيذنا من مظلات الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم لك اسلمنا وبك امنا وعليك توكلنا واليك انبنا وبك خاصمنا نعوذ بعزتك لا اله الا انت ان تضلنا فانت الحي الذي لا يموت والجن والانس يموتون فهذه بعض المقدمات في هذا الموضوع وايضا سيأتي بعض المقدمات الاخرى ثم نشرع في الكلام اه على على هذه المنظومة ونكتفي اليوم بهذا القدر والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين محاولة الا يسألك الناس عن الساعة قل انما علمها عند الله. وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت فعلم الساعة عند الله في حديث جبريل قال اخبرني عن الساعة؟ قال ما المسؤول عنها؟ باعلم من السائل قال اخبرني عن اماراتها ولهذا بعض من حاول الخوظ في هذا الباب بناء على بعض التقديرات او الظنون او نحو ذلك وصلت السنوات التي ذكروها وتجاوزتها بكثير السنوات التي ذكروا ان الساعة تقوم فيها مضت من سنوات فكل هذا خوف لا دليل عليه في كتاب الله والله عز وجل جعل هذا الامر امرا مغيبا قد قال تعالى في صفة المؤمنين هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب فهو امر مغيب ولا يدري احد متى تقوم الساعة ولما قال رجل للنبي عليه الصلاة والسلام متى الساعة؟ صرفه عن هذا السؤال الذي ليس للانسان سبيل الى معرفته ودله الى الامر الاهم دله الى الامر الاهم. قال متى الساعة؟ قال ماذا اعددت لها؟ هذا الذي ينبغي ان تبحث عنه وتسأل عنه ماذا اعددت لها بعضهم يضرب مثال للتوضيح والامثلة يقصد منها تقريب المعاني وتوظيحها يقول مثل ذلك مثل اقوام قيل لهم العدو اقبل عليكم فبعضهم انشغلوا بالسؤال متى يصل؟ تقريبا متى وصوله يصل بعد ساعة ولا ساعتين ولا اربع ساعات والاخرين تجهزوا وبدأوا يستعدون بدأوا بالاستعداد لملاقاته ومقابلته فاي القسمين احظى بالغنيمة شخص جالس لا يعمل يبحث متى يصل وهل اقترب ومتى وصوله والاخر بدأ يعمل فهذا مثال للتوضيح في جانب معين في هذه المسألة للتوضيح في جانب معين قال متى الساعة؟ قال ماذا اعددت لها ماذا اعددت لها؟ يعني هذا الذي ينبغي ان تنصرف الهمة له آآ وهو ما اعده الانسان للساعة ومما ينبغي ان يعلم هنا ان كل من مات قامت قيامته وجاءت ساعته من مات قامت قيامته وجاءت ساعته والانسان آآ لا يدري متى يموت قد يموت بعد ساعة بعد يوم بعد شهر بعد شهرين ولهذا الانفع للعبد والاصلح له ان يصرف همته واهتمامه الى اه الاستعداد ليوم المعاد وتزودوا فان خير الزاد التقوى نعم نعم جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم السؤال قال الله عز وجل عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصد يطلع الله عز وجل اه انبياؤه على بعض غيبه لحكم منها التأييد والتثبيت والله جل وعلا اطلع نبيه وجاء في حديث الكسوف عندما كسفت الشمس ولم تكسف الشمس في حياته الا مرة واحدة فصلى عليه الصلاة والسلام بهم صلاة رأوه فعل امرا في في في الصلاة لم يفعله في صلواتهن رأوه وهو يصلي تقدم الى الامام ومد يده كانه يريد ان يأخذ شيئا ثم رأوه رجع الى الوراء كأنه خائف من شيء ولما قضى صلاته سألوه قال رأيت الجنة والنار والصحابة خلفهما رأوا شيئا. وهو عليه الصلاة والسلام رآها بعينيه وشاهدها ومد يده لا عناقيد العنب في الجنة. وقال للصحابة لو قطفت منها عنقودا لاكلتم منه ما بقيت الدنيا وقال رأيت النار ورأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار ورأى في النار امرأة دخلت النار في هرة رآها عليه الصلاة والسلام وحدث عليه الصلاة والسلام باشياء قيم مغيبة فهذه جوانب اطلع الله عز وجل لا نبيه عليه الصلاة والسلام عليها وليس لنا معرفة في في شيء من هذه الامور الا في حدود ما اخبر النبي عليه الصلاة والسلام به ما اخبر به الصحابة ونقله الصحابة الى ما من بعدهم كما يوجد في الكتب او في الاحاديث الصحاح الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام من الامور التي ستقع او توجد او كذلك ذكر امور او اعمال او اشياء من هذا القبيل فكل ذلك نؤمن به وما لم يذكر فهو مما طوي عنا ولا سبيل لنا الى العلم به ولا يجوز لنا الخوض في شيء منه. نعم الفرق بين القضاء والقدر اهل العلم لهم كلام في الفرق بينهما واحسن ما قيل ان القضاء والقدر هما من الالفاظ التي يقال فيها اذا اجتمعت افترقت واذا افترقت اجتمعت مثل ما قال ابن رجب رحمه الله في كتابه جامع العلوم والحكم قال ان من الاسماء ما يكون شاملا لمسميات متعددة عند افراده واطلاقه فاذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالا على بعض تلك المسميات والاسم المقرون به دال على باقيها القضاء والقدر من هذا القبيل اذا ذكر القضاء مفردا يشمل معنى القدر واذا ذكر القدر مفردا يشمل معنى القضاء واذا ذكرا معا اذا ذكر معا فان القضاء يدل على بعض آآ المسميات والقدر يدل على باقي المسميات والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين