الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول شيخ الاسلام احمد ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتوى الحموية الكبرى وجماع الامر ان الاقسام الممكنة في ايات الصفات واحاديثها ستة اقسام كل قسم عليه طائفة من اهل القبلة قسمان يقولان تجري على ظواهرها وقسمان يقولان هي على خلاف ظاهرها وقسمان يسكتون اما الاولان فقسمان احدهما من يجريها على ظاهرها ويجعل ظاهرها من جنس صفات المخلوقين. فهؤلاء المشبهة ومذهبهم باطل انكره واليه توجه الرد بالحق. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه. وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذه خاتمة ختم بها رحمه الله تعالى فتواه الحموية ذكر فيها الاقسام الممكنة في هذا الباب باب الاسماء والصفات وان الناس في هذا الباب ينقسمون الى ستة اقسام كل هذه الاقسام انحرفت عن الحق الذي كان عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم الا قسم واحد من هذه الاقسام وهو من امر هذه النصوص كما جاءت وامن بها كما وردت واجراها على ظاهرها اللائق بجلال الله وكماله وعظمته سبحانه وتعالى وجانب ما عليه اهل الضلال من تحريف او تعطيل او تكييف او تمثيل وبين باختصار ما يتعلق بكل قسم من هذه الاقسام الستة فذكر من هذه الاقسام من يجريها على ظاهرها ويجعل ظاهرها من جنس صفات المخلوقين يجريها على ظاهرها اي ان نصوص الصفات عنده على ظاهرها وظاهرها وظاهرها عنده وظاهرها عنده هو مماثل صفة المخلوق مماثل لصفة المخلوق فمثلا عندما يقرأ بل يداه مبسوطتان يقول الاية على ظاهرها وظاهرها انها يدان كيدي المخلوق تعالى الله عما يقول علوا كبيرا وهذا كفر بالله لان تشبيه الله سبحانه وتعالى بالمخلوقات هذا باب من ابواب الكفر وهو كفر اكبر والله يقول وهو السميع البصير ويقول جل وعلا هل تعلم له سم يا ويقول ولم يكن له كفوا احد. ويقول فلا تضربوا لله الامثال ويقول فلا تجعلوا لله اندادا تنزه وتقدس وتعالى عن النظير والشبيه والمثيل فهؤلاء قال هم المشبهة ومذهبهم باطل انكره السلف واليه توجه الرد بالحق ومعنى توجه اي ظهر وبان الرد بالحق اي فيما جاء من النصوص وفي تقريرات ائمة السلف رحمهم الله تعالى فانكار هذه الضلالة الباطلة ظلالة المشبهة نعم قال رحمه الله تعالى والثاني من يجريها على ظاهرها اللائق بجلال الله كما يجري ظاهر اسم العليم والقدير والرب والاله والموجود والذات ونحو ذلك على ظاهرها اللائق بجلال الله فان ظواهر هذه الصفات في حق المخلوقين اما جوهر محدث واما عرض قائم به فالعلم والقدرة والكلام والمشيئة والرحمة والرضا والغضب ونحو ذلك في حق العبد اعراظ والوجه واليد والعين في حقه اجسام فاذا كان الله موصوفا عند عامة اهل الاثبات بان له علما وقدرة وكلاما ومشيئة وان لم يكن ذلك عرظا يجوز عليه ما يجوز على صفات المخلوقين جاز ان يكون وجه الله ويداه ليست اجساما ويجوز عليها ما يجوز على صفات المخلوقين يجوز بدون واو جاز ان يكون وجه الله ويداه ليست اجساما يجوز عليها ما يجوز على صفات المخلوقين وهذا هو المذهب الذي حكاه الخطابي وغيره من السلف وعليه يدل كلام جمهورهم وكلام الباقين لا يخالفه وهو امر فان الصفات كالذات فكما ان ذات الله ثابتة حقيقة من غير ان تكون من جنس المخلوقات فصفاته ثابتة حقيقة من غير ان تكون من جنس صفات المخلوقات فمن قال لا اعقل علما ويدا الا من جنس العلم واليد المعهودين قيل له فكيف تعقل ذاتا من غير جنس ذوات المخلوقين ومن المعلوم ان صفات كل موصوف تناسب ذاته وتلائم حقيقته فمن لم يفهم من صفات الرب الذي ليس كمثله شيء الا ما يناسب المخلوق فقد ظل في عقله ودينه وما احسن ما قال بعضهم اذا قال لك الجهمي كيف استوى وكيف ينزل الى السماء الدنيا وكيف يداه ونحو ذلك؟ فقل كيف هو في نفسه فاذا قال لك لا يعلم ما هو الا هو. وكنه الباري غير معلوم للبشر فقل له فالعلم بكيفية الصفة مستلزم العلم بكيفية الموصوف فكيف يمكن ان تعلم بكيفية صفة الموصوف ولم تعلم كيفيته وانما تعلم الذات والصفات من حيث الجملة على على الوجه الذي ينبغي له بل هذه المخلوقات في الجنة قد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال ليس في الجنة مما في الدنيا الا الاسماء وقد اخبر الله انه لا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين. واخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان في الجنة ما لا عين امرأة ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فاذا كان نعيم الجنة وهو خلق من مخلوقات الله كذلك فما الظن بالخالق سبحانه وتعالى وهذه الروح التي في بني ادم قد علم العاقل اضطراب الناس فيها وامساك النصوص عن بيان كيفيتها افلا يعتبر العاقل بها عن الكلام في كيفية الله تعالى مع انا نقطع بان الروح في البدن وانها تخرج منه وتعرج الى السماء وانها تسل منه وقت النزع كما نطقت بذلك النصوص الصحيحة. لا نغالي في تجريدها غلو والمتفلسفة ومن وافقهم حيث نفوا عنها الصعود والنزول والاتصال بالبدن والانفصال عنه وتخبطوا فيها حيث رأوها من غير جنس البدن وصفاته فعدم مماثلتها للبدن لا ينفي ان تكون الصفات ثابتة لها بحسبها الا ان يفسروا كلامهم بما يوافق النصوص فيكونون قد اخطأوا في اللفظ وانى لهم بذلك هذا بيان القسم الثاني من الاقسام الممكنة في باب الصفات ذكر فيه رحمه الله تعالى ما عليه اهل السنة والجماعة هو اجراء النصوص نصوص الصفات على ظاهرها والايمان بها كما جاءت مع اعتقاد ان الظاهر المتبادر من هذه النصوص هو معنى يليق بالله سبحانه وتعالى لا يماثل ولا يشابه الوصف الذي في المخلوقين واذا قال قائل لا نعقل يدا الا من جنس هذا الذي نراه في الشاهد او لا نعقل وجها الا من جنس ما نراه في الشاهد او نحو ذلك فهذا له جوابه كما بين اهل العلم لان اضافة الصفة الى موصوف معين فان الصفة تليق بهذا الموصوف الذي اضيفت اليه وهذا امر نعلمه في الشاهد فالصفة باعتبار من اضيفت اليه فاذا اضيفت الصفة الى من ليس كمثله شيء كانت الصفة ليس كمثلها صفة كما قال الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ويقال لهذا القائل انا لا نعقل في في في باب الصفات الا ما نراه في الشاهد. يقال له الست تثبت له ذاتا لا كالذوات فالقول في الصفات كالقول في الذات كما انك تثبت ذات له لا كالذوات فاثبت له سبحانه وتعالى صفات الله كالصفات وهذا هو الواجب لان صفات الله سبحانه وتعالى تليق بعظمة الله وجلاله وكماله وهي ثابتة له جل وعلا وهو سبحانه وتعالى منزه عن صفات المخلوقين كما قال جل في علاه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير واذا بحث انسان عن الكيفية فان كيفية صفات الله تبارك وتعالى ليست معلومة كما قال ائمة السلف امروها كما جاءت بلا كيف كما قال الامام مالك والكيف غير معقول وفي رواية والكيف مجهول يقول شيخ الاسلام رحمه الله وما احسن ما قال بعضهم اذا قال لك الجهمي كيف استوى وكيف ينزل الى السماء الدنيا؟ وكيف يداه ونحو ذلك؟ فقل له كيف هو في نفس الامر يعني اخبرنا عن كيفية الذات فاذا قال لك لا يعلم ما هو الا هو وكنه الباري غير معلوم للبشر فقل له فالعلم بكيفية الصفات مستلزم للعلم بكيفية الموصوف لان القول فالصفات فرع عن القول في الذات فكيف يمكن ان تعلم بكيفية صفة الموصوف ولم تعلم كيفيته اي كيفية ذاته وانما تعلم الذات والصفات من حيث الجملة عن الوجه الذي ينبغي لك بل هذا المخلوق في الجنة فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال ليس في الدنيا مما في الجنة الا الاسماء وهذا مثال ذكره رحمه الله تعالى يبين ذلك اذا كان ما يتعلق بنعيم الجنة وقد ذكر في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. ذكر العنب ذكر الرمان ذكر العسل ذكرت الانهار ذكرت الاشجار ويقول ابن عباس رضي الله عنهما ليس في الدنيا مما في الجنة الا الاسماء عنب في الجنة لكن ليس كعنب الدنيا وفي صلاة الكسوف تقدم النبي صلى الله عليه وسلم ثم اخبر الصحابة انه رأى الجنة وقال مددت يدي لاقطف عنقودا من عنبها ولو قطفته لاكلتم منه ما بقيت الدنيا عنقود واحد لكنتم منها اي جميع الناس الى نهاية الدنيا فلا يقارن نعيم بنعيم لا يقارن عنب بعنب. فاذا كان هذا في المخلوقات في الجنة عنب والدنيا عنب وهو وهو في الدنيا عنب حقيقي وفي الجنة عنب حقيقي لكن ليس العنب كالعنب هذا نعلمه من هذه المخلوقات فكيف في الفرق بين الخالق والمخلوق سبحانه وتعالى كيف في الفرق بين الخالق والمخلوق سبحانه وتعالى لو قال لنا قائل يلزم من وجود عنب في الدنيا ان يكون مثل عنب الدنيا لو قال قال يلزم من وجود عنب في الاخرة ان يكون مثل عنب الدنيا تماما لا نعلم عنبا الا هذا الذي نراه ماذا تقولون له لو قال قائل لا نعلم لو كان في الدنيا عنب فلا نعلم عنبا لو كان في الجنة عنب لا نعلم عنبا الا هذا الذي نراه في الدنيا يقبل كلامه والله يقول فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين. النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فلا يلزم ذلك اذا كان لا يلزم ذلك فالفرق بين مخلوق ومخلوق فهل يقبل قول القائل لا نعلم يدا الا كما نرى في الشاهد هذا كلام من لا يفهم ومن لا يعقل بل من لا يعظم ربه سبحانه وتعالى ولا يقدر ربه حق قدره كيف يقول قائل لا نعلم يدا الا هذه التي نراها في الشاهد ورب العالمين يقول وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون وذكر رحمه الله تعالى مثالا اخر يوضح هذا الامر هذه الروح التي في كل انسان ولها صفات عديدة جاء وصفها بها في الكتاب والسنة مثل انها تصعد وتنزل وتقبظ وتنتشر في البدن الى غير ذلك من الصفات وهي روح حقيقية لها اوصاف ولا نعلم كيفيتها ولا نعلم كيفيتها. فاذا كان كل انسان عاجز عن معرفة كيفية هذه الروح التي بين جنبيه فلا ان يكون عاجزا عن معرفة كيفية خالق المخلوقات من باب اولى نعم قال رحمه الله تعالى واما القسمان اللذان ينفيان ظاهرها اعني الذين يقولون ليس لها في الباطن مدلول هو صفة الله تعالى قط وان الله لا صفة له ثبوتية بل صفاته اما سلبية واما اضافية وان السلبية يراد بها النفي السلبية يراد بها النفي والاظافية مر مع معنا ذكرها يقصدون بها اه مهيتين لا تعقل واحدة منهما الا مع تعقل الاخرى يعني يمثلون لها بالابوة والبنوة والمراد به عندهم الصفات الاضافية رحيم آآ يرحم بلا رحمة قائمة به. وهذا شيء لا يتصور نعم واما مركبة منهما او يثبتون بعض الصفات السبعة او الثمانية او الخمس عشرة او يثبتون الاحوال دون الصفات كما عرف من مذاهب المتكلمين فهؤلاء قسمان اثبات الاحوال هذه بدعة لفرقة من فرق المعتزلة يقال لها البهسية يعني نسبة الى ابي هشام الجباية احد كبار المعتزلة وكما ذكر العلماء هذه الاحوال التي يعنيها ببدعته هذه من الامور التي لا تعقل من الامور التي لا تعقل نعم فهؤلاء قسمان قسم يتأولونها ويعينون المراد مثل قولهم استوى بمعنى استولى او بمعنى علو المكانة والقدر او بمعنى ظهور نوره للعرش او بمعنى انتهاء الخلق اليه الى غير ذلك من معاني المتكلفين وقسم يقولون الله اعلم بما اراد بها لكننا نعلم انه لم يرد اثبات صفة خارجة عما علمنا هذا ذكر للقسمين آآ اللذان ينفيان آآ الظاهر ويقلن نصوص الصفات ليست على ظاهرها وذكر ان هؤلاء منهم من يقول هي على ظاهرها ويتأولها بانواع التأويلات يقول مثلا الاستواء الاستيلا اليد النعمة الغضب ارادة الانتقام الرحمة ارادة الانعام وهكذا ينفي ظاهرها ويتأول النص بإثبات معاني بعيدة ليست هي المرادة من النص والقسم الثاني من ينفي ظاهرها ويقول هي مؤونة مصروفة عن ظاهرها لكن الله اعلم بتأويلها القسم الاول هم المؤولة والثاني المفوضة. نعم وكل من المؤولة والمفوضة اهل تأويل لكن المؤولة تأويلهم مفصل والمفوضة تأويلهم مجمل نعم قال رحمه الله تعالى واما القسمان الواقفان فقسم يقولون يجوز ان يكون المراد ظاهرها الاليق ظاهرها الاليق بجلال الله ويجوز الا يكون المراد صفة لله ونحو ذلك. وهذه طريقة كثير من الفقهاء وغيرهم وقوم يمسكون عن هذا كله ولا يزيدون عن تلاوة القرآن وقراءة الحديث معرضين بقلوبهم والسنتهم عن هذه التقديرات هذان القسمان الاخيران وصفهما بالواقفين قسمان الواقفان فقسم مضطرب في هذا الباب يقول يجوز ان تكون على ظاهرها ويجوز الا يكون المراد صفة لله سبحانه وتعالى وقسم يمسك عن هذا كله ولا يزيد على تلاوة اه القرآن وربما ان انه يظن ذلك ان من باب الورع لكن الايمان حقيقة لا يكون الا اثبات معاني هذه النصوص لم تأتي هذه النصوص لتقرأ قراءة مجردة دون ان تفهم والله سبحانه وتعالى قال افلم يتدبروا القول وقال كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته واعظم ما في كتاب الله سبحانه على ما يتعلق بالرب العظيم من ذكر لاسمائه وصفاته الدالة على عظمته افيكون حظ المرء من هذا الباب العظيم من كتاب الله سبحانه وتعالى ونصيبه منه مجرد القراءة دون فهم نعم قال رحمه الله تعالى فهذه الاقسام الستة لا يمكن لا يمكن لا يمكن الرجل ان يخرج عن قسم منها والصواب في كثير من ايات الصفات واحاديثها القطع بالطريقة الثابتة كالايات والاحاديث الدالة على ان الله سبحانه فوق وتعلم طريقة الصواب في هذا وامثاله بدلالة الكتاب والسنة والاجماع على ذلك دلالة لا تحتمل النقيض وفي بعضها قد يغلب على الظن ذلك مع احتمال النقيض وتردد المؤمن وتردد المؤمن في ذلك هو بحسب ما يؤتاه من العلم والايمان ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ومن اشتبه عليه ذلك او غيره فليدعو بما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام من الليل يصلي يقول اللهم رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك. انك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم وفي رواية لابي داوود كان يكبر في صلاته ثم يقول ذلك فاذا افتقر العبد الى الله ودعاه وادمن النظر في كلام الله وكلام رسوله وكلام الصحابة والتابعين وائمة المسلمين انفتح له طريق الهدى هذا هذه وصية عظيمة جدا يوصي بها شيخ الاسلام هنا وكثيرا ما كان رحمه الله تعالى يوصي بهذه الوصية وحقيقة جدير بكل مسلم ان يعتني بهذه الوصية العظيمة وهي تتلخص في امرين الاول الدعاء وصدق اللجوء الى الله سبحانه وتعالى الذي بيده ازمة الامور والهداية بيد الله وهي منة الله سبحانه وتعالى على من شاء من عباده فكثيرا ما كان يوصي شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بالعناية بهذه الدعوة ولا سيما من اشتبهت عليه الامور والتبس عليه الطرق واضطربت الاحوال فيجد مثلا اناسا يقولون كذا واخرون يقولون كذا ولم يتبين له في ذلك الحق والهدى فليلجأ الى الله وليضرع اليه بهذه الدعوة التي كان نبينا عليه الصلاة والسلام يستفتح بها صلاته من الليل ولهذا جاء في رواية للحديث يكبر في صلاته اي من الليل ثم يقول ذلك. ان يستفتح بها صلاته من الليل. اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل عالم الغيب فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم فاذا صدق العبد مع الله والح عليه سبحانه وتعالى لم يخيبه الله فهو جل وعلا لا يرد عبدا دعاه ولا يخيب مؤمنا ناجاه ولا سيما اذا قام في الثلث الاخير من الليل ومن احرى اوقات الاجابة ينزل ربنا الى سماء الدنيا في ثلث الليل الاخر فيقول من يسألني فاعطيه؟ من يدعوني فاستجيب له؟ من يستغفر فاغفر له فاذا قام من الليل وحافظ على هذه الدعوة مستفتحا بها صلاته من الليل صادقا مع الله في لجوءه اليه جل وعلا هداه الله عز وجل الى الصراط المستقيم الامر الثاني ادمان النظر في كلام الله وكلام رسوله وكلام الصحابة والتابعين لهم باحسان. يكثر من النظر في كتاب الله وفي السنة سنة النبي عليه الصلاة والسلام وفي آآ اقاويل السلف وكتب ائمة السلف يكثر النظر فيها والقراءة فيها فاذا جمع بين هذين الامرين اللجوء الى الله وبذل هذه الاسباب النافعة انفتح له طريق الهداية نعم قال رحمه الله تعالى ثم ان كان قد خبر نهايات اقدام المتفلسفة والمتكلمين في هذا الباب وعرف غالب ما يزعمونه برهانا وهو شبهة رأى ان غالب ما يعتمدونه يؤول الى دعوة لا حقيقة لها او شبهة مركبة من قياس فاسد او قضية كلية لا تصلح الا جزئية او دعوة اجماع لا حقيقة له او التمسك في المذهب والدليل بالالفاظ المشتركة ثمان ذلك اذا ركب بالفاظ كثيرة طويلة غريبة عن من لم يعرف اصطلاحهم اوهمت الغر ما يوهمه السراب للعطشان ازداد ايمانا وعلما بما جاء به الكتاب والسنة فان الظد يظهر حسن الظد وكل من كان بالباطل اعلم كان للحق اشد تعظيم وبقدره اعرف فاما المتوسط من المتكلمين فيخاف عليه ما لا يخاف على من لم يدخل فيه وعلى من قد انهاه نهايته فان من لم يدخل فيه هو في عافية. ومن انهاه قد عرف الغاية فما بقي يخاف من شيء اخر فاذا ظهر له الحق وهو عطشان اليه قبله واما المتوسط فمتوهم بما تلقاه من المقالات المأخوذة تقليدا لمعظمه تقليدا لمعظمه وتهويلا وقد قال الناس اكثر ما يفسد الدنيا نصف متكلم ونصف متفقه ونصف متطبب ونصف نحو هذا يفسد الاديان انا وهذا يفسد البلدان وهذا يفسد الابدان وهذا يفسد اللسان. هنا يذكر رحمه الله تعالى ما يتعلق علم الكلام وعلماء الكلام وان من دخل في علم الكلام لا يخلو اما ان يكون مبتدئ او ان يكون متوسط او ان يكون منتهي فبين اولا ما يتعلق بمن بلغوا في علم الكلام نهايته من بلغوا في علم الكلام نهايته من يطالع سير هؤلاء يجد انهم اعلنوا في نهاية هذا المطاف الطويل والعمر الطويل في هذا العلم انهم لم يصلوا الا الى طريق مغلقة لا توصل الى الحق ولا يتبين من خلالها هدى بل لا تصل بصاحبها الا الى الشك والاضطراب كما قال القائل نهاية اقدام العقول عقال. واخر سعي العالمين ضلال لم نستفد من جمعنا طول عمرنا سوى ان جمعنا قيل وقالوا هذه نهاية من دخل في في في في هذا العلم وبلغ منتهاه لا يصل الا الى الشك والحيرة والاضطراب. وسبق في اول اوائل هذا الكتاب ان نقل الشيخ رحمة الله عليه عليه نقولات عديدة عن عدد من هؤلاء اعلنوا ذلك اعلنوا حيرتهم واضطرابهم وانهم لم يحصلوا او لم يصلوا من خلال هذا العلم لم يصلوا الى نتيجة وبعضهم كانت عبارته في هذا الباب ان الطريق مسدود ان الطريق يعني مسدود لبلوغ الحق من خلال هذا العلم علم الكلام وان نهاية من يدخل هذا الطريق لا يصل الا الا الى ظلال الفاظ كلها حول هذا المعنى فمن رأى في سير هؤلاء اعتبر واتعظ يقول اذا كان هؤلاء لم يصلوا الا الى طريق مسدود فالسعيد من اتعظ بغيره ارأيتم لو ان شخصا اراد السفر الى وجهة معينة الى بلد ما وسلك طريقا وصل الى نهايته وتعب في الطريق من حفر ومؤذيات هوام وغير ذلك الى ان وصل في النهاية وتبين انها ليس هو الطريق مغلق الطريق ورجع وصل اليك وقد رجع منه وسألته وانت تريد نفس المكان وقال لك انا مشيت وتعبت وحصل لي كذا الى اخره وجدته مغلق هل العاقل يدخل طريقا مثل ذلك وقد شهد اساطينه واكابره انهم لم يحصلوا الا الحيرة والضلال انهم لم يحصلوا الا الشك ففيما يتعلق باساطين هؤلاء وكبار هؤلاء في نهاية المطاف اعلنوها صريحة انهم لم يحصلوا الا الخيبة وان الحق بلوغه من خلال هذا الطريق مغلق وموصد وانه لا يمكن ان يحصل الحق والهدى من هذا الطريق الفلسفة وعلم الكلام هذا فيما يتعلق من بلغ في هذا العلم نهايته يقول اما المتوسط فهذا يخاف عليه المتوسط يخاف عليه الذي دخل في هذا العلم وتوسط لا يزال يظن ان انه ماذا سيحصل علما سيحصل نفعا ولا يزال يتمادى في في هذا العلم ومثل هذا النوع ظرره على الناس عظيم جدا. اما اكابر اولئك اساطينهم فاعلنوها في النهاية قالوا ان هذا طريق لا نفع فيه وحذروا الناس منه ونهوهم عن دخوله لكن المتوسط من هؤلاء هو الذي لا يزال في غرور علم الكلام لا يزال في غرور علم الكلام فهو خطر على نفسه وايضا خطر على من حوله ولهذا يقول اه شيخ الاسلام رحمه الله تعالى قال الناس اكثر ما يفسد الدنيا نصف متكلم نصف متكلم لا يزال معجب بعلم الكلام ويرى صحته وسلامته وان عليه قوام العلوم وصحة البراهين فيكون في نفسه ضالا ويكون ايضا لغيره مظلا نعم قال رحمه الله تعالى ومن علم ان المتكلمين من المتفلسفة وغيرهم هم في الغالب في قول مختلف يؤفك عنه من وفيك يعلم الذكي منهم العاقل انه ليس هو فيما يقوله على بصيرة. وان حجته ليست بينة. وانما هي كما قيل فيها حجج نتهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور ويعلم العليم انهم من وجه مستحقون ما قاله الشافعي رضي الله عنه حيث قال حكمي في اهل الكلام ان يضربوا بالجريد والنعال ويطاف ويطاف بهم في القبائل والعشائر ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة واقبل على علم الكلام ومن ومن وجه اخر اذا نظرت اليهم بعين القدر والحيرة مستولية عليهم والشيطان مستحوذ عليهم رحمتهم ورفقتهم عليهم اوتوا ذكاء وما اوتوا ذكاء واعطوا فهوما وما اعطوا علوما واعطوا سمعا وابصارا وافئدة فما اغنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدتهم من شيء اذ كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ومن كان عليما بهذه الامور تبين له بذلك حذق السلف وعلمهم وخبرتهم حيث حذروا عن الكلام ونهوا عنه وذموا اهل عابوهم وعلم ان من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد الا بعدا. فنسأل الله العظيم ان يهدينا الصراط صراط الذين انعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. امين يقول رحمه الله تعالى فيما يتعلق بهؤلاء علم الكلام ان صاحب الحق اذا نظر اليهم لا يخلو نظره اليهم من حالتين اما ان ينظر اليهم بعين الشرع او ينظر اليهم بعين القدر فان نظر اليهم بعين الشرع ان نظر اليهم بعين الشرع يعني حكمهم في شرع الله سبحانه وتعالى انهم ضلال يستحقون العقوبة وان ان ان مثل هؤلاء يعاقبون حتى يكفوا في انفسهم عن هذا الانحراف وايضا يسلم غيرهم من من انحرافهم وظلالهم كما قال الشافعي رحمه الله حكمي في اهل الكلام ان يضربوا بالجريد والنعال ويطاف عليهم في القبائل والعشائر ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة واقبل على علم الكلام هذا من حيث النظر اليهم عين الشرع واذا نظر الانسان اليهم بعين القدر والحيرة مستولى عليهم والشيطان مستحوذ عليهم يرحمهم يرحمهم ويعطف عليهم ويتمنى في نفسه لو ان لو انهم تابوا من هذا العلم ويحرص على ان يقدم لهم من النصيحة والبيان ما يكون سببا لهدايتهم وقد فعل شيخ الاسلام وصنف هذا الكتاب مع هؤلاء امورا عجب في مناصحتهم ودعوتهم وبيان الحق لهم والصبر على الاجابة على شبهاتهم ومناقشتهم والتأني بهم بذل في ذلك جهودا عجيبة للغاية يعلمها من يقرأ كتبه رحمه الله تعالى ومن يقرأ سيرته رحمه الله والقول هنا رحمت رحمتهم ورفقت عليهم هكذا في النسخة في بعض النسخ وترفقت بهم رحمتهم وترفقت بهم والذي بين ايدينا هذا آآ رحمتهم لعلها ورققت عليهم رحمتهم ورققت اي كنت رقيقا على آآ هؤلاء او يكون آآ كما في بعض النسخ وترفقت بهم رحمتهم وترفقت بهم او رحمتهم ورققت عليهم ثم بين حالهم ان عندهم ذكاء لكن ليس عندهم زكاة وعندهم علوم ولكنهم ليس عندهم فهوم اعطوا سمعا وابصارا وافئدة فما اغنى سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدة من شيء اذ كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون قال ومن كان عليما بهذه الامور اي احوال هؤلاء وتهافت حججهم وفساد اقوالهم تبين له بذلك حذق حذق السلف وانهم رحمهم الله لم يكفوا عن علم الكلام الا عن بصر وبصيرة وعلم ثاقب بان هذا علم لا خير فيه والا كانوا على هذه الامور اقدر وذكاءهم اقوى وفطرتهم اعظم ولكنهم ببصيرة نافذة كفوا عن هذه الامور ولزموا كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام فحازوا السعادة وفازوا بها قال تبين له بذلك حذق السلف وعلمهم وخبرتهم حيث حذروا عن علم الكلام ونهوا عنه وذموا اهله وعابوهم وعلم ان من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد الا بعدا وكان رحمه الله تعالى كثيرا ما يقول من فارق الدليل ظل السبيل ولا دليل الا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ثم ختم رحمه الله تعالى بهذه الدعوة سؤال الله الهداية الصراط المستقيم صراط الذين انعم انعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يجزي شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى خير الجزاء على هذه الفتيا العظيمة النافعة وان ينفعنا اجمعين بما علمنا وان يزيدنا علما وان يصلح لنا شأننا كله والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين واحب ان انبه الاخوة الكرام ان هذا الدرس درس الفجر يتوقف اعتبارا من هذا اليوم يتوقف لمدة اسبوعين الاسبوع القادم وايضا الاسبوع الذي يليه وفي الاسبوع الثالث نعود ان شاء الله لهذا المجلس وستكون القراءة باذن الله تبارك وتعالى في كتاب التوظيح والبيان لشجرة الايمان للشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله تعالى وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد واله وصحبه جزاكم الله خيرا