الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول امام ابو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الاجري رحمه الله تعالى في كتاب الاربعين حديثا حدثنا ابو جعفر احمد ابن يحيى الحلواني قال حدثنا محمد ابن يحيى الحلواني سلام عليكم. قال حدثنا ابو جعفر احمد ابن يحيى الحلواني. قال حدثنا محمد بن الصباح الدولابي قال حدثنا اسماعيل بن زكريا عن الاعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدق ان خلق احدكم يجمع في بطن امه اربعين ليلة. ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة فمثل ذلك ثم يبعث الله عز وجل اليه ملكا فيؤمر باربع كلمات في كتب عمله واجله ورزقه وشقي سعيد ثم ثم ينفخ فيه الروح فان احدكم فان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبين نهى الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخل النار. وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع في سبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها. قال محمد بن الحسين رحمه الله فينبغي لك ايها السائل ان تعلم ان الله عز وجل قد فرغ من ارزاق العباد وان كل عبد وان كل عبد مستوف رزقه لا يزيد فيه ولا لا يزيد فيه ولا ينقص منه. وكذا قد فرغ من الاجال لا يزداد احد على اجله لا ينتقص منه حتى يأتيه اخر اجله. وكذا كتب الله عز وجل عمله الذي يعمل خيرا كان او شراء. وكتب شقيا او سعيدا فكل العباد يسعون في امر قد فرغ منه. والايمان بهذا واجب ومن لم يؤمن به كفر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله وسلم عليه. وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما واصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. اما بعد فهذا الحديث الحديث السادس من احاديث الاربعين للامام الاجري رحمه الله تعالى هو حديث عظيم في بيان ان الامور كلها بقضاء الله سبحانه وتعالى. وان الله عز وجل كتب اعمال العباد وارزاقهم واجالهم كل ذلك كتب كتب اولا في اللوح المحفوظ ان ذلك في كتاب ان ان ذلك على الله يسير. وكتب ثانيا كتابة تختص بكل انسان بعينه بعد ان يكون في او يتم الطور الثالث من اطواره في رحم الام. حيث يرسل اليه ملك ويؤمر بكتب اربع كلمات. كتب رزقه واجله وعمله. وشقي هو او سعيد فهذه امور كتبت كتبت اولا في اللوح المحفوظ وكتبت فيما بكل انسان عندما كان جنينا في رحم الام. وهذا يسمى تقدير العمر الذي يختص بعمر كل انسان. ماذا فيه؟ ومتى سيموت وماذا يعمل؟ واي شيء يطعم ويشرب؟ كل ذلك يكتب كاملا ولن يموت عبد حتى يستوفي ما كتب له من رزق او عمل وحتى يستوفي اجله الذي اجل له ولكل لاجل كتاب. فالامر لله وبيده سبحانه وتعالى هذا حديث عظيم في هذا الباب. وقد بدأه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما بقوله حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدق. وتروى ايضا الصادق المصدوق بدأ بذلك لان ما سيرويه عن النبي صلى الله عليه سلم من الامور المغيبة ومن الحقائق العظيمة فقدم بذلك تنبيها الى ان هذا الكلام الوارد من كلام الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. ومعنى الصادق اي في قوله لا يقول قولا الا وهو حق وصدق. والمصدق او المصدوق اي المؤيد من ربه. بما يدل على صدقه وصدق ما جاء به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. قال ان خلق احدكم اي معشر بني ادم يجمع في بطن امه اربعين ليلة. اربعين ليلة اي نطفة كما هو مصرح به في بعض روايات الحديث ان لم يكن ما ها هنا سقط يجمع احدكم في بطن امه اربعين يوما نطفة. والمراد النطفة اي التي تقذف في رحم الانثى ويلتقي المآن ماء الرجل وماء المرأة فتبقى على هذه الحال نطفة من ماء مهين اربعين يوما اربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك. اي تتحول اول هذه النطفة الى علقة. والمراد بالعلقة اي قطعة صغيرة من الدم فتتحول الى هذه الصفة وهذا الطور الثاني. ثم بعد الاربعين مياه قال ثم يكون مضغة مثل ذلك. ثم يكون مضغة مثل ذلك اي تتحول هذه القطع الصغيرة من من الدم الى مضغة والمراد بالمضغة قطعة صغيرة من اللحم بقدر ما يمضغ في الفم. بقدر ما يمضغ في الفم ولهذا يقال له مضغة. اي بقدر المضغة وهذا الطور الثالث. بعد ذلك وعندما يستكمل مئة والعشرين يوما يرسل اليه الملك. يرسل اليه الملك ثم يبعث الله عز وجل اليه ملكا. فيؤمر باربع كلمات في كتب عمله واجله ورزقه وشقي ام سعيد؟ ثم ينفخ فيه الروح. ثم ينفخ فيه الروح يصبح بنفخ الروح. كائنا حيا. قبل ذلك لا يعد حيا وانما يعد ميتا قال الله سبحانه وتعالى وقالوا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين اللي ماتة الاولى هي التي قبل النفخ في الروح. وقبل ان ينفخ فيه الروح كان ميتا. ليس فيه روح. كان ميتا لا روح فيه فبعد ان تنفخ فيه الروح يصبح حيا. وهذه الحياة الاولى وقبلها الموتة الاولى ثم بعد ذلك تكون الموتة الثانية بقبض روح انسان عند انقضاء اجله ثم الحياة الثانية التي يكون فيها القيام لرب العالمين عندما ينفخ ملك السور في الصور فيقوم الناس ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون. ومن ما جاء في ذلك قول الله سبحانه وتعالى كيف تكفرون بالله؟ وكنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليكم كنتم امواتا اي قبل هذه النفخة. عندما كان المرء جنينا في الرحم قبل ان ينفخ الملك فيه الروح كان ميتا. كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا اي قبل ان ينفخ في الانسان الروح. فاحياكم هذه الحياة بدأت اين رحم بدأت في الرحم فاحياكم. ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون فهما موتتان وحياةان لكل انسان. وحياة الانسان هذه التي يعيشها في الدنيا يسبقها موت ويلحقها موت. فهي حياة من قبل من قبل موت ومن بعدها موت. واذا نفخ في لسان الروح ثم حصلت مثلا ولادة مبكرة بعد النفخ في الروح تنطبق على عليه احكام المولود مثلا من التغسيل والتكفين والصلاة عليه وامه يعد نفاسا وتنقضي العدة بذلك كانت معتدة بخلاف لو لو سقط قبل هذه المدة بخلاف لو سقط من الام في قبل هذه المدة فان هذه الاحكام لا تترتب عليه لا يكون نفاسا ولا يكون مولودا لانه قبل ذلك لم لم يكن حيا لم كن انسانا وانما قطعة من اه اللحم لم ينفخ فيه الروح بعد وقوله يبعث يبعث الله عز وجل ملكا يستفاد منه ان من وظائف الملائكة والايمان بوظائفهم جزء من الايمان بهم ان منهم من هو موكول بالارحام من الملائكة من هو موكول بالارحام؟ وبالكتابة كتابة ماء يفعله وما يكون من الانسان في عمره. كتابة التقدير العمري لكل انسان. وكل الله سبحانه وتعالى الى بعض ملائكته ذلك. وقول اربع كلمات عمله اي صالحا او طالحا خيرا او شرا ايمانا او كفرا كل ذلك يكون يكتب. يكتب وهو وفي رحم امه كل عمله وكل الطاعات التي يقوم بها والعبادات او الاعمال السيئة التي يقوم بها كل ذلك يكتب. كل ذلك يكتب في تلك المرحلة. بكتب عمله. عمل مفرد. مضاف والقاعدة عند العلماء ان المفرد اذا اضيف يفيد العموم. فالمعنى اي جميع اعماله عمله اي كل اعماله. كل اعماله. من طاعات وعبادة عبادات او من معاصي وسيئات كلها تكتب. واجله. اي يكتب الوقت الذي يموت فيه. الوقت الذي يموت فيه يكتب. وهو في رحم امي واجله. وهذا الاجل الذي يكتب لا يستقدم عنه المرء ساعة ولا يستأخر. فلا يموت الا في لا يموت الا باجله. الذي كتب وقدر ورزقه يكتب كل ما يكون له من رزق في هذه الحياة. من مطعم ومشرب وملبس ومأوى ومركب كل ذلك يكتب. ورزقه شقيا ام سعيد؟ يكتب هل هو من اهل الشقاوة او من اهل السعادة يكتب هل هو من اهل الشقاوة او من اهل السعادة؟ كل ذلك يكتب قبل ان يخرج الى الدنيا. قبل ان يرى النور ويرى هذه الحياة الدنيا وهو في الرحم رحم الام. وهذا الذي يكتب عليه في الرحم مكتوب ايضا وقبل ذلك في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة. كما في الحديث الصحيح ان الله كتب مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة. بخمسين الف سنة ثم ينفخ فيه الروح يحيى من بعد ان كان ميتا يحيى بنفخ الروح فيه فيصبح حيا قبل ذلك كان ميتا موتته الاولى ثم قال عليه الصلاة والسلام فان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة. حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراعه. فيسبق عليه الكتاب في عمل بعمل اهل النار فيدخل النار. السلف رحمهم الله تعالى اهل الايمان والتقوى كان يشتد خوفهم من امرين سوابق والخواتيم. السوابق ما الذي سبق له في علم الله ان يكون عليه وان يموت عليه لا يدري. والله يقول ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون. لكن هذا امر الغيب لا يدري عنه الانسان. فكانوا يخافون من السوابق فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار. ويخافون من الخواتيم. الخواتيم اي الخاتمة السيئة والعياذ بالله. الخاتمة السيئة. بحيث يكون الانسان يعمل الصالحات ولا يبقى له على الموت الا وقتا يسيرا او اياما قليلة ثم يرتد والعياذ بالله او يكفر بالله او يبيع دينه لعرض من الدنيا فيقول الصلاة والسلام فان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع يعني مسافة قليلة جدا فيسبق عليه الكتاب في عمل بعمل اهل النار فيدخلها ان يموت على غير الايمان. يموت على عمل اهل النار. على عمل لاهل النار وهذا الشطر يحدث في قلب المتأمل خوفا يحدث خوفا ومن نعمة الله سبحانه وتعالى ان من ان صلحت سريرته بينه وبين الله بصحة المعتقد وسلامة الايمان فان الله جل في علاه لا يضيع ايمانه. لا يضيع ايمانه. ويحفظه سبحانه وتعالى بما يحفظ به عبادة الصالحين ويحسن له جل في علاه الخاتمة. لكن من كان في طويته شيئا من من السوء مع صلاح في الظاهر فمثل هذا هو الحري بذلك. ولهذا جاء في بعض روايات الحديث ما يبين هذا المعنى قال ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنة فيما يبدو للناس. فيما يبدو للناس فيما ما يظهر للناس بمعنى ان الباطن فيه شيء. اما من صح اعتقاده وسلم وسلم ايمانه فان الله سبحانه وتعالى يحفظ له ذلك ويثبته ويسلمه من الزيغ يثبت الله. الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ويظل الله الظالمين. ويفعل الله ما يشاء قال الامام ابن القيم رحمه الله تعالى في احد كتبه في بيان قوله عليه الصلاة والسلام فان احدكم ليعمل بعمل اهل قال اي فيما يظهر للناس. قال رحمه الله اي فيما يظهر للناس. ولو كان عملا صالحا مقبولا للجنة قد احبه الله ورضيه لم يبطله. لم يبطل لو كان يقول رحمه الله عملا صالحا مقبولا للجنة قد احبه الله ورظيه لم يبطله. اي حفظه الله للعامل ولم يخذله سبحانه وتعالى. لكن عندما يكون الظاهر سليما ولكن الباطن فيه شيء. فيه شيء من مثلا الرياء او السمعة او ارادة الدنيا او غير ذلك من الامور فهذا الذي يخشى عليه من سوء الخاتمة والعياذ بالله قال عليه الصلاة والسلام وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع اي مسافة قليلة فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها. في عمل بعمل اهل الجنة فيدخلها اي انه عاش على الكفر. عاش على الكفر مدة طويلة من عمره ثم لم يبقى له في الاجل الا ايام قلائل فيكتب الله له نجاة من النار وهداية للايمان اذكر احد الطلاب مرة بشرنا في حلقة الوالد ان جدته التي جاوزت التسعين سنة اسلمت جاوزت التسعين سنة اسلمت ولم تعش بعد الاسلام الا ثلاثة ايام لم تعش بعد اسلامها الا ثلاثة ايام. وامس القريب امس القريب احد طلابنا في هذه يبشرني باسلام والده. على يديه من فضل الله عليه. ثبت الله والده وهدى الله عز وجل من شاء الى مدينة القويم وصراطه المستقيم. فالحاصل ان من من يعمل بعمل اهل النار حياته كلها في عمل اهل النار ثم يسبق عليه الكتاب فيكتب الله له عمل اهل الجنة فيدخل الجنة. من الامثلة العجيبة في ذلك السحرة الكفرة في زمن فرعون وكانوا من وكما هو معروف عن السفرة السحرة في شدة كفرهم لما شاء الله سبحانه وتعالى لهم الايمان ورأوا الايات الباهرة التي جعلها الله على يدي نبيه موسى عليه السلام اسلموا. وكان اسلامهم اسلاما قويا لما تهددهم فرعون بالقتل قالوا فاقض ما انتقى انما تقضي هذه الحياة الدنيا لن نتزعزع هذا الامام حتى لو تقتلنا. الصباح الباكر كانوا سحرة كفرة والمساء مؤمنين بررة. واهل قوة في الايمان. وهذا فظل الله سبحانه وتعالى. فضل الله سبحانه تعالى. بل انه قد يكون حظ الانسان من الاسلام لحظة واحدة ليست ثلاث ايام قد يكون حظه من الاسلام لحظة واحدة. وهذا جاء في السنة شاهدا عليه في حديث رواه الامام احمد وجود اسناده الحافظ ابن كثير واورده في عن من حديث جرير ان رجلا اتى النبي عليه الصلاة والسلام فلما اقبل وكان على بعيره فلما اقبل الى النبي صلى الله عليه وسلم قال لو من اين جئت قال من اهلي وولدي وعشيرتي. قال ومن تريد؟ قال اريد رسول الله. صلى الله عليه. قال وصلت اليه. وكان على البعير الرجل. فقال علمني الايمان. علمني الايمان ايمان فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا. قال الرجل وهو على البعير اقررت اقررت لما قال هذه الكلمة ساخت قدم البعير في شبكة جرذان حفرة في الارض للفئران الكبيرة ساخت قدم ناقته ليس فرس ناقته ساخت قدم ناقته في حفرة او شبكة جرذان فسقط من فوق البعير على عنقه. ومات وليس له في الاسلام الا اقررت. ليس له في الاسلام الا اقررت. هذه التي له فقط فقال عليه الصلاة والسلام اذا اردتم ان تروا الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم فهذا منهم. الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم فهذا منهم. والامام ابن كثير رحمه الله تعالى اورد هذه القصة عند هذه الاية من سورة الانعام في كتابه التفسير. فلم يكن لهذا الرجل حظ من الاسلام ومن هذا الدين الا لحظات يسيرة وفوق البعير وقال اقررت. فضل الله سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم مثل هذه القصص ومثل هذا المعنى شطر الحديث الاخير يحدث في القلب ماذا الشطر الاول يحدث خوفا. وهذا الشطر يحدث رجاء. يحدث رجاء واذا كان احد من الناس مثلا والده على الكفر او جدته او امه او عمته او خالته لا ييأس. حتى لو كبر ارسمنا يبقى في قلبه رجاء لعله يكون من هؤلاء. الذين يسبق عليهم الكتاب فيعملون بعمل اهل الجنة ولعل هذا الطالب يكون سبب في انقاذهم وتخليصهم والمطلوب بذل الاسباب والامر بيد الله انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء. ان تحرص على هداهم فان الله لا يهدي من من يضل. فالامر بيد الله سبحانه وتعالى وله الامر من قبل ومن بعد جل وعلا. ولهذا من فوائد الحديث ان فيه الرجاء والخوف فيه الرجاء والخوف. يحرك في القلب رجاء ويحرك في القلب خوفا. وايضا من فوائده انه يقوي تعلق العبد بالله وتوكله وتوكله عليه وثقته به واعتماده عليه وحسن التجاء اليه بان يثبته وان يهديه. لان هذه الامور التي ذكرت في الحديث امور مغيبة. لا يدري العبد ماذا امره فيها؟ لا الاجل ولا العمل ولا المطعم والمشرب كل ذلك ما يدري شيئا لكن يلجأ الى الله ويبذل يبذل الاسباب يبذل اسباب ارأيتم الان المرء يعلم ان رزقه مكتوب لكنه يبذل الاسباب في طلب الرزق وكذلك العمل مكتوب ايضا نبذل الاسباب في طلب العمل. نبذل الاسباب في طلب العمل ونحن لا ندري ما الذي كتب لنا من الرزق ولا ايظا ما الذي كتب لنا من العمل لكن نبذل الاسباب ونسأل وهاب جل وعلا ان ييسر لنا يسرا وان يجنبنا العسر. وهذا المعنى سيأتي اه توضيحه في الحديث الذي بعد هذا الحديث قال قال محمد بن الحسين فينبغي لك ايها السائل ان تعلم ان الله عز وجل قد فرغ من ارزاق العباد. وان ان كل عبد مستوف رزقه لا يزيد فيه ولا ينقص منه. وكذلك قد فرغ من اجل لا يزاد احد على اجله ولا ينتقص منه حتى يأتيه اخر اجله. وكذا كتب الله عز وجل عمله الذي يعمل خيرا كان او شرا. وكتبه شقيا او ايضا فكل العباد يسعون في امر قد فرغ منه. في امر قد فرغ منه. معنى فرغ منه اي قدر وقضي كتب والايمان بهذا واجب ومن لم يؤمن به كفر. لان الايمان بالقدر اصل من وصول الامام وركن من اركان الدين كما مر معنا في حديث جبريل ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله و اليوم الاخر هو القدر خيره وشره. نعم قال رحمه الله تعالى حدثنا ابو بكر جعفر بن محمد الكريابي قال حدثنا عثمان ابن ابي شيبة قال حدثنا جرير ابن عبد الحميد عن منصور عن سعد ابن عبيدة عن ابي عبد الرحمن السلمي عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد قال فاتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس رأسه فجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من نفس منفوسة الا وقد كتب مكانها من الجنة والنار والا وقد كتبت شقية او سعيدة. فقال رجل يا رسول الله افلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من اهل السعادة سيصير الى عمل اهل السعادة. ومن كان منا من اهل الشقاء فسيصير الى عمل اهل الشقاوة. فقال اعملوا فكل ميسر لعمله اما اهل السعادة فيسرون لعمل اهل السعادة واما اهل الشقاوة فييسرون لعمل اهل الشقاوة ثم قرأ فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى سنيسره للعسرى. قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى فاعلم رحمك الله ان الايمان بهذا واجب قد امر العباد ان يعملوا بما امروا من طاعة الله وينتهوا عما نهوا عنه من المعصية. والله بعد ذلك موفق من احب فلطاعته ومقدر معصيته على من اراد غير ظالم لهم يظل من يشاء ويهدي من يشاء. لا يسأل وعما يفعل وهم يسألون احب من عباده الطاعة وامر بها فكانت بتوفيقه وزجر عن المعصية واراد كونها غير محب لها ولا امر بها تعالى عز وجل عن ان يأمر بالفحشاء وجل ان يكون في ملكه ما لا يريد. هذا رحمك الله طريق اهل اهل العلم من الصحابة والتابعين ومن تبعهم باحسان وائمة المسلمين. قال ابن عباس رحمه الله رضي الله تعالى عنهما القدر نظام التوحيد فمن امن بالله وصدق بالقدر فهي العروة الوثقى التي لا انفصام لها ومن امن بالله وكذب القدر كان تكذيبه للقدر نقصا منه لتوحيده نقضا. نقضا منه لتوحيده. ثم اورد رحمه الله الله تعالى حديث علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد البقيع او المقبرة المعروفة في المدينة قال اتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة. اي عصا قصيرة فنكس رأسه فجعل ينكت بمخصرته اي الارظ. ثم قال ما منكم اي ايها الناس من نفس منفوسة الا وقد كتب مكانها من والنار ما منكم من نفس منفوسة الا وقد كتب مكانها من الجنة والنار. والا فقد كتبت شقية او سعيدة. كن نفس. كتب مكانها من الجنة والنار وكتب هذه هي شقية او سعيدة نعم. فقال رجل يا رسول الله افلا نتكل؟ على كتابنا وندع العمل افلا نتكل؟ ما دام ان ان الامر مكتوب الامر مكتوب وكل نفس صائرة الى ما كتب. اما الجنة او النار اما الشقاوة او السعادة. الا نتكل على نتكل اي نعتمد على الكتاب. ولا نعمل وجاء في بعض الاحاديث ففيما العمل؟ ليش نعمل؟ ما دام ان مكتوب ما دام انه مكتوب ومقدر فلماذا العمل؟ لماذا مجاهدة النفس على الاعمال والطاعات لماذا لا لماذا لا يبقى الانسان هكذا؟ لا يتحرك ولا يكون فاعلا ولا قائما بالاعمال متكئ على القدر. متكلا على القدر. قال الا نتكل؟ على افلا نتكل على كتابنا وندع العمل نتكل على كتابنا ان نعتمد الكتاب الشيء المكتوب هو الحاصل. وندع العمل لا نعمل شيئا. فمن كان منا من اهل السعادة فسيصير الى عمل اهل السعادة. ومن كان منا من اهل فسيصير الى عمل اهل الشقاء يعني كل صائر الى هذا المكتوب. فقال عليه الصلاة والسلام اعملوا فكل ميسر لعمله. اعملوا فكل ميسر لعمله. سبحان الله ما اعظم هذا الجواب وما اجل شأنه! وما اشفاه! للصدور. فهو العليل. وارواء الغليل. وهو كاف شاف في هذا الجواب او في هذا السؤال العظيم الذي يطرح نفسه عندما تأتي مسألة القدر وعندما يأتي ذكر هذا الاصل العظيم من اصول الايمان. فان الانسان يتساءل اذا كانت امور مقدرة ومكتوبة فيما العمل. طالما ان الامر مكتوب ومقدر فيما العمل؟ قال اعملوا اعملوا فكل ميسر لما خلق له. انتبه هنا الى ان المكتوب لا تدري عنه. الان مكتوب هذا غيب عنك لا تدري ما المكتوب؟ لا تدري ما المكتوب؟ امر مغيب. وانت امور بالعمل. اعملوا مأمور ببذل السبب. مأمور بمجاهدة النفس والا تركا لا الى كسل ولا الى خمول بل تجاهد نفسك صبرا ومصابرة او مرابطة ومجاهدة للنفس. وانت لا تدري ما المكتوب. لكن جاهد نفسك. واقطرها على الحق اطرا والزمها بالطاعة وزمها بزمام الشرع. وجنبها المعاصي والاثام واستعن بالله وكن ملتجئا الى الله يا رب يا رب تسأله الثبات وتسأله المعونة وتسأله النجاة وتسأله التوفيق والهداية وان يتوفاك على الايمان. لان الامر بيده سبحانه وتعالى. فاعمل قال اعملوا. ولا طرب العمل الا من عنده مشيئة. يختار بها خير الخير من الشر الايمان من الكفر عنده مشيئة. ولهذا الله سبحانه وتعالى قال وما تشاؤون الا ان يشاء الله. اثبت العبد وهديناه النجدين. فالعبد عنده مشيئة. ولهذا تراه يذهب الى المكان المعين بمشيئته راغبا ويمتنع عن مكان الاخر وعن الذهاب اليه يختار هذا ولا يختار ذاك يرغب في هذا ولا يرغب في ذاك يعمل هذا ولا يعمل ذلك يحب هذا العمل ولا يحب ذاك. عنده ارادة وعنده مشيئة وعنده حركة. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال قوله اعملوا هذا يدل على اصل عظيم في هذا الباب. وان الانسان مأمور بالعمل والمجاهدة للنفس على فعل الطاعات وتجنب المعاصي والخطيئات. وقوله فكل ميسر لعمله في ان الامور كلها بمشيئة الله. ولن يكون الا ما شاءه الله. فهذا يدعوك الى التوكل على الله التجاء اليه والاعتماد عليه سبحانه وتعالى فاعبده وتوكل عليه. فاعبده اعملوا وتوكل عليه فكله ميسر لما خلق له مثله قول النبي عليه الصلاة والسلام احرص على ما ينفعك واستعن بالله احرص على ما ينفعك واستعن بالله. فهذان اصلان عظيمان في هذا الباب دل عليهما قوله اعملوا فكل ميسر لما خلق له. الاول الامر بالعمل ولا يؤمر بالعمل الا من له مشيئة والاصل الثاني دل عليه قوله كل ميسر لما خلق له. والامر لله سبحانه وتعالى من قبل ومن بعد فما شاء الله كانوا وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم قال اعملوا فكل ميسر لعمله. اما اهل السعادة فييسرون لعمل اهل السعادة فاهل الشقاوة فيسرون لعمل اهل الشقاوة. ثم قرأ فاما من اعطى واتقى هذي بدل هذا بذل الاسباب هذا عمل اعطى واتقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره العسرى. فالامر يحتاج من العبد الى عهد اهل النفس على الاعمال الصالحة والطاعات الزاكية والقربات ومجاهدة نفس على البعد عما يسخط الله سبحانه وتعالى ويغضبه. وان يكون في ذلك كله ملتجئ الى الله متوكل عليه عليه سبحانه وتعالى مفوض امره اليه جل في علاه. قال فاعلم رحمك الله ان الايمان هذا واجب قد امر العباد ان يعملوا بما امروا من طاعة الله وينتهوا عما نهوا من المعصية في قوله اعملوا امر العباد ان يعملوا بما امروا من طاعة الله وينتهوا عما نهوا عن المعصية والله بعد ذلك موفق من احب لطاعته ومقدر معصيته على من اراد غير ظالم لهم. وهذا في قوله ميسر لعمله يظل من يشاء ويهدي من يشاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون احب من عباده الطاعة وامرهم بها اي امرا شرعيا فكانت بتوفيقه اي لمن شاء هدايتهم وصلاحهم وزجر عن المعصية واراد كونها اي قدرا غير محب لها ولا امرا بها تعالى الله عز وجل ان يأمر بالفحشاء وجل ان يكون في ملكه ما لا يريد. تعالى الله ان يأمر بالفحشاء. لان الله نهى عن المعاصي وكره وابغضها حذر عباده منها وجل ان يكون في ملكه ما يريد لان الامور الخلق خلق الله والملك ملك الله وتعالى الله ان يكون في ملكه ما لا اي ما لا يريد كونا وقدرا. هذا رحمك الله طريق اهل العلم من الصحابة والتابعين من تبعهم باحسان وائمة المسلمين. قال ابن عباس رضي الله عنهما القدر نظام التوحيد. ما معنى قدر نظام التوحيد اي ان توحيد المرء لا ينتظم ولا يستقيم الا الا بالقدر. لا ينتظم ولا يستقيم الا بالقدر. يوضح رضي الله عن ذا عنه ذلك فيقول فمن امن بالله وصدق بالقدر فهي العروة الوثقى التي لا انفصام لها. يعني المستمسك الوثيق الذي لا ينفصل. فمن يكفر بالطاول ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها. والله سميع عليم. ومن امن بالله اي وحد الله سبحانه وتعالى وكذب بالقدر كان تكذيبه للقدر نقضا منه لتوحيده كان تكذيبه للقدر نقضا منه لتوحيده اي ناقضا للتوحيد. معنى ناقضا للتوحيد اي هادما للتوحيد عقب الهدم لا ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكادا. فنقض تكذيبه اي بالقدر توحيده لله. فيكون عدم ايمانه اه بالقدر كفرا بالله. يكون عدم ايمانه بالقدر كفرا بالله. قد قال الامام احمد رحمه الله القدر قدرة الله. فمن لم اؤمن بالقدر كافر بالله. لا ينتفع بالاعمال ولا يستفيد منها مهما كثرت. ولهذا مر معنا القسم العظيم من ابن عمر رضي الله عنهما حيث قال والذي يحلف به عبدالله ابن عمر لو كان لاحدهم ملء الارض ذهبا. فانفقه في سبيل الله ما قبل الله منه ذلك. حتى يؤمن بالقدر. ما قبل الى الله منه ذلك حتى يؤمن بالقدر. لان الكفر القدر مبطل للاعمال. قد قال الله سبحانه ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الاخرة من الخاسرين. نفعنا الله اجمعين بما علمنا وزادنا علما واصلح لنا شأننا كله وهدانا اليه صراطا مستقيما وثبتنا على الايمان والحق والهدى واعاذنا من الزيغ والضلال. انه تبارك وتعالى سميع الدعاء. وهو اهل الرجاء وهو حسبنا الوكيل سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه. جزاكم الله خيرا