بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فيقول الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى يقول في كتابه الرياظ الناظرة والحدائق البهية الزاهرة قال في الفصل الحادي والاربعون قال واعلم ان طرق معرفة الله واسعة جدا بحسب حاجة الخلق وضرورتهم اليها. وكل يعبر عنها بعبارات اما كلية واما جزئية. بحسب بالحال التي تحضره وبحسب الامور التي تغلب تغلب عليه. والا فكل ما خطر في القلوب وشاهدته الابصار وادركته المشاعر. وكل متحرك وساكن ادلة وبراهين على وحدانية الله. وفي كل شيء له اية تدل على انه واحد. ولكن الجزئيات تسبق الى الاذهان. وتفهمها القلوب ويحصل بها النفع العاجل لسهولتها وبساطتها وكونها تدرك بالبديهة. فلنذكر امثلة وحكايات من هذا النوع للمتقدمين. ولاهل هذا العصر. نعم. الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد لا يزال الحديث عند المصنف رحمه الله تعالى عن البراهين والدلائل والشواهد العقلية على وحدانية الله تبارك وتعالى وتفرده سبحانه وفي هذا الموضع يتحدث رحمه الله بشيء من التفصيل عن طرق معرفة الله جل وعلا. وكيف تهتدي العقول اليه سبحانه وتعالى ولما كانت معرفة الله عز وجل اهم المطالب واجلها على الاطلاق كانت الوسائل لمعرفة هذا المطلب والطرائق لمعرفته كثيرة لان من حكمة الله سبحانه وتعالى ان الامر كلما كانت الحاجة اليه اشد والضرورة اليه الزم كانت وسائل نيله وطرق معرفته اكثر من غيره. بحسب الحاجة ولا شك ان حاجة العباد الى معرفة من خلقهم هي اعظم الحاجات وضرورتهم الى ذلك اعظم الضرورات وهي اشد من حاجة الانسان الى طعامه وشرابه ومن حاجته الى الهواء الطرق كما قال رحمه الله تعالى كثيرة جدا والامر كما قال القائل وفي كل شيء له اية تدل على انه الواحد سبحانه وتعالى واشار رحمه الله تعالى الى ان هناك ابراهيم عامة وهناك جزئيات كثيرة جدا وهو رحمه الله تعالى اراد الشروع في ذكر كثير من الجزئيات واراد ان يفصل في ذلك وبين السبب قال لان الجزئيات تسبق الى الاذهان. الجزئيات تسبق الى الاذهان. ولهذا تجد كثير من الناس هدي الى معرفة الله تبارك وتعالى بجزئيات معينة كانت سببا بمن من الله عز وجل وتيسير لتوفيقه وهدايته قال ولكن الجزئيات تسبق الى الاذهان وتفهمها القلوب ويحصل بها النفع العاجل لسهولتها وبساطتها ولهذا رحمه الله تعالى اخذ يذكر نماذج كثيرة جدا من هذه الجزئيات من كلام المتقدمين وكلام اهل العصر نعم سئل بعضهم بما عرفت ربك فقال ان البعرة تدل على البعير. واثار السير تدل على المسير. فسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج وبحار ذات امواج. الا تدل على اللطيف الخبير واجتمع طائفة من الملاحدة لبعض اهل العلم اظنه ابا حنيفة فقالوا له ما الدلالة على وجود الصانع فقال لهم دعوني فخاطري مشغول بامر غريب قالوا له ما هو؟ قال بلغني ان في دجلة سفينة عظيمة مملوءة من اصناف الامتعة العجيبة وهي ذاهبة وراجعة من غير احد يحركها ولا يقوم عليها. فقالوا له امجنون انت؟ قال وما ذاك؟ قالوا ان هذا لا يصدقه عاقل. فقال لهم فكيف صدقت عقولكم ان هذا العالم بما ما فيه من الانواع والاصناف والحوادث العجيبة. وهذا الفلك الدوار السيار يجري وتحدث هذه الحوادث بغير محدث وتتحرك هذه المتحركات بغير محرك فرجعوا على انفسهم بالمنام وقيل لبعضهم بم عرفت ربك؟ فقال هذه النطفة التي يلقيها الفحل برحم الانثى فيطورها الله من نطفة الى علقة الى مضغة الى اخر اطوارها. فيكون بشرا سويا كامل الاعضاء الظاهرة والباطنة. له سمع يسمع به المسموعات وبصر يبصر به وعقل يهتدي به الى مصالحه. ويدان يبطش بهما ورجلان يمشي بهما وله منافذ يدخل فيهما ما يغذي البدن وينفعه. ومنافذ اخرى يخرج منها ما يضره. وقد ركب هذا التركيب العجيب الذي لو اجتمعت الخلق كلهم من اولهم الى اخرهم على ايجاد شخص واحد على هذا الوصف المحكم الغريب لعددت معارفهم وقدرهم عن ذلك. اليس ذلك دليلا وبرهانا على وجود الخالق وعظمته وكبريائه قلت وقد كرر الله هذه الاية في كتابه في اساليب متنوعة وقيل لبعضهم بم عرفت ربك؟ فقال بنقض العزائم ومعنى ذلك ان العبد يعزم عزما مصمما على امر من الامور وليس عنده فيه ادنى تردد ثم بعد ذلك تنتقل همته وعزمه الى امر اخر قد يرى فيه مصلحة وما ذاك الا لان الله على كل شيء قدير. يصرف القلوب كما يدبر الابدان. وانه لطيف بعبده فيصرفه عما يضره الى ما ينفعه ويدبر قلبه الى ذلك وسئل بعضهم بما عرفت ربك؟ فقال كنت مكروبا فدعوته ففرج كربتي. وكنت فقيرا فسألته اغناني وكنت مريضا فدعوته فشفاني وكنت ضالا عن الهدى فلطف بي فلطف بي وهداني وليس فهذا الامر لي وحدي فكم له على عباده من اصناف النعم المشاهدة المحسوسة من هذه الانواع شيء كثير. وهذا يضطر الى وهذا يضطر الى معرفته والاعتراف بربوبيته وتربيته وسئل اخر بما يعرف الله؟ فقال قد رأينا ورأى الناس في الدنيا مصارع البغاة المجرمين وعواقبهم الوخيمة وكما رأوا حسن عواقبه في المحسنين وقيل لاخر بما يعرف الله؟ فقال بايصاله النعم الى خلقه وقت الحاجة والضرورة اليها. هذا الغيث ينزله وقت الحاجة ويرفعه اذا خيف منه الضرر. وهذا الفرج يأتي بعد الشدة والمطالب بعد الاضطرار اليه وهذه اعضاء الانسان وقواه يعطيه الله اياها شيئا فشيئا بحسب حاجته اليها. فهل يمكن ان تكون هذه الامور صدفة بغير اتفاق؟ ام ام يعلم بذلك علم اليقين؟ ان الذي اعطاهم اياها وقت الحاجة والضرورة هو الرب المعبود الملك المقصود قلت ومن هذا الباب ما نحن فيه فانه لما كانت معرفة الله يضطر يضطر اليها العباد ويحتاجون في كل وقت فوق جميع الحاجات يسرها الله وفتح لعباده طرقها واوضح لهم ادلتها وليست قادتهم اليها من الحوائج العارضة وانما هي من الحوائج الملازمة لهم في كل لحظة وساعة. فنسأله ان يمن علينا معرفته وبالايمان الكامل انه جواد كريم. هذه نماذج ذكرها رحمه الله تعالى ويذكر ايضا غيرها وهي كما ذكر رحمه الله تعالى من الجزئيات الكثيرة التي تسبق الى الاذهان وتفهمها العقول وايضا لها تأثيرها ووقعها في النفوس بحسب حال العبد وما يوفقه الله سبحانه وتعالى وييسر له من هذه الابواب ومن هذه الهدايات. فمن الناس من نظره الى هذا الملكوت من سماء وسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج وبحار ذات امواج تأمله في هذا الكون العجيب هداه الى الايمان بخالقه وكمال مبدعه سبحانه وتعالى كذلكم انتظام هذا الكون في حركته وفي سيره وفي مصالح العباد فيه وما سخره الله جل وعلا للعباد هذا كله من البراهين والدلائل الواضحات ان لهذا الكون مدبرا مصرفا عليما حكيما خبيرا سبحانه وتعالى ولهذا اورد رحمه الله تعالى هذه القصة التي تنسب لابي حنيفة رحمه الله تعالى وجاءت في بعض طبعا تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى منسوبة الى ابي حنيفة رحمه الله عند تفسير لقوله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم من سورة البقرة وحذفت في طبعات اخرى وليس عندي تحقيقا ليس عندي تحقيق هل هي من من اه تفسير ابن كثير رحمه الله او مدخلة عليهم بعض النساخ الله تعالى اعلم بذلك ونقلها بعض اهل العلم المعاصرين ونسبوها ايضا الى تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى وهي قصة تصور الفساد العريظ الذي عليه الملاحدة. واذا كانوا لا لا لا يصدقون ولا تقبل عقولهم لهم ان سفينة واحدة تتحرك وحدها وبدون تصريف وبدون تدبير ولم تقبل عقولهم ذلك فكيف قبلت عقولهم هذا الكون؟ ان يكون تحركه هكذا صدفة بدون خالق ولا موجد كذلكم ما ذكره رحمه الله تعالى فيما يتعلق باطوار خلق الانسان. فهذه اية عظيمة من الايات الدالة على الخالق سبحانه وتعالى وقد قال جل وعلا وفي انفسكم افلا تبصرون وايضا ما نقله عن بعضهم انه سئل بما عرفت ربك قال بنقض العزائم وصرف الهمم بنقض العزائم وصرف الهمم وهذا امر يشاهده الانسان من حياته مرات كثيرة يكون عازما على امر معين ومتجها لمصلحة ما ويجد لان عزيمته حلت وانه اتجه الى غير ما كان يقصد وانصرف عما كان يريد مما يدل على ان الامور كلها بمشيئة الله سبحانه وتعالى وتسخيره. قال سئل بعضهم بما عرفت ربك؟ قال بنقض العزائم ومعنى ذلك ان العبد يعزم عزما مصمما على امر من الامور وليس عنده فيه ادنى تردد ثم بعد ذلك همته وعزمه الى امر اخر كذلكم تفريجه سبحانه وتعالى للكربات وازالته للشدات. امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء. هذا من البراهين والدلائل على وحدانية الخالق وتفرده سبحانه وتعالى كذلكم ما ذكره رحمه الله تعالى من اياته في نصره لاوليائه وعباده المقربين وايضا ما اراه سبحانه وتعالى من مصارع البغاة المجرمين وعواقبهم الوخيمة كذلكم ايصال النعم ايصال النعم وقت الحاجة والضرورة اليها. وهذا ايضا باب عظيم من ابواب الدلالة على وحدانية الله تبارك وتعالى. وما بكم من نعمة فمن الله. وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها يقول رحمه الله لما تحدث عن هذا الباب باب ايصال النعم وقت الحاجة اليها. قال ومن هذا الباب ما نحن فيه ومن هذا الباب ما نحن فيه. فكما ان الله سبحانه وتعالى يمتن على العباد بايصال النعم وقت الحاجة اليها فكذلك يوصل اليهم وقت الحاجة ما يهديهم الى ربهم ويرشدهم الى خالقهم وعظمته سبحانه وتعالى قال فانه لما كانت معرفة الله يضطر اليها العباد ويحتاجونها في كل وقت بل حاجتهم اليها كما اشد من حاجته من الطعام والشراب واللباس والهواء يسرها الله وفتح لعباده طرقها. واوضح لهم ادلتها. وليست حاجتهم اليها من الحوائج العارظة وانما هي حاجة هي من الحوائج الملازمة لهم في كل لحظة وفي كل ساعة اي ان حاجة العبد الى الهداية الى الله ومعرفته اعظم من حاجته الى الهداية الى طعامه وشرابه وغذائه وسائر طالحة لان بمعرفة الله وتوحيده حياة القلوب وبالغذاء والطعام والشراب حياة الابدان نعم وقيل لبعضهم باي شيء يعرف الله؟ فقال يعرف بانه علم الانسان ما لم يعلم. خرج من بطن امه لا يعلم شيئا فاعطاه الات العلم ويسر له اسباب العلم فلم يزل يتعلم فلم يزل يتعلم امور دينه حتى صار عالميا ربانيا ولم يزل يتعلم امور دنياه حتى صار ماهرا مخترعا للعجائب. ويسر له كل سبب يوصله الى ذلك ومن عجيب الامر ان اللوح اذا كتب فيه وشغل بشيء من الاشياء لم يسع غيرها ولم يمكن ان يكتب فيه شيء اخر قبل محو ما كتب فيه اولا وقلب الانسان لا يزال يحفظ ويعقل من العلوم والمعارف المتنوعة وكلما وكلما توسعت معارفه قويت حافظته واشتدت ذاكرته وتوسعت افكاره. فهل هذه الامور في طوق البشر وقدرته ام هذا اكبر برهان على عظمة الله ووحدانيته وكماله وسعة رحمته وقيل لبعضهم بما يعرف الله؟ فقال هذه النواة يغرسها الناس فيأتي منها النخيل والاشجار وتخرج وتخرج من السماء وتخرج من الثمار العظيمة ما به ينتفع الخلق. وهذه الحبوب تلقى في الارض فتخرج اصناف الزروع التي هي مادة اقوات العباد. ثم لا تزال تعاد وتضل كل عام اليس هذا اكبر برهان ودليل على وجود الله وقدرته وعنايته ورحمته قلت وقد نبه الله على هذا المعنى الجليل في عدة ايات مثل قوله فالق الحب والنوى افرأيتم ما تحرثون؟ اانتم تزرعونه ام نحن الزارعون وقيل لمن بادر الى الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم. لم فعلت ذلك؟ فقال رأيته ما امر شيء فقال العقل ليته لم يأمر به. ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته امر به. فاستدل بنور عقله قوة بصيرته على صدق الرسول بصلاح ما جاء به وموافقته للعقول السليمة وللحكمة وقيل لاخر من العارفين باي شيء يعرف الله؟ فقال بذوق حلاوة الطاعات وهذا استدلال برهاني وجداني يضطر العبد الى كمال الايمان واليقين. فان من وجد حلاوة الايمان وذاق لذة اليقين فقد بلغ ذروة العليا من الايمان وقيل لاخر باي شيء يعرف الله؟ قال بانتظام الاسباب ثم بتحويله الاسباب ومنع مسبباتها وبايجاده الاشياء بغير اسباب يعقلها الخلق. وهذا صحيح فانه اجرى الامور على اسباب ومسببات وعلى اسباب بها ومسبباتها قدرا وشرعا حكمة بالغة. ومنع بعض الاسباب من ترتب اثارها عليها. كما في معجزات وكرامات الاولياء وكذلك يوجد كثيرا من الاشياء بغير الاسباب المعهودة. كما اوجد عيسى من ام بلا اب ويحيى بين ابوين لا يولد لمثلهما. واشياء كثيرة من هذا النوع ليعرف العباد ان المتصرف التصرف ليعرف العباد انه المتصرف التصرف المطلق وانه كما يتصرف في الاشياء باسباب مربوطة معلومة كذلك يتصرف فيها بغير المعهودة. ولذلك كان جمهور هذا النوع من المعجزات وهي كلها براهين على وحدانية الله والاهيته وربوبيته وقيل لبعضهم بما يعرف الله؟ قال من نظر في مواد الرزق وتأمل حالة من لهم موجودات وعقارات وغلات كثيرة ولكنهم قد اتكلوا عليها فضاقت عليهم الامور وركبتهم الديون وجاءت الامور على خلاف ما يؤملون. ثم انظر الى اناس كثير ليس لهم عقارات ولا غلات وانما عندهم اسباب بسيطة قد قد بارك الله لهم وبسط لهم الرزق. وذلك بان قلوبهم على الدوام متطلعة الى ما عند الله راجية منه تسهيل الرزق. متوكلين عليه حق التوكل. بذلك يعرف الله وبذلك يعلم ان الامر كله لله كما ننظر الى القوي من الناس الذي جمع بين القوة والذكاء وبين السعي الحثيث وبين السعي الحديث ورزقه مقتر. ونرى الضعيف البليد الذي ليس عنده من الذكاء والقوة عشر لما عند الاول والله قد بسط له الرزق. ويسر له امره. وهذه امور مشاهدة محسوسة. تضطر العاقل الى اعتراف بوحدانية الله وقيامه على كل نفس بما كسبت وقيل لاخر باي شيء تعرف ربنا؟ فقال بمداولته الايام بين العباد في العز والذل والغنى والفقر باسباب وبغير اسباب وقيل لاخر باي شيء يعرف الله؟ فقال بقوله تعالى وما من دابة في الارض الا على الله رزقها فننظر مصداقها بين الخليقة وان كل احد قد يسر الله له من اسباب الرزق ما به يعتاش. هذا بتجارته هذا بصناعته وهذا بحراثته وهذا بخدمته وهذا بمخلفات من قبله وهذا بتنميته للمواشي وهذا غيره عليه وهذا بكد غيره الى اخر الاسباب التي قدرها العزيز الحكيم ونوعها العليم الرحيم فسبحان من وصل رزقه الى الذرات في مهامه في مهامه البراري وقعور المظلمات قلت وهذه الاجوبة كلها من كلها عن الكليات والجزئيات صحيحة تضطر العقول الى الاعتراف بربها وبوحدانيته ويمكن مضاعفتها الى اضعاف الى اضعاف اضعاف كثيرة. فانك اذا نظرت نظرة عمومية الى العالم العلوي والسفلي وعظيم هذه المخلوقات وانتظامها العجيب وترتيبها المحكم وما يترتب على ذلك وينتج عنه من مصالح العالم او المخلوقات علمت ان لهذا العالم ربا عظيما وملكا كبيرا قادرا مقتدرا قد خضعت له الاكوان ودانت له الخليقة واخذ بنواصي العباد وعلمت ان هذه النيرات وما يتبعها مدبرات ليس لها من الامر شيء وانما هي عبيد لله مسخرات بتسخيره مدبرات بتدبيره ثم اذا نظرت لكل مخلوق على حدته وتأملت في ابتداء خلق في ابتداء خلقته خلقته وفي بقية صفاته واحواله وتنقلاته دل كذلك على ان له الها مدبرا. وربا متصرفا وان جميع ما هو عليه من الوجود والصفات ليس من نفسه ولا من ايجاده وانما ذلك خلق رب عظيم وتدبير حكيم. نعم ذكر رحمه الله تعالى نماذج كثيرة من هذا الباب من البراهين والدلائل والشواهد على وحدانية الله تبارك وتعالى وقال في تمام ذكره لها هذه الاجوبة كلها عن الكليات والجزئيات صحيحة تضطر العقول الى الاعتراف بها وبوحدانية الى الاعتراف بربها وبوحدانيته سبحانه وتعالى. قال ويمكن مضاعفة ذلك اضعافا كثيرة بتأمل خلق الله سبحانه وتعالى وعجائب هذا الكون وابراز ذلك بما يكون سببا لهداية العقول واقبالها على الله سبحانه وتعالى. ذكر رحمه الله تعالى فيما مر معنا نماذج عظيمة جدا تقف آآ مع واحد منها فقط وهو ما يتعلق بعلم الانسان حيث اشار رحمه الله الى عجيبة عظيمة نبه عليها رحمه الله تعالى الا وهي ان اللوح او الورقة او الاوراق اذا كتب فيها امتلأت ولم يبقى فيها متسعا لكتابة اخرى الا ان يمحى المكتوب الاول قال وما يحفظه الانسان في قلبه ما يحفظه الانسان في قلبه لا يزال يتسع لا يزال يتسع بل انه كلما اعتنى بالحفظ زاد القلب آآ اه حفظا واتقانا واستحضارا ومر كلامه رحمه الله تعالى عن رياضة العقول. وكيف ان الانسان بالمران يتمكن من حفظ الكثير ومن الفهم ومن الاستنباط وغير ذلك من الامور التي تكون في القلوب. فهذه اية من الايات العظيمة فالقلب وعاء ومهما اجتهد الانسان في الحفظ لا يزال يستوعب بتوفيق الله سبحانه وتعالى ولهذا من يطالع سير اه الائمة الكبار في محفوظاتهم وفهومهم علومهم يجد اه بعظهم يوصف بانه بحر لا ساحل له. من سعة العلم الذي اه اكرمه الله سبحانه وتعالى به ومن على قلبه بحفظه واستيعابه فهذا القلب الصغير لا يزال يستوعب مهما آآ اودع فيه وعمل على ان يحفظه من انواع المعارف والمحفوظات. فهذه اية من ايات من ايات الله سبحانه وتعالى اظافة الى امور كثيرة عددها رحمه الله تعالى ثم ختم هذا الفصل بكلام لخص فيه جميع ما سبق من براهين نعم ثم اذا تأملت في احوال نفسك وفي صفات بدنك الظاهرة والباطنة وفي محسوساتك ومعقولاتك علمت بلا ريب انك مخلوق عبد فقير الى ربك في كل امورك. فقير اليه في الايجاد وفقير اليه في الامداد بالقوى والعقل والارزاق وفقير اليه في حفظك وبقائك. وفقير اليه في ابتدائك وانتهائك ثم اذا نظرت في خوارق العادات وفي معجزات الانبياء وكرامات الاولياء التي لا يحصى عدد لا لا يحصي عددها العادون علمت بذلك عظمة الباري وانه مقدر الامور ومسبب الاسباب ورب كل شيء ومليكه وكذلك اذا نظرت كثرة اجابته للداعين وكشفه الضر عن المضطرين واغاثته للملهوفين وهي وقائع كثيرة لا حصر لها اظطرك الامر الى الاعتراف بالربوبية والوحدانية ثم اذا نظرت الى ايامه في الناس وقيامه بالعدل والفضل وتعجيله ثواب المحسنين وعقوبات المجرمين علمت انها براهين محسوسة وادلة مشاهدة تشهد لله بانه قائم على كل نفس بما كسبت مجاز كل عامل بعمله ثم اذا نظرت في دينه وشرعه وما فيه من الخير العظيم والمصالح الطاهرة والثمرات الجليلة وانه مصلح للعقائد مصلح للاخلاق مصلح للاعمال مصلح للدنيا والدين محكم الاصول ثابت القواعد لا يمكن عقلاء الامم اجمعين ان يأتوا بمثله في اصلاح احوال البشر ودفع الشرور عنهم. وانه لم يأتي ولن يأتي علم صحيح يناقض شيئا من اخباره بل كلها مطابقة للعقول وفيها تفصيلات لا تهتدي اليها العقول الا بارشاده وهدايته وشاهدت احكامه في العبادات والمعاملات وغيرها. وما فيها من الخير والعدل والصلاح المتنوع. وشاهدت كل نفع واصلاح وجد ويوجد موجودة اصوله واسسه في هذا الدين وعلمت انه عصمة للبشر عن الشرور والمضار عرفت بذلك وحدانية الله في اسمائه وصفاته وافعاله وانه شرع شرعه العزيز الحميد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد واذا علمت اخبارا كثيرة اخبر بها الله ورسوله فشاهد الخلق وقوعها جهرا طبق خبر الله وخبر دل كذلك على الاعتراف بالله وعظمته وكمال سلطانه وكبريائه فهذه كلها ادلة عقلية ضرورية. وهي براهين قاطعة على وجود الله ووجوبه ووحدانيته وهي في الحقيقة اعظم الحقائق الصحيحة التي تتفق عليها العقول الصحيحة والفطر السليمة. وكلها تنبيهات وارشادات لو بسطت بعض البسط لبلغت مجلدات والمؤمن يزداد بها ايمانا ويقينا. والا فهو مكتف غاية الاكتفاء. ومستغن غاية الاستغناء في هذه المسألة الكبيرة وغيرها بخبر الله ورسوله. ويعتقد بلا ريب انه لا اصدق من الله قيلا. ولا اصدق من الله حديث ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان ان امنوا بربكم فامنا ربنا امنا بما انزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ولكن العقل مؤيد للشرع ومعترف بكمال الشرع وهدايته. وانه مضطر الى الشرع ومكتمل بارشاداته ومهتد بانواره فالعقول لا تستنير ولا تستقيم حق الاستقامة الا بالدين والشرع. ولهذا يكثر تعالى في قوله لايات لقوم يعقلون ويأمر بالتفكر والتدبر لاياته المسموعة واياته المشهودة. والله اعلم. بهذا ختم رحمه الله تعالى هذا الفصل اه العظيم وسبق ان اشرت الى انه طبع في رسالة مفردة مع توسع في البراهين والشواهد والدلائل برسالة تحت عنوان البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله. سبحانه وتعالى. و اشار رحمه الله هنا ان المؤمن يزداد بها ايمانا ويقينا ايضا من جهة اخرى الكافر المعرض ربما اذا وفقه الله سبحانه وتعالى للوقوف على هذه المعاني كانت سببا لهدايته ودخوله في هذا الدين العظيم ولهذا مثل هذه المعاني والتقريرات العظيمة الحاجة تمس الى نشرها ولا سيما في البلدان التي يفشوا فيها الالحاد وتكثر فيها ظاهرة الالحاد واذكر ان احد المعنيين بالدعوة ذكر لي مرة انهم اعتنوا بترجمة تفسير الشيخ رحمه الله الى اللغة الروسية ووصل الكتاب الى رجل كبير استاذ في احدى الجامعات هناك وهو من الملاحدة يقول فلما وقف على الترجمة وقرأ منها مواضع يقول جاء الينا ذكر كلاما قاسي في في حقهم لا يحسن ان ان يقال لكن قال لماذا تحجبون عنا هذا الخير لماذا هذا الخير؟ حجبتموه عنا ولم توصلوا الينا قبل هذا الوقت اقتنع الرجل ففعلا يعني كم الناس عطشى لمثل هذه المعاني العظيمة التي هي تعتبر غياث للقلوب وشفاء صدور فمثل هذه الرسالة العظيمة المفردة للشيخ رحمه الله تعالى يحسن جدا نشرها وترجمتها في الاماكن والديار التي يفشوا فيها الالحاد ويكثر فيها ظاهرة الالحاد لان فيها براهين تلو البراهين وحجج تلو الحجج يسوقها رحمه الله تعالى فمن لم يأخذ به هذا البرهان مأخذا واضحا يأتيه البرهان الاخر او الثالث وهكذا مما يضطر العقول الى الرضوخ والاقتناع بوحدانية الخالق ووجوب افراده سبحانه وتعالى بالعبادة ثم ختم رحمه الله تعالى هذا الكتاب العظيم المبارك الرياظ الناظرة بالفصل آآ الثاني والاربعون نعم قال رحمه الله تعالى الفصل الثاني والاربعون في اداب وفوائد منثورة لا تدخل تحت نوع واحد انما هي حسب ما يسمح بالبال من الاداب الطيبة اذا حدثك المحدث بامر ديني او دنيوي الا تنازعه الحديث اذا كنت تعرفه بل تصغي اليه اصغاء من لم يعرفه ولم يمر عليه. وتريه انك استفدته منه كما كان الباء الرجال يفعلونه. وفيهم من الفوائد تنشيط المحدث وادخال السرور عليه. وسلامتك من العجب بنفسك وسلامتك من سوء الادب. فان دعت المحدث حديثه من سوء الادب ومن الاداب ان تشكر من صنع اليك معروفا قوليا او فعليا او ماليا ولو يسيرا وتبدي له الشكر بهذا امر الله ورسوله وعلى هذا اتفق العقلاء. نعم. هذا الفصل الثاني و الاربعون من فصول هذا الكتاب الرياض الناظرة ومن لطيف الموافقات ان اه عدد فصول هذا الكتاب بعدد احاديث كتاب الاربعين للامام النووي رحمه الله تعالى فان عدد اه احاديث اثنان واربعون حديثا كما هو معلوم. وكتاب اه النووي الله تعالى في جوامع الاحاديث وهذا الكتاب المبارك جمع خيرا عظيما من جوامع المعاني وجوامع الاداب وجوامع الفوائد مما تمس الحاجة اليه في في لكل مسلم وجعل هذا الفصل فيه فوائد منثورة لا تدخل تحت نوع واحد يعني اداب منوعة لا تدخل تحت نوع واحد وانما هي بحسب طب ما يسمح بالبال فذكر من الاداب العظيمة ان من الادب اذا حدث الانسان بحديث وكان عنده علم مسبق بهذا الحديث الا يشعر محدثه بذلك زميل من الزملاء يروي لك خبرا او حديثا او قصة تعرفها ومعرفتك بها قديمة. يقول رحمه الله من الادب الا تشعره بذلك ان لا تشعره يعني بعض الناس في مثل هذا المقام اول ما يبدأ صاحبه او زميله بالحديث يسكته ويقول هذا نعرفه من زمان. من سنوات ونحن نعرف هذا وانت الان الذي عرفته مثل هذا الكلام يعد من سوء الاداب وسوء المعاشرة ويعد في مقابل ذلك من طيب الادب وحسنه ان الانسان اذا حدثه المحدث بشيء يعرفه يستمعه كانه ويسمع اليه اول مرة يقول رحمه الله في هذا فوائد منها تنشيط المحدث تنشيط المحدث لانه اذا حدثك واستمعت اليه ينشط ان يحدثك باحاديث اخرى لكن اذا اسكت وقيل هذا معروف اذا اراد ان يتحدث مرة اخرى ما يتجرأ لانه يخشى ان اه يسكت بالطريقة الاولى قال في هذا تنشيط للمحدث وادخال السرور عليه وادخال السرور عليه وايضا سلامتك من العجب بنفسك تسلم من العجب لان اذا كان تقاطع المحدث وتقول هذا معروف يبدأ يسري الى النفس من العجب وانه يعرف ما لا يعرفه آآ محدثوا قال وسلامتك من سوء الادب فان منازعة المحدث حديثه من سوء الادب فان منازعة المحدث حديثه من سوء الادب اذكر انني جلست مرة مع احد ابناء الشيخ رحمه الله تعالى وجرى حديث حول فوائد الشيخ رحمه الله فذكرت هذه الفائدة فقال لي عجيب هذه مكتوبة عند الوالد قلت نعم قال في اي كتاب؟ فذكرت لها قال سبحان الله الوالد يقصد الشيخ عبدالرحمن يطبق هذه تطبيقا عجيبا يقول نخرج من المسجد وانا صغير الى جنب والدي فيأتي شخص ويحدثنا بخبر يقول فيستمع اليه الشيخ كاملا ثم يشكر محدثه يقول فما ان ننتهي منه ونودعه ونمشي خطوات الا ويأتي شخص اخر ويروي للشيخ الخبر نفسه يقول فيقف الشيخ يستمع اليه كأنه يستمع اليه لاول مرة كانه يستمع اليه اول مرة يقول كانت هذه عادة الوالد كانت هذه عادة الوالد يقول رحمه الله ومن الاداب ان تشكر من صنع اليك معروفا من صنع اليك معروفا سواء كان قوليا او فعليا او ماليا ولو يسيرا وتبدي له الشكر يعني لا يكون اه شكرك فقط دعاء لهم بظهر الغيب بل تبدي له الشكر بالعبارات المناسبة وبهذا امر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا اتفق العقلاء نعم ومن الاداب الطيبة الكلام مع كل احد بما يليق بحاله ومقامه مع العلماء بالتعلم والاستفادة والاحترام. ومع الملوك والرؤساء بالاحترام والكلام والكلام اللطيف اللين المناسب لمقامهم ومع الاخوان والنظراء بالكلام الطيب ومطارحة الاحاديث الدينية والدنيوية والانبساط الباسط قلوب المزيل للوحشة المزين للمجالس. ويحسن المزح احيانا اذا كان صدقا. ويحصل فيه هذه ومع المستفيدين من الطلبة ونحوهم بالافادة. ومع الصغار والسفهاء بالحكايات والمقالات اللائقة بهم مما يبسطهم ويؤنسهم ومع الاهل والعيال بالتعليم للمصالح الدينية والدنيوية والتربية البيتية وتوجيه للاعمال التي تنفعهم مع المباسطة والمفاكة. فانهم احق الناس ببرك ومن اعظم البر حسن المعاشرة ومع الفقراء والمساكين بالتواضع وخفض الجناح وعدم الترفع والتكبر عليهم. فكم حصل بهذا من خيرات وبركات وكم حصل بضده من شر وفوات خير ومع من تعرف منهم ومع من تعرف منه البغض والعداوة والحسد بالمجاملة وعدم الخشونة. وان كان كالوصول الى اعلى الدرجات. وهي قوله تعالى ادفع بالتي هي احسن. فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه حميم فما اكمله من مقام لا يوفق له الا ذو حظ عظيم. واحذر غاية الحذر من احتقار من تجالسه من جميع طبقات الناس وازدرائه والاستهزاء به قولا او فعلا تصريحا او تعريضا فان فيه ثلاثة محاذير احدها التحريم العظيم والاثم على فاعل ذلك الثاني دلالته على حمق صاحبه وسفاهة عقله وجهله الثالث انه باب من ابواب اثارة الشر والضرر على نفسه. نعم ذكر رحمه الله تعالى ان من الاداب الطيبة الكريمة والاخلاق الفاضلة الحسنة الكلام مع كل احد بما يليق بحاله ومقامه. ان ينزل كل انسان منزلته ومقامه فاذا كان في مجلس عالم فله مقام قد جاء في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ويعرف لعالمنا حقه. فاذا كان اه عند عالم يعاملهم بالادب والاخلاق الفاضلة ويحرص على الاستفادة منه بعض الناس اذا كانوا في مجلس عالم يحرصون على تفويت الفرصة على انفسهم وعلى الحاضرين من الاستفادة من علمه وما اتاه الله سبحانه وتعالى من فهم وبصيرة كذلكم اذا كان في مقام الملوك او الرؤساء بالاحترام والكلام اللطيف اللين المناسب لمقامهم. في مقام الاخوان والرفقاء والجلساء بالكلام الطيب ومطارحة الاحاديث يعني لا يستأثر بالحديث عن زملائه ورفقائه بل يطارح الحديث هم يتحدثون وهم وهو يتحدث وكل يتحدث فلا يستأثر بالحديث عنهم. قال بمطارحة الاحاديث الدنيوية والدينية والانبساط الباسط الى القلوب المزيل للوحشة المزين للمجالس ولهذا قال يحسن المزاح احيانا اذا كان صدقا ويحصل فيه هذه المقاصد مع المستفيدين من الطلبة ونحوهم بالافادة. قال ومع الصغار والسفهاء بالحكايات مقالات لائقة بهم مما يبسطهم ويؤنسهم وايضا يجعلهم يحبون اهل الفضل واهل النبل وان تميل قلوبهم اليهم ايضا فيما يتعلق بالاهل والعيال اشار الى انه يعتنى بتعليمهم للمصالح الدينية والدنيوية والاحسان في وتوجيههم ومباسطتهم والمؤانستهم فانهم احق الناس بالبر والاحسان ايضا مع الفقراء والمساكين بالتواضع وخفظ الجناح وعدم التكبر والتعالي والترفع يقول كم حصل بهذا من خيرات وبركات وكم حصل بظده من شرور وفوات خير قال ومع من تعرف منه البغض والعداوة كيف يعامل من كان بهذه الصفة؟ من تعرف منه البغض والعداوة والحسد قال بالمجاملة بالمجاملة وعدم المخاصنة يعني ان تحرص الا آآ تخاشنه في الكلام او آآ تصادمه وانما تجامله وتداريه حتى تسلم من جسده من شره من عدوانه يقول ان استطعت ان تعلو درجة اعلى من هذه وهي ما جاء في قوله جل وعلا ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم فهذا فاكمل واعظم اثرا قال فما اكمله من مقام لا يوفق له الا ذو حظ عظيم وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم قال واحذر غاية الحذر من احتقار من تجالسه من جميع طبقات الناس احذر من احتقار من تجالسه من جميع طبقات الناس. وازدرائه والاستهزاء به قولا او فعلا تصريحا او تعريضا لماذا؟ قال لان في هذا محاذير اهمها ثلاثة الاول التحريم العظيم والتحريم دل عليه نصوص كثيرة منها قول الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب ببئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون الامر الثاني قال ان في هذا دلالة على حمق صاحبه وسفاهة عقله وجهله من يزدري بالناس عرض نفسه للهوان وجعل نفسه عرظة للعدوان. من الذي يرظى ان يسخر به وان يستهزأ فاذا كان يستهزئ ويسهر معنى انه جعل نفسه عرظة للناس اه تصدى معاداة الناس واستثارة نفوسهم عليه بالعدوان بالحسد بالشنآن بالبغضاء قال هذا دليل على حمق حمق صاحبه. الامر الثالث انه باب من ابواب اثارة الشر والظرر على نفسه. نعم قال رحمه الله تعالى اياك ان تتصدى في مجالسك مع الناس للترأس عليهم وانت لست برئيس. وان تكون اظفارا متصدرا لكل كلام. وربما من جهلك وحمقك ملكت المجلس على الجلوس. وصرت انت الخطيب والمتكلم دون غيرك وانما الاداب الشرعية والعرفية مطارحة الاحاديث وكل من الحاضرين يكون له نصيب من ذلك. اللهم الا الصغار مع الكبار فعليهم لزوم الادب. والا يتكلموا الا جوابا لغيرهم متى اخبرك صاحبك او غيره انه اوقع تصرفا او عقدا او عملا من الاعمال؟ نعم نعم ذكر رحمه الله تعالى من الاداب التي ينبغي ان تراعى الا يتصدى الانسان في المجالس للترأس ما تصدى في المجالس بالترأس بان يكون ثرثارا متصدرا لكل كلام. متصدرا لكل كلام. بمعنى انه لا يطرحها مجال من المجالات في اه في المجالس الا ويتصدر اجابة وبيانا وتوجيها يقول رحمه الله وان تكون ثرثارا متصدرا لكل كلام وربما من جهلك وحمقك ملكت المجالس على الجلوس وصرت انت الخطيب متكلم دون غيره قال انما الاذى الاداب الشرعية والعرفية مطارحة الاحاديث مطارحة الاحاديث وكل من حاضرين يكون له نصيب من ذلك بل ايضا في هذا المقام يجمل وخاصة اذا كان في المجلس من هو اكبر اذا ذكر الفائدة يذكرها للكبير لا على انه مفيد له وانما يذكرها كالمستفيد يذكرها له كالمستفيد يعني يقول له آآ جاء في الحديث آآ عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال كذا وكذا وانتم اعرف منا بهذا ولا شك انكم وقفتم عليه وسمعتم به الى غير ذلك من الكلام الذي يوصل الفائدة الى المستفيد ولا يوجد في النفوس شيئا نعم متى اخبرك صاحبك او غيره انه اوقع تصرفا او عقدا او عملا من الاعمال وكان قد مضى وتم فينبغي ان تبارك له وتدعو له بالخير والبركة وتصوبه اذا كان باعتقادك صوابا. فان هذا يؤنسه ويشرح صدره. واياك في هذه الحال ان تخطئه فتحدث له الحسرة والندامة وقد فات الاستدراك الا اذا كان غرضك تعليمه ونصيحته النافعة للمستقبل واما اذا اخبرك بشيء مما سبق وهو كالمستشير لك ولم يتم الامر فعليك في هذه الحال ان تبدي له ما عندك كمن الرأي وتمحض له النصيحة. ففرق بينما امكن استدراكه وتلافيه مما ليس كذلك. والله اعلم اي انه آآ ثمة فرق بينما ان يكون الانسان ابرم العقد او لا زال يفكر فاذا كان ابرم العقد يعني مثلا احد زملائك اشترى سيارة وملكها لا يحسن في مثل هذا المقام ان تأتي اليه وتقول لماذا اشتريت هذا النوع وهذا ليس بجيد الى اخر ذلك هذا لا يفيده ويجعل في نفسه حسرة والم ولا تنفعه لكن اذا كان لم يشتري بعد فانك في مثل هذا الحال تسدي له النصيحة تقول انا افضل لك النوع الفلاني او المكان الفلاني او الطريقة الفلانية الا استثنى الشيخ الا اذا كان مرادك ان يتنبه في المرات القادمة ويكون توجيها عاما لا نقدا لهذا الشيء المعين الذي قد تم امره. من الاداب الشرعية الوفية الطبية الجسد والثياب والاواني المستعملة والفرش والمجالس عن الاوساخ كلها وما يقبح مرآه. فقد ورد الحديث ان الله نظيف يحب النظافة ينبغي تخير الاصحاب اهل الدين والعقل والادب والمروءة ثم الامثل فالامثل فالمرء على دين خليله وعقله وادبه فلينظر من يخالل وعلى العاقل ان يرمق احوال الناس. فما رآه منتقدا عندهم من العادات والاخلاق والكلام والافعال تركه ان لم يخالف ان لم يخالف عرفهم للامور الشرعية وما رآه محمودا من هذه الاشياء فعله. وحينئذ ينتفع بمخالطة الناس. وتعرف ما ما يحمدونه من وما يذمونه وكل هذا بشرط الا يكون في الفعل او الترك محظور شرعي فان كان محظور شرعي تعين تقديم الامر الشرعي على كل عادة وعرف. وقد علمنا بالتتبع والاستقراء ان كل عرف خالف الشرع فانه ناقص مختل. وهذه قاعدة مطردة لا تنتقض من الغلط الفاحش الخطر قبول قول الناس بعضهم ببعض. ثم يبني عليه السامع حبا وبغضا. ومدحا وذم فكم حصل بهذا الغلط امور صار عاقبتها الندامة؟ وكم اشاع وكم اشاع الناس عن الناس امورا لا حقائق لها بالكلية او لها بعض الحقيقة فنميت بالكذب والزور وخصوصا من عرفوا بعدم المبالاة بالنقل او عرف منهم او عرف منهم الهوى فالواجب على العاقل التثبت والتحرز وعدم التسرع. وبهذا يعرف دين العبد ورزانته وعقله اياك والاصغاء الى قول النمام فتصدقه. ثم اياك ان تبني على كلامه ما يضرك. ثم اياك ان تبدي له ما لا يحب اطلاع احد عليه فان فعلت فلا تلومن الا نفسك. وابتعد غاية البعد عنه مهما امكنك. فان كان لا بد منه ولن يسلم احد من هذا فاسمع منه فاسمع منه غير واثق بكلامه ولا مؤسس عليه. ولا تعطه من الكلام الا الذي توطن نفسك على اشاعته وظهوره من وخز من هذا وخز من هذا النوع ما تخشى مغبته. وتخشى ان يزاد فيه وينقص كن حافظا للسر ومعروفا عند الناس بحفظه. فانهم اذا عرفوا منك هذه الحال افضوا اليك باسرارهم وعذروك اذا طويت عنهم سر غيرك الذي هم عليهم مشفقون. وخصوصا اذا كان لك اتصال بكل واحد من من المتعاديين فان الوسائل لاستخراج ما عندك تكثر وتتعدد من كل من الطرفين فاياك اياك ان يظفر احد منك بشيء من ذلك تصريحا او تعريضا واعلم ان للناس في استخراج ما عند الانسان طرقا دقيقة ومسالك خفية فاجعل كل احتمال وان بعد على بالك. ولا تؤتى من جهة من جهاتك فان هذا من الحزم واجزم بانك لا تندم على الكتمان. وانما الضار والندم في العجلة والتسرع والوثوق بالناس ثقة تحملك على ما يضر والاصل والميزان في هذا وغيره قوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت متفق عليه العاقل من اغتنم الفرص فانها تمر مر السحاب. كما قال صلى الله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس بابك قبل هرمك وفراغك قبل شغلك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك النظر الى العواقب معونة عظيمة في سهولة الاعمال النافعة. وفي الاحتراز مما يخاف ضرره. فان العواقب الطيبة يسهل على العبد كل طريق يوصل اليها وان كان شاقا لما يرجو من الثمرة من بذل المجهود في السعي في الامور النافعة واستعان بالمعبود عليها واتاها من ابوابها ومسالكها ادرك فان لم يدركه كله ادرك بعضه. وان لم يدرك منه شيئا لم لم يلم نفسه ولم يذهب عمله سدى وخصوصا اذا ثابر على العمل ولم يتضجر وقل من جد في امر تطلبه واستصحب الصبر الا فاز بالظفر آآ هذا ما ختم به رحمه الله تعالى هذا الكتاب جملة من الاداب العظيمة والاخلاق الكريمة الفاضلة وهي واضحة اه عرضها الشيخ رحمه الله عرظا واظحا بينا وذكر على كل منها شاهده دليلة ثم ختم بهذا التنبيه العظيم الا وهو ان من يقف على هذا الاداب وايضا المضامين العظيمة التي مرت معنا في هذا الكتاب ينبغي الا يستثقل ذلك ولا يتعاظم ذلك على نفسه بل عليه ان يبذل المجهود في السعي في الامور النافعة مستعينا بالله تبارك وتعالى وان يأتي الامور من ابوابها فانه باذن الله عز وجل يوفق كما قال عليه الصلاة والسلام احرص على ما ينفعك واستعن بالله. نسأل الله الكريم ان يثيب الشيخ رحمه الله على ما افاد وبين وان ينفعنا بما علمنا انه تبارك وتعالى سميع قريب ام مجيب انبه ان الشيخ رحمه الله له اه مسألة في مجموع اه فتاواه الفتاوى السعدية طبعت في مجلد واحد فله مسألة وهي المسألة التاسعة في الاسباب والاعمال التي يضاعف بها الثواب. الاسباب والاعمال التي يضاعف بها الثواب من صفحة اثنين وخمسين الى صفحة تسعة وخمسين من الفتاوى السعدية وحقيقة افاد كثيرا في آآ تلك الرسالة او تلك المسألة وبمناسبة اننا بين يدي شهر المظاعفة شهر رمظان الكريم سنقرأ غدا اه باذن الله تبارك وتعالى في هذه المسألة اه في الاسباب والاعمال التي يضاعف بها الثواب. اسأل الله الكريم ان يوفقنا جميعا لسديد الاعمال وصالح الاقوال وان يهدينا اليه صراطا مستقيما. وان يصلح لنا شأننا كله وان لا يكلنا الى انفسنا طرفة عين. اللهم اقسم اننا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك. ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب دنيا فاللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ما حييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا سبحانه اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد واله وصحبه اجمعين جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم الهمكم الله الصواب وفقكم للحق نفعنا الله بما سمعنا وغفر الله لنا ولكم وللمسلمين اجمعين