الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وغفر له للشارح والسامعين في رسالتي نواقض الاسلام قال السادس من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم او ثواب الله او عقابه كفر. والدليل قوله تعالى قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد هذا الناقظ السادق من نواقض الاسلام وهو من استهزأ بشيء من دين الرسول او ثوابه او عقابه كفر الاستهزاء هو السخرية والتهكم هو نوع من المعارضة وعدم التسليم ومن المعلوم ان الاسلام استسلام وموافقة وانقياد وطواعية الاستسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة والخلوص من الشرك فالاسلام موافقة والاستهزاء معارضة ومخالفة ولهذا كان المستهزئ بالدين او بالثواب الذي اعده الله سبحانه او بالعقاب معارض وليس بموافق وهذا مصادم تمام المصادمة لدين الله جل وعلا فمن فعل ذلك انتقل من الملة وكان من الكافرين لان الاسلام موافقة والاستهزاء معارضة المسلم موافق معظم ممتثل منقاد والمستهزئ معارض لدين الله تبارك وتعالى ولهذا كان الدين موضع استهزاء عنده وسخرية ولهذا يكون المستهزئ كافرا بدين الاسلام وليس من المسلمين ولا يمكن ان يقوم استهزاء بالدين ممن يعظم دين الله عز وجل ويقدر شرعه حق قدره ويعظم دينه حق التعظيم بل لا يكون الاستهزاء الا من معارظ لهذا الدين مناوء له معاد قال من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم من استهزأ بشيء من دين الرسول اي من استهزأ بشيء مما امر به الرسول عليه الصلاة والسلام او نهى عنه والدين اوامر ونواه فمن استهزأ بشيء من الاوامر او استهزأ بشيء من النواهي كفر كمن يستهزئ مثلا بالصلاة او يستهزأ بالصيام او يستهزئ بالحج او يستهزئ بالبر والصلة والاحسان او يستهزئ بالسنن التي دعا اليها صلوات الله وسلامه عليه او يستهزئ بنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن الربا مثلا او عن الزنا او عن السرقة او عن القتل او نحو ذلك فمن استهزأ بشيء مما جاء به الرسول لدين الرسول عليه الصلاة والسلام فهو كافر وكذلك من استهزأ بالثواب والعقاب بثواب الدين او العقاب ثواب الموافق وعقاب المخالف من استهزأ بذلك كفر كمن يستهزئ مثلا بالجنة او بشيء من نعيمها وما اعده الله سبحانه وتعالى فيها من انواع الثواب فمن استهزأ بالجنة او بشيء من النعيم الذي اعده الله سبحانه وتعالى في الجنة كفر وكذلك من استهزأ بثواب الاعمال تجد في احاديث كثيرة من فعل كذا غفر له من فعل كذا فله كذا. من استهزأ بشيء من وثواب الاعمال ولو في حديث واحد كفر لان الاستهزاء معارضة لدين الله عدم موافقة واستسلام لشرع الله عز وجل ومناف شهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل المنافاة وكذلك من استهزأ بالعقاب كان يستهزئ بالنار او يستهزئ بشيء مما اعده الله سبحانه وتعالى لاهل النار من عذاب وعقوبة او استهزأ بشيء من العقوبات لا يقبل الله له عمل او لا يدخل الجنة او لا يجد ريحها اوليس منا او نحو ذلك فمن استهزأ بشيء من الثواب او استهزأ بشيء من العقاب فقد كفر وذلك ان المستهزئ غير محقق للاستسلام والموافقة لشرع الله جل وعلا والانقياد والطواعية والامتثال بل هو معارض ساخر متهكم غير معظم لشرع الله عز وجل لم يقدر دين الله جل وعلا حق قدره فيكون فيكون بذلك من الكافرين في الاستهزاء كفر اكبر ناقل من ملة الاسلام فقال رحمه الله والدليل اي على ذلك قول الله سبحانه وتعالى قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم قل ابالله واياته ورسوله الاستهزاء بالله اي بعظمته او جلاله او كماله او اسمائه وصفاته جل وعلا كفر ناقل من ملة الاسلام وتوحيد الله جل وعلا قائم على تعظيمه والمستهزئ ليس معظما لله قد قال الله تعالى وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه وقال الله تعالى ما لكم لا ترجون لله وقارا اي عظمة وتعظيما لله عز وجل فالذي يستهزئ بالله او بشيء من اسمائه او بصفاته هذا كافر بالله العظيم كفرا اكبر ناقل من ملة الاسلام ولو صلى وصام لا يقبل الله منه صلاة ولا صياما وكذلك المستهزئ بايات الله والمراد باياته اي المتلوة اي كلام كلامه سبحانه وتعالى فمن استهزأ بالقرآن او بشيء من سوره او بشيء من اياته ولو اية واحدة قرأت له او قرأها فاستهزأ وسخر فانه يكفر بذلك لان هذا الاستهزاء غير قائما على غير تعظيم الله وتعظيم كلامه سبحانه وتعالى وكذلك من استهزأ بالرسول عليه الصلاة والسلام استهزأ به او بشيء من اوصافه واخلاقه واعماله وادابه وشمائله صلوات الله وسلامه عليه او استهزأ بشيء مما جاء به صلى الله عليه وسلم فانه يكفر بذلك قال الله قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم وهذه الاية نزلت كما جاء في كتب التفسير ومنها تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله من طرق نزلت في نفر في غزوة تبوك استهزأوا بالنبي عليه الصلاة والسلام وقراء الصحابة رضي الله عنهم استهزأوا بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام وبقراء الصحابة رضي الله عنهم وارضاهم استهزأوا بهم وقال احدهم مستهزئا ساخرا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب بطونا ولا اكذب السنا ولا اجبن عند اللقاء هكذا قال وهذه كلمات استهزاء وتهكم وسخرية بالنبي عليه الصلاة والسلام وبقراء الصحابة رضي الله عنهم وارضاهم قالوا ما قال ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء مثل قرائنا قرائنا يقصد نحن المسلمين ما رأينا مثل قرائنا يعني نحن المسلمين هؤلاء مثل قول رأينا هؤلاء ارغب بطونا ولا اكذب السنا ولا اجبن عند اللقاء ارغب بطونا اي ليس لهم هم الا الاكل ليس لهم هم الا الاكل يتهكم بهم ويسهر ويصفون بانه لا هم لهم الا الاكل وانهم اهل جبن ارغب بطونا واكذب السنا انهم اهل كذب وانهم اهل جبن وخوف فوصفهم بهذه الصفات والحق ان هذه صفات المنافقين وليست صفات اصحاب النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وحاشاهم وبرأهم الله عز وجل هذه ليست صفاتهم وقول القائل لذلك هو في الحقيقة من باب رمتني بدائها وانسلت هذه ليست صفة الصحابة والمستهزئ يستهزأ بالناس وفي الغالب ان تلك الصفات تكون له او يكون مبتلى بها لكنه يسهر باهل الفضل واهل النبل واهل المكانة ويتهكم بهم ويتندر فقال فقالوا هذه المقالة ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب بطونا ولا اكذب السنا ولا اجبن عند اللقاء فسمع عوف بن مالك رضي الله عنه فقال كذبت قال كذبت لاخبرن بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلق عوف رضي الله عنه ليبلغ النبي عليه الصلاة والسلام ويستفاد من هذا ان ابلاغ ولي الامر مثل هذا العدوان ومثل هذا الظلم والبغي والتهكم بالدين او باهله او بالرسول عليه الصلاة والسلام من المطالب الامور المطلوبة وهو داخل في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قال له كذبت لاخبرن بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلق عوف رضي الله عنه ليخبر النبي عليه الصلاة والسلام فوجد ان الوحي سبقه فوجد ان الوحي سبقه ونزل قول الله سبحانه وتعالى قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم وقد اخذ جماعة من اهل العلم من قوله قد كفرتم بعد ايمانكم ان قائلي هذه المقالة كانوا مسلمين ان قائل هذه المقالة كانوا مسلمين وانهم بهذه الكلمة كفروا وانهم بهذه الكلمة كفروا وارتدوا عن دين الله سبحانه وتعالى وكانت كلمتهم هذه ناقلة لهم من الملة قال قد كفرتم بعد ايمانكم قد كفرتم اي بهذا الاستهزاء بعد ايمانكم اي بعد ان كنتم من اهل الايمان بعد ايمانكم اي بعد ان كنتم من اهل الايمان كفرتم اي انتقلتم من الملة وفي هذا خطورة اللسان البالغة وان الانسان قد يقول بلسانه كلمة واحدة توبق دنياه واخراه تهلكه في الدنيا والاخرة ويكب بها في نار جهنم خالدا فيها ابد الابد فهذا فيه خطورة اللسان وان الكلمة التي تخرج من اللسان ليست بالهينة ولهذا قال عليه الصلاة والسلام وهل يكب الناس على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم فالكلمة التي تخرج من اللسان اخطر ما تكون ولهذا كان لزاما على العبد متأكدا عليه ان يحفظ لسانه وان يصونه والا يتكلم بلسانه بكلمة الا وهو يعلم انها خير من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت فلا يتكلم بكلمة الا وهو يعلم انها خير اما اذا كانت الكلمة شرا فلا يجوز ان يتكلم بها. قد يتكلم بها وتوبقه يقول الرجل الكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوي بها في النار سبعين خريفا كلمة لا يلقي لها بالا قال من كان يؤمن بالله فليقل خيرا او ليصمت فاذا كان الذي سيقوله تأكد انه خير قاله والا فليصمت وما ينوي او يريد الانسان التحدث به لا يخلو من حالات ثلاث في رؤية الانسان له قبل التحدث به اما ان يرى انه خير واظح فهذا يتكلم به ولا حرج عليه او يرى انه شر واظح فهذا يجب عليه ان يمنع لسانه منه وان يصون لسانه من التكلم بالشر واما ان تشتبه عليه الكلمة يريد ان يقول كلمة لكن اشتبهت عليه لا يدري هي خير او شر لا يدري هي خير او شر الواجب عليه ايضا في هذا الصنف ان يمتنع من قوله ان يمنع نفسه من قوله قد قال عليه الصلاة والسلام فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه والحديث قول من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت دليل على ذلك دليل على ان الانسان لا يتكلم الا بخير بخير واضح اما اذا كان ما سيقوله شر اما اذا كان ما سيقوله شر او تردد هل هو شر او خير؟ فلا يقوله. لا يقول الا الخير الواضح قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت الشاهد ان هؤلاء قالوا كلمة وهي قول ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب بطونا ولا اكذب السنا ولا اجبن عند اللقاء فخرجوا بها من ملة الاسلام ونزل قول الله سبحانه وتعالى قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم قد كفرتم بعد ايمانكم جاء الرجل الذي قال هذه المقالة الى النبي عليه الصلاة والسلام ليعتذر وامسك بنصع الناقة ناقة النبي عليه الصلاة والسلام والنبي صلى الله عليه وسلم راكب على الناقة واخذ يعتذر من الرسول عليه الصلاة والسلام يقول انما كنا نخوض ونلعب انما كنا نخوض ونلعب اردنا ان نقطع عناء الطريق اي تعب السفر السفر يحدث فيه ملل فنريد ان نمضي السفر والوقت ليس قصدنا ذات الاستهزاء وذات السخرية وانما اردنا التسلية في الطريق وتمظية الوقت ما اردنا حقيقة السفر حقيقة الاستهزاء قال انما كنا نخوض ونلعب يعني قلنا هذا الكلام من باب الخوظ واللعب تمضية الوقت لم نقصد حقيقة الاستهزاء انما كنا نخوض ونلعب فما كان النبي عليه الصلاة والسلام يزيد على قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم والرجل يعيد والارض الصخر ينكب قدمه وهو يمشي الى جنب النبي صلى الله عليه وسلم ممسك بنسع الناقة يقول يا رسول الله انما كنا نخوض ونلعب انما كنا نخوض ونلعب انما اردنا قطع اناء الطريق. فما كان عليه الصلاة والسلام يلتفت اليه وما كان عليه الصلاة والسلام يزيد على قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم فالاستهزاء بالله او بالرسول او بدين الله جل وعلا او بشيء من الدين او بالقرآن او بشيء من ايات القرآن او بشيء من احاديث الرسول عليه الصلاة والسلام يذكر للانسان مثلا حديث فيسهر ويستهزأ بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام هذا كله كفر كفر ناقل من الملة كما قال كما قال الله سبحانه قد كفرتم بعد ايمانكم اي بهذا الاستهزاء وبهذه السخرية بدين الله عز وجل وكما عرفنا بدءا ان السخرية قائمة على المعارضة للدين والاسلام قائم على الموافقة والاستسلام والطواعية والامتثال لرب العالمين اللهم احينا مسلمين وتوفنا مؤمنين واعذنا من سبيل الضالين واهدنا اليك صراطا مستقيما. فاللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا. واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر اللهم اغفر لنا ولوالدينا والمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات انك انت الغفور الرحيم والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين